إذا أقبل البعراط طاح بهمة !!
أعجبتني بعض أبيات شعر قرأتها لأحد الشعراء ، هذه الأبيات لها معان سامية وِعبر جليلة تدل على عمق الشاعر وجزالة أسلوبه ، هذا الشاعر استطاع بجدارة أن يقرأ ما وراء الكواليس وأن يضع النقاط على الحروف ، فيالهّ من شاعر .
ولكن أشترط عليك عزيزي القارئ حتى تتابع معي قراءة هذا المقال أن تكون ذكياً
فطناً ...الخ . أما إذا كنت قليل الفهم أو ممن لا يفهم ، فأنصحك أن تنصرف عن هذا الموضوع إلى غيره من الموضوعات ، ونرجع إلى شاعرنا الفحل وإلى قريحته الشعرية وما قرضه من جميل الشعر قال فيه :
تدفق في البطحــاء بعد تبهـطل ------- وقعقع في البيداء غير مزركـل
وسار بأركان العقيش مقرنصــا ً------- وهام بكل القارطات بشـــنكل
يقول : وما بال البحــاط مقرطماً ------- ويسعى دواماً بين هك وهنكـل
إذا أقبل البعراط طـــاح بـهـمة ------- وإن أقرط المحطوش ناء بكلكل
يكاد على فرط الحطيف يبقبـــق ------- ويضرب ما بين الهماط وكندل
فيا أيها البغقوش لست بقــــاعد ------- ولا أنت في كل البحيص بطنبل
أرأيت كيف طاف بنا الشاعر في رحاب واسعة ، فياله من خيال واسع ويا لها من ألفاظ عذبة وسهلة تصل إلى سويداء القلوب قبل وصولها إلى طبلة ومطرقة وسندان وركاب الأذن .
ومع سهولة معاني هذه القصيدة على أولي الأفهام إلا أني أخشى أن بعض متوسطي الفهم قد يجهلون بعض معاني كلمات هذه القصيدة ، لذلك نقلت لكم شرح المقصود من هذه الكلمات لتعم الفائدة ويعظم النفع وإليك بيان ذلك :
تبهطل : أي تكرنف في المشاحط
المزركل : هو كل بعبيط أصابته فطاطة
العقيش : هو البقس المزركب
مقرنطاً : أي كثير التمقمق ليلاً
القارطات : هي جميع قارطة واحدة من القارطات .
البحطاط : أي الفكاش المكتئب
مقرطماً : أي مزنفلاً
هك : الهك هو البقيص الصغير
البعراط : هو واحد البعاريط وهي العكوش المضيئة
أقرط : أي قرطف يده من شدة البرد .
المحطوش : هو المتقارش بغير مهباج
الحطيف : هو البعيق يبقبق ( أي يهرتج بشدة )
الهماط : هو واحد الهماميط وهي عكوط تظهر ليلاً وتختفي نهارا
الكندل : هو العنجف المتمارط
البغوش : هو المعطاط المكتنف
البحيص : هو وادٍ بشمال المريخ
الطنبل : هو البعاق المتفرطش ساعة الغروب .
وبعد هذا الشرح المفصل للألفاظ والكلمات ، نود أن نذكر أن قائل هذه الأبيات هو الليث بن فار الغضنفري ، وهو من قبيلة الكبابعة ، وكان شاعراً فطحلاً ، روى الشعر وهو ابن عشرة أيام ، وله تسعة وتسعون ديواناً من الشعر طبعها كلها في أمريكا على حساب بوش الخاص ، وذلك قبل أن يكتشفها كريستوفر كولمبس بعشرين قرناً من الزمان .