![]() |
.
أختي الكريمة : رياانة بإنتظار إجابتكِ على الأسئلة ,, أخي الكريم : وائل ننتظر كذلك إجابتك على الأسئلة ,, ونتمنى كذلك أن يشارك معنا باقي الأعضاء ,, فمن أرد أن ينضم معنا ويحفظ الأربعين النووية فأهلاً به ,, |
.
إخواني وأخواتي فمنا بتمديد فترة الإجابة على الأسئلة لأسبوع آخر لكن لم نرى إجابات ,, لذلك سنبدأ غداً في شرح الحديث السادس من الأربعين النووية ,, فنتمنى أن تحتسبون الأجر وتنضمون لهذه الدورة التي لن تأخذ من وقتكم في اليوم سوى دقيقتين أو ثلاث ,, وفقنا الله وإياكم لكل خير ,, |
.
{ .. الحديث السادس .. } حديث : إن الحلال بين وإن الحرام بين . وعن أبي عبد الله النعمان بن البشير -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الحلال بَيِّن وإن الحرام بَيِّن، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب رواه البخاري ومسلم. هذا الحديث -حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- عَدَّه العلماء ثلث الدين أو ربع الدين؛ فإن الإمام أحمد قال: أحاديث الإسلام تدور على ثلاثة أحاديث: حديث عمر: إنما الأعمال بالنيات وحديث عائشة السابق: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وحديث النعمان بن بشير. وذلك أن حديث النعمان دَلَّ على أن الأشياء منقسمة إلى حلال بَيِّن، وإلى حرام بَيِّن، وإلى مشتبه. فالحلال البَيِّن والحرام البَيِّن واضح الحكم، والمشتبه جاء حكمه في هذا الحديث، والحلال يحتاج إلى نية، وإلى متابعة، وعدم إحداث فيه من أمور العبادات والمعاملات، وكذلك الحرام يحتاج إلى نية في تركه حتى يؤجر عليه، إلى آخر ذلك. فصار هذا الحديث ثلث الإسلام. وأبو داود صاحب السنن جعل الأحاديث أربعة، وزاد عليها حديث: الدين النصيحة الحديث الذي سيأتي بعد هذا -إن شاء الله تعالى. هذا يدل على أن هذا الحديث موضعه عظيم في الشريعة؛ فهو ثلث الدين لمن فهمه، ففيه أن الأحكام ثلاثة: حلال بَيِّن واضح لا اشتباه فيه، وحرام بَيِّن واضح لا اشتباه فيه، وثالث مشتبه لا يعلمه كثير من الناس، ولكن يعلمه بعضهم. فالحلال البَيِّن الواضح من أتاه فهذا على بينة، بين للناس، والحرام البين الواضح أيضا بَيِّن للناس، لا اشتباه فيه، فمن انتهى عنه فهو مأجور، ومن وقع فيه فهو مأزور. وهناك ما هو مشتبه، ومن أجل هذا المشتبه جاء هذا الحديث من الرءوف الرحيم -عليه الصلاة والسلام-، فقال: الحلال بَيِّنٌ، والحرام بَيِّنٌ، وبينهما أمور مشتبهات . الحلال البين مثاله أنواع المأكولات المباحة، تأكل اللحم والخبز، وتشرب الماء إلى آخره، أنواع العلاقات المالية المباحة، البيع الواضح، الصرف الواضح إلى آخره، أنواع الإجارة الواضحة، الزواج الواضح، وأشباه ذلك مما اكتملت فيه الشروط ولا شبهة فيه، فهذا بين يعلمه الناس، وأيضا هو درجات. والحرام بين -أيضا- واضح مثل حرمة الخمر، وحرمة السرقة، وحرمة الزنا، وحرمة قذف الغافلات المؤمنات، وحرمة الرشوة، وأشباه ذلك مما الكلام فيها واضح لا اشتباه فيه. القسم الثالث: قال: وبينهما أمور مشتبهات قال -عليه الصلاة والسلام-: "وبينهما" فجعل هذا القسم بين الحلال والحرام؛ وذلك لأنه يجتذبه الحلال تارة، ويجتذبه الحرام تارة عند من اشتبه عليه، فالذي اشتبه عليه هذا الأمر يكون عنده بين الحلال والحرام، لا يدري هل هو حرام أو هو حلال، إن نظر فيه من جهة قال هو حلال، وإن نظر فيه من جهة جعله حراما، وهذا عند كثير من الناس، وأما الراسخون في العلم فيعلمونه، يعلمون حكمه، هل هو حلال أو حرام؟. فقال -عليه الصلاة والسلام-: وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فدل قوله: لا يعلمهن كثير على أن هناك كثيرا من الناس يعلمون الحكم. هذه المشتبهات اختلف العلماء في تفسيرها، ما هي المشبهات؟ في أقوال كثيرة جدا، وصُنِّفَتْ فيها مصنفات، وشروح هذا الحديث في الكتب المطولة طويل أيضا في تفسير المشتبهات، ووضوحها ينبني على فهم معنى المشتبه في اللغة وفي القرآن أيضا. أما في اللغة، فاشتبه الشيء: بمعنى اختلط، يعني: صار يتنازعه أشياء متعددة جعلته مختلطا على الناظر أو على السامع، اشتبهت الأشياء عند عينه، بمعنى اختلطت، ما يميز هذا من هذا، اشتبهت الأصوات عليه، يعني: تداخلت، فلم يميز هذا من هذا. فالمشتبهات في اللغة لا يتضح منها الأمر عند كثير من الناس لضعف قوته، كما أن الناظر -لضعف بصره- اشتبه عليه، والسامع -لضعف سمعه- اشتبه عليه، فكذلك المسائل التي تُدْرَك بالقلب تدرك بالبصيرة، تشتبه من جهة ضعف البصيرة ضعف العلم. أما في القرآن فجعل الله -جل وعلا- المشتبهات أو المتشابهات فيما يقابل المحكمات، في آية سورة "آل عمران" وهي قوله -جل وعلا-: { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا } . فدلت الآية على أن المحكم ما كان واضحا بَيّنًا، والمشتبه ما يشتبه علمه على الناظر فيه. وما في الحديث غير ما في الآية، من جهة أن ما في الآية من جهة المعاني -معاني الآيات- لأنه قال: { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } . فمعنى الآية يشتبه، والحديث من جهة العمل، من جهة الحكم، هل هذه من الحلال، أو هي من الحرام ؟ فإذن من جهة الاشتباه الأمر واحد، أن المشتبه فيما دلت عليه آية "آل عمران" هو غير الواضح، وهذا نستمسك به في تفسير المشتبه في هذا الحديث؛ لأن الكلمة إذا اشتبه معناها، أو اختلف العلماء في معناها، فإرجاعها إلى عُرْفِ الشارع، في كلامه، يعني إلى ما كان عليه استعمال الشارع في القرآن، فهذا يريحنا من إشكال تفسير الكلمة، فإذا نظرنا في هذه الكلمة مشتبهات، فجعلها بعض العلماء اختلاط المال المباح مع المال الحرام، جعلها بعضهم فيما اختلف فيه العلماء في أقوال ربما يأتي بعضها. فتفسيرها الصحيح أن نجعلها مثل آية "آل عمران" يعني: ما اتضح ما لم يتضح للمرء، ما لم يتضح حكمه فهو مشتبه، وما اتضح حكمه من الحلال فهو حلال، وما اتضح حكمه من الحرام فهو حرام، وهذه محكمات، وما اشتبه حكمه فهو من غير الواضح، من المتشابهات، أو المشتبهات، أو المشبهات كما هي روايات في هذا الحديث. الإمام أحمد -رحمه الله- وإسحاق وجماعة من أهل العلم فسروا المشتبهات بما اختلف الصحابة في حله وحرمته، أو اختلف العلماء في حله وحرمته، فقالوا -مثلا- أكل الضب اختلفوا فيه، فيكون من قبيل المشتبه، وقالوا: إن أكل ذي الناب من السباع اختلف فيه العلماء، فيكون من قبيل المشتبه، أو لبس بعض الملابس اختلفوا فيها، فيكون من قبيل المشتبه، وجعلوا اختلاف المال حلال وحرام، هذا من قبيل المشتبه في أشياء، وشرب ما يسكر كثيره من قبيل المشتبه، من جهة الناظر فيه، وهذا -في الحقيقة- ليس واضحا، وهذه إذا جُعِلَتْ من المشتبهات فهذا من جهة التأويل، لا من جهة كونها مشتبهات بينة. فالإمام أحمد وإسحاق وجماعة إذا قالوا عن هذه الأشياء: إنها مشتبهات، فيعنون أنه ينبغي لمن ذهب إلى القول المبيح أن يستبرئ، من ذهب إلى القول المبيح في المُسْكِر لا بد له أن يستبرئ لدينه ويذهب إلى القول الآخر، في أكل الضب السنة فيه واضحة، فينبغي أن يترك رأيه إلى السنة للأمر الواضح، يعني: قالوا إنها من المشتبهات باعتبار الخلاف، وهذا ليس هو المقصود بالحديث؛ وإنما هم نظروا في اختلاف العلماء في ذلك. والذي ينبغي حمل الأحاديث عليه ما ذكرت لك من أن المشبهات، أو المشتبهات، أو المتشابهات هي ما اشتبه علمه، ما اشتبه حكمه على من يحتاج إليه، فإذا اشتبه عليه حكم هذا البيع فاستبراؤه له حماية لعلمه، حماية لدينه، إذا اشتبه عليه حكم هذه المرأة، هل هي مباحة له أم غير مباحة؟ فالاستبراء أن يتوقف حتى يأتيه إما أن تكون حلالا بينا أو حراما بينا. يتبعـ ,, |
.
إذا تقرر ذلك فإنه، إن المشتبهات هذه لها حالان: الحال الأولى: ما يتوقف فيه العلماء، فيتوقف العالم في حكم المسألة، يقول: أنا متوقف فيها. والعلماء توقفوا في شيء مثل بعض المسائل الحادثة الآن، تأتي مسألة -مثلا- من مسائل البيوعات أو مسائل المال الجديدة التي يحدثها الناس، والعلماء حتى ينظروا فيها لا بد أن يتوقفوا. في بعض المسائل الطبية -مثلا- توقف العلماء، والعلماء توقفهم ليس عن عجز، ولكن حماية لدينهم هم؛ لأنهم سيفتون الأمة، وإذا أفتوا الأمة فالحلال الذي صار في الأمة حلالا منسوب إليهم، وهم وقعوا عن رب العالمين -جل وعلا- يعني: أفتوا عن الله -سبحانه-، فينبغي أن يتوقفوا حتى تتبين لهم، فإذا توقف العلماء في مسألة فإذن هي من المشتبهات حتى يتبين حكمها للعالم، هذا النوع الأول. والنوع الثاني من المشتبهات: ما تشتبه على غير العالم، فينبغي أن لا يواقعها حتى يردها إلى العالم، ينبغي: يعني وجوبا؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- قال: "وبينهما" يعني: بين الحلال والحرام. أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس . في قوله: لا يعلمهن كثير من الناس إرشاد إلى أن هناك من يعلم، فتسأل من يعلم عن حكم هذه المسألة. قال: فمن اتقى الشبهات يعني: قبل أن يصل إليه العلم، أو في المسألة التي توقف فيها أهل العلم. فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه أما استبراء الدين فهو من جهة الله -جل وعلا-؛ حيث إنه إذا استبرأ فقد أتى ما يجب عليه، متوقف فيها فأنا لا أقدم عليها؛ لأنها ربما كانت حراما، والمؤمن مُكَلَّف، فينبغي عليه وجوبا ألا يأتي شيئا وهو يعلم أنه حلال، وإذا أراد أن يُقْدِم على شيء، يقدم على شيء يعلم أنه غير حرام. فمن توقف عن الحلال المشتبه أو عن الحرام المشتبه فقد استبرأ للدين؛ لأنه ربما واقع، فصار حراما، وهو لا يدري. هل يقال هنا: هو لا يدري معذور؟ لا، غير معذور؛ لأنه يجب عليه أن يتوقف حتى يتبين له حكم هذه المسألة، يأتيها على أي أساس؟ هو مكلف، لا يعمل عمل إلا بأمر من الشرع، فلهذا قال: فقد استبرأ لدينه . قال: "وعرضه" وعرضه لأنه -في أهل الإيمان- من أقدم على الأمور المشتبهات فإنه قد يُوقَع فيه، قد يُتَكَلَّم فيه بأنه قليل الديانة؛ لأنه لم يستبرئ لدينه، فإنه إذا ترك مواقعة المشتبهات استبرأ لعرضه، وفي هذا حث على أن المرء لا يأتي ما يُعاب عليه في عرضه، فالمؤمن يرعى حال إخوانه المؤمنين، ونظرة إخوانه المؤمنين إليه، ولا يأتي بشيء يقول: أنا لا أهتم بقول أهل الإيمان، لا أهتم بقول أهل العلم، لا أهتم بقول طلبة العلم؛ فإن استبراء العرض حتى لا يوقع فيه هذا أمر مطلوب. وقد جاء في الأثر: "إياك وما يشار إليه بالأصابع". يعني: من أهل الإيمان، حيث ينتقدون على العامل عمله فيما لم يوافق فيه الشريعة. يتبعـ ,, |
.
قال: ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام هنا "وقع في الحرام" فُسِّرَتْ بتفسيرين: الحرام الذي هو أحد الجانبين الذي الشبهات فيما بينهما؛ لأن جانب حلال، وجانب حرام، فمن وقع في الشبهات وقع في الحرام الذي هو أحد الجهتين، وفُسِّرَ الحرام بأنه وقع في أمر مُحَرَّم؛ حيث لم يستبرئ لدينه، حيث وقع في شيء لم يعلم حكمه، شيء مسألة واقعتها بلا علم منك أنه جائز، فلا شك أن هذا إقدام على أمر دون حجة. فمن وقع في الشبهات وقع في الحرام وهذا في المسائل التي تتنازعها الأمور بوضوح، هناك مسائل من الورع يستحب تركها، ليست هي المقصودة بهذه الكلمة؛ لأنه قال: ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام . ثم مَثَّلَ ذلك -عليه الصلاة والسلام- بقوله: كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه الراعي يكون معه شيء من الماشية، الماشية من طبيعتها أنها -في بعض الأحيان- تخرج عن مجموع الماشية وتذهب بعيدا، فإذا قارب حمى محمية، مثلا: أرض محمية للصدقة، أو محمية في ملك فلان، أو ما أشبه ذلك، فإن مقاربته بماشيته للحمى لا بد أن يحصل منها بعضها منهم، ويأخذ من حق غيره. وهذا تمثيل عظيم في أن حِمَى الله محارمه وما هو داخل هذا الحمى هو الدين، وهذه المحارم حمى، فمن قارب فلا بد أن يحصل منه مرة أن يتوسع، فيدخل في الحرام، حتى في الأمور التي يكون عنده فيها بعض التردد، لا كل التردد. فلهذا مَثَّلَ -عليه الصلاة والسلام- بهذا المثال العظيم، فقال: كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه لأنه قَارَب. قال: ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه فحمى الله محارمه، بها يقوَى دين المرء. فهذا الحديث واضح الدلالة في أن من قارب الحمى، من قارب المحارم، من قارب الحرمات فإنه يوشك أن يقع في المحرم من جرّاء تساهله. نفهم من هذا الحديث أن الحلال البَيِّن واضح، والحرام البين واضح، والمشبهات المشتبهات عرفنا تعريفها، وحكمها، وتقسيمات الكلام عليها، وأنه يجب على صاحب الدين، يجب على المسلم ألا يأتي شيئا إلا وهو يعلم حكمه، إذا لم يعلم فليسأل، فتكون إذن المسألة مشتبهة عليه، ويزول الاشتباه بسؤال أهل العلم، فإن بقيت مشتبهة على أهل العلم، فإنه -يعني حتى يحكموا فيها- فإنه يتوقف معهم حتى يعمل ذلك. هناك مسائل ليست مشتبهة -يعني في الأحكام- لكونها تبع الأصل جريان القواعد عليها، دخولها ضمن الدليل، فإذن المسائل التي اختلف العلماء فيها لا تدخل ضمن هذا الحديث من جهة كونها مشتبهة؛ بل نقول: هذه مسألة اختلف فيها العلماء، فإذن يخرج منها بتاتا على جهة أن من وقع فيها وقع في الحرام، لا؛ ولكن هذا على وجه الاستحباب. وهذا هو الذي فهمه العلماء من الحديث: أن الخروج من خلاف العلماء مستحب، يعني: أن العلماء إذا اختلفوا في مسألة، فالخروج من خلافهم إلى متيقن، هذا مستحب، وهذا صحيح باعتبارات، وفي بعض تطبيقاته قد لا يكون صحيحا في تفاصيل معلومة. مثاله -مثلا-: قصر الصلاة في السفر، جمهور العلماء -يعني جمهور الأئمة الأربعة- مالك والشافعي وأحمد حَدّوا المدة بنية إقامة أربعة أيام فصاعدا، في أنه إذا نوَى إقامة أربعة أيام فصاعدا لم يترخص برخصة السفر، وهناك قول ثانٍ للحنفية بأن له أن يترخص ما لم يُزْمِع إقامة أكثر من خمسة عشر يوما، وهناك قول ثالث لشيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من أهل العلم: بأن له أن يترخص حتى يرجع إلى بلده. فهذه أقوال ثلاثة: القول الأول -وهو كونها أربعة أيام- رُجِّحَ على غيرها من جهة أن المسألة من حيث الدليل مشتبهة، وإذا كان كذلك فالأخذ فيها باليقين استبراء للدين؛ لأن الصلاة ركن الإسلام الثاني، فأَخْذُ اليقين في أمر الصلاة هذا مما دَلَّ عليه هذا الحديث، لأنه استبراء للدين؛ لأن الأربعة أيام هذه بالاتفاق أنه يترخص فيها، وأما ما عداها فهو مختلف فيه، فإذا كان كذلك فالخروج من الخلاف هنا مستحب، فنأخذ بالأحوط. ولهذا رجح كثير من المحققين هذا القول باعتبار الاستبراء، وأن في الأخذ به اليقين في أمر الصلاة، التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وأعظم الأركان العملية. من المسائل التي -أيضا- يتعرض لها العلماء في هذا الحديث الأكل من مال من اختلط في ماله الحلال الحرام، أعني رجلا مثلا في ماله حرام، نعلم أنه يكتسب من مكاسب محرمة؛ إما أنه يرتشي، أو عنده مكاسب من الربا، أو ما أشبه ذلك، وعنده مكاسب حلال، فما الحكم في شأنه؟ جعله بعض العلماء داخلا في هذا الحديث، وأن الورع الترك على سبيل الاستحباب؛ لأنه استبراء. وطائفة من أهل العلم قالوا: بحسب ما يغلب، فإن كان الغالب عليه الحرام فإنه يُسْتَبْرَأ، وإن كان الغالب عليه الحلال فإنه يجوز أن تأكل منه، ما لم تعلم أن عَيْن ما قُدِّمَ لك من الحرام. وقال آخرون -منهم ابن مسعود -رضي الله عنه-: لك أن تأكل، والحرام عليه، لتَغَيُّر الجهة، فهو اكتسبه من حرام، وحين قدم لك قدمه على أنه هدية، أو على أنه إضافة أو هبة، أو ما أشبه ذلك، وتَغَيُّر الجهة يغير الحكم كما في حديث بريرة: قالوا: يا رسول الله، في اللحم إنه تصدق به على بريرة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لا يأكل الصدقة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: هو عليها صدقة، ولنا هدية . لاختلاف الجهة، مع أنه عين المُهْدَى وهو اللحم، فقال جماعة من الصحابة ومن أهل العلم: إنه يأكل والحرام على صاحبه، على من قدمه، وأما هذا فقدمه على أنه هدية، فلا بأس بذلك. وقال آخرون في هذه المسألة: إنه يأكل منه ما لم يعلم أن هذا المال بعينه حرام، يعني: أن عين ما قَدَّم حرام، فإذا علم أن عين ما قدم حرام فلا يجوز له أكل هذا المعين، ويجوز أكل ما سواه، واستدلوا على ذلك بأن اليهود كانوا يقدمون الطعام للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وكانوا يأكلون الربا، وكان -عليه الصلاة والسلام- ربما أكل من طعامهم. فيه تفاصيل، المقصود من هذا -كمثال- لاختلاف العلماء في تنازعٍ في هذه المسألة، هل تدخل في هذا الحديث أم لا؟ وجملتهم على دخوله من جهة الورع، وليس على دخوله من جهة أنه من أكل فقد أكل حراما، مع أن عددا من المحققين رَجَّحوا قول ابن مسعود، وهو ترجيح ظاهر من حيث الدليل، كابن عبد البر في "التمهيد" وكغيره من أهل العلم في تفاصيل يطول الكلام عليها. قال -عليه الصلاة والسلام-: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب . فهذا فيه أن صلاح القلب -الذي هو معدن الإيمان- به يكون التورع، به يكون التوقف عن الشبهات، به يكون الإقدام على المحرمات، هذا راجع إلى القلب، والقلب إذا صلح، صلح الجسد كله في تصرفاته، وإذا فسد فسد، الجسد كله. تعليق هذا بالقلب، قال: ألا وإن في الجسد مضغة والقلب -من حيث إدراك المعلومات- هو الذي يدرك، فعند المحققين من أهل العلم، والذي تدل عليه نصوص الكتاب والسنة أن هذا معلق بالقلب، يعني: حصول الإدراكات، وحصول العلوم، والصلاح والفساد والنيات. .إلى آخره، هذا معلق بالقلب. إذا كان كذلك، فما وظيفة الدماغ أو المخ ؟ وظيفته الإمداد، هذا على قول المحققين من أهل العلم، فاختلفوا في العقل؛ هل هو في القلب أم في الرأس؟ والصحيح أنه في القلب، والعقل ليس جرما؛ وإنما المقصود به إدراك المعقولات، والدماغ وما في الرأس هذه وسيلة تمد القلب بالإدراكات. القلب هل يدرك من جهة كونه مضغة ؟ لا، يدرك من جهة كونه بيت الروح، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد. . سبق في الكلام على حديث النعمان بن بشير في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ونزيد المسألة بيانا بأن قوله -عليه الصلاة والسلام-: من وقع في الشبهات وقع في الحرام أنه لشدة مقاربته للحرام، فإنه صُوِّرَ كأنه واقع فيه، فإن الذي يقع في الشبهات يؤدي به ذلك إلى مواقعة الحرام، كما مَثَّلَ له -عليه الصلاة والسلام- بقوله: كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه . والقول الثاني: أن الوقوع في الحرام، أنه لاشتباه الأمر عليه، وعدم دخوله فيه بحجة أنه ربما وقع في الحرام، يعني: في أن هذا الأمر حكمه الحرمة، فوقع فيه من غير علم، وكان وقوعه فيه نتيجة لعدم استبرائه وبعده عن المشتبهات. وهذان توجيهان وَجَّه بهما جماعة من الشُّرَّاح، وقد ذكرت لكم -أيضا- بالأمس توجيهان لأهل العلم تدخل في هذين. إنتهى الحديث السادس ,, |
.
{ .. الحديث السابع .. } حديث : الدين النصيحة . بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي رقية تميم بن أوس الداري -رضي الله عنه- قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الدين النصيحة. قلنا لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم رواه مسلم. هذا الحديث -حديث تميم الداري- من الأحاديث الكلية العظيمة التي اشتملت على الدين كله، على حقوق الله، وحقوق رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وعلى حقوق عباده، فليس ثَمَّ أجمع في بيان تلك الحقوق من لفظ النصيحة. والنصيحة -هذه فعيلة- من النصح، وأصل النصح في لغة العرب فُسِّرَ بأحد تفسيرين: الأول: أن النصح بمعنى الخلوص من الشوائب والشركة، فيقال: عسل ناصح أو نصوح، إذا لم يَشُبْهُ شيء. وفُسِّرَ -وهو الثاني- فُسِّرَتْ النصيحة بأنها التئام شيئين بحيث لا يكون ثَمَّ تنافر بينهما، فيُعْطَى هذا الصلة بهذا حتى يكون التئام يوافق ما بين هذا وهذا. قالوا: ومنه قيل للخياط: ناصح؛ لأنه ينصح الطرفين، إذ يجمعهما بالخياطة. والنصيحة عُرِّفَتْ -يعني: في هذا الحديث- بأنها: إرادة الخير للمنصوح له، وهذا يتعلق بنصح أئمة المسلمين وعامتهم. أما في الثلاثة الأول، فإن النصيحة -كما ذكرنا- أن تكون الصلة بين الذاتين على التئام، بحيث يكون هذا قد أعطى حق هذا، فلم يكن بينهما تنافر. ومعلوم أن العبد في صلته بربه أن عليه حقوقا كثيرة واجبة ومستحبة، وكذلك في حق القرآن، وكذلك في حق المصطفى -عليه الصلاة والسلام. فقال -عليه الصلاة والسلام-: الدين النصيحة وجعل الدينَ كلَّه النصيحة؛ لأنه -كما سيأتي تفصيله- لأن النصيحة تجمع الدين كله بواجباته ومستحباته، ففسرها بعد ذلك بقوله: قلنا: لمن يا رسول الله ؟ … إلى آخر الحديث. قال بعض العلماء: الدين النصيحة يعني: أن معظم الدين وجُلّ الدين النصيحة، وهذا على أخذ نظائره، كقوله: الدعاء هو العبادة و الحج عرفة وأشباه ذلك. لكن إذا تأملت في كون هذه الأشياء لها النصيحة رأيت أنها جمعت الدين كله، في العقائد، وفي العبادات والمعاملات، وفي حقوق الخلق، وحقوق من له الحق بجميع صوره. قالوا: لمن يا رسول الله ؟ واللام هنا في قولهم: لمن، يعني: للاستحقاق، النصيحة لله، يعني مستحقة، قالوا: لمن؟ يعني: من يستحقها في الدين؟ فأجابهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله، قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم . فاشتملت على أشياء، على أمور: الأول: النصيحة لله: وهي كلمة جامعة لأداء حق الله -جل وعلا- الواجب والمستحب، فحق الله الواجب هو الإيمان به، بربوبيته وإلهيته، وبأسمائه وصفاته، إيمان بأنه هو الرب المتصرف في هذا الملكوت وحده، لا شريك له في ربوبيته، ولا في تدبيره للأمر، ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، يحكم ما يشاء، ويفعل ما يريد سبحانه وتعالى. والنصيحة لله في ألوهيته أن يُعْطَى الحق الذي له في ألوهيته، وهو أن يُعْبَد وحده بجميع أنواع العبادات، وألا يُتَوَجَّه لأحد بشيء من العبادات إلا له -سبحانه وتعالى-، كل عبادة تُوُجِّه بها إلى غير الله -جل وعلا- فهي خروج عن النصيحة لله -جل وعلا-، يعني عن أداء الحق الذي له سبحانه وتعالى. وفي الأسماء والصفات النصيحة لله -جل وعلا- أن نؤمن بأنه -سبحانه- له الأسماء الحسنى، والصفات العلا، وأنه لا سَمِي له، ولا ند له، ولا كفوَ له، كما قال -جل وعلا-: { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } . وكما قال -جل وعلا-: { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } . وكما قال -جل وعلا-: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } إلى غير ذلك من الآيات. فيعتقد المسلم أن الله -جل وعلا- له ما أثبت لنفسه من الأسماء الحسنى، ومن الصفات العلا، وأنه في أسمائه وفي صفاته ليس له مثيل، كما أخبر عن نفسه بقوله: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } . فالغلو في الصفات بالتجسيم ترك للنصيحة الواجبة، والتفريط فيها، والجفاء بالتعطيل ترك للنصيحة الواجبة، والنصيحة بالتئام ما بينك وبين الله -جل وعلا- في شأن أسمائه وصفاته أن تثبت له الأسماء الحسنى، والصفات العلا، من غير تمثيل ولا تعطيل، ومن غير تحريف ولا تأويل يصرفها عن حقائقها اللائقة بالله جل وعلا. أيضا من النصيحة لله -جل وعلا- أن يُحَبَّ -جل وعلا-، وأن يُتَّبَع أمره، وأن تتبع شريعته -جل وعلا-، وأن يصدق خبره -جل وعلا-، وأن يقبل عليه المرء بقلبه مخلصا له الدين. فالإخلاص في الأقوال والأعمال حق الله -جل وعلا-، والذي يقع في قلبه غير الله في الأعمال -من جهة الرياء أو من جهة التسميع- ما أدى الذي لله -جل وعلا-. وهناك -أيضا- أشياء مستحبة لله -جل وعلا- من مثل أن -يعني في حق الله -جل وعلا- من مثل ألا يقوم بالقلب غيره -جل وعلا-، فيُزْدَرَى الخلق في جنب الله -جل جلاله-، وأن يراقب الله -جل وعلا- دائما في السر والعلن، فيما يأتي وما يذر من الأمور المستحبة، وأن يستحضر مقامه بين يدي الله -جل وعلا- دائما في الآخرة، ونحو ذلك مما يدخل في المستحبات؛ فإن النصيحة فيه لله -جل وعلا- مستحبة، فهي منقسمة إلى ما أوجبه الشرع في حق الله، فيكون واجبا، وما كان مستحبا، فيكون من النصيحة المستحبة. يتبعـ ,, |
عن أمير المؤمين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله و رسوله ، و من كانت هجرته إلى دنيــًا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) رواه الشيخان .. ********** عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر و لا يعرفه منا أحد حتى أتى الرسول صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه و وضع كفيه على فخذيه ثم سأله فقال :( يا محمد أخبرني عن الإسلام) قال ( أن تشهد ألا إله إلا الله و أن محمدًا رسول الله و تقيم الصلاة و تأتي الزكاة و تصوم رمضان و تحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ) قال : صدقت ، فعجبنا له يسأله و يصدقه .. قال ( فأخبرني عن الإيمان ) قال : ( الإيمان أن تـؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و تؤمن بالقدر خيره و شره ) قال : صدقت ،قال فأخبرني عن الإحسان قال :( الإحسان أن تعبد الله كأنه يراك فإن لم تكن تراه فإنه يراك) قال فأخبرني عن الساعة قال ( ما المسؤول عنها بأعلم من السائل) قال : فأخبرني عن أمارتها قال ( أن تلد المرأة ربتها و أن تجد الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان ) فمضى ، ثم لبث مليــًا و قال : ( يا عمر أتدري من السائل ؟) قلت : الله و رسوله أعلم قال ( هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمور دينكم ) ********** عن أبي عبد الرحمن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى عليه و سلم يقول :( بني الإسلام على خمس شهادة ألا إله إلا الله و أن محمدًا رسول الله و إيقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صوم رمضان و حج البيت ) ********** عن أبي عبد الرحمن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو الصادق المصدوق فقال :( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة ثم يكون علقة ً مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فيأمر بكتابة أربع : كتب رزقه و أجله و عمله و شقي هو أم سعيد . فوالله الذي لا إله إلا هو إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه و بينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها . و إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه و بينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) ********** عن أم المؤمنين أم عبدالله عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) رواه البخاري و مسلم و في لفظ مسلم ( من عمل عملا ً ليس عليه أمرنا فهو رد ) |
اقتباس:
أخي الكريم : وائل جزاك الله جنات النعيم على مشاركتك ,, وبالنسبة للأحاديث غالبها صحيح ماعدا ماللون بالأحمر فهذا تصحيح وماتحته خط فهو زيادة ,, طبعاً التصحيح تم بناء على الرواية المقرر حفظها وإلا هناك روايات أخرى لنفس الأحاديث ,, وفقك الباري لكل خير ونفع بك الإسلام والمسلمين ,, |
جزاك ربي كل خير اختي الكريمه نور وبارك فيك وجعلها في موازين حسناتك ,,,
متاببعين معك ,, |
اقتباس:
آمين وإياكِ ,, ويسعدنا متابعتكِ ونتمنى كذلك مشاركتك ,, وفقكِ الباري ,, |
قال: وكتابه يعني: النصيحة مستحقة للكتاب، وهو القرآن، ومعنى ذلك أن يُعْطَى القرآن حقه، وهو أن يُوقَن بأن كلام الله -جل وعلا-، تكلم به -سبحانه وتعالى-، وأنه آية عظيمة، وأعظم الآيات التي أوتيها الأنبياء، وأنه الحجة البالغة إلى قيام الساعة. وأن هذا القرآن فيه الهدى والنور { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } . وأن حكمه واجب الإنفاذ، ما أمر الله به في القرآن وجب إنفاذه، وما نهى عنه وجب الانتهاء عنه، وما أخبر به -سبحانه- فيه وجب تصديقه، وعدم التردد فيه، إلى غير ذلك ممَّا يستحقه القرآن. وأيضا من الحقوق المستحبَّة والنصيحة المستحبة للقرآن أن يُكثر من تلاوته، وألا يهجره في تلاوته وتدبره، وفي العلاج به، وأشباه ذلك مما جاءت به السنة في حق القرآن. فهذا من التواصل ما بين ذي النصيحة -وهو العبد المكلَّف- وما بين القرآن؛ فإن النصيحة التحام واجتماع فيما بين هذا وهذا، ولا يكون الاهتمام إلا بأداء الحق، وهذا الحق على العبد للقرآن على نحو المعنى الذي أسلفت. كذلك النصيحة للرسول -صلى الله عليه وسلم- تكون بطاعته -عليه الصلاة والسلام- فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نَهَى -عليه الصلاة والسلام- وزجر، وألا يُعْبَد الله إلا بما شرع رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن يؤمن العبد بأنه -عليه الصلاة والسلام- هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن كل دعوة للرسالة بعده -عليه الصلاة والسلام- كذب وزور وباطل وطغيان، وأنه -عليه الصلاة والسلام- هو الذي يطاع { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } . وأنه يُحَب -عليه الصلاة والسلام- لأمر الله -جل وعلا- بذلك، ولما يستحقه -عليه الصلاة والسلام- من المحبة الواجبة،{ وأن تُقَدَّمَ مَحَابُّه } على مَحَابّ العبد، ونحو ذلك من النصيحة التي هي -أيضا- منقسمة إلى واجبة ومستحبة. قال: ولأئمة المسلمين وعامتهم والنصيحة لأئمة المسلمين أن يُعْطَوا حقهم الذي أعطاهم الله -جل وعلا-، وبينه -تعالى- في الكتاب، وبينه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في السنة؛ من طاعتهم في المعروف، وعدم طاعتهم في المعصية، وأن يجتمع معهم على الحق والهدى، وعلى ما لم نعلم فيه معصية، وأن تؤلف القلوب لهم، وأن يُجْتَمع عليهم، وأن يُدْعَى لهم، وهذا يشمل الحق الواجب والحق المستحب. وأن يُتْرَك الخروج عليهم بالسيف طاعة لله -جلَّ وعلا- وطاعة لرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن يبايع ولي الأمر المسلم، وألا يموت المرء، وثمَّ والٍ مسلم، وليس في عنقه بيعة له، وأن يأتمر إذا أمره بما ليس بمعصية، وأن ينتهي إذا نهاه عن غير الطاعة، يعني: ما كان من قبيل الواجبات، فإن أمره بخلافها لا يُطاع فيه، وإذا أمر بمعصية لا يُطاع فيه، وما كان من قبيل المستحبات والاجتهادات -يعني ما يدخله الاجتهاد- فإنه يُتْرَك الرأي لما يراه الإمام المسلم؛ لأن في ذلك مصالح العباد والبلاد، كما قرره أهل العلم في هذا الموضع. أيضًا من النصيحة لهم أن تبذل النصح لهم، بمعنى النصح الذي يعلمه الناس، بأن تنبههم على ما يخطئون فيه، وما يتجاوزون فيه الشرعية لمن وصل له، وهذه المرتبة -كما قال ابن دقيق العيد في شرحه وغيره-: هذه فرض كفاية تسقط بفعل البعض من أهل العلم ونحوهم. فحق ولي الأمر المسلم أن يُنْصَح، بمعنى أن يُؤْتَى إليه، وأن يُبَيَّن له الحق، وأن يُبَصَّر به، وأن يوضح له ما أمر الله -عز وجل- به، وما أمر به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأن يُعان على الطاعة، ويسدد فيها، ويُبَيَّن له ما قد يقع فيه من عصيان أو مخالفة للأمر. وهذه النصيحة الخاصة لولاة الأمر جاءت لها شروط وضوابط معلومة في شروح الأحاديث، ومن أمثل من تكلم عليها في هذا الموضع ابن رجب -رحمه الله- في "جامع العلوم والحكم" وساق عن ابن عباس وعن غيره أنواعا من الآداب والشروط، التي ينبغي للناصح أن يتحلى بها إذا نصح ولي الأمر المسلم. فمن ذلك أن تكون النصيحة برفقٍ، وسهولة لفظ؛ لأن حال ولي الأمر -في الغالب- أنه تعزّ عليه النصيحة، إلا إذا كانت بلفظ حسن، وهذا ربما كان في غالب الناس أنهم لا ينتصحون -يعني: لا يقبلون النصيحة- إلا إذا كانت بلفظ حسن. وقد قال -جل وعلا- لموسى وهارون: { فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } . فمن الآداب والشروط في ذلك أن تكون النصيحة بلفظ حسن؛ لأنه ربما كان اللفظ خشنا، فأداه ذلك إلى رفض الحق، ومعلوم أن الناصح يريد الخير للمنصوح له. كما قال أهل العلم في تفسير النصيحة: أنها إرادة الخير للمنصوح له. فكلما كان السبيل لإرادة الخير للمنصوح له فإنه يؤتى. ومن الشروط في ذلك أن تكون النصيحة لولي الأمر سرًّا وليست بعلن؛ لأن الأصل في النصيحة بعامة -لولي الأمر ولغيره- أن تكون سرا، بخلاف الإنكار كما سيأتي عند شرح أبي سعيد الخدري: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن الأصل في الإنكار أن يكون علنا، وأن الأصل في النصح أن يكون سرا. فالنصيحة لولي الأمر يجب ويشترط لكونها شرعية أن تكون سرا، بمعنى: أنه لا يعلم بها من جهة الناصح إلا هو، وألا يتحدث بها بأنه نصح وعمل وكذا؛ لأنه ربما أفسد المراد من النصيحة بذكره، وصعب قبول النصيحة بعد اشتهار أن ولي الأمر نُصِح، وأشباه ذلك. وعلى هذا جاء الحديث المعروف الذي صحَّحه بعض أهل العلم، وهو قوله -عليه الصلاة والسلام-: من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن ليخْلُ به، وليدْنُ منه، فإن قبل منه فذاك، وإلا فقد أدَّى الذي عليه . وقد سئل ابن عباس -رضي الله عنهما- هل أُنْكِر على الإمام علنا؟ فقال: لا، بل دَارِهِ بذلك سرا. وفي صحيح البخاري -أيضا-: أن أسامة بن زيد جاءه جماعة، وقالوا له: ألا تنصح لعثمان؟ ألا ترى ما نحن فيه؟ فقال: أما إني لا أكون فاتح باب فتنة وقد بذلته له سرا أو كما جاء عن أسامة بن زيد في صحيح البخاري. فدل ذلك على اشتراط أن تكون النصيحة سرا، وهذا من حقه، إلى غير ذلك من الشروط التي ذكرها أهل العلم في هذا الموضع. يتبعـ ,, |
. والنصيحة لعامة المسلمين <SINDEX stype="أحاديث" svalue="لأئمة المسلمين وعامتهم">لأئمة المسلمين وعامتهم </SINDEX> العامة: هم غير الأئمة، والأئمة إذا أطلقت فإنه يراد بهم الأئمة في الأمر العام، وليس الأئمة في العلم؛ لأن على هذا جرى الاصطلاح. أما لفظ "ولي الأمر" فإنه في الأصل أن ولي الأمر يُعْنَى به الإمام العام للمسلمين؛ لأن ولاة الأمر في عهد الخلفاء الراشدين، وفي عهد معاوية، لأن ولاة الأمر في ذاك الزمان كانوا يجمعون بين فهم الدنيا وفهم الشريعة. وأما بعد ذلك فقد قال العلماء: إن ولاة الأمر كلًّا فيما يخصه، هم العلماء والأمراء؛ الأمراء في الأمر العام الذي يتعلق بأمور المسلمين العامة، والعلماء في أمر دين الناس، فهذا حصل تفسير بأن ولاة الأمر يُعنَى بهم هذا وهذا؛ لأنه صار الأمر فيما بعد أنه تولى الأمر مَن ليس بعالم لما شاع الملك في عهد بن أمية، ثم في عهد بني العباس، فما بعد ذلك. فالنصيحة الأئمة المسلمين المقصود بهم في الحديث الأئمة الذين يلون الأمر العام، أما أئمة الدين فإنهم -أيضا- لهم نصيحة، ولهم الحق، والنصيحة لهم -يعني العلماء- أن تحبهم لأجل ما هم عليه من الدين، وما يبذلون للناس من العلم والخير، وأن يُنصَروا فيما يقولونه من أمر الشريعة، وفيما يبلغونه عن الله -جل وعلا-، وأن يُذَبَّ عنهم، وعن أعراضهم، وأن يحبوا أكثر من محبة غيرهم من المؤمنين؛ لأن الله -جل وعلا- عقد الولاية بين المؤمنين بقوله: { <SINDEX stype="آيات" svalue="والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض">وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ </SINDEX>} . يعني: بعضهم يحب بعضا، وينصر بعضا، ومن المعلوم أن أعلى المؤمن إيمانا هم الراسخون في العلم، أو هم أهل العلم العاملون به، كما قال -جل وعلا-: { <SINDEX stype="آيات" svalue="يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم">يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ </SINDEX>} . فالنصيحة لأهل العلم أن يُحَبُّوا، وأن يذب عن أعراضهم، وأن يؤخذ ما ينقلونه من العلم، وأن ينصروا فيما نصروا فيه الشريعة، وأن تُحْفَظ لهم مكانتهم وسابقتهم، ونشرهم للعلم، ونشرهم للدين، وهذه كلها حقوق واجبة لهم؛ لأن لهم في الملة مقاما عظيما، وإذا طُعِنَ في أهل العلم، أو لم تُبْذَل لهم النصيحة الواجبة بهذا المعنى، فإن ذلك يعني أن الشريعة تضعف في الهيبة في نفوس الناس؛ فإنه إذا نِيلَ من العالم، أو لم يُنْصَر، ولم يُحْتَرم فإن الشريعة تضعف في نفوس الناس، فإنه إنما ينقلها أهل العلم. وأما النصيحة لعامة المسلمين فهي إرشادهم لما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة، لما فيه صلاحهم في دنياهم وفي آخرتهم. هذا جماع النصيحة للمؤمنين، بأن يحبوا في الله، وأن ينصروا في الحق، وأن يتعاون معهم على الخير والهدى، وألا يتعاون معهم على الإثم والعدوان، وأن يُبيَّن لهم الحق، وينصحوا فيه، ويرشدوا إلى ما فيه صلاحهم في دنياهم وآخرتهم، بأنواع النصح بالقول والعمل، وأن ينكر عليهم المنكر إذا واقعوه لحق الله -جل وعلا- وأنهم إذا رئي أنهم يحتاجون إلى عقاب شرعي أو تعزير -يعني بحد أو تعزير- فإنه يرحمهم بذلك، فإن هذه الأمور مبناها على الرحمة. فالنصيحة لعامة المسلمين أن تَبْذُل وتحكم فيهم بشرع الله، وأن تعطيهم حقهم، وأن تلزمهم بأمر الله -جل وعلا- إذا كانوا تحت يدك، وهذا على قدر الاستطاعة. ثم إنه إذا حصل منهم ضدُّ ذلك فيُسْعَى فيهم بما يصلحهم، وما فيه سعادتهم وإرشادهم بالبيان، أو بالإلزام بحسب الأحوال. وكل حق للمسلم على المسلم يدخل في النصيحة لعامة المسلمين، فكلمة النصيحة إذن -كما ترى- كلمة جامعة دخلت فيها جميع الحقوق الشرعية لله، وللكتاب، ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولأئمة المسلمين ولعامتهم، فهي كلمة عظيمة جامعة، جمعت الحقوق جميعا لما فيه خير الدنيا والآخرة للناصح، يعني للذي قام بالنصيحة، فكل مفرط في أمر من أمر الله فقد فرط في شيء من النصيحة الواجبة. والله المستعان. إنتهى شرح الحديث السابع ,, |
{ .. الحديث الثامن .. } حديث : أمرت أن أقاتل الناس وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: <SINDEX svalue="أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله" stype="أحاديث">أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله -تعالى- </SINDEX>http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF رواه البخاري ومسلم هذا الحديث -حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: <SINDEX svalue="أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله" stype="أحاديث">أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة </SINDEX>. قوله: <SINDEX svalue="أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا" stype="أحاديث">أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا </SINDEX> يعني: أن شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وما يلزم عنها من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، هذه لا بد من مطالبة الناس بها جميعا، المؤمن والكافر، وللناس جميعا أُرْسِلَ إليهم المصطفى -عليه الصلاة والسلام-، وأُمِرَ أن يقاتلهم بقول الله -جل وعلا-: { <SINDEX svalue="وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة" stype="آيات">وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً } وبقوله: { <SINDEX svalue="قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر" stype="آيات">قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ </SINDEX>}… الآية. <SINDEX svalue="حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" stype="آيات">حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ </SINDEX>. فأمر الله -جل وعلا- بالقتال حتى تُلْتَزم الشريعة، وهذا لا يعني أنه يُبْتَدأ بالقتال؛ بل هذا يكون بعد البيان، وبعد الإنذار، فقد كان -عليه الصلاة السلام- لا يغزو قوما حتى يؤذنهم، يعني: حتى يأتيهم البلاغ بالدين، فقد أرسل -عليه الصلاة والسلام- الرسائل المعروفة إلى عظماء أهل البلاد فيما حوله، يبلغهم دين الله -جل وعلا-، ويأمرهم بالإسلام، أو فالقتال، وهذا ذائع مشهور. إذن فقوله -عليه الصلاة والسلام-: <SINDEX svalue="أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا" stype="أحاديث">أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا </SINDEX> يعني بعد البيان والإعذار، فهو يقاتلهم حتى يلتزموا بالدين، وهل هذا يعني أنه هو الخيار الوحيد؟ الجواب: هذا في حق المشركين؛ ولهذا حمل طائفة من أهل العلم أن الناس هنا هم المشركون الذين لا تُقْبَل منهم الجزية، ولا يقرون على الشرك. أما أهل الكتاب، أو من له شبهة كتاب، فإنه يُخيَّر، أهل تلك الملل ما بين المقاتلة -يعني: بين القتال- أو أن يُعطُوا الجزية، حتى يكونوا في حماية أهل الإسلام، يعني: أنهم تدخل البلد، ويكون هؤلاء رعايا لدولة الإسلام، وبذلك لا يقتلون. وهذا في حق أهل الكتاب واضح؛ فإن أهل الكتاب مخيَّرون بين ثلاثة أشياء: إمَّا أن يسلموا، فتُعْصَم دماؤهم وأموالهم. وإما أن يُقَاتَلُوا حتى يظهر دين الله. وإما أن يرضوا بدفع الجزية، وهي ضريبة على الرءوس، مال على كل رأس، فيبقوا رعايا في دولة الإسلام، ويسمون أهل الذمة. يتبعـ ,, |
. قوله -عليه الصلاة والسلام-: <SINDEX svalue="أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله" stype="أحاديث">أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله </SINDEX> . المقصود بالشهادة هنا شهادة لا إله إلا الله، يعني: أن يقولوا: لا إله إلا الله، فأول الأمر أنه يُكَفّ عن قتالهم بأن يقولوا هذه الكلمة، وقد يكون قالها تعوذا، فتعصمه هذه الكلمة حتى يُنْظر عمله، ومعلوم في الصحيح قصة أسامة، وقصة خالد، حيث قتل من قال لا إله إلا الله، فلما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- القاتل، قال: <SINDEX svalue="أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟ قال يا" stype="أحاديث">أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟ قال: يا رسول الله، إنما قالها تعوذا -يعني: من القتل- قال: فكيف تفعل بها إذا جاء يحاج بها يوم القيامة؟ </SINDEX> فندم، وود أنه لم يفعل ذلك، فهذا يُكتفى فيه بالقول. فإذن قوله -عليه الصلاة والسلام-: <SINDEX svalue="حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول" stype="أحاديث">حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله </SINDEX>المقصود به هنا -يعني في مبدأ الأمر- أن يقول الكافر: أشهد أن لا إله إلا الله، أو أن يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله. ومن هنا اختلف العلماء: لم أضاف إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة بعدها؟ قال: <SINDEX svalue="حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا" stype="أحاديث">حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة </SINDEX> . ومن المعلوم أنه لا يشترط -يعني بالإجماع- أنه لا يشترط في الكف عن قتال الكافر أن يقيم الصلاة وأن يؤتي الزكاة، فقالوا: هذا باعتبار المآل، يعني: قالت طائفة: هذا باعتبار المآل، يعني: يُكْتَفَى منه بالشهادتين، فيكف عنى دمه، ثم يطالب بحقها، وأعظم حقوقها الظاهرة إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، حتى يكون دخل في الدين بصدق، كما قال- جل وعلا-: { <SINDEX svalue="فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم" stype="آيات">فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ </SINDEX>}. فتبين بهذا أن قوله: <SINDEX svalue="ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة" stype="أحاديث">ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة </SINDEX> ليست على ظاهرها، من أنه لا يُكَفّ عنه حتى تجتمع الثلاثة: الشهادة، والصلاة، والزكاة. معلوم أنه قد يشهد قبل حلول الصلاة، ووقت الصلاة ربما، والصلاة تحتاج إلى طهارة، وإلى غسل، إلى غير ذلك، والزكاة تحتاج إلى شروط، من دوران الحول، وشروط أُخَر معروفة لوجوبها. قال طائفة من أهل العلم: إن المقصود هنا <SINDEX svalue="ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة" stype="أحاديث">ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة </SINDEX> أي: يلتزموا بها، يعني: أن يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ويلتزم بجميع شعائر الإسلام، وأعظمها حقّ البدن، وحقّ الله -جل وعلا- المتعلق بالبدن، وهو الصلاة، وحق الله -جل وعلا- المتعلق بالمال وهو الزكاة. ومعنى الالتزام أن يقول: أنا مخاطب بهذه، فمعناها أنه دخل في العقيدة، وفي الشريعة، فإنه قد يقول: لا إله إلا الله. ولا يؤدي بعض الواجبات، لا يؤدي الصلاة، ولا يؤدي الزكاة، ويقول: أنا لم أدخل إلا في التوحيد، ما التزمت بهذه الأعمال. فقالوا: دل قوله: <SINDEX svalue="ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة" stype="أحاديث">ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة </SINDEX>على وجوب الالتزام بالعبادات، يعني: أن يعتقد أنه مخاطب بكل حكم شرعي، وأنه لا يخرج عن الأحكام الشرعية؛ لأن هناك من العرب من قبلوا بشرط ألا يُخَاطبوا بترك شرب الخمر، أو ألا يكونوا مخاطبين بعدم نكاح المحارم، وأشباه ذلك. فالالتزام بالشريعة معناه: أن يكون معتقدا دخوله في الخطاب بكل حكم من أحكام الشريعة، وهذا -كما هو معلوم- مقترن بالشهادتين. لهذا قال العلماء: تُقاتَل الطائفة الممتنعة عن أداء شريعةٍ من شعائر الله، قالوا: تقاتل الطائفة الممتنعة عن أداء التزام شعيرة من شعائر الإسلام، واجبة أو مستحبة، ومعنى قولهم: "تقاتل الطائفة الممتنعة": أنه لو اجتمع أناس فقالوا: نحن نلتزم بأحكام الإسلام، لكن لا نلتزم بالأذان، بمعنى أن الأذان ليس لنا، وإنما لطائفة من الأمة أخرى. أو يقولون: نلتزم إلا أن بالزكاة، فالزكاة لسنا مخاطبين بأن نعطيها الإمام، يعني: أنهم يعتقدون أن شيئا من الشريعة ليسوا داخلين فيه، هذا الذي يسمى "الامتناع" الطائفة الممتنعة يعني: التي تقول هذا الحكم ليس لي، وإنما لكم، مثل مانعي الزكاة في عهد أبي بكر، يعني بعض مانعي الزكاة الذين ارتدوا، ومثل الذين يزعمون سقوط التكاليف عنهم، وأنهم غير مخاطبين بالصلاة والزكاة، وأنهم غير مخاطبين بتحريم الزنا وأشباه ذلك. فيه تفاصيل لهذا، المقصود أن قوله -عليه الصلاة والسلام-: <SINDEX svalue="أن أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله" stype="أحاديث">أن أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة </SINDEX>أن هذا لأداء حقوق كلمة التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله". يتبعـ ,, |
. ومن هنا اختلف العلماء: لم أضاف إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة بعدها؟ قال: <SINDEX svalue="حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا" stype="أحاديث">حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة </SINDEX> . ومن المعلوم أنه لا يشترط -يعني بالإجماع- أنه لا يشترط في الكف عن قتال الكافر أن يقيم الصلاة وأن يؤتي الزكاة، فقالوا: هذا باعتبار المآل، يعني: قالت طائفة: هذا باعتبار المآل، يعني: يُكْتَفَى منه بالشهادتين، فيكف عنى دمه، ثم يطالب بحقها، وأعظم حقوقها الظاهرة إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، حتى يكون دخل في الدين بصدق، كما قال- جل وعلا-: http://www.taimiah.org/MEDIA/B2.gif <SINDEX svalue="فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم" stype="آيات">فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ </SINDEX>http://www.taimiah.org/MEDIA/B1.gif . فتبين بهذا أن قوله: http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.GIF <SINDEX svalue="ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة" stype="أحاديث">ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة </SINDEX>http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF ليست على ظاهرها، من أنه لا يُكَفّ عنه حتى تجتمع الثلاثة: الشهادة، والصلاة، والزكاة. معلوم أنه قد يشهد قبل حلول الصلاة، ووقت الصلاة ربما، والصلاة تحتاج إلى طهارة، وإلى غسل، إلى غير ذلك، والزكاة تحتاج إلى شروط، من دوران الحول، وشروط أُخَر معروفة لوجوبها. قال طائفة من أهل العلم: إن المقصود هنا <SINDEX svalue="ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة" stype="أحاديث">ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة </SINDEX> أي: يلتزموا بها، يعني: أن يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ويلتزم بجميع شعائر الإسلام، وأعظمها حقّ البدن، وحقّ الله -جل وعلا- المتعلق بالبدن، وهو الصلاة، وحق الله -جل وعلا- المتعلق بالمال وهو الزكاة. ومعنى الالتزام أن يقول: أنا مخاطب بهذه، فمعناها أنه دخل في العقيدة، وفي الشريعة، فإنه قد يقول: لا إله إلا الله. ولا يؤدي بعض الواجبات، لا يؤدي الصلاة، ولا يؤدي الزكاة، ويقول: أنا لم أدخل إلا في التوحيد، ما التزمت بهذه الأعمال. فقالوا: دل قوله: <SINDEX svalue="ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة" stype="أحاديث">ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة </SINDEX>على وجوب الالتزام بالعبادات، يعني: أن يعتقد أنه مخاطب بكل حكم شرعي، وأنه لا يخرج عن الأحكام الشرعية؛ لأن هناك من العرب من قبلوا بشرط ألا يُخَاطبوا بترك شرب الخمر، أو ألا يكونوا مخاطبين بعدم نكاح المحارم، وأشباه ذلك. فالالتزام بالشريعة معناه: أن يكون معتقدا دخوله في الخطاب بكل حكم من أحكام الشريعة، وهذا -كما هو معلوم- مقترن بالشهادتين. لهذا قال العلماء: تُقاتَل الطائفة الممتنعة عن أداء شريعةٍ من شعائر الله، قالوا: تقاتل الطائفة الممتنعة عن أداء التزام شعيرة من شعائر الإسلام، واجبة أو مستحبة، ومعنى قولهم: "تقاتل الطائفة الممتنعة": أنه لو اجتمع أناس فقالوا: نحن نلتزم بأحكام الإسلام، لكن لا نلتزم بالأذان، بمعنى أن الأذان ليس لنا، وإنما لطائفة من الأمة أخرى. أو يقولون: نلتزم إلا أن بالزكاة، فالزكاة لسنا مخاطبين بأن نعطيها الإمام، يعني: أنهم يعتقدون أن شيئا من الشريعة ليسوا داخلين فيه، هذا الذي يسمى "الامتناع" الطائفة الممتنعة يعني: التي تقول هذا الحكم ليس لي، وإنما لكم، مثل مانعي الزكاة في عهد أبي بكر، يعني بعض مانعي الزكاة الذين ارتدوا، ومثل الذين يزعمون سقوط التكاليف عنهم، وأنهم غير مخاطبين بالصلاة والزكاة، وأنهم غير مخاطبين بتحريم الزنا وأشباه ذلك. فيه تفاصيل لهذا، المقصود أن قوله -عليه الصلاة والسلام-: <SINDEX svalue="أن أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله" stype="أحاديث">أن أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة </SINDEX> أن هذا لأداء حقوق كلمة التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله". اختلف العلماء في الفرد الذي يمتنع عن أداء الصلاة، يمتنع يعني يقول: لا أؤديها. أما الذي لا يلتزم، بمعنى يقول: أنا غير مخاطب. فسواء كان فرد أو جماعة، فإنه كافر، ليس له حق، ولا يُعْصَم ماله ولا دمه. لكن الذي يمتنع عن الأداء، مع التزامه بذلك، فاختلفوا: هل يُقْتَل تارك الصلاة؟ والصحيح فيها أن لا يُقْتَل حتى يستتيبه إمام أو نائبه، ويتضايق وقت الثانية عنها، ويؤمر بها ثلاثا، ثم بعد ذلك يقتل مرتدا على الصحيح. فاختلفوا أيضا في المانع للزكاة هل يُقْتَل؟ على روايتين عند الإمام أحمد، وعلى قولين -أيضا- عند بقية العلماء، يعني قوله: أنه يقتل، والثاني لا يقتل في الفرد الذي يمتنع عن أداء الزكاة. وهكذا في سائر الأحكام والصوم والحج، ثَمَّ خلاف بين أهل العلم فيمن تركه، هل يُقْتَل؟ يعني: وأصر على الترك، ودعاه الإمام وقال: افعل، هل يقتل أو لا يقتل؟ اختلفوا في هذا كله بما هو مبسوط في كتب الفروع، ومعروفة. يتبعـ ,, |
. قال -عليه الصلاة والسلام- بعد ذلك: <SINDEX svalue="فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم" stype="أحاديث">فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم </SINDEX>. دَلَّ على أن الكافر مباح المال، ومباح الدم، وأن ماله -وهو الحربي- أن ماله مباح، يعني: لا شيء في سرقة مال الحربي، وهو من بينك وبينه حرب، تحاربه، فوجدت شيئا من ماله، فلا له لا يحرم ماله؛ لأنه قد أُبِيحَ دمه، وأبيح ماله بالتبع، بخلاف المعاهد والمستأمن، أو من خانك؛ فإنه لا يجوز أن تعتدي على شيء من أموالهم، حتى ولو كان غير مسلم، إلا إذا كان حربيا. يعني: أن المستأمن والمعاهد والذِّمي -ولو خانوا في المال- فإنه لا يجوز التعدي على أموالهم، وإذا لم يخونوا من باب أولى؛ لأنهم لم يُبَحْ مالهم، وقد جاء في الحديث: <SINDEX svalue="أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك" stype="أحاديث">أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك </SINDEX>لأنك تعاملهم لحق الله -جل وعلا-، فلا تستبيح مالهم لأجل ما هم عليه؛ بل تؤدي فيهم حق الله -جل وعلا. أما مَن ليس كذلك -يعني المشرك الذي أبَى أن يشهد ألا إله إلا الله، وأن يقيم الصلاة، وأن يؤتي الزكاة- فهذا لا يحرم ماله ودمه؛ بل يباح منه الدم، فيقتل على الكفر؛ لأنه أصر على ذلك، يعني بعد إقامة الحجة عليه، أو بعد الإعذار؛ لأن هذه هو الأصل. وجاء في صحيح مسلم ما هو بخلاف الأصل، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حديث ابن عباس المعروف: <SINDEX svalue="أن النبي صلى الله عليه وسلم- غزا قوما وهم" stype="أحاديث">أن النبي -صلى الله عليه وسلم- غزا قوما وهم غارُّون </SINDEX> يعني: بدون أن يؤذنهم. وهذا كالاستثناء من الأصل، وله بعض أحكامه مما هو استثناء من القاعدة، فالأصل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقاتل قوما حتى يؤذنهم، حتى يبلغهم، وربما فعل غير ذلك في قصة بني المصطلق المعروفة، أنه غزاهم وهم غارُّون، في تفاصيل ذلك. قال: <SINDEX svalue="عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام" stype="أحاديث">عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله جل وعلا </SINDEX>. حق الإسلام: يعني ما جاء في الإسلام التشريع به، من إباحة الدم، أو إباحة المال، فإذا شهدوا الشهادتين، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، فإنهم إخواننا، فتحرم دماؤهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، يعني: إلا بما أباح الإسلام، أو شرع الله -جل وعلا- في هذه الشريعة أن دمهم مباح، مثل الثيب الزاني، والنفس بالنفس، وما أشبه ذلك مما هو معروف، وسيأتي بعضه في الحديث: <SINDEX svalue="لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى الثلاث" stype="أحاديث">لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى الثلاث </SINDEX>. قال: <SINDEX svalue="وحسابهم على الله عز وجل" stype="أحاديث">وحسابهم على الله عز وجل </SINDEX>. هذا لما تقدم من أنه قد يشهد، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة ظاهرا، فنقول: نقبل منه الظاهر، ونَكِلُ سريرته إلى الله -جل وعلا- كحال المنافقين، المنافقون نعلم أنهم كفار، لكن نعصم دمهم ومالهم بما أظهروه، وحسابهم على الله -جل وعلا. بهذا نقول: الكفر كفران: كفر رِدّة : تترتب عليه الأحكام، من إباحة المال والدم. وكفر نفاق: نعلم أنه كافر، ويُحْكَم عليه بأنه كافر، لكن لا تترتب عليه أحكام الكفر؛ لأنه ملحق بالمنافقين، وهذا معروف في تفاصيله في كلام أهل العلم. إنتهى شرح الحديث الثامن ,, |
<TABLE border=0 width="90%" align=center><TBODY><TR><TD width="70%" align=middle>.
{ .. الحديث التاسع .. } </TD><TD width="10%" align=left> </TD></TR></TBODY></TABLE> <TABLE border=0 width="98%" align=center><TBODY><TR><TD>حديث : ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وعن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.GIF <SINDEX svalue="ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا" stype="أحاديث">ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم؛ فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم </SINDEX>http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF رواه البخاري ومسلم. هذا الحديث هو الحديث التاسع من هذه الأربعين النووية، وهو حديث أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: <SINDEX svalue="ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا" stype="أحاديث">ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم </SINDEX>. قال -عليه الصلاة والسلام-: <SINDEX svalue="ما نهيتكم عنه فاجتنبوه" stype="أحاديث">ما نهيتكم عنه فاجتنبوه </SINDEX>فما نهى عنه فإنه يُجتَنَب، وهذا عام في كل منهي عنه، والمنهي عنه قسمان: منهي عنه للتحريم، ومنهي عنه للأفضلية، يعني: يكون النهي فيه للكراهة، وما كان للتحريم يجب فيه الاجتناب، وما كان للكراهية يستحب فيه الاجتناب. إذن قوله -عليه الصلاة والسلام-: <SINDEX svalue="ما نهيتكم عنه فاجتنبوه" stype="أحاديث">ما نهيتكم عنه فاجتنبوه </SINDEX>هذا كقول الله -جل وعلا-: { <SINDEX svalue="وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" stype="آيات">وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا </SINDEX>} . فالذي نهى عنه -عليه الصلاة والسلام- نحن مأمورون بالانتهاء عنه، فإن كان محرما فالأمر بالانتهاء عنه أمر إيجاب، وإن كان مكروها فالأمر بالانتهاء عنه أمر استحباب. إذا تقرر هذا، فالمنهي عنه خلاف الأصل؛ لأن الأصل في الشريعة ليس هو النهي، وإنما الأصل فيها الأمر، والمنهيات بالنسبة للأوامر قليلة، وما نُهِيَ عنه لأجل أنه خلاف الأصل لم يجعل الله -جل وعلا- النفوس محتاجة إليه في حياتها؛ بل هي مستغنية عما نُهِيَ عنه. فإذا نظرت في باب الأطعمة فإن ما أُهِلَّ به لغير الله ليس محتاجا إليه، الميتة ليس محتاجا إليها، والأشربة المسكرة ليس المرء محتاجا إليها، والألبسة المحرمة ليس المرء محتاجا إليها؛ وإنما في الحلال كثير كثير غُنْيَة عن هذه المحرمات، فتكون هذه المحرمات في كل باب كالاستثناء من ذلك الباب، فالمحرمات من الأشربة استثناء مما أُبِيحَ وهو الكثرة في باب الأشربة، والمحرمات من الأطعمة استثناء مما أُبِيحَ وهو الكثرة في باب الأطعمة. وهكذا في باب الألبسة، وهكذا في البيوعات والعقود، وأشباه ذلك. وهذا من لطف الله -جل وعلا- بالعباد؛ فإنه -جل وعلا- ما جعل شيئا منهيًّا عنه فيه إقامة الحياة، بل كل المنهيات عنها إنما ابتلَى الله -جل وعلا- العباد بها. وما لم يُنْهَ عنه فإنه، أو ما أُمِرَ به فإنه خير، سواء أَفَعَلَه المرء رغبة في الأجر بإخلاص، أو فعله لغير مرضاة الله، هذا التفصيل يذكره العلماء عند قول الله -جل وعلا- في سورة "النساء": { <SINDEX svalue="لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة" stype="آيات">لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ </SINDEX>} . فقال: { <SINDEX svalue="لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة" stype="آيات">لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ </SINDEX>} هذه المأمورات فيها خير، ولو فعلها بغير نية صالحة؛ لأنها متعدية النفع، متعدية الأثر، وإن فعلها بنية صالحة فإنه يؤجر مع بقاء الخير، وإن فعلها بغير نية فإنه لا يؤجر عليها مع بقاء خيرية هذه الأفعال، ولهذا وصفها بالخيرية. وبعد ذاك قال: { <SINDEX svalue="ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه" stype="آيات">وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا </SINDEX>}. فمن أمر بصدقة أو معروف، أو إصلاح بين الناس بلا نية، فقد أتى خيرا، ولو كانت نيته غير صالحة؛ لأن هذه الأفعال متعدية، وإذا أتاها بنية صالحة فإنه يؤجر عليها. بخلاف المحرمات؛ فما حُرِّم ونُهي عنه فإنه يجب اجتنابه، فلا خير فيه ألبتة، يعني من حيث تعدي الخير أو تعدي المصلحة، وقد يكون فيه منفعة دنيوية، لكنها مقابلة بالمضرة، كما قال -جل وعلا- في الخمر والميسر: { <SINDEX svalue="يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير" stype="آيات">يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا </SINDEX>}. ففيها نفع باعتبار المُعَيَّن، لكن باعتبار الضرر فيها إثم كبير، وهذا بخلاف الأوامر التي فيها خير. إذا تقرر هذا فنقول: قوله -عليه الصلاة والسلام-: <SINDEX svalue="ما نهيتكم عنه فاجتنبوه" stype="أحاديث">ما نهيتكم عنه فاجتنبوه </SINDEX>هذا عامٌّ في كل منهي، وجواب الشرط "فاجتنبوه". والمنهي عنه إما أن يكون محرما، وإما أن يكون مكروها كما ذكرت لكم، والأصل في المنهيات -يعني فيما نهى عنه عليه الصلاة والسلام- إذا كان في أمور العبادات أنه للتحريم، وإذا كان في أمور الآداب أنه للكراهية، يعني: إذا جاء النهي في أمر من العبادات فهو للتحريم؛ لأن الأصل في العبادات التوقيف، وإذا جاء النهي في أدب من الآداب، فالأصل فيه أن يكون للكراهة. بهذا أجمع العلماء على أن النهي الوارد في بعض الآداب، والأمر الوارد في بعض الآداب، أنه للاستحباب في الأوامر، وللكراهة في النواهي، ومنه أخذ طائفة من أهل العلم أن النهي في الآداب للكراهة -يعني الأصل فيه للكراهة- إلا إذا جاءت قرينة تدل على أن الأصل فيه للتحريم. </TD></TR></TBODY></TABLE> يتبعـ ,, |
. مثلا: قال -عليه الصلاة والسلام-، أو جاء في -مثلا- في الحديث، الحديث الذي رواه البخاري: <SINDEX svalue="وألا أكف ثوبا ولا شعرا في الصلاة" stype="أحاديث">وألا أكف ثوبا ولا شعرا في الصلاة </SINDEX>هل هذا متصل في العبادة ؟ يعنى: هو عبادة، أو هو أدب لشرط من شرائط العبادة وهو اللباس؟ هو أدب، ألا يكف ثوبا، ألا يكف شعرا هذا أدب، ولهذا ذهب عامة أهل العلم -إلا عدد قليل- ذهبوا إلى أن النهي هنا للكراهة، فلو صلَّى وهو كافٌّ ثوبه، أو وهو عاقص شعره، فالصلاة صحيحة، ولا إثم عليه، ولو كان النهي للتحريم لصارت الصلاة فاسدة كنظائرها. مثل الأوامر: <SINDEX svalue="سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك" stype="أحاديث">سَمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك </SINDEX> . http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.GIF <SINDEX svalue="كل بيمينك" stype="أحاديث">كل بيمينك </SINDEX>http://www.taimiah.org/MEDIA/H1.GIF عامة أهل العلم على أن الأكل باليمين مستحب، والأكل بالشمال مكروه، وهناك من قال بالتحريم، وفي كل المسائل هذه خلاف بتعارض الأصل فيما بين أهل العلم. لكن الجمهور هنا قالوا: هذا أدب، كل بيمينك، فلما كان أدب صار الأصل فيه أنه للاستحباب، و"كل مما يليك" الأصل فيه أنه للاستحباب. ولهذا ترى في كثير من كتب أهل العلم يقول: النهي هذا للكراهة؛ لأنه من الآداب، والأمر للاستحباب؛ لأنه من الآداب، فيجعلون من الصوارف كون الشيء من الآداب، وهذا مهم. قال -عليه الصلاة والسلام- هنا: <SINDEX svalue="ما نهيتكم عنه فاجتنبوه" stype="أحاديث">ما نهيتكم عنه فاجتنبوه </SINDEX>ولم يقيد بالاستطاعة، بل أوجب الاجتناب، بل قيد -كما قلنا- لأن الانتهاء من المنهيات ليس فيه تحميل فوق الطاقة؛ بل المنهيات لا حاجة للعبد بها، يعني: لا تقوم حياته بها، بل إذا استغنى عنها تقوم حياته، فليس محتاجا ولا مضطرا إليها، وأما إذا احتاج لبعض المنهيات فهنا الحاجة يكون لها ترخيص بحسبها. قال: <SINDEX svalue="وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم" stype="أحاديث">وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم </SINDEX> . ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم؛ لأن الأوامر كثيرة، ليست مثل المنهيات، ومنها ما قد لا يستطيعه العبد، ولهذا جاءت القواعد -بناء على هذا الحديث-: "لا واجب مع العجز". يعني: أن المرء إذا عجز عن الشيء فلا يجب عليه، كما جاء في حديث عمران: <SINDEX svalue="صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع" stype="أحاديث">صلِّ قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب </SINDEX>. فهنا يأتي ما استطاع، وقد قال -جل وعلا-: { <SINDEX svalue="لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها" stype="آيات">لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ </SINDEX>}. وقال -جل وعلا-: { <SINDEX svalue="فاتقوا الله ما استطعتم" stype="آيات">فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ </SINDEX>} . وقال -جل وعلا-: { <SINDEX svalue="وما جعل عليكم في الدين من حرج" stype="آيات">وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ </SINDEX> } إلى آخر الأدلة على تعليق الوجوب بالقدرة والاستطاعة. إذن دلنا قوله -عليه الصلاة والسلام-: <SINDEX svalue="وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم" stype="أحاديث">وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم </SINDEX>أن الأوامر كثيرة، وأنه لا واجب إلا مع القدرة، تجب إذا قدرت عليها، وإذا كنت عاجزا وغير مستطيع فلا يجب عليك ذلك بنص النبي عليه الصلاة والسلام. هنا اختلف العلماء في مسألة يطول الكلام عليها: هل منزلة النهي أعظم، أو منزلة الأمر؟ يعني: هل الانتهاء عن المنهيات أفضل، أم فعل الأوامر والإتيان بها الأفضل؟ تنازع العلماء في هذا على قولين:- القول الأول: أن الانتهاء عن المنهيات أفضل من فعل الأوامر، واستدلوا عليه بأدلة منها هذا الحديث، بأنه أمر بالانتهاء مطلقا، وقالوا: الانتهاء فيه كلفة؛ لأنها أشياء تتعلق بشهوة المرء، و <SINDEX svalue="حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات" stype="أحاديث">حُفَّتْ الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات </SINDEX> فالانتهاء عن المنهيات أفضل. وقال جماعة: بل الأمر أفضل، يعني: امتثال الأمر أفضل وأعظم منزلة، واستدلوا عليه بأدلة منها: أن آدم -عليه السلام- أُمِرَتْ الملائكة بالسجود له، فلم يسجد إبليس، يعني: لم يمتثل الأمر، فخسر الدنيا والآخرة، فصار ملعونا إلى يوم يبعثون، وثم هو في النار أبد الآبدين، وهذا لعظم الأمر. قالوا: وآدم أكل من الشجرة التي نهي عنها، فغُفِرَ له بذلك، فهذا أمر بالأمر فلم يمتثل فخسر، ذاك فعل المنهي عنه ثم أعقبته توبة. وهذا القول الثاني هو الأرجح والأظهر في أن فعل الأوامر أعظم درجة، وأما المنهيات ارتكابها فإنه على رجاء الغفران، أما التفريط في الأوامر -يعني الواجبات الشرعية، الفرائض والأركان ونحو ذلك- فهذا أعظم وأعظم مما نهى الله -جل وعلا- عنه، مع ارتباط عظيم بين هذا وهذا. وهذا يفيدنا في تعظيم مسألة الأمر، وأن الأمر في تعليق العباد به أعظم من تعليقهم بترك المنهي، خلاف ما عليه كثيرون -مثلا- من الدعاة وغيرهم والوعاظ، في أنهم يعظمون جانب المنهي عنه في النفوس الناس، وينهونهم عنه، ويفصلون في ذلك، ولا يفصلون لهم في المأمورات، ولا يحضونهم عليها، وهذا ليس بجيد؛ بل أمر الناس بما أمر الله -جل وعلا- به وحضهم على ذلك هذا أولى -يعني أرفع درجة- مع وجوب كلٍّ من الأمرين في البيان على الكفاية. يتبعـ ,, |
. قال: <SINDEX svalue="فإنما أهلك من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم" stype="أحاديث">فإنما أهلك مَن قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم </SINDEX>. <SINDEX svalue="أهلك من كان قبلكم" stype="أحاديث">أهلك مَن كان قبلكم </SINDEX> أو الذين من قبلكم <SINDEX svalue="كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم" stype="أحاديث">كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم </SINDEX> هذا لأن السؤال عن الأشياء لم تحرم لزيادة معرفةٍ، أو لتنطع، أو ما أشبه ذلك، هذا محرم، فما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- نأتي منه ما استطعنا، وفي وقت التشريع، في وقت نزول الوحي نُهِيَ الصحابة أن يسألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن مسائل؛ لأنه ربما حُرِّمَ عليهم بسبب المسألة. قد جاء في الحديث: <SINDEX svalue="إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا" stype="أحاديث">إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحَدَّ حدودا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها </SINDEX> جاء -أيضا- في صحيح مسلم أنه -عليه الصلاة والسلام- قال: <SINDEX svalue="إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما رجل سأل" stype="أحاديث">إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما رجل سأل عن شيء لم يُحَرَّم فَحُرِّمَ لأجل مسألته </SINDEX>. فكثرة المسألة لا تجوز، قد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- لا يسألون النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكانت مسألتهم قليلة كلها في الفرائض، وكانوا يفرحون بالرجل يأتي من البادية ليسأل وليستفيدوا. وهذا من الأدب المهم الذي يُلْتَزَم به؛ فإن كثرة المسائل ليست دالة على دِين، ولا على ورع، ولا على طلب علم؛ وإنما ينبغي على طالب الحق، وصاحب الدِّين والخير أن يُقلَّ المسائل ما استطاع، وقد قال -جل وعلا-: http://www.taimiah.org/MEDIA/B2.gif <SINDEX svalue="يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن" stype="آيات">يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا </SINDEX>http://www.taimiah.org/MEDIA/B1.gif . فالسؤال عن أشياء لم يأتِ فيها تنزيل هذا ليس من فعل أهل الاتباع، بل يُسأل عمَّا جاء به التنزيل؛ لأن الله -جل وعلا- في هذه الآية قال: http://www.taimiah.org/MEDIA/B2.gif <SINDEX svalue="لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا" stype="آيات">لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ </SINDEX>http://www.taimiah.org/MEDIA/B1.gif . فدلَّ على أن السؤال -إذا كان متعلقا بفهم القرآن، ويتبعه فهم السنة- فإن هذا لا بأس به، أما أن تكثر المسائل في أمور ليس وراءها طائل، فهذا مما ينبغي تركه واجتنابه. وقد قال هنا -عليه الصلاة والسلام-: <SINDEX svalue="فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم، واختلافهم" stype="أحاديث">فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرةُ مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم </SINDEX> . وأنت تلحظ هذا، الذين يكثرون السؤال يكثر عندهم الخلاف، ولو أخذوا بما عليه العمل، وما تعلموه وعملوا به، وازدادوا علما بفقه الكتاب والسنة لحصلوا خيرا عظيما، أما كثرة الأسئلة تؤدي إلى كثرة الخلاف. فلهذا ما يُسْكَت عنه ينبغي أن يظل مسكوتا عنه، وألا يُحَرَّك، إلا فيما كان فيه نص، أو تتعلق به مصلحة عظيمة للمسلمين، فيُسْكَت لا يُحَرَّك عن شيء؛ لأنه ربما لو حُرِّكَ بالسؤال لاختلف الناس ووقعت مصيبة الاختلاف والافتراق، وهذا ظاهر لكم في بعض الأحوال والوقائع، في التاريخ القديم والحديث. نقف عند هذا، وأسأل الله الكريم لي ولكم العلم النافع، والعمل الصالح، نعوذ بالله أن نَزِلّ أو نُزَل، أو نضل أو نضل، أو نجهل أو يُجْهل علينا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد. إنتهى شرح الحديث التاسع ,, |
. { .. الحديث العاشر .. } حديث: إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا . بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " <SINDEX svalue="إن الله تعالى- طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن" stype="أحاديث">إن الله -تعالى- طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: { <SINDEX svalue="يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا" stype="آيات">يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا </SINDEX>}. وقال تعالى: { <SINDEX svalue="يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم" stype="آيات">يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ </SINDEX>}. ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب. ومطعمه ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذيَ بالحرام، فأنَّى يستجاب له "</SINDEX> رواه مسلم. هذا الحديث -أيضا- من الأحاديث التي قيل فيها: إنها أصل من أصول الدين، يعني: أن كثيرا من الأحكام تدور عليها. وهذا الحديث فيه الأمر بالأكل من الطيب، وأنه سمة المرسلين، وسمة المؤمنين بالمرسلين، وأثر ذلك الأكل الطيب من الحلال على عبادة المرء، وعلى دعائه، وعلى قبول الله -جل وعلا- لعمله، فقَالَ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: <SINDEX svalue="إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا" stype="أحاديث">إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا </SINDEX>. وقوله: <SINDEX svalue="إن الله طيب" stype="أحاديث">إن الله طيب </SINDEX>يعني: أنه -جل وعلا- منزَّه عن النقائص والعيوب، وأنه -جل وعلا- له أنواع الكمالات في القول والفعل، فكلامه -جل وعلا- أطيب الكلام، وأفعاله -جل وعلا- كلها أفعال خير وحكمة، والشر ليس إلى الله جل وعلا. فالله -سبحانه- طيب بما يرجع إلى ذاته، وإلى أسمائه، وإلى صفاته -جل وعلا- ومن أوجه كونه طيبا أنه -جل وعلا- هو المستحق للعبادة وحده دونما سواه، وهو المستحق لأنْ يسلم المرء وجهه وقلبه إليه -سبحانه- دونما سواه. ولكونه -جل وعلا- طيبا لا يقبل إلا طيب، فقال -عليه الصلاة والسلام-: <SINDEX svalue="إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا" stype="أحاديث">إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا </SINDEX>. ومعنى قوله: <SINDEX svalue="لا يقبل" stype="أحاديث">لا يقبل </SINDEX>يعني: لا يرضى، ولا يحب إلا الطيب، وأيضا يعني: لا يثيب، ولا يأجر إلا على الطيب؛ فإن كلمة "لا يقبل" هذه -في نظائرها مما جاء في السنة- قد تتوجه إلى إبطال العمل، وقد تتوجه إلى إبطال الثواب، وقد تتوجه إلى إبطال الرضا بالعمل، وهو مستلزِم في الغالب لإبطال الثواب والأجر. يعني: أن العمل قد يقع مُجْزئًا ولا يكون مقبولا، كما جاء في الحديث: <SINDEX svalue="لا يقبل الله صلاة عبد إذا أبق حتى يرجع" stype="أحاديث">لا يقبل الله صلاة عبد إذا أبق حتى يرجع </SINDEX>. و <SINDEX svalue="من أتى كاهنا أو عرافا لم تقبل له صلاة أربعين" stype="أحاديث">من أتى كاهنا أو عرافا لم تقبل له صلاة أربعين ليلة </SINDEX>وأشباه ذلك. فتقرر أن كلمة "لا يقبل" هذه تتجه إلى نفي أصل العمل، يعني: إلى إبطاله، كما في قوله: <SINDEX svalue="لا يقبل الله صلاة حائض إلا بالخمار" stype="أحاديث">لا يقبل الله صلاة حائض إلا بالخمار </SINDEX>. <SINDEX svalue="لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ" stype="أحاديث">لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ </SINDEX>. هذه فيه إبطال العمل إلا بهذا الشرط، وقد تتجه إلى إبطال الرضا به، أو الثواب عليه، فهذه ثلاثة أقسام. هنا <SINDEX svalue="إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا" stype="أحاديث">إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا </SINDEX>تحتمل بحسب العمل، أن يكون المنفي الإجزاء، أو أن يكون المنفي الأجر والثواب، أو أن يكون المنفي الرضا به والمحبة له، يعني: لهذا العبد حين عمل هذا العمل. فقال: <SINDEX svalue="لا يقبل إلا طيبا" stype="أحاديث">لا يقبل إلا طيبا </SINDEX>يعني الذي يوصف بأنه مجزئ، وأنه مرضي عنه عند الله -جل وعلا- وأنه يثاب عليه العبد هو الطيب، وأما غير الطيب فليس كذلك، فقد يكون غير مرضي، أو غير مثاب عليه، وقد يكون غير مجزئ أصلا، بحسب تفاصيل ذلك في الفروع الفقهية. يتبعـ ,, |
. إذا تقرر هذا فقوله -عليه الصلاة والسلام- هنا: <SINDEX svalue="لا يقبل إلا طيبا" stype="أحاديث">لا يقبل إلا طيبا </SINDEX>هذا فيه أن الله -جل وعلا- إنما يقبل الطيب على الحصر. و"الطيب" جاءت النصوص ببيان أن الطيب يرجع إلى الأقوال، وإلى الأعمال، وإلى الاعتقادات. فحصل أن الله -جل وعلا- من آثار أنه طيب أنه لا يقبل من الأقوال إلا الطيب، ولا يقبل من الأعمال إلا الطيب، ولا يقبل من الاعتقادات إلا الطيب. ما هو القول الطيب، والعمل الطيب، والاعتقاد الطيب؟ فسرنا الطيب -أولا- بأنه هو المبرأ من النقائص والعيوب، وكذلك القول والعمل والاعتقاد هو المبرأ من النقص والعيب، يعني: الذي صار بريئا من خلاف الشريعة. فالطيب هو الذي وُوفِق فيه الشرع، فالقول والطيب هو الذي كان على منهاج الشريعة، والعمل الطيب هو الذي كان على منهاج المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، والاعتقاد الطيب ما كان عليه الدليل من الكتاب ومن السنة. فهذا هو الطيب من الأقوال والأعمال والاعتقادات. وإذا صار قول المرء طيبا فإنه لا يكون خبيثا، والخبيث لا يستوي والطيب، كما في آية "المائدة": http://www.taimiah.org/MEDIA/B2.gif <SINDEX svalue="قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة" stype="آيات">قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ </SINDEX>http://www.taimiah.org/MEDIA/B1.gif . وكذلك في الأعمال والاعتقادات، فنتج من ذلك أن العبد -إذا تحقق بالطِيبِ في قوله وعمله واعتقاده- صار طيبا في ذاته، والطيب له دار الطيبين، كما قال -جل وعلا-: http://www.taimiah.org/MEDIA/B2.gif <SINDEX svalue="الذين تتوفاهم الملائكة طيبين" stype="آيات">الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ </SINDEX>http://www.taimiah.org/MEDIA/B1.gif . ومن صار عنده خبث في بدنه وروحه، نتيجة لخبث قوله، أو خبث عمله، أو خبث اعتقاد، ولم يغفر الله -جل وعلا- له، فإنه يُطَهَّر بالنار حتى يدخل الجنة طيبا؛ لأن الجنة طيبة لا يصلح لها إلا الطيب. وهذا -في الحقيقة- فيه تحذير شديد، ووعيد وتخويف من كل قول أو عمل أو اعتقاد خبيث، يعني: لم يكن على وفق الشريعة، فالطيب هو المبرأ من النقص، وأعظم النقص في العمل، أو من أعظم ما ينقص العمل أن يتوجه به إلى غير الله -جل وعلا-، وأن تُقْصَد به الدنيا. فتَحَصَّل هنا أن قوله: <SINDEX svalue="إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا" stype="أحاديث">إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا </SINDEX> يعني: لا يقبل من العمل والقول والاعتقاد إلا ما كان على وفق الشريعة، وأُرِيدَ به وجهه -جل وعلا-، هذا حاصل تعريف الطيب؛ لأن العلماء نظروا في كلمة "طيب" في وصف الله -جل وعلا- وفيما ما يقابلها، وتنوعت أقوالهم، والذي يحقق المقام هو ما ذكرته لك. يتبعـ ,, |
قال -عليه الصلاة والسلام-: <SINDEX stype="أحاديث" svalue="وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين">وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين </SINDEX>. المرسلون أُمِرُوا وأتباع المرسلين -الذين هم المؤمنون- أُمروا -أيضا- بما أُمر به المرسلون، فقال -جل وعلا- في قوله: http://www.taimiah.org/MEDIA/B2.gif <SINDEX stype="آيات" svalue="يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا">يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا </SINDEX>http://www.taimiah.org/MEDIA/B1.gif في آية "المؤمنون". وقال -جل وعلا- في وصف المؤمنين، أو في أمره للمؤمنين في آية "البقرة": http://www.taimiah.org/MEDIA/B2.gif <SINDEX stype="آيات" svalue="يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم">يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ </SINDEX>http://www.taimiah.org/MEDIA/B1.gif . فأمر المؤمنين بأن يأكلوا من الطيبات، وأمر المرسلين بأن يأكلوا من الطيبات، وأمر الجميع بأن يعملوا صالحا، وهذا يدل على أثر أكل الطيبات في العمل الصالح؛ لأن الاقتران في قوله: { <SINDEX stype="آيات" svalue="يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا">يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا } </SINDEX>لأن الاقتران يدل على أن بينهما صلة، والصلة ما بين أكل الطيب والعمل الصالح هي تأثير الأكل الطيب في العمل الصالح. ولهذا قال كثير من أهل العلم: إن العمل لا يكون صالحا حتى يكون من مال طيب. فالصلاة لا تكون صلاة صالحة مقبولة حتى يكون فيها الطيب من الأقوال، ويكون لباس المرء طيبا، ويكون تخلص من الخبيث من النجاسات وغيرها، إلى آخر ذلك. والزكاة لا تكون مقبولة حتى تكون طيبة، بأن تكون عن نفس طيبة، وألا يراد بها رياء ولا سمعة إلى آخر ذلك. والحج كذلك؛ فمن حج من مال حرام لم يُقْبَل حجه؛ لأن الله -جل وعلا- لا يقبل إلا الطيب. ثم ذكر -عليه الصلاة والسلام- مثالا من أمثلة تأثير الأكل الطيب في بعض الأعمال الصالحة، وأثر أكل الحرام في بعض الأعمال الصالحة، فقال أبو هريرة -رضي الله عنه-، ثم ذكر -يعني النبي عليه الصلاة والسلام-: http://www.taimiah.org/MEDIA/H2.GIF<SINDEX stype="أحاديث" svalue="الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى">الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا ربِ يا ربِ، أو يا رب يا رب. ومطعمه حرام، ومشربه حرام، ومأكله حرام، وغُذِيَ بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك </SINDEX> . قال: <SINDEX stype="أحاديث" svalue="ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه">ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء </SINDEX>. ذكر هذه الصفات؛ لأن هذه الصفات مظنة الإجابة؛ فالسفر من أسباب إجابة الدعاء. قد جاء في الحديث الحسن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: <SINDEX stype="أحاديث" svalue="ثلاث يستجاب لهم">ثلاث يستجاب لهم </SINDEX> وذكر منهم المسافر. فالسفر من أسباب الإجابة، وهذا قد تعرَّض لسبب من أسباب الإجابة وهو السفر. ووصفه بقوله: <SINDEX stype="أحاديث" svalue="يطيل السفر">يطيل السفر </SINDEX> وإطالة السفر تعطي كثيرا من الاغتراب، وفيه انكسار النفس، وحاجة النفس إلى الله -جل وعلا- إذا كان السفر للحاجة، قد يطيل السفر -يعني من حاجته- يحتاج إلى السفر في معيشته، يحتاج إلى السفر في أموره، وإلا فإن المرء لا يختار إطالة السفر إلا لحاجة. قال: <SINDEX stype="أحاديث" svalue="يطيل السفر أشعث أغبر">يطيل السفر أشعث أغبر </SINDEX>وهاتان الصفتان تدلان على ذلته، وعلى استكانته، وهذه يحبها الله -جل وعلا-، وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لبس شيئا خلقا، ولم يتزين، وإنما صار أشعث، ثم توجه في خلوة، ودعا الله -جل وعلا- وقال: إنه أقرب للإجابة؛ لما في هذه الصفة من انتفاء الكبر، وقرب التذلل والاستكانة، وهذه يكون معها الاضطرار والرغب، وعدم الاستغناء. فذكر -عليه الصلاة والسلام- هذه الصفة، فقال: <SINDEX stype="أحاديث" svalue="أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء">أشعث أغبر يمدُّ يديه إلى السماء </SINDEX> وهذه صفة -أيضا- ثالثة، في أنه يمد يديه إلى السماء في رغب أن يكون أتى بما يُجَابُ معه دعاء، ورفع اليدين في الدعاء سنة، كما سيأتي بيان بعض ذلك. يتبعـ ,, |
. يقول: <SINDEX stype="أحاديث" svalue="يمد يديه إلى السماء يا رب، يا رب">يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب </SINDEX> وذكره هنا "يا رب" مكررة، ويجوز أن تقول: يا ربِ على حذف الياء، أو يا ربُ على القطع، في تكريرها ذكر لصفة الربوبية، ومعلوم أن إجابة الدعاء من آثار ربوبية الله -جل وعلا- على خلقه. ولهذا لم تكن إجابة الدعاء للمؤمن دون الكافر، بل قد يجاب للكافر، ويجاب للمارد، وقد أجيب لإبليس؛ وذلك لأن إجابة الدعاء من آثار الربوبية، كرزق الله -جل وعلا- لعباده، وكإعطاءه لهم، وكإصحاحه إياهم، وإمدادهم بالمطر، وأشباه ذلك مما قد يحتاجون إليه. فقد يدعو النصراني ويستجاب له، وقد يدعو المشرك ويستجاب له، إلى آخر ذلك. وتكون هنا الاستجابة لا لأنه متأهل لها؛ ولكن لأنه قام بقلبه الاضطرار والاحتياج لربه -جل وعلا-، والربوبية عامة للمؤمن وللكافر. ذكر هنا: "يا رب، يا رب" وهذا من آداب الدعاء العام كما سيأتي، وذكر هذا بلفظ الربوبية -أيضا- من أسباب إجابة الدعاء. قال في وصف حاله -مع أنه تعرض لهذه الأنواع مما يجاب معه الدعاء- قال في وصف حاله: <SINDEX stype="أحاديث" svalue="ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي">ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِي </SINDEX> -بالتخفيف، فغلط من يقولها بالتشديد غُذِّيَ، لا، هي غُذِيَ من الغذاء، <SINDEX stype="أحاديث" svalue="غذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك">غذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك </SINDEX>. يعني: فبعيد ويتعجب أن يستجاب لذلك وهو على هذه الحال. فمن كان ذا مطعم حرام، وذا مشرب حرام، وذا ملبس حرام، وغذي بالحرام، فهذه يستبعد أن يستجاب له. وقد جاء في معجم الطبرانى بإسناد ضعيف: <SINDEX stype="أحاديث" svalue="أن النبي صلى الله عليه وسلم- قال له سعد">أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له سعد بن أبي وقاص: يا رسول الله، ادع الله لى أن أكون مجاب الدعاء. قال: يا سعد، أَطِبْ مطعمك تكن مستجاب الدعوة </SINDEX> . وهذا في معنى هذا الحديث، فإن إطابة المطعم من أسباب الإجابة، فهذا تعرض لأنواع كثيرة من أسباب الإجابة، ولكنه لم يأكل طيبا؛ بل أكل حراما، فمُنِعَ الإجابة، واستُغْرِب أن يجاب له. وقد جاء -أيضا- في بعض الآثار الإلهية أن موسى -عليه السلام- طلب من ربه أن يجيب لقومه دعاءهم، فقال: يا موسى، إنهم يرفعون أيديهم، وقد سفكوا بها الدم الحرام، وأكلوا بها الحرام، واستعملوها في حرام، فكيف يجابون؟ وهذا لا شك أنه مما يخيف المؤمن؛ لأن حاجته للدعاء أعظم حاجة، فدل هذا على أن إطابة المطعم من أعظم أسباب إجابة الدعاء، وأنه إذا تخلف هذا السبب -ولو وُجدت الأسباب الأخر- فإنها لا تجاب الدعوة غالبا لقوله: <SINDEX stype="أحاديث" svalue="فأنى يستجاب لذلك">فأنى يستجاب لذلك </SINDEX> . هذا الحديث دَلَّنَا في آخره على آداب من آداب الدعاء، فذكر منها السفر -يعني من أسباب إجابة الدعاء- فالسفر يُتَحَرَّى فيه الدعاء، والإتيان للدعاء بتذلل واستكانة في الظاهر والباطن، هذا -أيضا- من أسباب إجابة الدعاء، ورفع اليدين إلى السماء في الدعاء، هذا أيضا من أسباب إجابة الدعاء، ورفع اليدين إلى السماء له ثلاث صفات في ثلاثة أحوال دلت عليها السنة: أما الأول : فهو بالنسبة للخطيب القائم، فإنه إذا دعا يشير بإصبعه فقط، بإصبعه السبابة، وهذا دليل دعائه وتوحيده، ولا يُشْرع له أن يرفع يديه إذا خطب قائما على المنبر أو على غيره، إلا إذا استسقى، فإنه يرفع يديه، ويرفع الناس معه أيديهم، كما جاء في حديث أنس وغيره في البخاري والنسائى وغيرهما، هذه الحالة الأولى، رفع اليدين بالاكتفاء برفع الإصبع. والثانى: أن يرفع يديه إلى السماء رفعا شديدا، بحيث يُرَى بياض الإبطين، يعني شديد جدا هكذا، وهذا إنما يكون في الاستسقاء، وفي الأمر الذي يصيب المرء معه كرب شديد، بما فيه استجارة عظيمة، وكرب شديد، فهذا يرفع يديه إلى السماء بشدة، وهذه لها صفتان: إما أن تكون اليدان بطنهما إلى السماء، وإما أن تكون اليدان ظهرهما إلى السماء، ورد هذا عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وورد هذا، وتفاصيل هذا -يعني- تحتاج إلى وقت. الثالث: أن يرفع يديه مبسوطة الكفين إلى الصدر، يعني: إلى موازاة ثديي الرجل والمرء، وهذا هو أغلب دعاء النبي -عليه الصلاة والسلام-، بل كان دعاؤه في عرفه هكذا، يرفع يديه إلى الثديين، ويمدهما كهيئة المستطعم، لا يجعلهما إلى الوجه هكذا، ولا بعيدة عنه بحيث ما تكون إلى الثديين، بل يبسطها كهيئة المستطعم المسكين، يعني: كهيئة المسكين الذي يريد أن يُعْطَى شيئا في يديه. وقد ثبت بالسنن من حديث سلمان الفارسي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: <SINDEX stype="أحاديث" svalue="إن الله حيي كريم، يستحيي من عبده أن يمد إليه">إن الله حَييٌّ كريم، يستحيي من عبده أن يمد إليه يديه، يطلب فيها خيرا، فيردهما صفرا خائبتين </SINDEX> . وهذا من أعظم الآداب، فإذن نخلص من ذلك إلى أن آداب الدعاء كثيرة، وهذا مثل قاله -عليه الصلاة والسلام- يعني مثل أثر الحلال الطيب في العبادة ذكر الدعاء، كذلك له أثر في الصلاة،، له أثر في العبادات، في الذكر، إلى آخره. فالله -جل وعلا- لا يقبل إلا طيبا، فمن أكل حراما فيتحرك بجسده في حرام، فقد تجزئه صلاته، لكن لا يكون بتحركه في بدنه بحرام مرضيا عند الله -جل وعلا-، ولو كانت صلاته خاشعة؛ بل أعظم ما يُبَرّ به البدن أن يكون البدن طيبا بالأكل، فلا يأكل إلا ما يعلم أنه حلال، بما يعلم أنه طيب، فهذا له أثر في رضا الله -جل وعلا- عن العبد، وقبوله لصلاته وصيامه، وقبوله لأعماله كلها. قوله في آخره: <SINDEX stype="أحاديث" svalue="فأنى يستجاب لذلك">فأنى يستجاب لذلك </SINDEX> "أنى يستجاب لذلك": يعني عجيب وبعيد أن يستجاب له، وقد يستجاب له، قد يستجاب له لعارض آخر،، صادفه اضطرار، وشدة إلحاح، وحاجة ماسة، فهذه يُعْطَى معها حتى الكافر http://www.taimiah.org/MEDIA/B2.gif <SINDEX stype="آيات" svalue="فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين">فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ </SINDEX>http://www.taimiah.org/MEDIA/B1.gif . فالمشرك قد يستجاب له، وكذلك المؤمن العاصي الذي أكل الحرام قد يستجاب له، لكن في حالات قليلة، وذلك إذا كان معها حالة اضطرار، أو شفع له غيره، وكان مع مُجاب الدعوة فأَمَّنَ عليه، أو ما شابه ذلك من الاستثناءات التي ذكرها أهل العلم. إنتهى شرح الحديث العاشر ,, |
.
. بعد أن إنتهينا من الحديث العاشر سنتوقف لفترة للتسميع ,, فمن حفظ الأحاديث السابق فليتفضل بتسميعها كتابتاً هنا ,, |
.
يرفع للتذكير ,, |
.
إن كان هناك أحد من الأخوان أو الأخوات يتابع معنا شرح الأحاديث فليخبرنا حتى نستمر أو سنتوقف إلى هنا ,, |
الساعة الآن 11:32 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا