عرض مشاركة واحدة
قديم 19-04-2004, 03:58 AM   #1
العاصف
عضو نشط


الصورة الرمزية العاصف
العاصف غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3612
 تاريخ التسجيل :  02 2003
 أخر زيارة : 06-03-2005 (03:20 PM)
 المشاركات : 118 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
ورقة عمل لظاهرة العنف(الأستاذة /غادة السعد) للأطلاع وأبداْ مرئياتكم



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
اود ان أشير الى ورقة عمل انتهيت من اعدادها قريبا ،اتمنى من المولى القدير ان تجيب على تساؤلات شتى طالما حامت في اذهان الكثير من أولي الألباب العنف السيكولوجية والعلاج

تعريف وتمهيد
العنف ذلك السلوك المقترن باستخدام القوة الفيزيائية وهو ذلك الفايروس الحامل للقسوة والمانع للمودة. لم يكن العنف في يوم من الأيام ولن يكون فطرياً بل كان دوماً قدراً أحمقاً مكتسباً في النفس البشرية. فلم يكن الإنسان عنيفاً يوم ولدته أمه بل أن عنف الطبيعة وعسر الحياة والتربية وعنف الآباء هو الذي يغرز العنف في خلايا الدماغ حتى حملته صبغياته الوراثية فكاد أن يكون موروثاً.

وليس لنا في الحقيقة إلا التمييز والتفريق بين عنف الطبيعة في زلازلها وبراكينها وزمهريرها، والعنف إلالهي في سلاسله وسعيره وسقره، والعنف الحكومي بإرهابه وهراواته ورصاصه... وعنف الإنسان لأخيه الإنسان الذي يشمل ضمناً عنف الأب ضد أبناءه وعنف الرجل ضد المرأة وعنف الرجل ضد الرجل وعنف الإنسان لنفسه وما يهمنا في هذه الدراسة هو عنف الإنسان لأخيه الإنسان وعنف الإنسان لنفسه وهو الموضوع الذي قل ما يستعرض في التحليلات النفسية نظراً لبعده الواقعي وليس النظري عن مفهوم الجريمة والمفهوم القانوني وسأحاول في هذه المقولة دراسة مساراته وسبر أغواره.

ونظراً لاتساع جوانب العنف وأسبابه وأبعاده أخذ علماء الاجتماع في تقسيم الموضوع وتصنيفه إلى العنف المدرسي والعنف العائلي والعنف الإعلامي والعنف الحكومي... الخ.

وكلها تدخل في مضمار العنف الاجتماعي وعلى أساس نوعي آخر يتم تصنيف العنف إلى ثلاثة أنواع هي العنف النفسي والعنف اللفظي والعنف الجسمي.

عنف الإنسان لأخيه الإنسان ما يزال قيد التحقيق والدراسة وسيبقى ويظل موجوداً ما دام التعقل والجنون موجودين وسيظل مرهوناً بالصراع المتواجد بين العقل والجنون. ولن يكتب لهذا العنف أن يهدأ في النفس الإنسانية إلا إذا أمكن التلاعب هندسياً بجينات الإنسان وصبغياتها الوارثية ولكن يمكن انحساره كماً وكيفاً إلى درجاته الدنيا.

عنف الإنسان لنفسه هو الآخر لم ينته بعد من تجارب العلماء والمحققين وهو في حقيقته بعيد عن الصفة العدوانية ضد الغير أو لنقل ضمور الغريزة العدوانية ضد الغير في هذا النوع من العنف.

وعلى أية حال فإننا نجد أن العنف في وجه من وجوهه معصية لله ولرسوله وعدم الالتزام بأوامره ونواهيه وسننه وهو وسيلة لإرضاء الشيطان وسخط الرحمن وفي أسلوبه جريمة يعاقب عليها المجتمع والقانون.

وللعنف مناظير أخرى فالعنف برأي الدكتور مصطفى حجازي هو لغة التخاطب الأخيرة الممكنة مع الواقع ومع الآخرين حين يحس المرء بالعجز عن إيصال صوته بوسائل الحوار العادي وحين تترسخ القناعة لديه بالفشل في اقناعهم بالاعتراف بكيانه وقيمته. كما يشير الدكتور حسنين توفيق إبراهيم في كتابه ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية إن العنف هو ظاهرة مركبة لها جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية وهو ظاهرة عامة تعرفها كل المجتمعات البشرية بدرجات متفاوتة. أما ساندا بول روكنغ فيقول بأن العنف هو الاستخدام غير الشرعي للقوة أو التهديد باستخدامها لالحاق الأذى والضرر بالآخرين أو تعريف وقد يقترن العنف بالقوة أو الإكراه أو القسر أو التكليف والتقييد وهو سلوك نقيض للرفق وقد يقال عنه بأنه صورة من صور القوة المبذولة على نحو غير قانوني بهدف إخضاع طرف لإرادة طرف آخر (عبد الرحمن بدوي 1982 ص441) أو هو الاستعمال غير القانوني لوسائل وأساليب القسر المادي أو البدني ابتغاء تحقيق أهداف شخصية أو جماعية (رضا 1974 ص147).

والذي يبدوا لي في هذه التعريفات أنها توازي بين العنف ومخالفة القانون فقط في الوقت الذي قد لا نعطي القانون اغلب جوانب العنف في نفس الوقت الذي نجد أنها لا تعبر بصورة حقيقية عن مفهوم العنف أساساً إذ أننا نستطيع التساؤل عندئذ بأن تطبيق القانون بالاكراه والقوة والمصلحة الدولية يعتبر مخالفاً للقانون أم لا؟


ولربما يربط البعض بين العنف والعدوانية التي يعتبرها البعض أحد الأجزاء المكونة للغريزة الجنسية (النظرية الجنسية فرويد 1905) وهو بخلاف ما نذهب إليه حيث أن العنف كما المحنا قد يمثل وجهاً من اوجه العدوانية الغريزية أحياناً.

والعنف هو أحد اوجه الروح السادية الكابتة في الفرد وانعكاس من انعكاسات الأنا والأنانية لديه حتى وإن كان في حالة الدفاع.دينستين الذي يشير إلى أن العنف السياسي هو استخدام وسائل القوة والقهر أو التهديد باستخدامها لالحاق الأذى والضرر بالأشخاص والممتلكات وذلك من اجل تحقيق أهداف غير قانونية أو مرفوضة اجتماعياً. أما تعريف العنف برأي ايسنارد فهو كغيره من أشكال السلوك وهو نتاج مأزق علائقي بحيث يصيب التدمير ذات الشخص في نفس الوقت الذي ينصب فيه على الآخر لإبادته فتشكل العدوانية طريقة معينة للدخول في علاقة مع الآخر، ويعرفه عدد من علماء السلوك بأنه نمط من أنماط السلوك الذي ينبع عن حالة إحباط مصحوب بعلامات التوتر ويحتوي على نية سيئة لالحاق ضرر مادي ومعنوي بكائن حي أو بديل عن كائن حي.

ومن التعاريف السابقة للعنف والتي اتصفت ببعض الجوانب الخاصة كالقانون والسياسية والاقتصاد نستطيع التعميم بالقول بأن العنف قد يوجه من الشخص لنفسه وليس بالضرورة من الشخص لطرف آخر كما أن العنف قد يكون مصاحباً بقوة خفية غير ظاهرة المعالم كالكهرباء والسم وبهذا نذهب إلى أكثر واعمق مما ذهبت إليه بعض تلك المصاديق التعريفية كما يحلو للبعض تسميتها بعنف المصلحة الذي يخدم مصلحة الشخص العنيف بخلاف العنف الشخصي الناتج عن عقوبة الذات وتأنيب الضمير.


سايكولوجية العنف
العنف صورة من صور القصور الذهني حيال موقف، والعنف وجه آخر من اوجه النقص التقني في الأسلوب والابداع في حل ومواجهة معضلة وقد يصل العنف لمراحل الانهيار العقلي والجنون كما قد يكون وسيلة من وسائل العقوبة والتأديب أو صورة من صور تأنيب الضمير على جرم أو خطيئة مرتكبة ولن يتعدى في كل أحواله القصور الذهني والفكري لدى الإنسان وهو في حالة من حالاته اضطراب في افرازات الغدد الهرمونية في جسم الفرد وعدم تناسب أو انتظام في التوزيع الهرموني داخل الجسم الذي قد ينتج أحيانا عن سوء في التغذية أو سوء اختيار نوعيتها.

وأياً ما تكون العلة الفيزيولوجية أو البيئية فالعنف مرفوض حضارياً واخلاقياً وسلوكياً واجتماعياً ولكن ما اقتنع مجتمع أو فرد بالعنف إلا وكانت له جذور ذكرناها سابقاً .
العنف دليل من دلائل النفس غير المطمئنة وصورة للخوف من الطرف الآخر مهما تعددت أشكال ذلك الخوف، وانعكاس للقلق وعدم الصبر والتوازن، ووجه من وجوه ضيق الصدر وقلة الحيلة وقد يلم العنف بصاحبه فتراه يضرب نفسه أو ينطح رأسه بالجدار أو يقطّع شعر رأسه ألماً وانتقاماً من فكرة أو وسوسة في الدماغ قد لا يكون لها أساس من الصحة والمنطق. وهو أي العنف في مثل هذه المراحل يكون مؤشراً لضعف الشخصية ونقصان في رباطة الجأش وتوازن السلوك.

والعنف في وجه من وجوهه حلوى مسمومة للصغار والأطفال ومدرسة سلبية للشباب في سنين المراهقة وخداع لعقولهم في خط الحياة والمستقبل وتضليل لمسار الفكر الإنساني في عقولهم وتطبيع نفوسهم على القسوة الكامنة في العنف والتي قد تتحول في النفس إلى عنف من نوع آخر لا تحده حدود غير الحقد والكراهية مثل حالات القتل الجماعي والتمثيل الجسماني... الخ.

*القسوة والفظاظة الكامنة في العنف قد تتحول من صفة الاكتساب إلى صفة الوراثة فالاغتصاب والقسوة الجنسية مثلاً لن يخلفا إلا كمداً ولن يزرعا إلا اضطراباً وحسرة في النفس المتلقية والجنين المولود وبذلك تخلق معادلة الكآبة وتستمر لا تنتهي بانتهاء الحياة بل تتوالد من جديد في اصلاب قادمة.وهكذا خلف الاجداد العنف في ارحام نسائهم وأورثناه نحن في اولادنا وهلم جرا وإن كان كامناً في صبغة من أصباغ ملايين الحيامن المنوية وهكذا تجد العنف متلبساً في بعضنا تلبس الشيطان ومتقمصاً فينا تقمص الذئب لجدة ليلى لا يتوقف ولا ينتهي بل يخلق عنفاً آخر.

* إن لتربية الأسرة وسلوكية الأبوين أثراً بالغاً على تحديد الشخصية العنيفة العدوانية إذ يتوخى الأطفال الذكور تقليد الأب والانجرار خلف سلوكياته والتطبع بها من دون مراعاة للقيم التي قد لا يعرفونها بعكس الإناث اللواتي يتوخين تقليد سلوكيات أمهاتهن من دون مراعاة للقيم التي قد لا يعرفنها أيضاً. وبديهي أن هذا الانجرار يصاحبه مباركة من الأبوين أو لنقل التغاضي عنهما أما المهاترات والضرب العائلي فينتقل بصورة لا إرادية وبالمحاكاة إلى الأطفال ليصبح سلوكية الأبناء بالروح العدوانية والتهجمية المصاحبة للعنف وعليه ينصح علماء الاجتماع بعدم استعراض أي من تلك الحالات أمام الأطفال ولتكن بمعزل عنهم.

* وعلى الرغم من اختلاف تأثير الحرمان الأمومي وحتى الابوي من طفل لآخر ومن مجتمع لآخر علاوة على التمييز والتفريق بين الأطفال ببعضهم البعض وعلى الرغم من أن الكثير من الأطفال المحرومين ينشأون بصورة سلوكية سوية بعدئذ إلا أن الحرمان الأمومي والأبوي بكافة جوانبه المادية والمعنوية يعتبر من اهم حوافز ومولدات العنف والسلوك غير الهادئ وذلك نظراً لما يتركه هذ الحرمان من آثار عميقة في المجالات الذهنية والاجتماعية والعضوية أحياناً وحتى على كيمياويات الافرازات الهرمونية في جسم الفرد ـ وتتجلى آثار الحرمان الأمومي والابوي كظاهرة منتشرة في دراسة بيرز واوبرز (1950) على عينة من 38 مراهقاً سبق وأن دخلوا مؤسسات الرعاية الاجتماعية بين الأسبوع الثالث والسنة الثالثة من عمرهم حيث لوحظت تلك النتائج بصورة جلية في أعمارهم بين السنة السادسة عشرة والثامنة عشرة حيث تعرض 21 شخصاً منهم إلى اضطرابات وطبيعة عدوانية وشراسة حادة بينما عانى أربعة فتيان من العينة ذاتها من التخلف العقلي وعاقد اثنان منهم العصاب ولم ينج إلا سبعة مراهقين حيث كان سلوكهم مقبولاً. وتتجلى انعكاسات الحرمان الأمومي بصورة واضحة على التوأم وكذلك الأطفال المولودين بصورة متعاقبة وبفاصل زمني متقارب.

* وليس هذا فقط بل إن الصدمات النفسية المبكرة والاعداد غير السليم لوضع المراهقين والنشاط الجسمي وعدم القدرة على تحقيق الرغبات كل ذلك يزيد الانفعالية الناتجة عن عدم الانتظام في الافرازات الهرمونية في خلايا الجسم والذي يؤدي بدوره إلى السلوكية العدوانية والعنف.
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس