رعد القلوب |
20-07-2014 04:22 PM |
الله سبحانه لايحاسب حديث النفس . الصحابه رضوان الله عليهم لم يسلموا من هذه الوساس قال الله تعالى { لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } من سورة البقرة: اية 284 أشكلت على كثير من الصحابة رضي الله عنهم ،وشق عليهم هذا الأمر، وجاءوا للنبي صلى الله عليه وسلم وذكروا أن هذا شيء لا يطيقونه، فقال لهم صلى الله عليه وسلم : « أتريدون أن تقولوا كما قال من قبلكم: سمعنا وعصينا، ولكن قولوا: سمعنا وأطعنا » فقالوا: سمعنا وأطعنا، فلما قالوها وذلت بها ألسنتهم وقلوبهم أنزل الله بعدها قوله سبحانه: { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } سورة البقرة: 285، 286 . فسامحهم الله وعفا سبحانه وتعالى، ونسخ ما دل عليه مضمون هذه الآية، وأنهم لا يؤاخذون إلا بما عملوا أو بما أصروا عليه وثبتوا عليه، وأما ما يخطر من الخطرات في النفوس والقلوب فهذا معفو عنه؛ وعليه فالمؤمن غير مؤاخذ إلا بما عمله أو قاله أو أصر عليه , أما الخواطر والشكوك التي تعرض ثم تزول بالإيمان واليقين، فهذه لا تضر، بل هي عارضة من الشيطان ولا تضر; ولهذا لما قال الصحابة : « يا رسول الله، إن أحدنا يجد في نفسه ما أن يخر من السماء أسهل عليه من أن ينطق به. أو كما قالوا قال صلى الله عليه وسلم: ذاك صريح الإيمان »
فتلك الوسوسة من الشيطان؛ إذا رأى من المؤمن الصدق والإخلاص وصحة الإيمان والرغبة فيما عند الله وسوس عليه بعض الشيء، وألقى في قلبه خواطر خبيثة؛ فإذا جاهدها وحاربها بالإيمان والتعوذ بالله من الشيطان سلم من شرها .
وهو شامل لكل شيء لأن حديث النفس لا يستقر فإن استقر في القلب واطمأن الإنسان إليه واعتقده صار عملاً لكنه عمل القلب ليس عمل جوارح أما مجرد حديث النفس مثل الوساوس التي لا يركن إليها الإنسان ولا يعتمدها ولا يعتقدها ولا يقر بها فإن الإنسان لا يؤاخذ عليها وهذا من تخفيف الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة لأن الإنسان لا يخلو أحياناً من مثل هذه الأحاديث النفسية.
كما دل الحديث وهو حديث صحيح مخرج في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه على مثل دلالة الآية من أن التفكير في المعصية لا يعتبر ذنبا ولا محرما لكن إذا هم به وعزم على أن يفعل ثم راجع نفسه وخاف الله عز وجل وترك المعصية التي هم بها فإنه يكتب له بذلك حسنة كاملة كما ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أن الله تعالى يكتبها حسنة كاملة ويقول إنما تركها من جرائي) أي من أجلي ولكن ينبغي للإنسان من حين أن يفكر في المعصية ينبغي له أن يحبس نفسه عن هذا التفكير لأن هذا التفكير ربما نما وزاد حتى صار هما ثم عزما ثم فعلا إلا من عصم الله عز وجل. فلا تعارض بين الآية والحديث إذا قرأنا الآيات الثلاث من آخر سورة البقرة مجتمعة .
والله تعالى أعلم
|