25-05-2004, 08:17 PM
|
#5
|
عضو نشط
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 3612
|
تاريخ التسجيل : 02 2003
|
أخر زيارة : 06-03-2005 (03:20 PM)
|
المشاركات :
118 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
. لأن الدين لا يتابع حركته في الإنسان من موقع اللاعقل، بل يؤكد العقل كعنوان لكل حركة المصير في الإنسان في الدنيا والآخرة والانفصال بل وعدم الانخراط في الهستيريا الجماعية والجو العام المحموم للمجتمع الذي يجعل اللاوعي يتحكم في قراره وتفكيره... حيث دعا القرآن إلى ممارسة هذا الانفصال النفسي والسلوكي عندما اتُهم النبي(ص) بالجنون في بداية الدعوة، وأمرهم القرآن (أمر الناس) بالهدوء والموضوعية، لذلك دعاهم إلى التفرق بشكل إفرادي أو ثنائي.
(قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا للَّه مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة...) (سبأ: 46) فالإسلام دين العقل في حركة العقيدة والواقع، في علاقة الإنسان باللَّه والحياة والإنسان، أما الحوار القرآني فهو الأسلوب الحركي لتوجيه الإنسان نحو العقلانية التي تحكم التزاماته الفكرية في نفسه ومع الآخر... (إنما يتذكر أولو الألباب...) (الزمر: 9).
ب: الشك النفسي والاعتقاد اليقيني:
جبل الإنسان فطرياً على حب البحث والمعرفة والاستطلاع واستكشاف حقائق الأمور فهو لا يتورع عن ممارسة شكه في أي شيء، يشاهده ويتعامل معه بشكل أو بآخر ولعل هذا الاهتمام الفطري والشك النفسي، يولد فيه إحساساً بضرورة العمل في الحياة من موقع الفهم الدقيق، والوعي العميق لمجرياتها المختلفة...
لذلك إن الحوار الذي هو طريقة "روحية فكرية" في فهم بعضنا البعض، لا بد وأن يبنى على نوع من حالة الشك وعدم الاستقرار ولو نسبياً للأفكار والطروحات التي يدار فيها الحوار ومن قبل جميع الأطراف... إن الشك، في هذه الحالة، إيجابي مثمر، لأن اليقين المطلق لا يأتي إلا بعد الشك المطلق، فأنا أشك حتى أصل إلى اعتقاد يقيني جازم، ولا أمارس هواية الشك لغاية الشك...
لذلك إن مسألة أن أشك بقابلية فكرتي، التي أؤمن بها، للصواب أو للخطأ، (إنا أو إياكم لعلى هدى أو ضلال مبين) (سبأ: 24).
هي مسألة تعني أن أفكر وأثير دفائن عقلي باتجاه الهدى والحقيقة، فالمشكلة كل المشكلة هي أننا نتعامل مع أفكارنا كما ذكرنا سابقاً من موقف ذاتي مسبق، تمتزج فيه الذاتية بالموضوعية وتذوب فيه العلمية بالشخصانية المقدسة... انطلاقاً مما تقدم يمكننا القول بأن الأسلوب العلمي الناجح في هذا المضمار، هو الأسلوب الذي نواجه فيه بعضنا البعض بالقناعات المرتكزة على البراهين والأدلة العلمية واليقينية من خلال التحدي القرآني العقلي الصارخ...
(قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) لا على أساس أن تكون هذه القناعات سداً منيعاً أمام الانفتاح على أفكار وسلوكيات الآخرين، بل من أجل أن تتشارك الأفكار والمبادىء في وعي طبيعة امتداد وحركية الفكرة... بحيث يترك الباب مفتوحاً أمام الآخر كي يدلي بدلوه في هذا المجال، من خلال براهينه المتحركة في هذا الإطار أيضاً...
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين تسليما كثيرا الى يوم الدين والحمد لله رب العالمين
|
|
|