نفساني - لماذا أطفالنا يعبثون ويعاندون ؟


	لماذا أطفالنا يعبثون ويعاندون ؟ كنت في رحلة علاجية للمملكة المتحدة وحصل أن أحسست بألم في عيني فذهبت إلى الطبيب ، وبينما أنا في غرفة الانتظار إذ دخلت امرأة ومعها طفلها الصغير ذو الأربع سنوات ، ومن عادة طفل كهذا أن ينشغل بأي شيء فالطفل ما لم تشغله يشغلك ، أقول هذا الطفل أخذ يقفزعلى الكراسي الموجودة في صالة الجلوس ، عندها نادته أمه وأجلسته بجنبها وأخرجت قصة من حقيبتها وأخذت تقرأ عليه القصة ،بينماهوأطرق برأسه مستمعا ومنصتا ،فهي لم تؤنبه على سلوكه ولم تضربه وصارت تخاطبه كما لوكان رجلا كبيرا ، القصة عادية جدا قد لاتلفت نظر البعض ولكني عجبت من شيئين الأول : إنصات الطفل ، وتوقفه عن العبث بهذه السهولة وهو في هذه السن النشطه الثاني : تصرف أمه العجيب الذي لاتفعله أكثر الأمهات اليوم ، أنا لاأقول ذلك انتقاصا في حق المرأة العربية ، و لاتعجبني المرأة في الغرب بتكشفها وعدم احتشامها ولكني أعجبت بهذه المرأة لحسن تصرفها مع طفلها وطاعته لها ، لآنها فهمت نفسيته ، وكيف تتعامل معه فكسبت طاعته وتحاشت تمرده وعصيانه ، فلو زجرته أمامي ووبخته وأمرته بالجلوس هادئا لن يستجيب لها وسيبقى معاندا لها لأنها لم تعامله المعاملة السليمة وهذا ما يحصل مع أطفالنا ، عندما يخرب الطفل شيئا ما تكيل له أمه الضربات واللكمات وتقسو عليه بأشد الألفاظ منها الله يلعن أبوك ، وأبوه ماذا فعل فيك وهو غائب عنك ؟، جعلك تموت وأرتاح منك ، رفعت ضغطي ياولد الكلب ، وخذ من هذه الكلمات التي لاتقال لعدو بل قيلت لأحب الناس وأغلى الناس زينة الحياة الدنيا ، كنت مرة مع أحد زملائي في جلسة عمل عند أحد المسؤولين في وزارة التربية وكان في ذلك اليوم يرافقه طفله ذو الخمس سنين ، أخذ الطفل يلعب ويتحرك يمينا وشمالا ، فنهره والده وقال له: اجلس لكن الولد لم يستمع لكلام أبيه واستمر في لعبه فقال له زميلي بهذه الطريقة أنت لن تستطيع تجعله ينقاد لأمرك ، فقال الأب ماذا أفعل إذا حتى يهدأ ابني ويجلس فقال: زميلي : ادعه وأهمس في أذنه وقل له إذهب للثلاجه وخذ منها عصيرا ، ثم اجلس على الكرسي واشربه ففعل الأب ما قاله زميلي له فامتثل الطفل ونفذ ماقاله له أبوه ، نحن عندما نقارن بين تصرف الأب الأول نجد أن الأب لم يفهم شخصيةابنه الصغير ولم يعرف كيف يتعامل معه أما في الموقف الآخر فإن الطفل استجاب لأن والده أحسن التصرف معه ولم يحرجه أمام الغرباء ، نحن يجب أن نعرف كيف نتعامل مع أطفالنا ، ونحترم شخصياتهم ، حتى ولو كانوا صغارا فهم يعرفون ويدركون معنى الاحترام والتقدير ومراعاة المشاعر0 أتذكر حادثة حصلت لي شخصيا مع ابني الصغير ذو السنتين إذ كنت مضطجعا لأسترخي قليلا ولكن ابني ازعجني بصياحه ، فرفعت صوتي عليه ليسكت ولكنه استمر في البكاء أو الصياح ، فغيرت