نفساني

نفساني (https://www.nafsany.cc/vb/index.php)
-   ملتقى المقالات النفسية والأبحاث (https://www.nafsany.cc/vb/forumdisplay.php?f=41)
-   -   مسارات ( 4 ) أيها القادم من قلب الصمت ..!! (https://www.nafsany.cc/vb/showthread.php?t=67927)

سعد الحارثي 21-05-2011 08:24 AM

مسارات ( 4 ) أيها القادم من قلب الصمت ..!!
 
( مسار هذه المقالة يغذي فلسفة الحياة والثقافة النفسية حسب رؤيتي واجتهادي ... آمل القراءة بتأمل واعي ) سعد.

ـــ إليك أيها القادم من قلب الصمت الكبير ــ
كان في قلب مدينة ساحلية وفي بناية عالية من تلك الأبراج التي أنتجتها حضارتنا المتمركز حول رفاهية الجسد ..!! فنظر من النافذة المطلة على ميدان الحياة الزاخر بديناميكية الحركة المعاصرة للبشر وفق نظام التكنولوجيا القهري ..! نظر فإذا رجل عجوز ضعيف البنية يحمل على كاهله أثقال السنين الماضية يشق طريقة نحو مركب على وشك أن يغادر مرفأ المدينة ... كان الوقت قصيرا ومشية الرجل العجوز تنبئي عن ضعف بدني يعتري كيانه البشري وخطاه تشير إلى حبسها بحبال الزمن ..!! ويرى المتابع له في خطواته انحرافا مفاجئا بين الخطوة والأخرى لوجود ألم بل آلام في المفاصل ... شعره الأبيض ومعطفه البال يشيران إلى السأم من تكاليف الحياة ..!! السماء تمطر بلا انقطاع .. والرياح تحرك هذا الشاخص المتمايل يمنة ويسرة كشجرة وحيدة لازالت صامدة في حقل فسيح ..! بعد جهد ومكابدة يصل هذا القادم من الزمن الماضي إلى المركب ، ويصعد السلم بصعوبة وهي درجة طويلة تحتاج إلى عزم وخطى متواصلة لازمة للوصول إلى المعبر ثم يبدأ نزوله إلى متن المركب وهو خائف من أثر السرعة التي سيفرضها قانون الانحدار على جسده المتهالك ...!! فيجاهد من خلال الاعتماد على حواجز الممر راجيا أن يخفف من اكتساب الكثير من القوة الدافعة على المنحدر ... ورأسه يتحرك بسرعة إلى اليسار تارة وإلى اليمين تارة أخرى متحققا من المحيط وناشدا الطمأنينة ... !! في تشبث عجيب ببقايا الحياة التي قال عنها الفيلسوف أبو العلاء المعري : تعب كلها الحياة فما عجب إلا من راغب في ازدياد !! ؟
بدا للمشاهد من النافذة العليا لجسد هذا الرجل الذي يشير سلوكه البدني إلى احساس كامن في داخل نفسه يحدثه قائلا : أنني لست مندهشا من أنني قد بلغت الثمانين ولكنني مندهش من أنني قد بلغت هذه السن بهذه السرعة ..!!
وبدا للمشاهد أيضا أن هذا الراحل في درب الحياة الذي لم يلقي عصا الترحال ولم يستقر به النوى بعد ..!!! بدا وكأن جسمه يقول :
آه .. هل أنا في المكان الصحيح ؟
هل هذا هو المركب ؟
أين محطتي القادمة ؟
وفي هذه الأثناء يهب رجلان من داخل المركب لازالا ينعمان بوقود ثائر لمواجهة حركة الحياة وساعداه على تثبيت خطوته الأخيرة .. ليوصلانه إلى المكان المناسب لمثله وهما يشعرانه بالاهتمام والعطف ..!!
كان المشاهد والراصد من النافذة لهذا المشهد الدراماتيكي ــ المثير ــ بكل شخوصه وأحداثه كان يتأمل من نافذته وهو يشعر بمشاعر القلق والخوف تجاه هذا العجوز في محطة من محطات الحياة وفي وجدانه أثناء الملاحظة كوامن أخرى أنتجت عنده هذا الشعور الحزين ..!!!



استفهامات :



ـ لماذا كان الرجل العجوز منزعجا وخائفا وكيف كان ؟
ـ مالذي جعل الراصد للمشهد من النافذة في حالة توتر وقلق
وخوف ؟

ـ ولماذا استجاب الرجلان بتعاطف مع الرجل العجوز وهما بمساندته ؟
ـ وأنا لماذا كنت مند مجا في المشهد وأنا أكتبه وأحاول أن أخرج
هذا الرجل مما هو فيه ؟

ولماذا كنت في الاتجاه الآخر أحاول أن أجعل المشهد مأساويا للقارئ ؟
ـ وأنتم إخواني وأخواتي ماهو السر في اتحادكم مشاعريا مع حالة
الرجل والتحفز خوفا من أن يقع له مكروه .. ؟

الفلسفة الواقعية تشير إلى تفردنا نحن البشر بالوعي والإدراك لمثل هذه الأحداث الذاتية والعيش بتركيز أكثر بوعينا داخل إنسانيتنا ...إن شعوري بالحالة وشعور الملاحظ من النافذة وشعورك أيها القارئ الكريم وشعور الرجلين عبارة عن وعي بواقع نؤمن به داخل أنفسنا وإن كنا لانشاهده فليست القضية مرتبطة بالرجل العجوز وإنما القضية مرتبطة بأشخاصنا وذواتنا نحن حينما نراها متمثلة في الآخر ونعبر عنها بالسلوك الفعلي ــ المساعدة ــ من قبل الرجلين أو بالسلوك النفسي العاطفي ـ القلق , والخوف , والحزن ,... ـ نعم نحن نرى العالم بمنظار مختلف .
نحن نرى أن سيكون كل واحد منا يوما ما في حالة عجز وفي مركز ضعف فنشفق على أنفسنا ونعيش الواقع بمشاعرنا وأحاسيسنا !! وهذا ما يفسر وقوعنا في اليأس بسهولة ..!!
وهذا ما يدفعنا أيضا إلى استخدام مهاراتنا وأدواتنا المعطاة لنا والتي نستطيع استخدامها كوقود مضاد ومعاكس للشواهد الباعثة على الاكتئاب والعبث وإيقاظ مفهوم أن لحياتنا قيمة ومعنى .. !!
فمن خصائص الذهن البشري قدرته على توليد أفكار وتجارب لايمكن تفسيرها تفسيرا منطقيا ..!! بل من خصائص الكائن البشري وجود الخيال والقدرات الذهنية التي تمكنه من التفكير في أشياء بعيدة عن مدى إدراك جهازه البصري والسمعي للبيئة المحيطة به ..فنحن كائنات تبحث عن المعنى .. بينما الكائنات الأخرى مثل الحيوانات بحسب علمنا لاتتألم لحال أفراد فصيلتها , ولا تقلق لمصير الفصائل الأخرى في الجزء الآخر من العالم ...
ملاحظات داعمة :
الوعي يضخم وقع المشاعر في عقولنا ...
الوعي في مستواه البسيط يدعنا نميز دافعا لايقاوم للبقاء أحياء .. ويحفزنا لتطوير القلق من أجل الذات ..
الوعي في مستواه الأعلى يساعدنا على تطوير قلقنا للنفوس الأخرى ويدفعنا لتحسين فن الحياة ..
تعرف القواميس المتخصصة الوعي بأنه : إدراك الكائن الحي لذاته ومحيطة ..
لو لم يكن لدينا وعي لما ارتقينا نحن البشر إلى هذه المدركات المشهودة مثل الدين ونظام الحياة الاجتماعي المنظم ، واستعمال التكنلوجيا واكتشافها من قبل .. بل لو لم يكن لدينا وعي لما عرفنا الحزن والمعاناة أو الفرح والسرور , أو لما شعرنا بالإحراج , أو الفخر ...
الوعي يعتبر نقطة تحول في تاريخ الحياة الطويل ..
مالذي يمكن أن يكون أصعب للمعرفة من معرفة كيف نعرف ..؟ ـ أنطونيو داماسو ..


وبعد : أيها الإنسان القادم من قلب الصمت العظيم ..هذا تكريم الله سبحانه وتعالى لنا .. ولقد كرمنا بني آدم ..
( ألم يأن للذين آمنو أن تخشع قلوبهم لذكر الله ومانزل من الحق )
تذكر أن:
دوائك منك وما تبصرُ ودائك فيك وما تشعر !
وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبرُ !


آمل أن أكون قد قدمت لكم إخواني وأخواتي ثراء معرفيا بطريقة مغايرة وغير تقليدية تدعم ثقافة فهم الحياة لديكم .. وكم أسعد بمداخلاتكم سلبا أو إيجابا سيان المهم نتكامل معرفيا ونرتقي ...
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ..
سعد بن عبدالله الحارثي ..

ظل امرأة 21-05-2011 09:12 AM

اليك ايها القادم من بحر الحياة الكبير .. ..
تبوح بصمتٍ صارخ .. داخل قلوبنا أسير...
تُغنينا بقلسفةٍ عميقة ذات ثراءٍ خطير...
تُبلور مسارات الحياة بأسلوب شيّق مُثير...
هنيئاً لك ولنا على هذا الإجتهاد ....وتلك الرؤية..الثاقبة...
سعد الحارثي..لك من تحية إحترام وتقدير...
234M4R32ED

(نوفا) 21-05-2011 12:16 PM

أخى سعد لك منى تحية وتقدير ...على هذا الأسلوب الرائع ...

وبالفعل فقد قد مت لنا ثراءًا معرفيًا بطريقة غير تقليدية ...

دمت لنا متميزًا أخى سعد ...وهنيئًا لنا بوجودك معنا

..234M4R32ED

سعد الحارثي 21-05-2011 12:51 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ظل امرأة (المشاركة 651324)
اليك ايها القادم من بحر الحياة الكبير .. ..
تبوح بصمتٍ صارخ .. داخل قلوبنا أسير...
تُغنينا بقلسفةٍ عميقة ذات ثراءٍ خطير...
تُبلور مسارات الحياة بأسلوب شيّق مُثير...
هنيئاً لك ولنا على هذا الإجتهاد ....وتلك الرؤية..الثاقبة...
سعد الحارثي..لك من تحية إحترام وتقدير...
234M4R32ED


أختي الكريمة ( ظل امرأة ) ..
الشكر لك على هذا السجع الفائق والرائق ..
ونسأل الله أن نكون عند حسن الظن ....
تحياتي
..

سعد الحارثي 21-05-2011 12:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة (نوفا) (المشاركة 651337)
أخى سعد لك منى تحية وتقدير ...على هذا الأسلوب الرائع ...

وبالفعل فقد قد مت لنا ثراءًا معرفيًا بطريقة غير تقليدية ...

دمت لنا متميزًا أخى سعد ...وهنيئًا لنا بوجودك معنا

..234M4R32ED



الأخت الفاضلة ( نوفا ) ..
شكرا لك على التفضل بالمرور على الموضوع ..
وآمل أن أكون قدمت ما أفيد به كل من اطلع على المقال ..
تحياتي ..

بسمة الغد 21-05-2011 01:16 PM

مساك ورد اخي سعد
اشعر كأنك تأخذنا برحلة الى دهاليز النفس البشرية واسرارها
عبر مساراتك الخاصة .....
الوعي القادم من عمق الصمت فينا وفي تناقضاتنا وأفكارنا واستيعابنا لتفاصيل هذه الحياة ،،، الوعي هو عين الحقيقة والواقع
وهو استشعارنا لما يدور بداخلنا وربطه بما يدور حولنا
ربط الواقع بالخيال ،، ربط الحاضر بالمستقبل
ارتباطنا بمشاعرنا ،، بمشاعر غيرنا
ومحاولة الوصول لحالة من الاندماج بدواخل الاخرين والشعور بمعاناتهم
اكثر الناس وعي بالتأكيد هم اكثرهم شقاء في هذه الحياة
لانهم متقنون لفن الاكتراث ،،، وغير قادرون على اتقان الامبالاة



الوعي يضخم وقع المشاعر في عقولنا ...

