نفساني

نفساني (https://www.nafsany.cc/vb/index.php)
-   الملتقى العربي السياسي (https://www.nafsany.cc/vb/forumdisplay.php?f=85)
-   -   غزّة . . قلعة الصمود والمقاومة (https://www.nafsany.cc/vb/showthread.php?t=97854)

ازهرى وراقى 13-07-2014 07:57 AM

غزّة . . قلعة الصمود والمقاومة
 
غزّة . . قلعة الصمود والمقاومة


بقلم : الفريق ركن متقاعد موسى العدوان
كاتب اردني
http://image.geotorrents.com/images/...6495243122.jpg
غزّة . . المدينة الساحلية مركز القطاع الذي يحمل اسمها ، والتي فتحها القائد العربي المسلم عمرو بن العاص
في صدر الفتوحات الإسلامية ، وقفت صامدة في وجه الغزاة والطامعين عبر العصور ، كالفراعنة والإغريق
والرومان والبيزنطيين والعثمانيين والبريطانيين ، فكانت قلعة تحدت جبروتهم . وها هي اليوم تصارع القوى
الإسرائيلية الغاشمة بجرأة وتصميم ، دون سند أو معين لها حتى من توأمتها السلطة الفلسطينية في رام الله .

وعودة إلى التاريخ الحديث فقد احتلت إسرائيل قطاع غزة بما فيه مدينة غزة في حرب عام 1967 من يد الإدارة
المصرية ، وحاولت فرض سيطرتها عليها . ولكنها شكلت للمحتل معضلة أمنية وإدارية كبرى ، لدرجة أن اسحق
رابين رئيس وزراء إسرائيل الأسبق ، تمنى أن يصحو من النوم ذات صباح ليجد غزة وقد ابتلعها البحر .

وفي عام 1993 اضطرت القوات الإسرائيلية للانسحاب منها وتسليمها إلى لسلطة الفلسطينية دون قيد أو شرط .
ولكن وقع الخلاف على السلطة بين فتح الممثلة الرسمية للسلطة الفلسطينية وبين حماس ، أدى إلى الاقتتال بينهما
وسيطرة حماس على قطاع غزة بكامله . فتكرّست القطيعة بينهما لما يزيد على أربع سنوات ، رغم تشكيل حكومة
وحدة وطنية مشتركة بينهما في هذه الأيام يبدو أنها حكومة شكلية .
في عام 2008 شنت القوات الإسرائيلية عملية عسكرية على مدينة غزة أطلقت عليها اسم " الرصاص المسكوب "
استمرت لمدة اثنين وعشرين يوما ، استعملت خلالها مختلف أنواع الأسلحة البرية والجوية والبحرية بما في ذلك
الأسلحة المحرمة دوليا ، مع محاولة لاقتحام المدينة . فدمرت البنى التحتية ومراكز القيادات الأمنية ، وأوقعت خسائ
ر كبيرة بين المدنيين بلغت 1417 شهيدا 4336 جريحا . كان الهدف من تلك العملية إيقاف قصف صواريخ القسام
على المدن في جنوب إسرائيل وتهجير أهل المدينة إلى خارجها . إلا أن تصميم أهل غزة على الصمود والمقاومة
أفشل الأهداف الإسرائيلية .

وهذه الأيام تقوم إسرائيل بتكرار نفس السيناريو السابق ، بالقصف الجوي والمدفعي ودعوة 40 ألف جنديا من
الاحتياط تمهيدا لاجتياح مدينة غزة ، بحجة وقف اطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية . وصواريخ القسام رغم
بساطتها وصلت إلى مسافات بعيدة داخل العمق الإسرائيلي ، وسببت هلعا للسكان المدنيين ودخولهم للملاجئ .

ورغم كل ما تقوم به إسرائيل من تهديدات وقصف بالصواريخ والطائرات للسكان المدنيين من البر والجو والبحر
في الوقت الحاضر ، وما ينتج عنها من هدم للمنازل على رؤوس ساكنيها ، وإصابة الأطفال والنساء ، والطلب
من السكان مغادرة منازلهم ، إلا أن أهالي المدينة يقابلونها بالصمود ورفض مغادرة منازلهم .

وإزاء هذا الموقف فإن السلطة الفلسطينية والدول العربية الأخرى تقف متفرجة ولا تحرك ساكنا ، بانتظار تنفيذ
فصول المسرحية الدامية على شعب أعزل ، لا يملك قوة عسكرية يدافع بها عن نفسه . أما الصديقة أمريكا فإنها
تصرح بلسان وزير خارجيتها ، بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها . ولكنها من الجانب الآخر لا تعترف بحق
المقاومة الفلسطينية في الدفاع عن أرضها وشعبها.
وهذا يقودوني إلى التساؤل : ماذا جنينا من معاهدات السلام المزعوم ، التي وقعت عليها ثلاثة أطراف عربية مع
إسرائيل ؟ ولماذا لا تستخدم هذه المعاهدات كسلاح يشهرها الموقعون عليها في وجه إسرائيل ، ووضعها في كفة
الميزان للتوقف عن تماديها في جرائمها ضد المدنيين العزل من أبناء غزة وغيرهم ؟ أم ان تلك الأطراف العربية
تجد المبرر لإقدام إسرائيل على افعالها ، تطابقا مع تصريحات وزير الخارجية الأمريكي المؤيدة لإسرائيل ؟

وعلى ضوء هذا الحال البائس للأمة العربية أقول لأهل غزة : عليكم الاعتماد على الله وعلى أنفسكم دون انتظار
النجدة من الحكام العرب فهم لا يسمعون استغاثتكم ، لأنهم رهنوا إرادتهم بإرادة أمريكا وإسرائيل المعادية للعرب .
ولكن البعض منهم قد يستجيبون ويهبون في وقت لاحق بعد تنفيذ العمليات الإجرامية ، لإعمار بعض ما دمرته
القوات الإسرائيلية بأمر حازم من الأسياد .

يا أهل غزة الكرام
لقد أثبتم للعالم بوقفتكم المشرّفة والتي امتدت تحت الحصار المتواصل والقصف الجوي والهجمات الإسرائيلية
على فترات متلاحقة لأربع سنوات ماضية ، أنكم تجسّدون الصمود والمقاومة العنيدة بأجلى معانيها في زمن
الانكسار العربي . ولا شك بأنكم عمّدتم تراب الوطن بالدماء الطاهرة تظللها أرواح الشهداء الأبرار ، نيابة عن
أمتكم وفداء لحكام متخاذلين . فأولئك الحكام لا يحركهم ضمير أو وازع ديني ، ليمنعوا الضرر عنكم في الملمات .
وإن كانت جيوشهم غير مستعدة للردع والأخذ بالثأر ، فعليهم على الأقل استخدام قواهم السياسية والاقتصادية ،
والتهديد بالتخلي عن معاهدات الإذعان الاستسلامية ، إذا لم تتوقف تلك الاعتداءات المتواصلة .

مقاومة الاحتلال والدفاع عن النفس حق مشروع ، ورد في الشرائع السماوية ونصت عليه القوانين الدولية .
وعادة ما تلجأ إليه الدول أو الشعوب الضعيفة لمقاومة عدو أقوى منها . وقد سبقتنا إليها دول كثيرة خلال العقود
الماضية . فالشعوب الأوروبية قامت بتنظيم حركات المقاومة في أراضيها المحتلة ، عندما بدأ الغزو النازي
لأوروبا في أربعينات القرن الماضي ، بغرض إنزال أكبر الخسائر في صفوف العدو . وهناك مثلها أيضا حركات
المقاومة في الصين وفيتنام وكوبا وايرلندا والجزائر وغيرها من دول العالم التي سعت إلى التحرر ، فحققت
الانتصار على المحتلين والمستعمرين .

ومن الأمثلة العظيمة على الصمود ومقاومة العدو المحتل ، ما جرى في مدينة ليننجراد السوفياتية خلال الحرب
العالمية الثانية . فقد حاصرتها القوات النازية لمدة 900 يوم وكانت تتعرض للقصف الجوي والمدفعي ليلا ونهارا .
وتم قطع خطوط مواصلاتها وتوقفت عنها الإمدادات الإدارية طيلة تلك الفترة ، لدرجة أن السكان أخذوا يبحثون في
( روث الخيل ) ليجدوا الشعير فيطحنونه ليأكلوه بدلا من الخبز .

لم يستسلم سكان المدينة السوفيات وحققوا الانتصار على العدو بكل تصميم وجرأة . وتخليدا لهذا الصمود فقد نُصبت
لوحة ضخمة من حجر الجرانيت المعروف بصلابته في أعلى قمة بمدينة ليننجراد . كُتب عليها عبارة تنطق باسم حجر
الجرانيت تقول : " أتمنى أن أكون بصلابتكم يا أهل ليننجراد " .

الأهل في مدينة غزة الصامدة
باسمي ونيابة عن الكثيرين من الشرفاء في الوطن العربي الكبير ، أتمنى عليكم أن تصمدوا في مدينتكم الغالية وأن
لا تغادروها ، وأن تحولوا كل منزل فيها إلى نقطة حصينة تقف في وجه العدو الذي لن يجرؤ على اقتحامها بدباباته
ومشاته . فالجيوش النظامية تتحاشى القتال في المناطق المبنية لأنها ستتكبد خسائر فادحة في الأرواح والمعدات من
قبل المدافعين عنها ، كما أنها ستستنزف وقتا طويلا للتعامل معها .

وما عليكم في هذا الموقف إلا أن تجزّئوا المدينة إلى قطاعات فرعية ، ولكل قطاع قائد مسؤول يسانده عدد من المقاتلين
الأشداء ، يحملون أسلحتهم الفردية ومزودين بقذائف آر بي جي بمختلف المديات ، يتم تركيزها على مقتربات الدبابات
لمجابهتها ليلا ونهارا ، مع إقامة الدُشم بأكياس الرمل ودعم سقوف المنازل بأعمدة قوية تتحمل القصف الجوي والمدفعي ،
لكي يصعب على العدو اقتحام المدينة وتتحول إلى مقبرة للغزاة . ومن المهم في هذه الحالة الحذر من تواجد العملاء
والجواسيس بين الصفوف ، لكي لا يرشدوا العدو إلى الأهداف الهامة في المنطقة .

أما قوات العدو البحرية فالتصدي لها هو من واجب رجال القوارب الخفيفة والضفادع البشرية ، الذين عليهم التقرب
من سفن العدو الحربية ، وإغراقها بالطوربيدات والهجمات الانتحارية . وبالنسبة لسلاح الجو المعادي الذي يقصف
من ارتفاعات شاهقة ، فلابد له من سلاح دفاع جوي بعيد المدى لاصطياد طائراته ، مع علمي بصعوبة توفيره .
ولكن صواريخ الكتف للارتفاعات المنخفضة والطائرات العمودية ، فيمكن توفيرها من قبل الدول الصديقة إذا تعاونت مع

المسؤولين في غزة ، لاسيما وأنه يسهل ادخالها إلى المدينة بطريق التسلل .
أعلم بأن هناك ثمنا باهظا لهذا الصمود والمقاومة ، وأنه سيكلّف الكثير من الأرواح البشرية وتدمير البنى التحتية والمنشآت
والمنازل ، ولكنه الوطن . . والوطن يستحق أن يُعمد بالدماء والأرواح للحفاظ عليه. وأملي كبير بأن سيأتي يوم تزرعون به
لوحة من حجر الجرانيت على شاطئ غزة ، تحمل على وجهها شهادة تاريخية ،
وتذكارا للأجيال اللاحقة تقول كلماتها " أتمنى أن أكون بصلابتكم يا أهل غزة الشجعان " .

* فريق ركن متقاعد


الساعة الآن 05:37 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا