نفساني

نفساني (https://www.nafsany.cc/vb/index.php)
-   ملتقى أصحاب الإكتئاب (https://www.nafsany.cc/vb/forumdisplay.php?f=57)
-   -   (حكايات الاكتئاب- لايعرفها الا المكتئبون) (https://www.nafsany.cc/vb/showthread.php?t=54427)

بدوووش 11-01-2010 10:20 AM

(حكايات الاكتئاب- لايعرفها الا المكتئبون)
 
إذا كان الشيب يزحف على رأس الإنسان بفعل الأهوال التى يصادفها فى حياته ، فإنني أعتقد أن بعض هذه الشعيرات البيضاء فى رأسي ترجع إلى هول ما سمعت من مرضى الإكتئاب .

***

.. فى حياتي الشخصية أشياء سارة .. تأثيرها يكون على قلبي فى صورة نبضات سريعة راقصة .. وكذلك هناك أشياء غير سارة .. تأثيرها يكون على قلبي في صورة " وجع " .

وفي كل مرة أجلس فيها إلى مريض الإكتئاب أشعر " بوجع " في قلبي .

***

… لو كان الإكتئاب رجلاً لقتلته .

.. أكره مرض الإكتئاب بنفس القدر الذي أحب به مريض الإكتئاب … فهو أرق الناس وأصفاهم وأصدقهم .

… أكره مرض الإكتئاب ، ولكني أعترف بأن له فضلاً عليً … لقد غير مسار حياتي .

***

… إنه مرض الأذكياء والمثقفين …. وكذلك فهو مرض هؤلاء الذين لم يعرف الشر طريقه إلى قلوبهم …

….. رغم أن الإكتئاب نقيض الحياة ، فإنني أحياناً أنسى أنني طبيب ….. وأعجب كيف يكون للحياة معنى بدون الإكتئاب ….

***

… من يقول لي أنه لم يشعر قط بالإكتئاب ……. إنه لم يشعر يوماً بوخز الحزن : أقول له إنني أتشكك في آدميتك .

***

… العجيب أن حياة الإنسان تبدأ بالبكاء وتنتهي أيضاً بالبكاء ….. فهل الإكتئاب قدر محتوم كتب على الإنسان ….. !!

***

.

***

….. من لا يدمع قلبه حين يعايش مريض الإكتئاب ، فإن قلبه من حجر ، أو أشد قسوة …

***

… الفنان الصادق له نفس أميل إلى الإحساس بالإكتئاب … النغم واللون والكلمة … ما هي إلا هدير نفوس أفعمها الإكتئاب .

***

…. لم أر فى حياتي إنساناً شاكراً وممتناً مثل مريض الإكتئاب ، الذي من الله عليه بالشفاء ……..

****



****

… سبحانك يامن جعلت الإكتئاب مرضاً يصيب بعض عبيدك …. على قدر فهمي المحدود ، إنها نفس الحكمة الكامنة فى خلق الليل والنهار … الأبيض والأسود …. الخير والشر ….. البرودة والحرارة … الأفاعي والحملان …. لكل شيء جعلت له نقيضه … فإن قيمة الشيء لا تعرف إلا من خلال نقيضه ….

***

… دخل صديقي حجرته وأطلق على رأسه الرصاص ! … ولم يدر أحد حتى مات أنه كان يعاني من الإكتئاب …. القصة بدأت قبل عام من إطلاق الرصاص …. بدأت بآلام معدته … لف الدنيا …. كلها من أجل علاج لآلامه …. ولم يهتد حكيم إلى سر آلامه … فى عمله … ثم بدأ يعتزل الناس …. ثم قرر أن يعتزل الحياة .

****



مريض الإكتئاب يجيب :

" أي ألم محتمل إلا هذا الألم .. أتمنى أن أفقد ذراعي معاً وأشفى من هذا الألم … أي مرض فى العالم مهما كانت آلامه أهون من هذا الألم " .

