27-12-2014, 11:51 AM
|
#1
|
عـضو أسـاسـي
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 46734
|
تاريخ التسجيل : 04 2014
|
أخر زيارة : 19-02-2022 (09:06 PM)
|
المشاركات :
1,381 [
+
] |
التقييم : 12
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
قصة جدار فرتونة ودجاجها
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
روى الإمام ابن عبدالحكم في سيرة عمر بن عبدالعزيز ، أن عمر كان يأمر أصحاب البريد أن يحملوا إليه كل كتاب يُدفع إليهم ، فخرج البريد ( الرسمي ) من مصر يوماً ، فدفعت جارية اسمها ( فرتونة السوداء ) مولاة رجل يسمى ( ذا أصبح ) كتاباً تذكر فيه أن جدار منزلها قصير وأنه يقتحم عليها منه فيُسرق دجاجها .
فكتب إليها عمر : بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبدالله عمر أمير المؤمنين إلى فرتونة السوداء مولاة ذي أصبح ، بلغني كتابك وما ذكرت من قصر حائطك وأنه يدخل عليك فيه فيسرق دجاجك ، وقد كتبت إلى أيوب بن شرحبيل آمره أن يبني لك ذلك حتى يحصنه مما تخافين إن شاء الله . والسلام
فيا أيها القراء سألتكم بالله : هل تتصورن أن يكون في الدنيا شخص أهون على الناس وأدنى منزلة فيهم وأقل شأناً من هذه الجارية السوداء ؟ وهل تتصورن أن يكون في الدنيا رجل أسمى مكانة وأكثر شغلاً وأعز وأكرم من عمر الذي كان يحكم وحده ما بين حدود فرنسا وحدود التبت ، لا راد لحكمه ولا ناقض لإبرامه ، وليس فوقه إلا الله ؟ وهل تتصورن أن يكون في الدنيا موضوع أتفه وأسخف من جدار فرتونة ودجاجها ؟
ومع ذلك لم تمنع عمر بن عبدالعزيز جلائل الأمور من أن يهتم بشكاة فرتونة ، ويكتب بشأنها إلى والي مصر وقائدها العام أيوب بن شرحبيل ، وأن يجيبها مطمئناً ومخبراً .
هذا خبر من آلاف الأخبار التي يطفح بها تاريخنا أسوقه إلى رجلين : رجل يزهد في تاريخنا ويحقره ويولي بوجهه تلقاء الغرب في كل شيء ، يظن أن الخير لا يأتي إلا منه ، والنور لا ينبثق إلا من جهته ، وينسى أن الشرق تشرق منه الشمس ، ومن الغرب تأتي الظلمات .
ورجل ولي ولاية ، أو نال وزارة ، فتكبر وتجبر ، وطغى وبغى ، وحسب أنه ساد الدنيا ، فلم يعد يرد على كتاب ولا يحفل بشكاة ولا ينظر إلى أحد ، لعله يتنازل فيرضى أن يكون بمنزلة عمر الذي كانت الدولة السورية كلها ضيعة واحدة في دولته ، ثم لم يمنعه ذلك أن يهتم بحائط فرتونة السوداء ودجاجاتها ، وأن يشغل والي مصر وقائد جندها بشأنها ، وأن يرد بيده على كتابها
من الشرق تشرق الشمس
ومن الغرب تاتى ظلمات بعضها فوق بعض
|
|
|