أسلوبي معه ، فقلت له بهدوء ابني حبيبي أسكت وأعطيك حلاوه فسكت ، انظروا للإسلوب الثاني لم يكلفني شيئا ، بل تطلب مني فقط أن أنزل إلى مستوى تفكيره وأخاطبه بهدوء هؤلاء هم أطفالنا يحتاجون منا إلى الصبر وسعة البال 0ولا داعي لينحرق أعصابنا من أجل أن يسود الهدوء في المنزل فالصياح والصراخ لاينفع شيئا بل سيضر بالأم وبالطفل معا، 0 هذه حادثة حصلت لأب شاهد طفليه يتشاجران ، فطلب منهما بأعلى صوته أن يكفا عن العراك ولكنهما لم يستمعا إليه واستمرا في عراكهما ، والأب يتمزق من الخوف عليهما من أن يصيبهما مكروه ، وعندما هدأ قال لهما والدهما اما سمعتاني وأن أصيح فيكما بأعلى صوتي توقفا توقفا عن الشجار ، قالا لا : قال الأب : إذا بماذا أنتما تفكران أثناء عراككما ؟ قالا : كل منا يفكر كيف يهزم رفيقه ويتغلب عليه ، ولعل هذه الحادثه مصداقا لما قلت سابقا بأن الطفل له عالمه الخاص ولا يفكر بما يفكربه والده 0 والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل إرغا م الطفل على الطاعة هو الحل الوحيد لحل مشاكلنا مع أطفالنا ؟ يقول الدكتور /ملاك جرجس في كتابه الغضب والعناد ص36(إن إرغام الطفل على الطاعة ليس الطريق الوحيد لحل مشاكلنا مع اطفالنا 00بل إن المرونة والأخذ والعطاء مع الأطفال والتربية الإستقلالية في جو من الدفء العاطفي يحول بين الأطفال والعناد المرضي )ويقول في ص34: ( والطفل ينتقل عادة من مرحلة العناد والتحدي إلى مرحلة الاستقلال النفسي ،والأخذ والعطاء في الفترة من 4-6من عمره ، وكلما كان الأبوان على درجة معقولة من الصبر والتعاون والتفهم لنفسية الطفل ، كلما ساعده ذلك على إجتياز هذه الفترة ) أما إذا بالغ الأبون في التدليل الزائد أو القسوة الشديدة فإن هذاالتصرف منهما سيقلب الموازين على عقب وسيؤدي ذلك إلى ان يسلك الطفل السلوك المنحرف الذي سوف يلازمه طوال حياته ، الأطفال عادة يتشربون القيم والمباديء السائدة في الأسرة، فإذا كان الطفل يعيش في اسرة متفاهمة تتعامل مع الأطفال بأساليب تربوية سليمة ، يحس الطفل من خلالها بالدفء العاطفي والحنان والعطف المشوب بالحزم نشأ نشأة سعيدة ، وإذا كان العكس سيطرت المشاكل والإنحرافات على كيان الأسرة ، فلا يوجد طفل منحرف بل يوجد اسرة منحرفة ، فالطفل يتعلم من أمه العناد إذا كانت الأم تستخدم معه أسلوب الشدة والتحدي ، ويتعلم الطاعة إذا كان يعامل بحنان ومرونة ومحبة ، إن خير معلم للسلوك الحسن القدوة الصالحة ، فالأب الذي يثور لأتفه الأسباب أمام أطفاله مثل التاخر في تقديم الغداءأو سرعة الإستجابة لطلباته يضرب أروع مثل في القدوة السيئةلأطفالة فيقلدونه ، لماذا نثور ونغضب على طفل في السنة الأولى من عمره ، لابد أن نعيد النظر في أساليبنا التربوية لأبنائنا ، لئلا يصيبهم ما نكره وعندها لاينفع الندم ، والله أعلم 0