نفساني - رحلتي مع الإرشاد ( الجزء الثامن )


	رحلتي مع الإرشاد ( الجزء الثامن ) من المواقف المؤلمةو الأعاصير الجامحة التي كادت أن تعصف بي ومن معي أنني كلفت بالمشاركة في دورة لمديري المدارس في منطقة الرياض التعليمية وقد قمت بإلقاء محاضرتين عن علاقة الإدارة المدرسية بالإرشاد ، وحضر هذه الدورة مجموعة جيدة من المديرين ، وكانت موضوعاتها شاملة وجيدة وبعد ما مضى الأسبوع الأول أشعرنا المسئول عن الدورة بأننا لن نستطيع المواصلة لورود شكوى من بعض المشرفين بالمنطقة ، بأنهم يريدون الاشتراك والهيمنة على الدورة وأنه لايحق لنا المواصلة لكوننا من الوزارة!! وكأننا من كوكب آخر ، فلم نكمل الدورة وهذا هو السبب الظاهر أما الباطن فالله أعلم به ثم سمعت كلاما صدر من البعض يحز في الخاطر فمشاركتنا مجانية ولم نطلب ذلك نحن بل هم الذين طلبونا ولم يتكرم من نظم الدورة من القول لنا شكرا أو أرسل لنا خطاب اعتذار أنا وزميلي ، هذه أمور تكدر الخاطر وأنا لم اعرضها شاكيا فالشكوى لغير الله مذلة ، لكن من باب الأدب على الأقل كان يجب عليهم إرسال خطاب اعتذار إذا كانوا لايريدون لنا أن نستمر معهم ، حينها أدركت أننا نتعامل مع أناس لهم توجهاتهم التي لايريدون أحدا أن يشاركهم فيها ، هذا موقف مؤلم وقد كنت أحاول أن أذكر مواقف مشرفة وجميلة لكن مع الأسف الشديد الأعاصير قوية والرياح عاتية يبدو أنها أتت على الأخضر واليابس ، كيف تريدون للإرشاد أن يتطور وهو يعيش في مثل هذه العقليات المغلقة التي لاتريد أن ترى النور؟ 0 هناك من الناس من تعجبه الشكليات والرونق والسجلات والأوراق الكثيرة والاجتماعات التي لافائدة منها إطلاقا ، ولكن الجوهر لايهتم به أحد التلميذ أو الطالب يقسى عليه في المدرسة ولا أحد يتنبه له قد يكون المرشد نفسه هو الذي يتعامل معه بقسوة وجلافة ، أعرف مرشدين يضربون الطلاب ، لذلك مع الأسف الشديد فقدوا مصداقيتهم ، ولم يعد الطلاب يثقون فيهم ، فصار ينظر إليهم أنهم السلطة المنفذة لجبروت ودكتاتورية الإدارة المدرسية 0 أتذكر مرة أن أحد أولياء أمور الطلاب اشتكى لمعالي الوزير أن المرشد الطلابي ضرب ابنه ، فذهبت مع من ذهب لتلك المدرسة وعند التحقق في الأمر وجدنا أن الطالب حكم عليه بالضرب داخل المصلى بعد صلاة الظهر ونفذ الحكم على يد وكيل المدرسة والذي أمسك بأرجل الطالب ليضرب المرشد الطلابي نفسه ، فهل هذه من أخلاقيات الإرشاد ؟ وهل هذا الموقف من بنود الميثاق الأخلاق لمهنة الإرشاد ، كأني بالمرشد الذي يضرب الطلاب أو يؤيد ضربهم يعلن إفلاسه أ و يسترضي مدير مدرسته لكي لايغضب عليه ، بتنفيذ أوامر لاتتفق مع مبادئه وأخلاقيات مهنته 0 من غرائب الأمور أن بعض المسئولين عندما أرادوا أن يصلحوا شأن الإرشاد عالجوا الخطأ بالخطأ ، كيف ، يعتقدون أنه حتى يستقيم أمر الإرشاد أنه يجب تغيير مدير الإرشاد ، والإدارة العامة للتوجيه والإرشاد تعاقب عليها حتى الآن ثمانية مديرين ، ولم يصلح واحد منهم الإرشاد على الرغم أن بعضهم متخصص في الإرشاد ، كنت عايشت أغلبهم ، فلم أر بعد التغيير شيئا تحسن بل الإرشاد في انحدار تام ، معنى ذلك أن تغيير مدير عام الإرشاد لاينفع إذا لم يعط مطلق الصلاحية في التطوير والتغيير ، كما أن تعيين مدير عام للإرشاد غير متخصص في الإرشاد لايمكن أن ينهض بالإرشاد ولن يتحمس كثيرا للعمل ، ولا يدرك حاجات المرشدين ولن يستطيع رسم الخطط الإرشادية ذات القيمة الميدانية ، إنما هو سيسير على ما سار عليه غيره ، ثم هل من المعقول أن ينهض الإرشاد بدون ميزانية ، الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد منذ أن أنشئت حتى عام 1427لايوجد لها ميزانية خاصة 25عاما ، فقد فصل الإرشاد عن النشاط عام 1421ولم يجعل له ميزانية خاصة به فصار يسير على قدم واحدة ، من هنا لانستكر إذا رأينا الإرشاد عبارة عن أوراق وسجلات واستمارات ، أما مشاريع و برامج و دورات تدريبية للمرشدين و أبحاث ميدانية فلا يوجد مع الأسف الشديد شيئا يذكر لأنه لايوجد ميزانية للصرف عليها ، عندما فكرت عند مجيئي للإدارة العامة للتوجيه والإرشاد عام 418ه بإنشاء وحدة خدمات إرشادية بعدما رأيت الضعف الواضح في دراسة الحالة عند أكثر المرشدين كانت الصدمة الأولي لي أنه لايوجد مبالغ مالية للصرف على هذه الوحدات ، وكيف نأتي بمدربين لتدريب المرشدين ؟ وكيف نوجد مقار مناسبة لهذه الوحدات فكان هذا السبب كافيا للفت من عضدي لأتوقف عن التفكير بإنشاء هذه الوحدة ،حتى أن أحدهم قال لي هذه الوحدات ستموت واقفة ، ولكن لكون هذه الوحدة ضرورة رأيت وبتشجيع من زميلي مدير عام الإرشاد أن تقوم هذه الوحدة ، فكان لقيامها صدى واسعا ، بل أن عددا من مديري التعليم تعذر لعدم وجود نفقات مالية للصرف عليها ، وآخرين تحمسوا بل إن أحد المحسنين في القصيم تكفل ببناء وحدة إرشادية في غاية الجمال في مدينة بريده ، علاوة على تحمس بعض الأخوة مديري التعليم و رؤوسا الأقسام، فقامت هذه الوحدات بجهود فردية بدون ميزانية ، وعددها الآن يزيد على44وحدة في مختلف المناطق والمحافظات ،والله المستعان0