عرض مشاركة واحدة
قديم 20-04-2004, 02:33 AM   #4
جروح تبتسم
( عضو دائم ولديه حصانه )


الصورة الرمزية جروح تبتسم
جروح تبتسم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2326
 تاريخ التسجيل :  08 2002
 أخر زيارة : 07-06-2006 (01:48 PM)
 المشاركات : 2,518 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


الإيمان عصم المسلمين من زلة الانتحار

تؤكد الإحصاءات العالمية أن نسبة الانتحار وأمراض العصر الأخرى، مثل القلق والتوتر والاكتئاب في ارتفاع مستمر، خاصة بين النساء، وعن دور علم النفس الإسلامي في حل هذه المشكلة ..وكيفية الوقاية منها تتحدث د. سعيدة أبو سوسو رئيس قسم علم النفس بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر من خلال هذا الحوار.

هل ما يسمي بأمراض العصر النفسية تؤثر في المجتمع المسلم؟ وهل النساء أكثر عرضة لهذه الأمراض؟ وما هو سبيل الوقاية منها؟

القلق والاكتئاب والتوتر ربما الانتحار من سمات العصر الحديث، والنساء أكثر تأثرا بهذه الأمراض حقيقة حسب ما تؤكده الإحصاءات؛ لأن المرأة عاطفتها عالية، وقدرتها الانفعالية عالية، إلى جانب أنها ضعيفة بتكوينها الفطري ومن ثم فهي أكثر تأثراً بالظروف المحيطة بها، ولكننا يجب أن ندرك أن التمسك بالقيم الدينية على مستوى الأفراد والجماعات هو الوسيلة الوحيدة للإشباع الروحي والنفسي، ويجب أن ندعم ذلك حتى لا تقع مجتمعاتنا فيما وقعت فيه الحضارة الغربية التي انساقت في تيار التقدم والرفاهية وإشباع الرغبات الحسية وأغفلت التربية الخلقية والدينية، وبالتالي فهي تعاني من انتشار الفساد الأخلاقي، وانفراط عقد الأسرة وانهيار الروابط الأسرية، وكان من نتائج ذلك زيادة نسبة الانتحار والأمراض النفسية وعقوق الوالدين ووضعهم في دور المسنين وإبعادهم عن الجو الأسري.

ولوقاية الأسرة من الانهيار يجب أن يكون هناك أرضية صلبة من الأخلاق والدين. هذا هو السبيل الوحيد حتى يشعر الناس بالسعادة والرضا والقناعة والإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره حلوه ومره، وهذا بدوره يؤدي إلي التخفيف من التوتر والقلق والخوف، فالاعتماد على الله يشعر الإنسان بالأمان وعدم الاضطراب والخوف، وللقيم الدينية دور في تنمية ضمائر البشر والارتقاء بمستواهم الأخلاقي والسلوكي، وإتباع المنهج القرآني والسنة النبوية يقضي على أي قلق أو مرض نفسي؛ لأن الإسلام دين الفطرة، والالتزام به يشفي النفس البشرية من كل الأمراض؛ فالإسلام علاج فعال لأمراض الترف والرفاهية من خلال زكاة المال والتكافل؛ لأن ذلك يريح النفس ويدخل البركة في الحياة، وهناك نقطة يجب ألا نغفلها وهي أن المجتمع الإسلامي هو مجتمع مثل أي مجتمع آخر معرض لما يتعرض له غيره من المجتمعات للأمراض النفسية خاصة أن الظروف العالمية أصبحت متشابهة، ولكن الخلاف يكمن في الأساليب التي يواجه بها البشر مشكلاتهم فالعقائد الأخرى والنظريات السياسية والثقافية والاجتماعية والفكرية ثبت فشلها بمرور الوقت؛ لأنها نتاج العقل البشري المحدود، وفي كثير من الأحيان تدفع المؤمنين بها إلى الإحباط واليأس والانتحار، أما الأديان السماوية فهي وحي من عند الله فيه الحقيقة المطلقة وفيه علاج النفس، ولكن الأديان طالها التحريف والتبديل.. ولم يبق إلا الإسلام، علاجاً لمشكلات البشر السياسية والاجتماعية والفكرية والنفسية.

كيف استفاد علم النفس الحديث من خبرة العلماء المسلمين؟

نستطيع أن نقول بلا أدني تكلف أو مبالغة إن المسلمين هم الذين أسسوا علم النفس، فما أروع مدرسة أبي حامد الغزالي في التربية وتعديل السلوك. وملخص علم النفس الحديث هو مجال السلوك الإنساني بتفاصيله. والماوردي له باع كبير في هذا الشأن وكذلك ابن حزم وابن رشد و الرازى، ولابن تيمية وابن القيم مدرسة متميزة أيضا في علاج النفس وصقلها وتطهيرها. ولا يملك الغربيون معشار هذا التراث الإسلامي الهائل في مجال علم النفس.

القرآن والسنة النبوية أتوا بمبادئ عامة مثل القناعة، والإيمان بالقضاء القدر، وتفويض الأمر إلي الله، وعدم التطلع إلي ما عند الغير، وعدم الحسد، ثم مساعدة المحتاج والسخاء والإثيار وحب الخير للناس، كل هذه مبادئ تغسل أدران النفس الإنسانية من الداخل.

لكن رغم امتلاكنا في البلاد العربية ولإسلامية لهذا التراث الهائل في علاج النفوس إلا أن الأمراض النفسية تنتشر لدينا وهى في ازدياد؟

نحن ننظر لهذه القضية بأكثر من منظور، فمن ناحية نسبة الانتحار في مجتمعاتنا الإسلامية تكاد تكون معدومة بالمقارنة بمثيلاتها في الدول الغربية، ولا يمكن إغفال دور الدين في الحد من ظاهرة الانتحار، أما القلق والتوتر فهو ظاهرة عصرية في كل دول العالم وتزداد بازدياد واتساع حجم الأعمال والأموال.

في مدينة نيويورك أجروا دراسة قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر أثبتت أن التوتر والقلق هما أعلي الأمراض التي يصاب بها أهل هذه المدينة النشيطة ـ عاصمة التجارة العالمية، ثم أجروا دراسة أخرى اتضح منها أن رجال الأعمال الذين ترتبط مهنتهم بالسفر الدائم هم أعلي الناس إصابة بالتوتر والقلق، فالذي يخسر في البورصة هناك ينتحر، أما عندنا فهو يبدأ من جديد كما أن لدينا بقية من تكافل اجتماعي فالعائلات تعين أبنائها، والأقارب لا يتخلون عن بعضهم في الشدائد، والأب يزوج ابنه وابنته وكل ذلك يقلل من حدة التوتر والقلق.

والمبدأ الإسلامي العظيم في التوكل على الله وعدم التواكل وبذل الجهد والأخذ بالأسباب ثم ترك النجاح أو عدم التوفيق لله وحده، يشفي صدر المسلم ويجعله لا يحزن كثيراً على الفشل بل يحاول مرة ومرات، ومن ناحية أخرى فإن القيم العلمانية بدأت تنتشر في بلادنا الإسلامية وتحل محل القيم الإسلامية في التعليم والثقافة والإعلام، ولو كانت القيم الإسلامية تجد من يحرص على تفعليها لكان الحال أفضل مما نحن عليه بكثير.


هل صحيح أن المرض النفسي في صفوف النساء أكثر منه بين الرجال؟

حالات التوتر والاكتئاب والقلق لا نستطيع أن نقول إنها مرض نفسي، فالمرض النفسي له أعراض أخرى ووضع آخر، أما حالات التوتر فهي لدي النساء أكثر كما قلنا، لطبيعة التكوين النفسي وزيادة الحساسية لدي المرأة، وفي مجتمعاتنا نجد أن كثيراً من النساء يتحملن عبء الأسرة كالمطلقة والمتوفى عنها زوجها، أو زوجة العاطل التي تضطر للخروج للعمل لتنفق على زوجها الذي يدمن الجلوس على المقاهي، والمرأة الشعبية التي تخرج للعمل في الحقول وفي تنظيف المنازل في المدن، كل هؤلاء يتعرضن لضغوط هائلة ويقع عليهن عبء إعالة الأسرة ويواجهن مشكلات متعددة، وبالتالي يزيد التوتر والاكتئاب لديهن وهذا أمر طبيعي فالمرأة تحمل الهموم أكثر من الرجل.


كيف يمكن للعقيدة أن تؤثر على الحياة النفسية للإنسان؟

الالتزام بالمنهج الإلهي في أمور الاعتقاد والعبادة والسلوك والمعاملات كفيل بأن يغسل الإنسان من أدرانه ومشاكله، ويبعده تماما عن الهواجس والظنون والاكتئاب والقلق.. الخ، فوضوح الرؤية الاعتقادية وهي تعني تصور الإنسان عن نفسه وعن خالقه وعن الكون الذي يعيش فيه وعلاقته بالله وبالكون وبالبشر الآخرين، كل هذه الأمور إذا صيغت صياغة غير إسلامية صحيحة فإنها تورث الأرق الفكري والاضطراب وعدم الاطمئنان والضلال، وهذا يؤدي بدوره إلى المرض النفسي؛ لذلك وجدنا أن الفلاسفة الذين تحدثوا في هذه الأمور حديثاً ضالاً وبعيداً عن المنهج الرباني كانوا يعانون من مشكلات نفسية، أما المسلم فإنه إذا فهم عقيدته فهماً سليماً ترتاح نفسه ويستقر فؤاده، كذلك إذا قام بالعبادات التي أمره بها الشرع يطمئن قلبه بالصلاة والصيام والزكاة والحج والصدقات فيشعر أنه مصدر خير للآخرين وسعادة لهم فيسعد بذلك ويتمنى أن يطول عمره ليحسن عمله، لا أن ينتحر مثلما يفعل غير المسلمين.

والإسلام يأمر المسلم بأن يصفح ويتسامح ويعفو ويصبر فتصفو نفسه ولا يحمل الغل والضغينة للناس، والإسلام يأمر المسلم بالتوكل على الله وتفويض الأمر إليه والتوكل عليه، وأنه هو الرازق فيطمئن على رزقه ومصيره وأن الله لا ينام بل يرعاه وينصره فتستقر نفسه وتهدأ وبهذا يعتبر الإيمان غسلا للنفس من كل أمراضها.


 

رد مع اقتباس