نفساني - هل نحن بحاجة إلى وجود اختبارات ومقاييس في مدارسنا ؟


	هل نحن بحاجة إلى اختبارات ومقاييس في مدارسنا ؟ كثير من الناس يجهل معنى اختبارات ومقاييس في التربية ، حتى بعض العاملين في حقل التربية والتعليم ، والقياس النفسي شبيه بالميزان الذي توزن به الأشياء المحسوسة مثل الطحين والسكر والفاكهة وغيرها ، غير أن المقياس النفسي هو عبارة عن أداة في يد الاختصاصي النفسي يقيس به قدرات الفرد وميوله واتجاهاته ومزاجه الشخصي من سرور إلى ضيق ومن فرح إلى تعب ـ فالقدرات والاتجاهات والذكاء والميول هي أشياء معنوية غير محسوسة ، وهنا جاءت صعوبة استخدام المقياس حيث لايعطي نتيجة دقيقة لقدرات واستعدادات من يطبق عليه المقياس من الناس ، كما أن معظم المقاييس النفسية الموجودة في أقسام علم النفس في الجامعات مترجمة ،وقد وضعت لطلاب غربيين فما يصلح للطالب الغربي لايصلح للطالب العربي المسلم فهل ثوب يفصل لغيرك يصلح أن تلبسه ؟، فالبيئة تختلف والعادات والتقاليد والدين والمشاهد والصور كذلك ، وأغلب هذه الاختبارات صيغت بلهجة مصرية غير محلية ، وحتى الصور المطلوب معرفتها من قبل الطالب من بيئة غير بيئته ولم يشاهدها في حياته فليس شرطا أن الطفل الذي تطبق عليه مثل هذه الاختبارات سافر لمصر ورأى الأهرام مثلا، فنسبة الصدق والثبات فيها ضعيفة لذا فهي لاتقيس الهدف الذي صيغت من أجله ، وليست نتائجها ثابتة فلو طبقت على شخص ما اختبارا ، ثم طبقت عليه بعد أسبوع نفس هذا الاختبار تفاوتت نتيجته ، لذا لم يتحمس المسئولون عن التعليم في بلادنا بإدخالها إلى مدارس التعليم العام ، ولقد حاول بعض أساتذة علم النفس في جامعة الملك سعود تقنين اختبار وكسلر وعمل عليه مجموعة من المرشدين والباحثين، وانتهى العمل ولكن الاختبار لم ير النور حتى ساعة كتابة هذا المقال ، كما اشتغل على اختبارآخر مهم جدا إدارة القياس في وزارة التربية والتعليم هذا الاختبار هو اختبار القدرات والميول وحتى هذه الساعة لم ير النور-أيضا- أما الاختبار الآخر فهو اختبار الاستعداد المدرسي الذي اشتغل عليه الأستاذ / عبد القادر كانوري من الإدارة العامة للبحوث التربوية بوزارة التربية والتعليم وجرت تجربته على طلاب الصف الأول ابتدائي لمعرفة مدى استعداد التلميذ لدخول المدرسة الابتدائية ولكن الوزارة لم تقره بعد 0 المرشد الطلابي في المدرسة تنقصه مثل هذه الاختبارات لأنها هي الأداة التي يستخدمها في الكشف عن قدرات واستعدات الطلاب ومن ثم توجيههم للدراسة التي تناسبهم ،والاختبارات النفسية كما قال عنها الدكتور / حامد زهران في كتابه التوجيه والإرشاد النفسي إنها للمرشد الطلابي مثل السماعة في أذن الطبيب، المشكلة الحقيقية في قبول التلاميذ الصغار في الصف الأول ابتدائي إذ يعتمد قبول الطفل على العمر الزمني وهذا خطأ شنيع إذ يحرم تلميذ من دخول الصف الأول الابتدائي لأن عمره الزمني ينقص شهر أو أيام بغض النظر عن مواهبه وقدراته وكان المفروض أن يطبق عليه اختبار الاستعداد ، فهو الذي يحكم بقبوله من عدمه ، كما أن طلاب الصف الأول ثانوي بحاجة ماسة إلى اختبار القدرات والميول لتوزيعهم على الأقسام الطبيعية والإدارية والشرعية وفق اختبار مقنن لاعلى الحدس والتخمين أو درجات اختبار الطالب في الصف الأول ثانوي ، فالطالب أحيانا يغتر بدرجاته التي حصل عليها في الصف الأول ثانوي فيدرس في قسم لايميل إليه أو أن قدراته لاتسمح له في دراسة القسم الطبيعي مثلا فيفشل في دراسته ، فالطموح في كثير من الأحيان لايكفي ،وهناك مشكلة ترتبت على عدم وجود اختبارات نفسية في المدرسة أن بعض الوالدين يجبر ابنه مثلا على الدراسة في القسم الطبيعي وهو لايرغب ذلك لأن الأب كان يطمح أن يكون مهندسا أوطبيبا ولم يتحقق له ذلك فأراد أن يحقق طموحه من خلال ابنه بغض النظر عن مدى صلاحية ابنه للقسم الطبيعي ، ومن هنا تنشأ مشكلة إخفاق بعض الطلاب وعدم مواصلتهم الدراسة فيضيع مستقبلهم بسبب تدخل آبائهم في مستقبلهم ولو كان لدينا إختبارات نفسية مقننة على البيئة السعودية لكان الأمر حاسما ولما تدخل أحد في تحديد مستقبل الطالب أو الطالبه 0 على الرغم أنه لايوجد لدى المرشد الطلابي اختبارات نفسية يطبقها على طلاب مدرسته لتكون عونا له في عمله ، إلا أن المرشد لاينبغي له أن يتوقف إبداعه وممارسته للعمل الإرشادي وفق ما يضعه من خطط إرشادية في مدرسته تشبع حاجات طلاب المدرسة الإرشادية، فينبغي له أن يركز على قائمة المشكلات فهي أداة يستطيع عن طريقها أن يكتشف ما يوجد في مدرسته من مشكلات ومن ثم يبدأ بوضع خطته الإرشادية وفقا لما تبرزه هذه القائمة من مشكلات ، كما أن لدى المرشد السجل الشامل ، فعن طريق ما يحويه من معلومات دقيقة عن الطالب يستطيع أن يوجه المرشد الطالب إلى الدراسة التي تناسبه في غياب الاختبارات والمقاييس ، كما أنه يوجد بين يدي المرشد الطلابي في المدرسة دليل الطالب التعليمي والمهني ، فلا بد من تفعيل هذا الدليل ونشره لجميع طلاب الصف الثالث ثانوي ليستفيدوا منه ، كما يجب تحديثه دائما من قبل الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد لتكون معلوماته طازجة وحديثه لئلا يفقد قيمته بين الطلاب ، وفي الختام أرجو ألا يكون عدم وجود اختبارات نفسية في يد المرشد دافعا إلى تخاذل المرشد عن عمله فليست الاختبارات النفسية كل شيء في الإرشاد فيمكن الاستعاضة عنها بما ذكرت آنفا حتى تأتي الساعة التي تتوفر غيها مقاييس نفسية مقننة على البيئة السعودية ويدرب المرشدون عليها لاظهار نتائجها وتحليلها والاستفادة منها ،وبالله التوفيق 000