عرض مشاركة واحدة
قديم 20-06-2004, 03:37 AM   #18
الهاشــمي
عـضو أسـاسـي


الصورة الرمزية الهاشــمي
الهاشــمي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4540
 تاريخ التسجيل :  08 2003
 أخر زيارة : 15-07-2006 (01:39 AM)
 المشاركات : 1,306 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


السفاح ..... و ما كان سفحه لـ الدماء إلا لـ من استحق ذلك ...


هو‏:‏ عبد الله السفاح - ويقال له‏:‏ المرتضى، والقاسم أيضاً - ابن محمد بن الإمام بن علي السجاد بن عبد الله الحبر بن العباس بن عبد المطلب، القرشي الهاشمي، أمير المؤمنين، وأمه‏:‏ ريطة - ويقال‏:‏ رايطة - بنت عبيد الله بن عبد الله بن عبد الدار الحارثي‏.‏

كان مولد السفاح بالحميمة من أرض الشراة من البلقاء بالشام، ونشأ بها حتى أخذ مروان أخاه إبراهيم الإمام فانتقلوا إلى الكوفة‏.‏

بويع بالخلافة بعد مقتل أخيه في حياة مروان يوم الجمعة الثاني عشر من ربيع الأول بالكوفة كما تقدم‏.‏

وتوفي بالجدري بالأنبار يوم الأحد الحادي عشر، وقيل‏:‏ الثالث عشر من ذي الحجة، سنة ست وثلاثين ومائة‏.‏

وكان عمره ثلاثاً، وقيل‏:‏ ثنتين، وقيل‏:‏ إحدى وثلاثين سنة، وقيل‏:‏ ثمان وعشرين سنة‏.‏ قاله غير واحد‏.‏

وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر، وكان أبيض جميلاً طويلاً، أقنى الأنف، جعد الشعر، حسن اللحية، حسن الوجه، فصيح الكلام، حسن الرأي، جيد البديهة‏


وروى الخطيب البغدادي أن السفاح نظر يوماً في المرآة - وكان من أجمل الناس وجهاً - فقال‏:‏ اللهم لا أقول كما قال سليمان بن عبد الملك‏:‏ أنا الخليفة الشاب، ولكن أقول‏:‏ اللهم عمرني طويلاً في طاعتك ممتعاً بالعافية‏.‏

فما استتم كلامه حتى سمع غلاماً يقول لآخر‏:‏ الأجل بيني وبينك شهران وخمسة أيام‏.‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/65‏)‏

فتطير من كلامه وقال‏:‏ حسبي الله لا قوة إلا بالله عليه توكلت وبه أستعين‏.‏ فمات بعد شهرين وخمسة أيام‏.‏

وذكر محمد بن عبد الله بن مالك الخزاعي‏:‏ أن الرشيد أمر ابنه أن يسمع من إسحاق بن عيسى بن علي ما يرويه عن أبيه في قصة السفاح، فأخبره عن أبيه عيسى، أنه دخل على السفاح يوم عرفة بكرة فوجده صائماً، فأمره أن يحادثه في يومه هذا ثم يختم ذلك بفطره عنده‏.‏

قال‏:‏ فحادثته حتى أخذه النوم فقمت عنه وقلت‏:‏ أقيل في منزلي ثم أجيء بعد ذلك‏.‏

فذهبت فنمت قليلاً ثم قمت فأقبلت إلى داره فإذا على بابه بشير يبشر بفتح السند وبيعتهم للخليفة وتسليم الأمور إلى نوابه‏.‏

قال‏:‏ فحمدت الله الذي وفقني في الدخول عليه بهذه البشارة، فدخلت الدار فإذا بشير أخر معه بشارة بفتح إفريقية، فحمدت الله فدخلت عليه فبشرته بذلك وهو يسرح لحيته بعد الوضوء، فسقط المشط من يده ثم قال‏:‏ سبحان الله، كل شيء بائد سواه، نعيت والله إليَّ نفسي، حدثني إبراهيم الإمام، عن أبي هشام، عن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏‏(‏يقدم عليَّ في مدينتي هذه وافدان‏:‏ وافد السند والآخر وافد إفريقية بسمعهم وطاعتهم وبيعتهم، فلا يمضي بعد ذلك ثلاثة أيام حتى أموت‏)‏‏)‏‏.‏

قال‏:‏ وقد أتاني الوافدان فأعظم الله أجرك يا عم في ابن أخيك‏.‏

فقلت‏:‏ كلا يا أمير المؤمنين ‏!‏ إن شاء الله‏.‏

قال‏:‏ بلى ‏!‏ إن شاء الله، لئن كانت الدنيا حبيبة إليَّ فالآخرة أحب إلي، ولقاء ربي خير لي، وصحة الرواية عن رسول الله بذلك أحب إلي منها، والله ما كَذبت ولا كُذبت‏.‏

ثم نهض فدخل منزله وأمرني بالجلوس، فلما جاء المؤذن يعلمه بوقت الظهر خرج الخادم يعلمني أن أصلي عنه، وكذلك العصر والمغرب والعشاء، وبت هناك، فلما كان وقت السحر أتاني الخادم بكتاب معه يأمرني أن أصلي عنه الصبح والعيد ثم أرجع إلى داره، وفيه يقول‏:‏ يا عم ‏!‏ إذا مت فلا تعلم الناس بموتي حتى تقرأ عليهم هذا الكتاب فيبايعوا لمن فيه‏.‏

قال‏:‏ فصليت بالناس ثم رجعت إليه فإذا ليس به بأس، ثم دخلت عليه من آخر النهار فإذا هو على حاله غير أنه قد خرجت في وجهه حبتان صغيرتان، ثم كبرتا، ثم صار في وجهه حب صغار بيض، يقال‏:‏ إنه جدري، ثم بكرت إليه في اليوم الثاني فإذا هو قد هجر وذهبت عنه معرفتي ومعرفة غيري، ثم رجعت إليه بالعشي فإذا هو انتفخ حتى صار مثل الزرق، وتوفي اليوم الثالث من أيام التشريق، فسجيته كما أمرني، وخرجت إلى الناس فقرأت عليهم كتابه فإذا فيه‏:‏ من عبد الله أمير المؤمنين إلى الأولياء وجماعة المسلمين، سلام عليكم أما بعد فقد قلد أمير المؤمنين الخلافة عليكم بعد وفاته أخاه فاسمعوا وأطيعوا، وقد قلدها من بعده عيسى بن موسى إن كان‏.‏

قال‏:‏ فاختلف الناس في قوله‏:‏ إن كان، قيل‏:‏ إن كان أهلاً لها، وقال آخرون‏:‏ إن كان حياً‏.‏

وهذا القول الثاني هو الصواب، ذكره الخطيب وابن عساكر مطولاً‏.‏ وهذا ملخص منه‏.‏

وذكر ابن عساكر أن الطبيب دخل عليه فأخذ بيده فأنشأ يقول عند ذلك‏:‏

انظر إلى ضعف الحرا * ك وذله بعد السكون

ينبيك أن بيانه * هذا مقدمة المنون

فقال الطبيب‏:‏ أنت صالح‏.‏

فأنشأ يقول‏:‏

‏(‏ج/ص‏:‏ 10/66‏)‏

يبشرني بأني ذو صلاح * يبين له وبي داء دفين

ولقد أيقنت إني غير باق * ولا شك إذا وضح اليقين

قال أهل العلم‏:‏ كان آخر ما تكلم به السفاح‏:‏

الملك لله الحي القيوم، ملك الملوك، وجبار الجبابرة‏.‏

وكان نقش خاتمه‏:‏ الله ثقة عبد الله‏.‏

وكان موته بالجدري في يوم الأحد الثالث عشر من ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة بالأنبار العتيقة، عن ثلاث وثلاثين سنة‏.‏

وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر على أشهر الأقوال‏.‏

وصلى عليه عمه عيسى بن علي، ودفن في قصر الإمارة من الأنبار‏.‏

وترك‏:‏ تسع جبات، وأربعة أقمصة، وخمس سراويلات، وأربعة طيالسة، وثلاث مطارف خز‏.‏

وقد ترجمه ابن عساكر فذكر بعض ما أوردناه، والله أعلم‏.

المصدر
البداية و النهاية لابن كثير



 

رد مع اقتباس