25-05-2004, 08:17 PM
|
#4
|
عضو نشط
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 3612
|
تاريخ التسجيل : 02 2003
|
أخر زيارة : 06-03-2005 (03:20 PM)
|
المشاركات :
118 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بحر الغموض الموقرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم ينطلق لسان عقلي ولم تتحرك اناملي الا بعدما برهن العقل للفكر ان موضوعك قد غاب وأححبت ان أغرسه بعد ما اجتث في العقول .... وياليت قومي يعلمون.
شكرأ لك اختي الكريمه لتذكرينا بما نحاول ان ننساه وجزاك الله خيرا
تكملة ماسبق
ثانياً: العناصر الموضوعية:
يقصد بها مجموعة أو جملة المسائل الفكرية والسلوكية المتعلقة بموضوع الحوار، وطبيعة الجو العام الذي يجب أن يسوده معرفياً ونفسياً...
أ: مضامين الحوار وموضوعاته:
من الطبيعي أن تكون جميع الأطراف المتحاورة على علم بماهية الأفكار والمعارف مدار الحوار والبحث، مع وجوب تحديد سياق وإطار الفكرة ومحدداتها العامة... التي يراد إثباتها أو نفيها... كي لا يتحول الأمر في حال الجهل بطبيعة الفكرة إلى ممارسة أساليب التهريج والمهاترات الفكرية إذا جاز التعبير التي قد تصل حد توجيه السباب والشتائم، الأمر الذي يعقد مناخ الحوار، ويسقط الأطراف المتحاورة في فخ الضعف والهزيمة الفكرية والعجز عن الدفاع عن الفكرة المطروحة، لذلك يجب أن نعرف جيداً، كيف نبدأ الحوار، وكيف نخوض غماره، وعلى أي أساس ننهيه، وما هي سبل حماية جوه العام؟ وذلك من أجل إجراء هذا الحوار بأداء نوعي فعال، فيما يتعلق بوضوح الرؤية، وهدوء الفكر، وقوة الحجة ووداعة الكلمة... وقد أعطانا القرآن الكريم بعض النماذج البشرية التي وقفت ضد الرسول والرسالة، من دون أن يكون لها إحاطة ومعرفة فيما تأخذ، وفيما تدع، كما في قوله تعالى: (ها أنتم حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم واللَّه يعلم وأنتم لا تعلمون) (آل عمران: 66).
إننا نجد أن خوض عملية الحوار تتطلب جهداً فكرياً والتزاماً واعياً، يجب أن تبذله الأطراف كافة في ملاحقة المبادىء، والانتقال المرحلي لآليات الحوار، على أساس الإحاطة بالفكرة، وضبطها في مسارها الطبيعي... وقد نرى، في واقعنا المعاصر، الكثير من الأمثلة (نخب ومفكرين)، التي تمارس دوراً عكسياً في هذا المجال، حيث تراهم يتحدثون باسم التيار الذي يمثلونه، وهم ليسوا على معرفة أو يقين بطبيعة المبادىء التي يقوم عليها، بل قد يحركون بعض المفاهيم الفكرية القلقة والغاية التي تعبر عن ضعف عام في بنيتهم المعرفية، وجهل فاضح في وعي الفكرة الأساسية للحوار، الأمر الذي يسيء كثيراً إلى بقية المعارف والأفكار والطروحات، ويفتت الوحدة الفكرية المتكاملة التي هي إحدى القواعد الأساسية للعمل الفكري... (إن الذين يجادلون في آيات اللَّه بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ باللَّه إنه هو السميع البصير...) (غافر: 56)...
ب: معرفة الأسلوب العام للحوار:
يبدي الإسلام اهتماماً بالغاً بأسلوب الحوار، أي بالطريقة المنهجية التي يجب أن تدار من خلالها دفة الحوار، بحيث تعطي نتائج إيجابية على صعيد الهدفية العامة للحوار... تخدم جميع أطرافه، وتربطهم بالنتائج المثمرة والصحيحة للمقدمات الصحيحة... لذلك اعتمد الإسلام في ممارسة أسلوب الحوار على الطريقة السليمة (الخالية من العنف والانفعال) التي تقدم الفكرة، وتوضح القضايا والمسائل المختلفة بطريقة هادئة ومنفتحة، فيها كل المحبة واللين والشعور النفسي الخلاق في الوصول إلى الحقائق المؤثرة... وقد ركز القرآن الكريم على هذه الطريقة بأسلوب "التي هي أحسن": (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) (النحل: 125).
إن هذه الدعوة والحركة المنفتحة المنطلقة نحو أهدافها العالية والطموحة هي التزامات واعية وسلوك هادف يدعو إلى نبذ العنف في الحوار... وبالمقابل نجد أن الإسلام عندما دعا إلى ضرورة اتباع الأسلوب الهادىء والسلمي في عملية الحوار فإنه يؤسس لذلك من موقع القوة الفكرية والرصيد الجماهيري العام كما تحدثنا سابقاً وعدم قبول دعوة الحوار إلا بتوفر شروط التوازن والاعتدال، ضمن ظروف سياسية معينة لا يستغلها هذا الطرف ضد الطرف الآخر. أي ضرورة عدم وجود قوى رئيسية تمتلك من الناحية السياسية والأمنية ما لا تمتلكه الأطراف الأخرى الأمر الذي يؤدي إلى انحراف الحوار عن طريقه الحقيقية لجهة تحقيق الهدف الذي يفيد كل الأطراف... كما ويؤكد الإسلام على أن الحوار العام في خطه "السلمي" الذي قد يقود إلى إلغاء الآخر ونفي وجوده وحشره في القمقم، ليس مقبولاً على الإطلاق بل لا بد من تضافر وتعاون جهود المعنيين بالحوار، فيما يتعلق بأهمية سلوك الواقع المتزن سياسياً وفكرياً، لتحقيق وإنجاز شروط الحوار العقلاني الهادىء والمتوازن والسلمي...
ثالثاً: العناصر النفسية والسلوكية:
تتجلى في وجوب التمهيد النفسي والروحي لعملية الحوار...
أ: نقاء وهدوء الأجواء واستقلالية التفكير:
وذلك من خلال تدعيم السلوكية العقلانية، والانفتاح الروحي، والتجدد المفاهيمي بحيث يمكن لكل فريق أن يكون مستعداً للدخول في حوار مع الآخر، يسمعه ويتعاون معه، بكل حرية ومسؤولية، بعيداً عن الأجواء الحماسية السلبية التي تثير الفوضى واللامبالاة والاضطراب النفسي في وجه الوصول إلى قناعات فكرية مشتركة... لأن العصبية والانفعالية، في أثناء الحوار، تؤثر سلباً على الأداء العام للمتحاورين، فقد يبتعد الإنسان عن الوقوف مع نفسه، وقفة تأمل وتفكير، وقد يخضع في قناعاته وأفكاره للجو الاجتماعي الذي تنطلق فيه الجماعة في أجواء انفعالية حماسية لتأييد فكرة معينة أو رفض فكرة خاصة فيستسلم الإنسان لها استسلاماً لا شعورياً، كنتيجة طبيعية لانصهاره نفسياً وعملياً بالجو العام وذوبانه فيه... الأمر الذي يفقده توازنه النفسي واستقلاله الفكري، وشخصيته المميزة، فيعود ظلاً باهتاً للجماعة...
إن رفض الفكرة أو تبنيها، أو انسجامها وتلاقيها مع الهدف الحقيقي للحوار، أو عدم ذلك فيما يضمن للجميع إرادة التفكير الذاتي المستقل، إن ذلك لا ينمو في الأجواء المشحونة بالحماس والعاطفة الغرائزية، التي تفرض استهلاكاً للكلام في إطار من التقاذف بين كل الأطراف، وخاصة عندما نجد لديهم إحساساً عميقاً بقداسة الفكرة التي يؤمنون بها ويتحاورون فيها، الأمر الذي يخلق لديهم ارتباطاً نفسياً بين الذات المحاورة والفكرة (موضوع البحث والحوار)، فتصبح الذات هي الفكر، وهذا ما سيؤدي حتماً إلى تعكير جو الحوار، ونسف هدوئه واستقراره النفسي عموماً وتأخير الوصول أو عدم الوصول أصلاً إلى نتائج حاسمة في هذا المجال... إن الحقيقة هي المقدسة، والجو العام الهادىء للحوار هو أيضاً مقدس، والمسلمات المشتركة البديهية التي تتفق عليها أطراف الحوار هي مقدسة كذلك، فلا قدسية للآباء ولا للأجداد، ولا لأي إنسان آخر مهما علا شأنه وارتفع رصيده الفكري والسلوكي والأخلاقي... لأنني لست مستعداً أن أدخل في حرب كلامية تقاذفيه إذا صح التعبير قد تؤدي إلى حرب دموية وإشكالات كثيرة تعطل هدف ومعنى وجودي في الحياة من أجل إنسان ما، عاش في الزمن الماضي الغابر، وكانت له ممارساته وأفكاره وقيمه التي قد تتناسب مع طبيعة حركته في ذلك العهد... فاللَّه تعالى قد أكرمني بالعقل المستنير والتفكير المستقل الحر الذي يلاحق الفكرة الصحيحة والهادفة، وبقدر ما يلتزم ويمارس هذا الإنسان الفكرة المبدأ، بقدر ما ألتزم بممارستي سلوكية ذلك الإنسان المتوازن في حركة الواقع... إنني أحترم الشخص وأقدر سلوكيته عندما يعبر حركياً عن صدقية الفكرة أصدق تعبير وأعتبره قدوة لي في الحياة، مع وجود ضمانات عملية حتى لهذه القدوة الشخصية... لذلك إن مسألة دخول الحوار مع وجود أفكار مقدسة جاهزة مسبقاً، وصاغها شخص ما له قدسيته "السلبية" في نفس الطرف الآخر للحوار، هي مسألة معقدة تخنق الحوار وتهز توازنه وتلغي علميته وموضوعيته، من هنا أكد القرآن على وجوب قدسية الفكرة الحقيقة فقط، وعلى ضرورة ألا يمارس الإنسان سلوكية ونفسية الحاضر من موقع الآخر (الماضي) إلا بقدر انسجام فكره وقيمه مع الحقيقة المتكاملة الموازنة لهدفية أصل الوجود والحياة، لذلك علينا أن ندرس التراث دراسة واعية في مستوى المسؤولية والموضوعية والعلمية... لأن التراث كان فكرة أناس جربوا، وقد تكون تجربتهم خاضعة للظروف الموضوعية التي كان يمثلها زمنهم، لذلك هم كسبوا فكراً آخر: (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون) (البقرة: 134)...
(وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل اللَّه قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون) (البقرة: 170)...
إن الأجواء الصافية الهادئة، كمقدمة للعمل الحواري، لا بد وأن تنتج، مع توافر شروط أخرى، حواراً أخلاقياً ومبدعاً وهادفاً، ينسجم إيجاباً مع تطلعات وطموحات جميع الأطراف المتحاورة، هذا يقودنا إلى مسألة تعدد هذه الأطراف في الحوار العام، وضرورة بناء مفاصله المتحركة على أساس أن يخدم الفكرة المراد تحقيقها من خلاله، وهذه التعددية هي في الأساس أن نعترف ببعضنا البعض، أنا أعترف بالآخر وأتقبله ككائن ثقافي انتمائي يحمل أفكاراً معينة قد نتفق في بعضها، وقد نختلف معه في بعضها الآخر، لتكون مسألة الحوار هي اعتراف بإنسانية هذا الإنسان في أن تكون له استقلاليته وحريته وإدارته الخاصة في طريقة التفكير والوعي...
إلى ذلك فقد رسخ القرآن الكريم قضية التفكير المستقل في الجو المعتدل والهادىء، ودعا الجميع إلى ممارسة ذلك والانفصال عن الفعل الحماسي الانفعالي، الذي يخضع الفكرة لقدسية معينة (نصية أو روحية...) وربط ذلك بهدوء العقل وسلامة الفكرة الحقيقية من خلال ضرورة عقلنة العاطفة، وإلباسها رداء العقل والتفكير الواعي..
|
|
|