بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على نبينا محمد
وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا
قصة تشارلي:
"شارلي" في الثانية من عمره يتمنى أن يجد طريقة للحصول على الحب الذي يحتاج إليه، فهو يرغب بشدة في التوصل إلى طريق لكسب حب الآخرين ، أخذ شارلي يراقب أمه ليعلم الأمور التي تجعلها تحبه وفلاحظ أنها تكون أكثر استرخاء عندما يحسن التصرف (أي لا يشتكي ويظل هادئاً ولا يتذمر أو يكثر من المطالب) وهذ االأمر يجعلها أحياناً تحبه أكثر ولذلك قرر في داخل نفسه أن يكون ولداً مهذباً.
في هذه المرحلة يصبح اللطف صفة راسخة فيه، وينشأ "شارلي" كولد مهذب ويكتشف أن العالم الخارجي يتبع النهج نفسه، ويكافأ على سلوكه المهذب في المدرسة والنادي من خلال ابتسامات الاخرين وتربيتاتهم على ظهره والحصول على نجوم ذهبية، ويعبسون في وجهه ويعاقبونه عندما يسيء التصرف، العالم يتعامل معنا جميعا بهذه الطريقة لكن بتأثير أكبر على الأشخاص الحساسين تجاه الرفض والتواقين إلى أقل قدر من العطف، وهكذا يكرس شارلي نفسه للقيام بكل السلوكيات الجيدة وسيلاقي في حياته قليلاً من المواقف التي تثنيه عن استخدام هذه الاستراتيجية.
وعندما يكبر "شارلي" سيتوصل إلى أساليب أكثر تعقيداً للحصول على استحسان الآخرين وتجنب رفضهم إياه، وهذا ليس السلوك الوحيد المحدد لشخصيته، فهو أيضاً يدفن بداخله المشاعر العدوانية وكذلك احتياجاته، وهذا يغذي بداخله روح الكراهية.
وهذه الصفات هي ما يكرهها في نفسه لأنه يظن أنها السبب في حرمانه من حب الآخرين واهتمامهم به، وفي السنوات التالية سيشعر شارلي بالعار إذا أشار أحدهم إلى وجود هذه الصفات في شخصيته، وسيصر على أنه ليس غاضباً أو ساخطاً أو كثير المطالب، وسيخفي هذه الصفات عن نفسه وعن بقية العالم، ورغم محاولات الإخفاء فإن هذه المشاعر التي ينكرها ستظهر بصورة متنكرة في كل مناحي حياته.
وأخيراً عندما يدخل عالم الكبار ويحل العمل مكان المدرسة ورغم أنه غادر المنزل فإن حريته تثير بداخله إحساساً بالوحدة في هذا العالم وهكذا يجد أن الآمال التي كان يحيا عليها ليست صحيحة لأن التقدم في العمر لم يخلصه من قلقه.
لا يتحمل "شارلي" الشاب اللطيف إحساسه بعدم الكفاءة، ورغم ذلك فإنه لا يستطيع تجنب نتيجة ذلك فيجد أن القلق الذي يشعر به مشكلة يصعب حلها ويجد نفسه يدور في دائرة مفرغة تجبره على الاستمرار في التصرف بلطف، ولا يشعر بالراحة إلا دقائق عابرة، ولذلك تظل غربته الداخلية وخوفه يغزوان حياته من جهة تقع خارج إدراكه الواعي.
وبشكل واع يقوم "شارلي" - الشخص اللطيف - بإظهار هذا الاستياء من خلال تصرفات عدوانية سلبية (مثل شراء شيكولاته لزوجته المتبعة الحمية) أو تصرفات عدوانية اجتنابية (مثل نسيان عيد ميلادها).
من المحتمل أن يزيد اهتمام "شارلي" بامرأة واحدة على وجه الخصوص. لقد أصبح التعلق المشوب بالقلق في الطفولة جزءاً من نفسيته، إن أمل شارلي في أن يكون لطيفاً ليستحق حب أمه قد تحول إلى تطلع في العثور على امرأة يجد لديها الحب والإخلاص.
??