والمأساة أن مريض الإكتئاب فى بعض الحالات يشعر أنه يستحق هذا العذاب … إنه الإحساس بالذنب دون أي ذنب إقترفه … بل إنه يزيد من تحقير ذاته والتقليل من قيمتها …. يشعر أنه عالة على الآخرين … أنه سبب معاناتهم …….

يبدأ المرض بفقدان الإهتمام وفقدان الرغبة … الألوان كلها باهتة … لا طعم لأي شيء …. وذلك قبل أن يشعر بقتامة الأشياء ومرارتها … ثم يجرفه الحزن … حزن غريب فى عمقه وحدته……. رغبة فى البكاء … تشاؤم … خوف .. هواجس …. يفتح عينيه قبل الفجر بقليل والكل نيام … إنها أسوأ لحظة … فى المساء تخف الحدة نسبياً … ويهرع إلى السرير هروباً … يضعف التركيز … تضعف الشهية للطعام …. يتناقص وزنه … ويبدأ فى الإنعزال التدريجي … حتى يصل إلى المرحلة الحرجة حين يقول إن الحياة لا تستحق أن نحياها .. ثم يقول : أنا لا أستحق الحياة … وتراوده فكرة الخلاص … فيدبر لها بإحكام وإتقان .. ثم يتم التنفيذ دون توقع من أقرب الناس إليه . ….

وقد يلبس الإكتئاب قناعاً … إنه يختفي وراء آلام الجسد : المعدة … القلب … الظهر … أي جزء من الجسم يتولى التعبير عن الإكتئاب … ويظل المريض حائراً تائهاً … شهوراً تمتد إلى سنة أو أكثر …. والإكتئاب لا يريد أن يفصح عن نفسه ،حتى أن الأطباء أطلقوا عليه إسم " الإكتئاب المقنع "

وقد يسمع مريض الإكتئاب أصواتاً غير حقيقية أي هلاوس … ولكنها أصوات تشتمه وتؤنبه وتحقره وتدعوه إلى أن يجهز على نفسه … وقد يصاب بالهذاءات والضلالات كأن يعتقد بأنه مصاب بمرض خبيث … أو أن جزءاً من جسده ـ مثل القلب ـ قد توقف عن العمل ، أو أن هذا الجزء لم يعد موجوداً .

أعراض غريبة مؤلمة لا يعرف كم هي معذبة ومهلكة إلا من عبر بها .. إلا من عانى منها …. أعراض يجب ألا نأخذها بإستخفاف ، فنطلب من المريض أن يقاومها بإرادته ، ونضغط عليه لكي يشاركنا الحياة ، وإن الأمر سيتحسن إذا هو قام بإجازة وذهب للترويح عن نفسه … أبدأ إنه لن يستطيع . فارحموه من تلك النصائح غير المجدية .

****

ومرض الإكتئاب العقلي أكثر إنتشاراً فى الرجال حيث النسبة 3-2 ، وهناك نوع آخر من الإكتئاب يطلق عليه " إكتئاب سن اليأس " ونسبته ترتفع فى النساء عن الرجال 7-1 ، ويعرف بإسم " الميلانكوليا " وعادة يبدأ بعد سن الخمسين أى فى الفترة التي يبدأ فيها هبوط نشاط الغدد الجنسية .

وهناك إتجاه لإنكار علاقة هذا النوع من الإكتئاب بالتغيرات الهرمونية التى تحدث فى هذه السن ، وأن هذا الإكتئاب يحدث نتيجة لظروف نفسية وبيئية كفقدان الزوج ، أو زواج الأبناء ، أو الإحالة للمعاش بالنسبة للرجال … وأعراضه هى أعراض الإكتئاب العقلي نفسها ، ولكن تكون مصحوبة أيضاً بحالة شديدة من القلق والتوتر .

أما " الإكتئاب التفاعلي " فأمر مختلف تماماً … فهو مرض نفسي يدرك المريض أبعاده ، ويحدث نتيجة لمؤثرات خارجية ، تدفع الإنسان إلى الإحساس بالحزن ، دون أن يصاحب ذلك أي اعراض فسيولوجية ، كما لا يصاحبه أي ميول إنتحارية ، بل على العكس فإن المريض يسعى بنفسه إلى الطبيب طلباً للعلاج …

وتميل كل الأبحاث فى العشرين سنة الماضية إلى التأكيد على أن مرض " الإكتئاب العقلي " يحدث نتيجة لإضطرابات كيميائية فى مخ الإنسان ، وذلك بسبب نقص هرموني السيروتونين والأدرينالين .

وأيضاً أكدت الأبحاث الجديدة أن مرض اكتئاب يحدث نتيجة لإضطراب نسبة المعادن فى الجسم ، ولقد وجد أن جسم الفرد المكتئب يحتفظ بكمية صوديوم تزيد 50% عن الشخص الطبيعي ، وبإستعمال عقار " الليثوم " ـ وهو من المعادن التي تعيد للصوديوم توازنه فى الجسم . فإن مرض الإكتئاب لا يرتد مرة أخرى ، ولهذا يستعمل هذا العقار فى الوقاية من مرض الإكتئاب .

كما أن هناك نوعية معينة من الشخصيات تكون عرضة أكثر للإصابة بهذا المرض ، وهذه الشخصيات تعرف بإسم " الشخصيات الدورية " والتي يميل صاحبها من الناحية الجسمية إلى البدانة ، ومن الناحية النفسية إلى الإنبساط ، ويعرف بين أصدقائه بأنه " طيب وقلبه أبيض " ولكن تنتابه فترات من هبوط المعنويات ، والميل إلى العزلة وفقدان الإهتمـام .

ومن الغريب أن بعض مرضى الإكتئاب العقلي قد يصابون بمرض آخر هو على النقيض تماماً من الإكتئاب ، ويسمى مرض المرح أو الهوس : أي يتناوب الإكتئاب ونوبات المرح ، وأحياناً تأتي نوبات متكررة من المرح دون نوبات إكتئاب ‍‍ ‍‍‍.

ومرض المرح قد يأتي فى صورة حادة أو صورة أقل حدة تسمى :" المرح تحت الحاد " .. وفي هذا المرض يشعر المريض بالسرور والبهجة والنشاط الزائد … وتزاحم الأفكار في رأسه والحركة الزائدة ، بحيث يعمل ليل نهار دون الإحتياج إلى النوم . وكذلك التفكير في الكثير من المشروعات دون أن ينفذ شيئاً ، وذلك لتشتته الشديد .

ويصاحب ذلك إحساس بالعظمة والغرور ، وبالقدرة على عمل أي شيء ، ولذا فهو يثور على من يعترض طريقه ، وقد يتطور الأمر إلى الهياج ، ولا يملك الطبيب النفسي وهو يفحص مريض المرح إلا أن يشاركه فى الضحك فعلاً ، ولهذا يطلق تجاوزاً " مرض المرح " أنه مرض معد … وإذا شارك الطبيب المريض فى الضحك ، فإن هذه المشاركة تعتبر علامة تشخيصية مؤكدة لمرض المرح . ومع النشاط الزائد وعدم النوم قد يصاب المريض بإرهاق شديد وتشوش فى الوعي ، ويفقد قدرة التعرف على الزمان والمكان ، وقد يصاحب ذلك هلاوس سمعية وبصرية .

وهذا المرض له الأسباب الكيماوية كمرض الإكتئاب . … ولقد ثبت أن مريض المرح يحتفظ بكمية صوديوم تزيد 200% عن الإنسان الطبيعي ، ولهذا فإن مرض المرح ومرض الإكتئاب يعالجان بكفاية تامة الآن بالعقاقير ، وأحياناً بالجلسات الكهربية .. كما تستعمل عقاقير لمنع تكرار حدوث المرض للمريض .

ألا يبدو غريباً هذا الإرتباط بين مرضي المرح والإكتئاب ؟ .. إنهما نقيضان … ولكن نبعهما واحد .. نبع الوجدان … مريض اكتئاب بعد شفائه قد يصاب بنوبة مرح مرضية … ثم يشفى من المرح ليصاب بالإكتئاب ، وهكذا بشكل دوري .. من اليأس والتعاسة وهبوط كل الوظائف النفسية والفسيولوجية وتحقير الذات إلى التفاؤل والنشاط الزائد والتيه والزهو إلى حد الإحساس بالعظمة … بل إنه يحدث أثناء علاج مريض الإكتئاب أن تنقلب الحالة إلى مرح حاد ، وذلك بسبب زيادة جرعة مضادات الإكتئاب ، وكذلك قد تنقلب حالة المرح اثناء علاجها إلى حالة إكتئاب … تماماً مثل البندول حين ينطلق من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ثم من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين … ولعل هذا هو ناموس الكون … حين يصل أي شيء إلى أقصى مداه ، ينقلب إلى النقيض ، وكأنه فى إنطلاقه وتفاقمه تتولد عناصر فنائه وتلاشيه .

.. لم يخلق شيء إلا وخلق معه نقيضه … ومعرفتنا بهذا الشيء لا تكون إلا بمعرفة نقيضه … فنقطة على كرة لا يكون لها كيان جغرافي إلا من خلال نقطة أخري مقابلة لها … أي فى عكس إتجاهها ….. وحالة وجدانية معينة لا يكون لها معنى إلا من خلال وجود حالة وجدانية فى الإتجاه المقابل ، أي حالة نقيضة … والقيم الإنسانية السامية لا معنى لها إلا بوجود قيم مغايرة تماما … فالخير يقابله الشر ، والصدق يقابله الكذب ، والحب يقابله الكراهية ، والنور يقابله الظلام … ولهذا فإن المقابل الطبيعي للحزن هو الفرح … واليأس الأمل … والتشاؤم التفاؤل …. والخمول النشاط …. وتحقير الذات العظمة …

كيف تشعر بالفرح إذا لم تكن قد خبرت الحزن ؟ الفرح الذي يأتي بعده حزن تكون له حلاوة قطرات الماء التي تهبط على لسان شققه الجفاف ... ولهذا لا تأس على نفسك يا صديقي مريض الإكتئاب … إنك أقدر الناس على الإحساس بمعنى الفرح … بمعنى الأمل … بمعنى الجمال … بل أنت الوحيد القادر على الإحساس بكل نعم الخالق فى الكون … أنت الوحيد القادر على أن تقول لنا عن معنى الحياة .. إن تجربتك المضنية تجعل لك خاصية النحل الذي يرتشف رحيق الزهور … تجعل لك خاصية جذور النباتات التى تمتد فى باطن الأرض لتمتص كل العناصر الطيبة اللازمة لإستمرار ونمو وإزدهار الحياة .

إن تجربة اكتئاب هي أعظم وأهول تجربة يمر بها إنسان … وأجد نفسي فى مأزق … هل أحسد مريض الإكتئاب أم أشفق عليه من هول التجربة ؟ … لعلي أحمل له فى قلبي كلا الإحساسين المتناقضين … الحسد والإشفاق … أحسده لأنه إقترب من فهم معنى الحياة …. ولكن لا أملك نفسي من الإشفاق ، لأن مريض الإكتئاب يتحمل ما لا يتحمله أي إنسان آخر .

" من كتاب : حكايات نفسية
لدكتور : عادل صادق
__________________

كاسبر 22-01-2010 08:13 AM

شكرا ع ما نقلته
ممم ما قراءت وفهمت اقدر اصنف نفسي الحي ان فيني اكتيآب تفاعلي

أم عبدالله 22-01-2010 10:08 AM

موضوع جميل ,,

نصف العلاج ان تلم بجميع جوانب مرضك ثم تبدأ علاجك بطريقه صحيحه وسليمه ,,

شكرا جزيلا لك ,,,


الساعة الآن 08:44 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا