نفساني

نفساني (https://www.nafsany.cc/vb/index.php)
-   الملتقى الإسلامي (https://www.nafsany.cc/vb/forumdisplay.php?f=34)
-   -   جاء ليسرقنا فسرقناه !! (https://www.nafsany.cc/vb/showthread.php?t=71496)

عازفة الأمل 27-09-2011 10:59 PM

جاء ليسرقنا فسرقناه !!
 


بسم الله الرحمن الرحيم

جاء في كُتب السِّيَر والتراجِم: رُوي عن السَّرِي بن مُغَلِّس السَّقَطي أنَّ لصًّا دخَل بيت مالك بن دينار، فما وجَد شيئًا، فجاء ليخرجَ، فناداه مالك: سلام عليكم، فقال: وعليكم السلام، قال: ما حصَل لكم شيء من الدنيا، فترغَب في شيءٍ من الآخرة، قال: نعم، قال: توضَّأ من هذا المِرْكَن وصَلِّ ركعتين، واستغفرِ الله، ففعَل، ثم قال: يا سيِّدي، أجْلس إلى الصبح؟ قال: فلمَّا خرَج مالك إلى المسجد، قال أصحابه: مَن هذا معك؟ قال: جاء يَسْرقنا فسرقناه[1].

حينما يكون الداعية إلى الله شخصًا تجتمع لَدَيه نوازعُ الخير والرحمة، والبُعد عن الانتقام والتشفِّي، فإنَّه سيكون بالفعل خيرَ قُدوة يُقْتَدى بها يومَ أن قلَّ الراحم للآخرين، وكَثُر التشفِّي والانتقام من الغَير، وباتَ كثيرٌ من الناس يردِّدون عبارة: "لن أطلبَ الرحمة من أحدٍ، ولكن سيأتي يومٌ لن أرحمَ فيه أحدًا!".

يتبيَّن أنَّ كثيرًا من الناس باتتْ لَدَيهم قناعات لا تنفكُّ عن حُبِّ الأنا، وكراهية الغير، والبُعد عن الإحسان إلى الناس، والنظر إليهم جميعًا بمنطق العَداء والبُغض، لكنَّنا حينما نقف مَشدوهين من موقف الإمام مالك بن دينار مع ذلك اللص، فسنجده بالفعل يُعطينا دروسًا تربويَّة، لعلَّ من أبرزها:

1- زُهْد الدُّعاة إلى الله - تعالى - وابتعادهم عن زُخرف الحياة الدنيا وزِينتها، ورائدهم في ذلك محمد بن عبدالله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فما كان هنالك من شيءٍ في بيت مالك بن دينار يردُّ العين كرَّة بعد أخرى لقيمته أو نَفاسته، بل كانت أمتعته وأثاثه شيئًا زهيدًا لَم يستفدْ منها ذلك السارق شيئًا.

2- ثبات قلب الداعية أمام الفُسَّاق، وقوَّة قلبه في مواجهتهم، وذلك حينما ألْقَى عليه مالك بن دينار السلام، فلم يجزعْ منه أو يَتلكَّأ، بل واجَهه بثبات الجبال الراسيات.

3- استغلال الموقف بالدعوة إلى الله، وذلك أنَّه حينما رأى ذلك السارق لَمْ يَعثر على شيءٍ من متاع الحياة الدنيا، واجَهه مالك بن دينار بمناقشة عقلانيَّة عظيمة، وهي: "ما حصل لكم شيء من الدنيا، فترغَب في شيء من الآخرة"، ولقد كان هذا الخطاب بالفعل انتهازًا للفرصة المواتية لأنْ يقولَ مالك بن دينار هذه الكلمة، والتي قرَّت في سويداء قلب ذلك السارق.

4- الداعية إلى الله يترفَّق بالمخطئين والمذنبين، ويعلم أنَّ نوازع الشرِّ التي عندهم تقابلها أيضًا نوازعُ خيرٍ بداخلهم، وقد كان بإمكانه أن يذهبَ به إلى الشرطة؛ لينال العقاب والجزاء، ولكنَّه يبدو أنَّه آثَر ما لدى ذلك السارق من ضَعفٍ وفقرٍ، فترفَّق به، بل علَّمه شيئًا من أمور دينه، كالاستغفار عمَّا حصَل منه، وصلاة ركعتين يتوب إلى الله فيهما، والقعود في المسجد إلى الصبح؛ لينال شيئًا من هدوء النفس والخَلوة مع ربِّ العالمين.

5- جواب الإمام مالك لطلابه عن ذلك الشخص الذي رأوه واستغربوا وجودَه؛ إمَّا لمظهره، أو لأنَّه جديدٌ عليهم، وقولته لهم: "جاء يسرقنا فسرقناه"، تُبيِّن أنَّ الداعية إلى الله شخصٌ ذكي، يُحْسِن استغلال المواقف، فما دام أنَّ ذلك السارق فَشِل في سرقته لِمَا في بيت ذلك العالِم، ولَم يجد لَدَيه شيئًا من متاع الدنيا، فاقتنَص الفرصة، واصطاد ذلك السارق في شباكه الدعوية، فاصطاده بعفوه عند المقدرة، واصطاده بخُلُقه الحسن؛ إذ لَم يُسئ إليه، أو يعامله بالسوء، واصطاده بتعليمه أمورَ الشريعة؛ من الاستغفار والدعاء، والصلاة والذهاب به إلى المسجد.

6- طُرق تعامل الناس مع اللصوص تختلف، فلو حدَث هذا الموقف اليوم بين لِصٍّ وآخرين، لأوسعوه ضرْبًا وسبًّا وشَتْمًا، وحُقَّ لهم ذلك، وهو يستحق؛ فالله - تعالى - يقول: ﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ﴾ [النساء: 148].

لكنَّ المقصد من الفكرة أنَّ هنالك أساليبَ للتعامل، أحيانًا قد تكون ناجعة وناجحة، وتؤدِّي نتيجة وثمارًا يانعة لَم تكنْ تخطر ببال أحدٍ، ولا يوفَّق لها إلاَّ الأخيار.

والله ولي التوفيق.


خباب بن مروان الحمد




منقول

المشتاق الى الجنة 28-09-2011 02:19 AM

بوركتي على النقل الرائع
اشكرك

واثقة بالله 28-09-2011 08:57 AM

قصة فيها عبرة ,, شكرا لك ميار ,,



وهذا مابينه صلى الله عليه وسلم في في حديث أبي هريرة في صحيح مسلم: <SINDEX stype="أحاديث" svalue="أن رجلا قال يا رسول الله أرأيت رجلا يريد">« أن رجلا قال: يا رسول الله أرأيت رجلا يريد أن يأخذ مالي؟ قال: قاتله »<SUP>2</SUP> </SINDEX>في لفظ <SINDEX stype="أحاديث" svalue="انشد الله">« انشد الله »<SUP>3</SUP> </SINDEX>يعني: طالبه حتى يكف عن شره.


قال: <SINDEX stype="أحاديث" svalue="قاتله، قال فإن قتلني؟ قال فأنت شهيد، قال">« قاتله، قال: فإن قتلني؟ قال: فأنت شهيد، قال: فإن قتلته؟ قال: فهو في النار »<SUP>4</SUP> </SINDEX>وفي لفظ: <SINDEX stype="أحاديث" svalue="قال أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: قاتله">« قال: أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: قاتله، قال: فإن قتلني؟ فأنت شهيد، قال: فإن قتلته؟ قال: فهو في النار »<SUP>5</SUP>


</SINDEX>فبين أنه قال: قاتله ودافعه، في لفظ قال: أمره بأن ينشده الله وأن يطلب مثلا دفع شره أو ينشد أهل الإسلام لدفع شره؛ حتى يتوقف فإذا توقف شره انتهى الأمر والحمد لله.


يعني لو جاء إنسان هجم على إنسان وأراد الاعتداء عليه يدفع شره بالكلام إن أمكن، ما أمكن دفعه بالكلام بالدفع الخفيف، شيئا فشيئا، هذا هو الواجب لا يقتله ابتداء ولو قتله ابتداء ومباشرة ويمكن دفعه كان قتله عمد وحكمه حكم القود، بخلاف لو بادره وخشي أن يقتله ولم يكن له دفعه إلا بالقتل في هذه الحال له ذلك؛ لكن الشاهد أن يأخذه بالأسهل، فالأسهل وهو دفع الصائل

وهنا كلام جميل لـ أ.د/ عبد الرحمن البر يقول فيه بخصوص هذه القصة :



هل فكر أي منا في أن يسرق لله عددا من عباد الله من مشاهدة المسلسلات إلى مراجعة القرآن ، ومن مجالس الأنس إلى رياض الجنة في المساجد؟

الشاكر 28-09-2011 11:53 AM

جزاكم الله جميعا


الساعة الآن 11:16 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا