![]() |
هل قد يكلف الله احد فوق طاقته ?
لفضيلة الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي
استشكال ورد: جاءني أخ كريم , وعرض علي سؤالين , ظن أن هناك تناقضا كبيرا بين الآيتين , الآية الأولى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا﴾ ( سورة البقرة الآية: 286) ثم قال لي هذه الآية الأولى وهي واضحة، ثم قال: فماذا نفعل بالآية الثانية: ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ ( سورة البقرة الآية: 286) التكاليف الشرعية جاءت ميسرة للإنسان من دون مشقة في أدائها: طالما هناك دعاء ألاّ يحملك الله ما لا طاقة لك به، فمعنى ذلك أن الله يمكن أن يحمل الإنسان ما لا طاقة له به، فكيف نجمع بين الآيتين ؟ قلت: كل آية لها معنىً مستقلٌ عن الآخر، الآية الأولى: ِ ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا﴾ ( سورة البقرة الآية: 286 ) أي أن كل التكاليف الشرعية في وسع الإنسان، فالله ما منعك من أن تتزوج ولكن منعك من الزنا، ما منعك من أن تأكل ولكن منعك من أكل المال الحرام، ما منعك أن تكسب المال ولكن سمح لك بالكسب المشروع، فما مِن شهوةٍ أودعها فيك إلا وجعل لها قناةً نظيفةً تسري خلالها، فما كلفنا فوق طاقَتِنا، حتى العبادات ، ما كلفك أن تصلي ألف ركعة في اليوم، خمس أوقات فقط، ما كلفك أن تصوم مئة يوم، كلَّفك أن تصوم ثلاثين يوماً في العام، وإن كنت مريضاً فلك أن تُفطر، وإن كنت مسافراً فلك أن تفطر، فما من تكليف شرعي إلا وضمن وُسْع الإنسان. لكن بالمناسبة إياك ثم إياك ثم إياك، أن تقول: هذا التكليف فوق طاقتي، لأن وسع الإنسان لا تحدده أنت، بل يحدده الله عز وجل، فلو قلت: أنا لا أستطيع أن أصوم في الصيف، يُمنَع أن تدلي بالرأي في الوسع، وسع الإنسان يحدده رب الإنسان الذي خلَقه، ويعرف مدى طاقته. ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا﴾ ( سورة البقرة الآية: 286 ) الآية واضحة، فأي إنسان يقول لك: لا أستطيع، كأنْ يقول لك مثلاً: أين أذهب بعيوني، ويقول: كيف أعيش ولابد من أكل المال الحرام ؟ يقول: لابد من أن أغش لأن عندي أولادًا من أين أطعمهم ؟ هذا كلام مردودٌ، وكأنه رد للقرآن الكريم. ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا﴾ ( سورة البقرة الآية: 286) ما أمرك أن تدفع مالك كله زكاةً، لا، بل اثنان ونصف في المئة في العام، فالصلاة، والصيام، والحج، والزكاة كله في وسع الإنسان، هذا معنى الآية. لا تعاقبنا بذنوبنا بما لاطاقة لنا به: أما: ﴿ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ ( سورة البقرة الآية: 286 ) الإنسان حينما يختار المعصية، و يختار أن يظلم الناس، و يختار أن يبتزَّ أموال الناس، و يزني , ويعتدي على أعراض الناس، و يتغطٍرس، و يكون سبباً لهلاك الكثير من الناس في الحروب، كالحرب العالمية الثانية انتهت بخمسين مليون قتيل، هؤلاء الذين سببوا هذه الحروب من أجل مصالح شخصية، ومن أجل غطرسةٍ واستيلاءٍ وسيطرة ونفوذ، تركوا خمسين مليون قتيل، فالإنسان يعتدي ويظلم، قد يأتيه عذابٌ لا يحتمله، هذه الآية الثانية، لا تحملنا بسبب أخطائنا، وبسبب ذنوبنا، وبسبب معاصينا، وبسبب ظلمنا ما لا طاقة لنا به. التقيت مرة بإنسان قال لي: أكاد أموت معي مرضٌ خطير في القلب، ومرض خطير في الجهاز الهضمي، وقال: أدوية القلب تؤذي جهاز الهضم، وأدوية جهاز الهضم تؤذي القلب، فأنا لا أستطيع أن أتناول أي دواء، والآلام لا تحتمل. فالإنسان حينما يرتكب الفواحش، ويرتكب الذنوب، فمرض الإيدز وحده، تحمُّله فوق طاقة الإنسان، و هناك أمراض أيها الأخوة يكاد الإنسان من شدة الألم يعوي كالكلاب، هذا معنى قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ ( سورة البقرة الآية: 286) |
جزاك الله خيرا اخي الوردي ،،
|
جزاك الله كل الخير
|
الساعة الآن 11:15 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا