بين وسواس الموت و الإحساس !
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اخواني الموسوسين أتحدث إليكم من كبد المعاناة كما يقال ..
أنا موسوسة مثلكم .. الوسواس الشهير و الذي أعتبره الأشد لأنه يخص أمرا غيبيا .. وسواس الموت ..
المهم ما أردت التحدث عنه هو العذاب الشديد الذي يعايشه الموسوس خاصة في بداية معاناته ألا و هو تصديقه الجازم أن ما به احساس حقيقي و أن الله يريد انذاره قبل موته فيرى كل شيء علامة على دنو أجله و كل ما في الدنيا يودعه و أنه مغادر قريبا و كلما صدق هذه الفكرة يشتد احساسه أكثر فيزيد خوفه فتقوى الفكرة ثانية ثم الاحساس و هكذا يدخل دائرة مفرغة يضيع فيها و كلما طال الوضع كلما ظهرت الأعراض النفسوجسدية فيقع في وسواس آخر و هو وسواس الأمراض و الإغماء و ربما الجوع و العطش مهما أكل و شرب كما حدث معي رغم فقدان الشهية !! و كل ألم يظنه الموت خاصة الرجل إذا بردت >> خلاص بدأت السكرات .. حتى يشعر المسكين أنه على حافة الجنون أو الإنهيار !!
هذا كله في كفة و الأفكار الوسواسية في كفة أخرى .. إذا خرجت ستموت ، أنت تدرس لأنك ستموت ، أنت جالس مع أهلك لأنك ستموت ، ستموت و تفارق أهلك و تبقى وحيدا و ستشتاق إليهم ، ملك الموت قادم سيظهر لك في أي لحظة ، ستتعذب عذابا شديدا أصلا من أنت حتى تدخل الجنة ، ذنوبك كثيييييرة نسيت يوم فعلت كذا و كذا و كذا ................... و الكثييييييير الكثييييييييير مما لا يسعني ذكره ..
المهم ما أود التركيز عليه حقا هو : هل هناك من شعر أنه سيموت و مات حقا ؟؟!
في بداية مرضي بحثت طويلا عن هذا الموضوع و وجدت أنه مجرد خرافات و هذا في نظر الدين فلا يعلم الغيب إلا الله و لو كان الأمر حقيقيا لورد شيء من هذا في سنة رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم ..
أما في نظر المجتمع الذي يزخر بالخزعبلات استخلصت التالي :
1 - قد تجدون قصصا كثيرة تؤكد هذه المقولة و لكن أغلبها يحكي تغيرا في السلوك دون التصريح بالشعور بدنو الأجل على عكس حالنا و ما هي إلا نسبة قليلة لا يمكن الأخذ بها ..
2 - حسب رأيي البسيط و المتواضع فإن معظم هذه القصص ناتجة عن ربط الأحداث ببعضها و حب الإنسان بطبيعته زعمه التنبؤ بالغيب خاصة تحت الصدمة ..
فيتوب أحدهم و يموت بعد يوم أو شهر أو حتى سنة فيقولون تاب لأنه شعر أنه سيموت !! ألم تروا الكم الهائل من البشر الذين يتوبون يوميا و يحيون طويلا و لله الحمد و قد يصبحون دعاة إلى الله ،، حفظة لكتابه !
و آخر يتصل بأهله ثم يموت فيقولون كان يحس فأراد توديعهم .. أها لم أكن أعلم !! والدي حفظه الله في أمسية من الأمسيات عاد إلى المنزل كئيبا ثم أخذ الهاتف و اتصل بإخوته واحدا واحدا حتى خفت عليه لأني كنت مقتنعة بهذه القصص و لله الحمد مازال حيا و مضى على القصة عامان تقريبا !
و أختي في مرة من المرات أخذت هاتفها و تصورت معنا واحدا واحدا فخفت أن تكون شعرت بشيء ما فأرادت أن تترك لنا ذكرى عنها و لكن لم يحدث لها شيء و لله الحمد !
و على العكس عمتاي توفيتا رحمهما الله و ما بدر منهما أي فعل غريب !
كم من شخص يلوح بيده لأهله مودعا عند مغادرته و لكن إن مات قالوا كان يشعر !
كم مرة تحدثنا عن الموت و قلنا لشخص خذني معك أو سأتبعك أينما ذهبت و لكن إن مات الأول و بعده الثاني قالوا كان يشعر !
كم مرة نصحك والدك و طلب منك التفكير بمستقبلك و أنك رجل البيت و أنت ستعتني بالأسرة بعده و لكن إن مات حفظه الله لقلت كان يوصيني !
كم مرة أنا - قبل هذا الوسواس - و عديد من أهلي و معارفي شعرنا أن نهايتنا اقتربت حتى أن احدى صديقاتي أوصتني و لم يحدث شيء و لله الحمد .. لذا إن حدث و توفي شخص كان يشعر بدنو أجله فلا أراها إلا محض صدفة !
المهم ما أود الوصول إليه أن هذا الموضوع غيبي و لا يمكن التنبؤ به أو الشعور باقترابه فكم من شخص مات على معصية ؟؟ إن كان يشعر ألم يكن سيسارع للتوبة ؟؟
و في نفس الوقت لا أكذب القصص كلها رغم عدم اقتناعي بها و لكنها فئة قليلة لا يمكن الأخذ بها و لا إيقاف حياتنا و القصة قد تكون كذبة أصلا !!
أريد أن تنزعوا هذه الفكرة من رؤوسكم و لا تعلقوا حياتكم على روايات تحتمل الكذب أكثر من الصدق بكثير !
ما تعانون منه وسواس ليس إلا فحتى من زعم أهاليهم أنهم شعروا بدنو أجلهم ما كانوا خائفين و لا قابعين في منازلهم بل واصلوا حياتهم و عاشوها حتى آخر لحظة !
أنتم أحياء يا رفاق و الحياة تناديكم فلا تدفنوا أنفسكم أحياء ..
ربنا سبحانه و تعالى قال : " و لا تنس نصيبك من الدنيا " لا يعني ممنوع ،، لا يجوز لك ألا تعيش ،، ألا تستمتع ..
انهضوا و عودوا إلى حياتكم .. اندمجوا في المجتمع ..أتعلمون ماذا تفعلون الآن أنتم كمن يرفض مشاهدة فيلم جميل فقط لأنه سينتهي !!
يااخوة تجاهلوا كل أفكاركم ،، أعلم أنها تحزنكم ،، توجعكم ،، تجلدكم من الداخل .. أدري أنكم تنزفون ،، تتألمون و لكن الحل بأيديكم صدقوني !
و أنا مازلت أعاني .. ما زالت الأفكار تثبطني و لكنني لا أستسلم و بإذن المولى لن أستسلم ..
أكتب لكم و في خوف و توتر و أفكار الله أعلم بها و لكني تابعت لأن هذا ما أريده و سأفعل ما أريد أنا فهذه حياتي أنا و سأعيشها كما كتبها الله و خططت لها أنا وحدي و لن أسمح لأحدهم أن يسرقها مني !
أتمنى أن تقتنعوا و لو قليلا و تزول عنكم المخاوف و لو قليلا و ما كتبت ما كتبت إلا لأريحكم ..
فإن أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي و الشيطان
أسأل الله أن يشفيني و إياكم و يجمع لنا بين الأجر و العافية و يجعلنا ممن طالت أعمارهم و حسنت أعمالهم
أستودع الله نفسي و إياكم
|