نفساني - رسالة المريض إلى الطبيب..

رسالة المريض إلى الطبيب

أيها الطبيب المداوي ياعارف الأدواء والشكاوي

أتشرف إليك وقد كنت زرتك ذلك اليوم في جملة من القوم

وفي انتظار العيادة كان لي فراش ووسادة

فقد انقطع الصوت وخشينا الفوت

ومللنا التأخير وصرنا طوابير

والناس مابين مستعجل ومشغول ومزكوم

ومسعول وخامس محمول وسادس معه بندول

فتناول منه الجميع طلبا لحل سريع بكل مافيه من ترقيع

ولكن ماأبثه إليك هو ماحصل بعد الدخول عليك

فما إن سمعت صوت النداء حتى بادرت بقول :هاء

وقمت ولم أتاخر وكدت في طريقي أتعثر

وخشيت على عظامي أن تتكسر

فلما دخلت القيت السلام عملا بسنة الإسلام

فلم أسمع من احد إجابة وخيم من الصمت سحابة

ثم أشرت إلي بالجلوس بوجه عبوس

وسألتني عن الداء والبلوى فبدأت بشرح الحال والشكوى

فقطعت علي الكلام بأسئلة كالسهام

ولم تسمح بأي حال أن اتوسع في المقال

فبلعت ريقي وكتمت ضيقي

ثم تفضلت بالكشف علي فجمعت ثيابي إلي

وانتظرت نتيجة الفحص بكل إهتمام وحرص

فلم تعرج علي او تلتفت إلى وأقبلت على تحرير الورق

فزاد عندي القلق حتى خشيت الخنق

فبادرت بالسؤال فأجبتني في الحال

(لا داعي للإستعجال وكل مالدي هو إحتمال

وأنت بحاجة إلى المزيد من الفحوص والمواعيد)

فخرجت من العيادة ومرضي في زيادة

وانصرفت بلا إبتسامة ولا أقول مع السلامة

وليست هذه ياأخي ظلامة ولكنها ملامة

فلو كنت لوجهك بسطت وبابتسامة تصدقت

ولمريضك تلطفت لكان هذا هو الدواء وللهجت لك بالدعاء

كيف وقد جاء زمان رأينا فيه أبناءنا أطباء

رفعوا رؤوسنا في السماء

إن بين يديك أمانه جسيمة ومهمة عظيمة

فاحذر أن تكون العاقبة وخيمة

وإياك والخلوة بأجنبية ولو كانت تقية نقية أو مريضة مبلية

وراقب الله في النظرات وإياك وكشف العورات

مما لاتدعوا إليه الضرورات

وعلق برجاء الله قلوب مرضاك ومن فتنتهم إياك إياك

وفقك الله وهداك وسدد على طريق الحق خطاك

رسالة الطبيب إلى المريض

أخي المريض أشكرك على بذل النصح وكريم الصفح

فقد بسطت الشرح ونكأت الجرح

وأخجلني منك حسن الخطاب وجميل العتاب

وأعتذر عما بدر مني وإن كان رغما عني

وهأنا أبسط لك الأمر والتمس منك العذر

أما ترك السلام فلعدم السماع وليس بذا ملامة بالإجماع

ومارأيته من الوجه العبوس

فإنما يعكس مافي النفوس

وسأذكر ماعندي من هموم لعلك بعد ذلك لاتلوم

ألا ينفجر بركان الغضب لديك وتشد شعر رأسك بيديك

حينما تعلم أن مريض السكر على صحن تمر أفطر

ثم جاء الى العيادة يتبختر شاكيا إرتفاع السكر

ناعيا مامنه حال الطب من تأخر

حيث لم يفلح في علاج هذا الداء الأكبر

وإذا سألته عن خرق الحمية أنكر وقد فضح التحليل

ماأضمر ولو قال غير ذلك وأظهر

تلومني عن تحديد السؤال وعدم فتح المجال للإسترسال

ولو سمعت كل مايقال لملأت من الكلام جرائد تتسع لأكبر الموائد

وربما قص احدهم قصة حياته وعدد أولاده وبناته وتجارته

وسيارته وشيئا من رحلاته

ولكل مريض كلام عريض

ولايريد منك إلا حسن الإستماع وعدم الإنقطاع

عفوا عزيزي فقد جئنا لنعالج لا لنسجل برنامج
كما يريد أحدهم أن تكون طبيبه الخاص

تعيش همومه ولا على شئ تلومه

وهذا شئ محال فنحن بشر على كل حال

لدينا بيوت وأطفال وهموم وأشغال

وقد يكون احدنا ذلك اليوم مشغول البال فأين الصبر والإحتمال ؟

ومن المرضاء من يشخص لك الداء ويقترح عليك الدواء

وكأنما هو كبيرألاطباء

ولايقبل بأي حال أن تجعل كلامه إحتمال

وربما أساء معك الأدب حينما ترفض له الطلب

كتقرير لأخذ إجازة ولو تعلم أنه ليس لها عازة

وبعضهم حين تطلب منه التحليل يبدأبالتذمر والعويل

وكأنما قتل له قتيل ويعتذر بانه عليل وأن دمه قليل

وهل يطلب التحليل ياسادة إلا من العليل

ويريد منك التشخيص بلا فحص ولا تمحيص

ولا أشعة ولا إختبار فليس لديه وقت للإنتظار

عذرا صديقي فلست من أصحاب المعجزات

ولاممن يدعون علم المغيبات

أما علم هؤلاء أن الطبيب إنسان بفعل الخير ولهان

وربما جفا النوم عيناه ويبست من الظمأ شفتاه

وهو بمهنته مشغول على الأمراض مسلول

إن الطبيب على ثغر يطلب عظيم الأجر

يأسو الجراح ويستعذب الكفاح

ولا يسأل أتعب في ذلك أم إستراح

أما أنت يامريضي الحبيب فستجد أخاك الطبيب

في غرفة العيادة والإسعاف ولن يريد منك سوى الإنصاف

منقووول