ليست ديكتاتورية الحكام ، بل هي دكتاتورية من نوع آخر !
إنها ديكتاتورية ذوي المناصب ، الذين لا يريدون لك الحديث أو المعارضة أو إبداء وجهة نظرك حول مواضيع يطرحونها ، والسبب هو انهم يسعون لبلوغ مراتب بصمتك المبرر بأنه احترام لهم ولرأيهم ، بغض النظر عن صحته وخطأه .
نصح عبدالملك بن مروان ابنه الوليد أن يبدي وجهة نظره إن كانت مخالفة له عند استفرادهما ، أما إن كانت موافقة فيبديها ويؤيدها أمام الناس ، فهل ما أقصده امتداد لتلك السياسة ؟
تواضع العلماء ، والبعد عن الرياسة ( وليس حب الرياسة ) هو الحل لمثل هذه الديكتاتورية الدخيلة على من اتصف بالعلم ، وأصبح لا يفرق بين التواضع الفطري والتواضع المصطنع ، بين من يتواضع لله فيرفعه ، ومن يتواضع لأجل أن يقال عنه متواضع فيذله الله .
إن للعلماء الحقيقين سعادة لو يعلمها الملوك لجالدوهم عليها ، وما ذلك إلا لقربهم الحقيقي من الله ، لا لأجل منصب أو جاه أو سمعة .
رحمه الله تعالى رحمة واسعة ، فقد كان مثالا بشريا ( ولله المثل الاعلى ) على التواضع ، ويشهد بذلك القاصي والداني ، فاين علماؤنا منه ، غنه الإمام / عبدالعزيز بن باز .
أما في السير فتكفينا سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه من بعده ، وتنذكر ما قيل عن عمر - رضي الله عنه - عندما رؤي نائما تحت ظل شجرة ، وما فعله بوجهه حينما أحس بالعجب ، وغيرها ، فأين نحن وهم من ذلك ؟ أم ان التعليم شيء والواقع شيء آخر ؟؟؟؟
|