نفساني

نفساني (https://www.nafsany.cc/vb/index.php)
-   الملتقى العام (https://www.nafsany.cc/vb/forumdisplay.php?f=26)
-   -   الحب في الله إلى أين وصلت حدوده وضوابطه المشروعة (https://www.nafsany.cc/vb/showthread.php?t=78068)

واثقة بالله 30-06-2012 09:43 AM

الحب في الله إلى أين وصلت حدوده وضوابطه المشروعة
 
بسم الله الرحمن الرحيم .


الحب في الله من أسمى وأطهر العلاقات التي تكون بين الناس ، فإن الله تعالى لما خلق الناس أجناساً وألواناً ندبهم إلى ( التعارف ) " يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا " ، وخلق في الإنسان ( الاحتياج الفطري - النفسي - ) الميل المؤانسة والأنس بمن حوله .

ولمّا كان هذا الطبع ربما يغلب على الإنسان فينطلق بلا حدود ، ضبط الله تعالى هذا الطبع وهذا الاحتياج الفطري ( النفسي ) بما يكون سبيلاً للارتقاء في الدنيا والآخرة .

فختم الآية السابقة بقوله " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " في دلالة على أن الأحق بالصحبة - التي هي منزلة أعلى من منزلة التعارف - هم الأقرب إلى الله .

وهنا حتى نعرف ( هل نحن نحب في الله ) أو نحب ( طبعاً ومؤانسةً ومشاكلة ) نسأل أنفسنا :
لماذا نحب ؟!

وما هو داعي الحب ؟!


يقول ابن القيم رحمه الله في كلام له - نفيس - ما مفاده : أن الداعي للمحبة قد يُراد به :

-
الشعور الذي تتبعه الإرادة والميل ( وهذا الدّاعي قائم في المحب ) .
وقد يُراد به :

-
السبب الذي لأجله وجدت المحبة ( وهذا الدّاعي قائم في المحبوب ) .
وكمال الحب وسموّه بكمال مجموع الأمرين والسموّ فيهما .

فلو قامت بالمحبوب ( صفة حسّيّة ) من مثل جمال في الصورة أو ظرافة في الخُلق والطّبع أو مؤانسة ومشاكلة ، وقام في المحب ميلٌ ، وشعور بانجذاب نحو من قامت به مثل هذه الصفات ونحوها هنا يحصل ( الحب ) بين الطرفين ..

لكن هل يدوم مثل هذا الحب ؟!

الجواب : يدوم الحب على قدر دوام ( دواعيه ) فإن كان داعيه مما يضمحلّ فإن الحب يضمحلّ باضمحلال داعيه ، وقد قيل في الأمثال ( من أحبك لشيء ابغضك لفقده ) .!
وهنا يتبين الحب الحقيقي في ( وضوح داعيه ) . .

فمن قوي في نفسه الشعور بالميل نحو دين الله وما يقرّب إلى الله ، أحب كل من قامت فيه صفة القرب من الله ومحبة الله تعالى .

وهذا الحب لا يمكن أن يضمحلّ إذا قويت ( دواعيه ) وحصل مع قيام دواعيه وجود مناسبة وملائمة بين الطرفين .

وميزان الفرق ها هنا يظهر في أمور :

1 -
أن تصدق في إجابة نفسك على سؤال : لماذا تحب فلان ؟!
فإن كان دينه وخُلقه ، فلماذا هو بالذات ؟!
أليس في الناس مثله وأفضل ؟!

إنّي لا أنكر أن في علاقة الحب ( الطاهر ) ( الصادق ) نوع ملائمة ومجانسة وموافقة بين الطرفين .

وقيام هذه المناسبة يجعل لفلان مزيّة على فلان عند المحب في اختيار هذا المحبوب دون غيره . .

وإنما أردت بالسؤال : لماذا هو بالذات ؟!
ليساعدنا ذلك في أن نكون أكثر تجرّداً وأقوم صدقاً عند محك هذا السؤال : لماذا أحببنا فلاناً ؟!

2-
الإيمان ميزان الحب .
أن يزيد حبك للمحبوب كلّما زاد قربة من الله ، وان ينقص حبك له كلّما حصل منه بُعد عن الله .

فإن الحب في الله من أعمال القلوب ( يزيد وينقص ) يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية .
ومن لا يجد في نفسه ( شعوراً وسلوكاً ) بالزيادة والنقص ( في حال القرب والبعد عن الله ) فإن مثل هذا يُخشى أن يكون حبه ( لهواه ) .

3-
المناصحة والتناصح وعدم التزيين .

فالمؤمن مرآة أخيه ، ومتى ما كانت العلاقة بين الطرفين يغلب عليها التزيّن والتجمّل سواءً في المظهر أو الكلام أو حتى في المشاعر والعواطف بطريقة غير منضبطة ، وعدم التناصح ( والتصحيح ) بينهما .

فإن هذه العلاقة هي علاقة ( تعلّق وإعجاب ) .

إننا نخلط بين مفهوم ( التغاضي ) ومفهوم ( التناصح ) !

فنظن أن مما يقويّ الحب أن يتغاضى المحب عن أخطاء محبوبه !!

وهذا المعنى صحيح فيما لو كان الخطأ وقع من المحبوب في حق المحب ، لكن حين يكون الخطأ في حق الله تعالى فإن الواجب على المحب ليس التغاضي بل النصيحة والتبيين والإرشاد .

4-
السرور والأنس والإطمئنان .

فأي علاقة بين طرفين تورث همّاً وغماً وخوفاً من الافتراق فإنها علاقة لها حظّ من النفس .

لأن الحب في الله لا يورث إلاّ امناً وسروراً واطمئناناً واستمتاعاً بهذه المحبة سواءً رأى المحب محبوبه أو لم يره ، وسواءً تواصل معه أو لم يتواصل .
فالحب لا يزيد بالوصل ولا ينقص بالهجر !
وهنا تلفتنا عبارة الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - ( إنّا إذا وثقنا من محبة أخينا فلا علينا أن لا يأتينا ) !

والمقصود : ان لا يكون ( الوصل والهجر ) هو المحكّ في زيادة الحب أو نقصانه .
المعجبون يتواصلون ( لذات التواصل ) لأنه يشبه لذّة عندهم . .

فترى كثرة الاتصال بينهم والتراسل لحاجة أو لغير حاجة ... فقط ليسمع صوته أو تسمع صوتها ، أو يرى صورته أو ترى صورتها .
والمحبون يتواصلون ( ليتواصون ) . .

5-
عند تعارض هوى المحبوب مع محبوبات الله جل وتعالى .

فالمحب حقيقة يخالف هوى محبوبه إلى ما يحب الله ويرضاه ، ولا يوافق محبوبه على منكر أو خطأ و محظور . وهذا ميزان دقيق .

6-
أحبب حبيبك هوناً ما !

وهذه قاعدة عظيمة في ضبط ( عاطفة الحب ) . . " أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما ، وابغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما " .
بمعنى أن نحب ونحن نتوقع من المحبوب أنه بشر يخطئ ويصيب ، ويعصي ويطيع .
فنوطّن النفس على المسامحة عند الخطأ ، والمناصحة عند الذنب والمعصية والحزم في ذلك .

وهذا الأمر ربما يكون سبباً في أن نفقد من أحببناه في يوم من الأيام لدخن في ( عدم صدق المحبوب في محبته ) ، وفي حال صدق الحب بين الطرفين يكون هذا الأمر وسيلة لتقوية الحب .

لذلك ( أحبب حبيبك هوناً ما ) !!

قد تكون صادقاً في حبّك ( طاهراً ) في علاقتك .. لكن قد لا يكون الطرف الآخر بمثل صدقك وطُهر طويّتك . . والأيام تكشف هذا وذاك . .
فإمّا أن ينجرف المحب في ( موج ) محبوبه ، وإمّا أن يقف المحب على عتبة الصّدق يمدّ يده يستنقذ من اليم محبوبه !


7-
الغيرة على المحبوب .

فالمتعلّق المعجب ، يغار من أن يرى محبوبه يتكلم مع فلان أو فلان أو يُجالس فلاناً ، أو أن يكلمه أحد غيره .

والمحب في الله يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، فهو لا يكره له حسن علاقته بالناس ولا حسن علاقة الناس به .

تلك سبعة كاملة ( تصنع الفرق ) بين الحب الحقيقي الذي يزيد الإيمان ، و ( وهم الحب ) الذي يزيد الحسرة والقلق بين العشّاق !


اسأل الله العظيم أن يطهر قلوبنا ، وأن يرزقنا العفّة والعفاف .

المصدر : شبكة مشكاة.


الساعة الآن 11:40 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا