عرض مشاركة واحدة
قديم 07-04-2004, 09:37 PM   #11
أبو مروان
................


الصورة الرمزية أبو مروان
أبو مروان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 328
 تاريخ التسجيل :  07 2001
 أخر زيارة : 28-09-2010 (01:57 AM)
 المشاركات : 3,903 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
بيان مشروعية الدعاء على الكافرين بالهلاك على وجه التعميم بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :


[SIZE=4][COLOR=firebrick]فإن الدعاء على الكافرين بالتعميم جائز ٌ، فيدعى عليهم بالهلاك إذا كان مصلحةً ، فإن رُجيَ هدايتهم دُعي لهم بالهداية . وقد جاءت السنة بهذا وهذا ، فبوَّبَ البخاري فـي كتاب الدعوات من (( صحيحه )) : باب الدعاء على المشركين . وباب الدعاء للمشركين ، وفي كتاب الاستسقاء نحوه . بيان الدليل على مشروعية الدعاء على الكافرين بالهلاك على وجه التعميم استنبط الحافظ ابن حجر فـي (( الفتح )) 7/384 : الدعاء على المشركين بالتعيم من قصة خبيب بن عدي رضي الله عنه ، حيث دعا فقال : (( اللهم احصهم عدداً ، واقتلهم بدداً ، ولا تبق منهم أحداً )) وهي دعوةٌ فـي زمن الوحي ولم تُنكر ، والعبرة بعموم لفظها لا بخصوص سببها . وقولـه صلى الله عليه وسلم : (( قاتل الله اليهود ... )) الحديث . يحتمل أن يكون إخباراً ، ويحتمل أن يكون دعاءً . قال القاضي ـ كما فـي المرقاة للقاري ـــ 6/19 : قاتل الله اليهود أي : عاداهم . وقيل : قتلهم . فأخرج فـي صورة المغالبة . وفي (( الصحيحين )) عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( **** الله على اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )) . وجاء لعن كفرة بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم . ومما جاء عن السلف فـي ذلك ما رواه ابن أبي شيبة فـي (( المصنف )) 10/443 عن أبي معاوية عن الأعمش عن يحيى بن وثاب قال : سمعته يقول فـي قنوته : ((اللهم عذِّب كفرة أهل الكتاب ، اللهم اجعـــل قلوبهم قلـــوب نساءٍ كوافر )) ، وما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يخرج عن هذا المعنى . فالدعاء عليهم من أجل الكفر . وفي قول الله تعالى : ( وقال نوح رب لاتذرعلى الأرض من الكافرين ديار* إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولايلدوا إلا فاجرا كفاراً) [نوح :26-27] نصٌّ على أن هذه الدعوة من شرع نوح ، ولذا استجابها الله ، ولو كانت خطيئة أو تعدّياً لبيَّن الله تعالى ذلك ولم يُقرَّهُ على الخطأ ، كما هو الحال فـي معاتبة الله له لَما دعا لولده فقال تعالى (فلاتسألن ماليس لك به علمٌ إني أعظك أن تكون من الجاهلين)[هو : 46] ، وقد حرَّر الحافظ ابن حجر فـي (( الفتح )) 11/434 أنَّ نوحاً يعتذر يوم الموقف بأمرين : الأول : أنه استنفد الدعوة التي له ، إذْ كل نبي له دعوة مستجابة ، ولذا قال : إنه كانت لي دعوة ، دعوتها على قومي . الثاني : دعاؤه لابنه، وهذه هي الخطيئة التي أشار إليها فـي حديث أنس (. وقد قرَّر علماء الإسلام أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم أُعطي مثل دعوة نوح عليه السلام ، ولكنه لم يستنفدها ، بل ادخرها للأمة فـي الآخرة . قال الإمام الفقيه أبومحمد عبدالله بن حامد فـي كتابه (( دلائل النبوة )) : ذِكْرُ ما أُوتي نوح عليه السلام من الفضائل، وبيان ما أُوتي محمد صلى الله عليه وسلم مما يضاهي فضائله ويزيد عليها . قالوا : إنَّ قوم نوح لما بلغوا من أذيّته والاستخفاف به وترك الإيمان بما جاءهم به من عند ا لله دعـــا عليهم فقال : (رب لاتذر على الأرض من الكفارين دياراً)[نوح :26] فاستجاب الله دعوته ، وغرَّق قومه ، حتى لم يسلم شيء من الحيوانات والدواب إلا من ركب السفينة ، فكان ذلك فضيلة أوتيها ، إذ أُجيبت دعوته ، وشفي صدره بإهلاك قومه . قلنا : وقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم مثله حين ناله من قريش ما ناله من التكذيب والاستخفاف، فأنزل الله إليه ملك الجبال ، وأمره بطاعته فيما يأمره به من إهلاك قومه، فاختار الصبر على أذيتهم ، والابتهال فـي الدعاء لهم بالهداية .اهـ . قال ابن كثير فـي (( البداية والنهاية )) : وهذا حسنٌ . اهـ . قلت : حديث عائشة فـي (( الصحيحين )) وفيه : قال ــ مَلَك الجبال ــ : يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك ، وأنا ملَك الجبال ، قد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك ، فما شئت ؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( بل أرجو أن يُخرِجَ اللهُ من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً )) . فهذا يؤيد أن شرعنا موافق لشرع نوح فـي هذه المسألة ، وذلك أعلى درجات الاستدلال بشرع من قبلنا ، ولو لم يَرِد فـي شرعنا ما يدل على الموافقة ، فليس فـي شرعنا ما ينصُّ على إلغاء دعوة نوح أو خصوصيتها به ، فهي حُجَّةٌ فـي أصح أقوال العلماء . ورحم الله ابنَ تيمية ؛ فإنه لما ذكر المســـألة علىجهة البحث ــ كما فـي ((الفتاوى )) 8/336 قال : ثم ننظر فـي شرعنا هل نسخه أم لا ؟ . اهـ . ولعل فيما ذكره ابن حجر من الاستدلال بعموم دعاء خبيب ما يدلُّك على أن شرعنا لم ينسخ هذه الدعوة . فصلٌ والدعاء عليهم بالقحط وهلاك الأموال ونحوها جائزٌ على جهة التعميم ، وليس ذلك خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم بل له ولمن بعده ، فإن كانت مصلحة المسلمين فـي ذلك فَثَمَّ شرع الله . قال البخاري رحمه الله : باب الدعاء على المشركين، وقال ابن مسعود رضي الله عنه : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( اللهم أعنِّي عليهم بسبعٍ كسبع يوسف .. )) وذكر فيه أحاديث منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قال : سمع الله لمن حمده فـي الركعة الآخرة من صلاة العشاء قنت : (( ... اللهم اشدد وطأتك على مضر ، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف )) . وهذا الدعــــاء ليس منسوخـــاً بقولـه تعالى : (ليس لك من الأمر شيء) [آل عمران : 128] ؛ لأن الآية إنما نزلت فـي أُحُد ، ولأن الآية إنما نهت عن الدعاء على المعيَّن من الكفار باللعن وهم أحياء وليس الدعاء على مضر من ذلك . قال الحافظ فـي (( الفتح )) 7/366 : والصواب أنها نزلت فـي شأن الذين دعا عليهم بسبب قصة أُحُد . والله أعلم . اهـ . وحرَّر رحمه الله أن الآية لا تتناول قصة مضر إسناداً ومتناً . ومما يدل على مشروعية الدعاء عليهم بإهلاك أموالهم ؛ ما جاء فـي دعاء موسى عليه السلام ، قال عـز وجل عنه : (ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلايؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم) [يونس :88] معنى اطمس : أَهْلِك . قال ابن كثير فـي (( البداية والنهاية )) 2/106 : وهذه دعوة غضب لله تعالى ولدينه ولبراهينه ، فاستجاب الله لها وحقّقها وتقبّلها ، كما استجاب لنوح فـي قومه . اهـ . فهذا شرع موسى عليه السلام ، وقد جاء فـي شرعنا ما يؤيده ،كما فـي دعائه صلى الله عليه وسلم على مُضَر ، وما كان الله تعالى وتقدَّس ليقرَّ موسى عليه السلام على هذه الدعوة ويستجب له ؛ إلا أنها مشروعة . ومما يدل على ذلك ـ أيضاً ـ دعوة إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، حيث دعا ربه، كما قال الله تعالى : (وارزق أهله من الثمرات من ءامن منهم بالله واليوم الآخر) [البقرة :126] فهذا هو الدعاء المشروع ، إذْ لا يشرع أن يقول مؤمن بالله واليوم الآخر ابتداءً : اللهم ارزق المؤمنين والكافرين ، اللهم أَغِث المؤمنين والكافرين ، ونحو ذلك ، وإن كان يجوز فـي بعض الحالات كأن يطلب الكافر من المسلم أن يدعو الله لـه بالغيث فيجيبه رجاءَ إسلامــــه ؛ فبان لك أن قـــول الله : (قال ومن كفر فأمتعه قليلاً ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير) هو لبيان الأمر الكوني ، إذْ ليس ذلك إنكاراً على إبراهيم دعوته هذه ، ولو كان كذلك لكان المشروع أن يقال فـي الدعاء دوماً : اللهم ارزق المؤمن والكافر ، وذلك ما لم يقله أحدٌ فيما أعلم ، فقولـه الله تعالى : (قال ومن كفر...) الآية كقولـه تعالى كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك) [الإسراء :20] ، وقولـه تعالى (وأممٌ سنمتعهم...) [هود : 48] . فصلٌ قول القائل : إن الدعاء على الكافرين بالهلاك طعن فـي الحكمة الإلهية ، إذْ قضى الله كوناً أن يبقوا ، ودلَّ الدليل على بقائهم إلى آخر الزمان ؛غير صحيحٍ لأمور : الأول : أنَّ هذا احتجاجٌ بالقدر على الشرع ، وهو باطل ؛ فالقدر علم الله وكتابته ومشيئته وخلقه ، والشرع وظيفة العبد المكلف . وهذا الاحتجاج هوعمدة القائلين بالتقريب بين الأديان فـي زماننا ، يقولون : (( ليس من أهداف الإسلام أن يفرض نفسه على الناس فرضاً حتى يكون هو الديانة العالمية الوحيدة ، إذْ أنَّ كل ذلك محاولة فاشلة ، ومقاومة لسنّة الوجود ، ومعاندة للإرادة الإلهية )) . هذا كلام د. وهبة الزحيلي فـي كتابه (( آثار الحرب )) ص65 . ولغيره من دعاة التقريب هذا الاحتجاج ، وقد أجاد فـي ردِّه وإبطاله وبيان فساد ما يترتب عليه الدكتور الشيخ أحمد بن عبدالرحمن القاضي فـي كتابه (( دعوة التقريب بين الأديان : دراسة نقدية فـي ضوء العقيدة الإسلامية )) 2/748 وما بعدها. الثاني : لو كان الدعاء بالتعميم طعناً فـي الحكمة الإلهية لنزَّه الله تعالى أنبياءه ورسله من الوقوع فـيه ، فنوحٌ عليه السلام وهو من أولي العزم كيف يطعن فـي الحكمة الإلهية بالدعاء على الكفار ، وغيره يوفق للسلامة ؟ .. سبحانك هذا بهتان عظيم . وما كان طعناً فـي الحكمة الإلهية الآن فهو طعن فـي الحكمة الإلهية زمن نوح، إذْ لا تختلف الشرائع فـي ذلك . الثالث : احتج القرافي فـي (( الفروق )) 4/281 على أنه لا يجوز الدعاء بــ ((اللهم اغفر للمسلمين جميع ذنوبهم )) بأن الأحاديث جاءت بدخول طائفة من المسلمين النار بذنوبهم ، ففي الدعاء تكذيب لتلك الأحاديث ... إلخ .

يتبع


 

رد مع اقتباس