الوعي بمثابة افق واسع بالتفكير
الانسان الواعي يفكر بعواقب الامور ،،، ويتنبأ ويحاول التحضر والتأهب
بعمله ومشاعره ،،، يجتاز الحدود برقة احساسه وصدق مشاعره
ليخترق الواقع ويدخل العالم الامحسوس
الوعي قد يكون سبب القلق والتوتر بلحظات كثيرة
دراسة الامور من جوانب عديدة بمنطق وعاطفة ومحاولة تحسين وتطوير الذات
بالاستشعار بدقة والوعي للثغرات التي تنطوي عليها الشخصية
فيكون الوعي محسن عظيم لنا كأفراد ....



الوعي في مستواه الأعلى يساعدنا على تطوير قلقنا للنفوس الأخرى ويدفعنا لتحسين فن الحياة ..


وهذا الجانب للوعي هو اسمى مافي الوعي الانساني
التعاطف والانسانية تتجلى بصورة راقية رائعة
باحساسنا بالالام الغير ومشاطرتهم احزانهم ،،، واختراق اعماقهم للوصول لحقيقة احساسهم باللحظة او الموقف
وهذا ما يجعل الحياة بحق فن لا يتقنه الا القليلين ....
اشكرك على الطرح اخي سعد
لي عودة لباقي مساراتك

سعد الحارثي 24-05-2011 07:12 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بسمة الغد (المشاركة 651348)
مساك ورد اخي سعد
اشعر كأنك تأخذنا برحلة الى دهاليز النفس البشرية واسرارها
عبر مساراتك الخاصة .....
الوعي القادم من عمق الصمت فينا وفي تناقضاتنا وأفكارنا واستيعابنا لتفاصيل هذه الحياة ،،، الوعي هو عين الحقيقة والواقع
وهو استشعارنا لما يدور بداخلنا وربطه بما يدور حولنا
ربط الواقع بالخيال ،، ربط الحاضر بالمستقبل
ارتباطنا بمشاعرنا ،، بمشاعر غيرنا
ومحاولة الوصول لحالة من الاندماج بدواخل الاخرين والشعور بمعاناتهم
اكثر الناس وعي بالتأكيد هم اكثرهم شقاء في هذه الحياة
لانهم متقنون لفن الاكتراث ،،، وغير قادرون على اتقان الامبالاة



الوعي يضخم وقع المشاعر في عقولنا ...

الوعي بمثابة افق واسع بالتفكير
الانسان الواعي يفكر بعواقب الامور ،،، ويتنبأ ويحاول التحضر والتأهب
بعمله ومشاعره ،،، يجتاز الحدود برقة احساسه وصدق مشاعره
ليخترق الواقع ويدخل العالم الامحسوس
الوعي قد يكون سبب القلق والتوتر بلحظات كثيرة
دراسة الامور من جوانب عديدة بمنطق وعاطفة ومحاولة تحسين وتطوير الذات
بالاستشعار بدقة والوعي للثغرات التي تنطوي عليها الشخصية
فيكون الوعي محسن عظيم لنا كأفراد ....



الوعي في مستواه الأعلى يساعدنا على تطوير قلقنا للنفوس الأخرى ويدفعنا لتحسين فن الحياة ..


وهذا الجانب للوعي هو اسمى مافي الوعي الانساني
التعاطف والانسانية تتجلى بصورة راقية رائعة
باحساسنا بالالام الغير ومشاطرتهم احزانهم ،،، واختراق اعماقهم للوصول لحقيقة احساسهم باللحظة او الموقف
وهذا ما يجعل الحياة بحق فن لا يتقنه الا القليلين ....
اشكرك على الطرح اخي سعد
لي عودة لباقي مساراتك

أختي ( بسمة الغد ) ..
أشكرك على هذه المداخلة الرائعة وأهنيك على هذا السبح الفكري الأخاذ ...
جزاك الله خيرا ...


الساعة الآن 11:58 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا