أطفالنا .. والحرب .. والإعلام

لم يعد أطفالنا في الرياض و القاهرة و دمشق .. يسمعون فقط بأنباء الحروب والكوارث .. بل أصبحت وسائل الإعلام تنقلنا و إياهم إلى عين الحدث .
ونلاحظ أن تفاعل الطفل مع هذه الأحداث يختلف باختلاف عمره وتجاربه في الحياة و طبيعة شخصيته .. ولكن في كل الأحوال فإن الطفل لابد وأن يتأثر بكل ما يدور من حوله .
قد يكون أثر هذه الحروب على الطفل أثر سلبي .. وقد يكون ايجابي أو على الأقل يكون أثره طفيف لا يحدث خلل في نفسيته وشخصيته .. ولكن هذا يحكمه كيفية تعاملنا نحن معه ، وكيفية تفسير ما يدور حوله .
ولهذا حرصت في هذا الموضوع على طرح طرق أساسية مبنية على رؤى علمية واضحة في كيفية التعامل مع الطفل ، لكي نأخذ أبنائنا إلى بر الأمان ونبني نفسياتهم بشكل سليم .. و لن أقف عند حماية الطفل من الأحداث بل سنسعى الى الاستفادة من الأحداث لصياغة جيل قوي نفسياًُ وفكرياً .. باذن الله تعالى.
وجدير بالذكر قبل أن أبدأ أن أطرح بعض الحقائق عن الطفل ، وكيف يفكر !! وكيف يعبر !!
أولاً : إن مشاعر الأطفال وأفكارهم وردود أفعالهم تختلف باختلاف عمرهم وخلفيتهم الثقافية؛ ولهذا لا بد من اختلاف لغة وأسلوب التعامل والحوار مع الأعمار السنية المختلفة، فليس هناك لغة خطاب واحدة متفق عليها.
ثانيًا : إن الأطفال يصيغون أفكارهم ومشاعرهم كرد فعل لما نبديه نحن من مشاعر وأفكار، بل من ألفاظ أمامهم.
ثالثاً : أكثر ما يثير مخاوف الطفل هو الخوف من فراق الوالدين.
رابعاً : قد يعبر الطفل عن مخاوفه بالأسئلة ، و قد يعبر عنها بتمسكه المفرط بوالديه وملازمته لهما.
خامساً : في سن ما قبل الخامسة يستجيب الأطفال لخطاب المشاعر والخطاب الإيماني أكثر من الخطاب العقلي مثلاً نعودهم على الجلوس معنا بعد كل صلاة للدعاء بالنصر للمسلمين، وكذلك الثقة بأن الله تعالى ينصر المسلمين الذين يطيعون الله عز وجل.
سادساً : بعد سن السابعة يزيد ادراكه بما حوله ولكن قد يكون الادراك قاصر فيكون دورنا تصحيح الادراك (وسيأتي التفصيل ان شاء الله)
سابعاً : أيضاً في هذه السن يستطيع الطفل استيعاب الهوية ، وقد يكون من المناسب غرس انتمائه للأمة للإسلامية.
والآن وقد عرفنا بعض حقائق الطفل ..
كيف يمكننا التعرف على أفكار الطفل للتعامل معها وتصحيح الخاطئ منها ؟
قد يكون من الصعب التعرف على مخاوف الطفل وخاصة أنه لا يدرك تأثير الأحداث عليه ، ولكننا قد نلاحظ هذه المخاوف مما يلي :
1- قد يخاف الطفل من ركوب الحافلة أو الباص بعد أن رأى في الأخبار باصا ينفجر، أو الخوف من الذهاب إلى المدرسة بعد أن شاهد مدرسة تتعرض للقصف.
((وليس بالضرورة أن يكون لعب الأطفال بألعاب القتال والحروب مؤشرا على مشكلة نفسية عندهم؛ فهذا أمر طبيعي عند الصغار، ولكنه قد يزداد هذا النوع من اللعب وقت الحروب، حيث يحاول الأطفال من خلال هذا "اللعب" تقليد ومحاكاة ما يشاهدونه، أو الانتقام، أو يعتقدون أنهم يساهمون في حلّ بعض النزاعات التي يرونها أمامهم.))
2- تراجع الطفل أو نكوصه إلى سلوك طفلي كان قد نُمي وتجاوزه في مرحلة من مراحل نموه السابقة، ومثال ذلك:
- الخوف من النوم منفردا.
- التبول اللاإرادي.
- مصّ الإصبع وغيرها من تصرفات تميز من أهم أصغر من سنه.
- السلوك العدواني من الضرب والاعتداء على الأشقاء أو غيرهم.
- التعلق الزائد بأحد والديه أو كليهما وقلقه كلما ابتعد عنهما ولو لوقت قصير.
- الانطواء الشديد الذي لا ينسجم مع طبيعة نفسية الطفل السابقة.
- اضطراب النوم والكوابيس الليلية.
- الوسواس بأمور الحرب كتكرار الأسئلة المتعلقة بهذه الحرب.
- الخوف من أمور لم يكن يخافها من قبل كالظلمة والليل.
كيف أتحدث مع أولادي عن الحرب؟
1- يعتقد البعض أن الحديث مع الطفل عن الحرب قد يثير عنده القلق والخوف ، والصحيح أن طريقة الحديث عن الأحداث هي التي تؤثر في الطفل . فمراعاة المرحلة العمرية ضرورية جداً .
2- يمكن أن يبدأ الوالدان بسؤال الطفل عما سمع من أخبار أو عن رأيه في الأحداث.
3- لا تستعجل بالقاء المحاضرات على الطفل ، فقد تكون جرعة بسيطة عند الحاجة كفيلة بتنمية المفهوم الصحيح في نفسه .
4- يمكن للأهل فتح مواضيع أخرى ذات صلة مثل " العدل " ، " السلام" ، "الأمن" ، "الحوار" .. الخ
5- وعلى الأهل احترام رغبة الطفل إن لم يرد الحديث في الموضوع في بعض الأوقات عندما لا يكون مرتاحا للأمر.
6- انتبه للمؤشرات الكلامية وغير الكلامية للطفل ، مثل :
. تعبيرات وجه الولد.
. طبيعة حركات جسم الطفل وما يحاول التعبير عنه.
. سلوك اللعب الذي يقوم به الأولاد.
. طبقة صوت الولد.
. التعابير والكلمات التي يستخدمها الولد للتعبير عما في نفسه.
7- مهم أن نضع في الحسبان أن كل ما نقوم به هو لتصحيح مفاهيم الطفل .
خاص للأطفال الصغار حتى سن خمس سنوات :
1. تجنب إبداء الخوف أو القلق أو الفزع أمامهم وتجنب الألفاظ التي توحي بذلك.
2. تجنيبهم رؤية مناظر مفزعة لجرحى أو قتلى، وأن يكون ذلك بهدوء ودون إشعارهم أننا نخاف عليهم من رؤية هذه المناظر؛ لأن هذا يؤدي نفس رسالة الخوف، خاصة أن المشاهد تطالعنا ليل نهار على الشاشة، وكل ما علينا هو توجيه اهتمامهم لنشاط آخر عند عرض مثل هذه المشاهد.
3. تثبيت معنى الأخوة والتفاعل مع إخواننا في العراق وفلسطين، والتحدث عن المقاطعة من منطلق نصرة الأطفال هناك، وكذلك ترك النمط الاستهلاكي والإسراف مشاركة لمن لا يجدون ما يأكلونه، وسنورد لك بنهاية الرد تفصيل ذلك.
4. "نحن لا نهاجم أحدًا، ولكن من يهاجمنا أو يضربنا نتصدى له بكل شجاعة ولا نسمح له بالاستيلاء على ممتلكاتنا" هذا تفسير بسيط لما يحدث ونضرب لهم أمثلة بسيطة من واقع الحياة لتقريب المثال.
5. التأكيد على معنى الشجاعة والقوة والدفاع عن أرضنا وعدم قبول الهزيمة أبدًا.
بالنسبة للأطفال الكبار من بعد 7 سنوات :
1. هؤلاء الأطفال يحتاجون أن يفهموا ببساطة ما يحدث؛ ولهذا علينا أن نشرح لهم الأحداث كما هي بلغة بسيطة ومفهومة لنساعدهم على تفهم واقع ما يجري حولهم.
2. الجلوس معهم عند متابعة نشرات الأخبار وشرح الأحداث لهم.
3. تشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم بالرسم وكتابة القصص أو الشعر أو التمثيل.
4. المناقشة معهم باستمرار وإجابة كل أسئلتهم، وسؤالهم عن رأيهم وانطباعاتهم، ومحاولة إخراج كل ما في أنفسهم، والتعامل معهم، مع مراعاة الآتي:
. لا لروح الهزيمة والانكسار
. لا لليأس والإحباط
. التركيز على معاني الجهاد بمفهومه الواسع والشجاعة والقوة.
. الثقة بنصر الله ولو بعد حين لكن هذا يتطلب الأخذ بأسباب النصرة.
. الأخذ بأسباب النصر (التمسك بدين الله - القوة - التقدم العلمي - التحضر ومقاومة التخلف- أن نمتلك الريادة في كل المجالات...ومع هذا كله الدعاء وطلب النصر من الله؛ فهذا هو الإحسان والتوكل).
- نحن لا نعادي شعبًا بعينه ابتداءً، ولكننا نقاوم من يهاجمنا، مع ضرب الأمثلة من سير الغزوات والتاريخ الحديث.
5 - التحدث معهم عن دورهم لنصرة الإسلام والمسلمين، وترك الفرصة لهم ليقترحوا، ونتناقش معهم حوله وستجدين اقتراحات لمساحات الفعل في موضوع:
- الجهاد المدني.. الطريق إلى فعل مختلف
فالإسلام ليس دين تواكل وانتظار المعجزة من الله عز وجل، ولكن دين التخطيط والإعداد والأخذ بأسباب النصر والجهاد والتوكل على الله، مع شرح معنى العودة الواعية، وهي الأخذ بأسباب النصر كما شرحت سابقًا.
6 - ربما يكون من المفيد مراجعة خرائط الدول الإسلامية والعربية مع أولادنا فهي فرصة لتشكيل وعيهم بأمتهم، وفرصة ليتعرفوا على حجم الدول الإسلامية وأماكنها ووضعها في العالم.
7 - الثقة بأن النصر لدين الله مهما طال الزمن؛ لأنه دين العدالة والحق والخير للبشرية لكن النصرة لا تأتي إلا بأسبابها.
8 - فرصة للتوضيح والتأكيد على هويتنا واعتزازنا بها وفرصة جيدة للتعرف على العالم من حوله؛ فهناك معارضون للحرب في الشرق والغرب، وهناك على الجانب الآخر من يدفع بآلته العسكرية والإعلامية في سبيله.
9 - تشجيعهم على التفاعل الهادف الإيجابي مع الأحداث.. مراسلة الأطفال في العراق وفلسطين - مراسلة الرؤساء والأمم المتحدة - جمع التبرعات - جمع التوقيعات في رسائل جماعية - متابعة الأحداث وتنظيم أسابيع ثقافية في المدارس أو النوادي لنشر القضية.(ويمكنك التعرف على ذلك عبر صفحة ساحة مناهضة الحرب على موقعنا).
نصائح بسيطة وهامة في جلسة الحديث مع أولادك
· استمع واستمع واستمع من جديد لما يقوله ولدك.
· أظهر احترامك لولدك بالرغم من عدم موافقتك على ما يقوله "أنا أحترم رأيك هذا".
· حاول النظر في عيني ولدك قدر الإمكان أثناء الحوار.
· تصيّد الظروف المناسبة لشرح بعض الأفكار الأساسية.
· قل الحقيقة.
· يتعلم الأولاد من خلال مراقبة الآخرين؛ فكن نعم القدوة لهم.
· اقض مع أولادك وقتا مشتركا حرا من دون قيود وتعليمات.
· أظهر أنك مهتم حقيقة بولدك.
· حاول ألا تنتقد ولدك.
· أعط ولدك كل انتباهك وتركيزك.
· تذكر أنك تتحاور مع ولدك من خلال الكلمات والتعابير والحركات جميعا.
· ذكرّ ولدك بأن له مكانة خاصة عندك.
· شجع ولدك على الحديث عن مشاعره "يبدو أنك قلق، قل لي بماذا تشعر؟".
· شارك أفكارك ومعتقداتك مع ولدك "أنا أشعر.. أو أعتقد..".
كيف تطمئن طفلك ؟
1- أشعره باهتمامك بمشارعه وعدم استهانتك بها.
2- عزز في نفسه الثقة بالله وأنه ينصر الحق .
3- قدم له معلومات عن حقائق متوفرة ، مثل وجود رجال الأمن ، والشرطة .
4- تجنب وضع الاحتملات والافتراضات لأنه قد يأخذ بالأسوأ ، وحاول ذكر حقائق صريحة وبسيطة .
5- لا تحدث تغييراً في روتين الأسرة تجاوباً مع أحداث العنف كأن تغلق على نفسك الباب للاستماع للأخبار ، أو تفرض الصمت والهدوء على الجميع ، فهذا يعزز القلق في نفسه .
|