الموضوع: الطب النفسي ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-04-2016, 07:39 PM   #34
((أبوعلي))
عميد المنتدى
مُعتـّق برائحــة الطين!


الصورة الرمزية ((أبوعلي))
((أبوعلي)) غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4554
 تاريخ التسجيل :  08 2003
 أخر زيارة : 31-05-2025 (09:55 AM)
 المشاركات : 11,971 [ + ]
 التقييم :  129
 الدولهـ
Saudi Arabia
لوني المفضل : Darkred


اهلاً وسهلاً أخي أبوعمر ،،، تحياتي لك وللأخ خالد وللجميع ..


حقيقة أنا مقل في النقاشات ليس رغبة عنها بل بالعكس أنا محب لها فهي تشحذ الذهن وتولد الأفكار وتفتّح المدارك على روايا قاتمة لا ترى الا بالنقاش لكن في نفس الوقت أخشى والله من خروج النقاشات عن أصولها وضوابطها وكما يقال في جملة رائعة جداً : أن كسب القلوب أولى من كسب المواقف !


وقبل الدخول أريد ذكر منهج شرعي هام وهو ما أحاول ان شاء الله تطبيقه وهو نقد السلوك والأفكار وليس الذات ، وعدم قصد أحد بعينه ، فكلامي هنا عن عموميات ونقد لأفكار وسلوكيات بحتة . وأنا أحترم وأقدر الجميع ومن فهم مني غير ذلك فله وافر الأسف والاعتذار ...


كمدخل للموضوع يجب التنبيه لحقيقة نفسية تفسر كل ما نراه وهي أن الدين والعقيدة شيء مقدس عند كل شخص لذلك عندما تنزرع في العقل فكرة أن هناك شيء يتعارض مع الدين والعقيدة فحتماً ستتكون مشاعر سلبية ضده وهذي المشاعر( قد )تتحول الى سلوك سلبي كالتعصب والقسوة الخ . وبرأيي أنه بحسب قوة الايمان والعقيدة عند الشخص ستقوى هذي المشاعر السلبية لذا لا أشك لحظة بغيرة أخي العزيز خالد على الدين والعقيدة أحسبه ان شاء الله كذلك ولا أزكي أحداً فهو يتكلم من خلال عقيدة يؤمن بها ولن يتنازل عنها حسب ما ذكر وهذا يفسر الحماس الكبير لذلك لنثق أن كل ما نضعه ضد الدين والعقيدة لا محالة هو خاسر ، فالفكرة الخاطئة هنا أنتجت مشاعر سلبية وهذي المشاعر قد تتحول لسلوك سلبي اذا لم يتم ضبطها .فالاشكال هنا هي في الفكرة الراسخة في العقل ..

وهناك حقيقة نفسية أخرى وهي أن الانسان اذا (تعصب )لفكرة أو موقف معين فإن نفسه لا شعورياً ستمتص كل ما يدعم هذا الرأي وستنزع لا شعورياً الى نفي واقصاء كل ما يخالفه وهذا يفسر التعصب المفرط في المواقف والأفكار ويفسر ندرة الانصاف . لاحظوا اذا تعصب وليس اذا آمن واقتنع !



حقيقة يجب أن ننظر للنفس وشؤونها وشجونها من جانب نفسي بحت بمالا يتعارض مع قطعيات الدين وهذا هو الاشكال وهو ايهام التضاد وهو حقيقة شيء شائع عند كثيرين وله أسبابه التي سأذكرها .. لذلك النفس البشرية سواء في الانفعالات والسلوك والعواطف ويجب تفسيرها والتعامل معها بنظرة نفسية بحتة ، خلاف ذلك ستختلط الأمور وتلتبس عند البعض ممن لا يتصور التفريق ..


إيهام التضاد بين الدين والطب النفسي سببه الرئيس الفهم الخاطيء لبعض النصوص التي تحدثت عن وساوس الشيطان عن طريق ربطها بالوسواس المَرَضي أو ما يسمى القهري مع تحفظي على تسميته قهري ..وكذلك الفهم الخاطيء لنصوص تحدثت عن ذكر الله وانه سبب لاطمئنان القلب وراحة النفس عن طريق ربطها بالاكتئاب المَرَضي وأن من لديه اكتئاب هو بالضرورة بعيد عن الله وعن ذكره ، وكذلك الفهم الخاطيء للنصوص التي تتحدث عن أهمية الايمان بالقضاء والقدر والذي هو جزء من ايمان أي شخص عن طريق ربطها بمرض القلق والخوف والرهاب والتي جميعها أمراض مصنفة ويشكو منها كل البشر ،، والاشكال الأول في هذا الربط والخلط هو اشكال شرعي بحيث يتم تصوير الدين وكأنه ضد العلم ، والاشكال الآخر يمس كل مريض نفسي عن الايحاء له أن علته هي بسبب بعده عن الله واتباعه الشيطان وعدم ايمانه بأقدار الله وحقيقة هذا شيء غير هين لمن يتأمل بهدوء ويستبصر ، هذا فضلاً عن الألم النفسي الذي يصيب المريض نتيجة هذا الايحاء زيادة على ألمه النفسي بسبب مرضه الأساس !


أما الدواء النفسي فسبب عدم القناعة به
هو أمر هام جداً وله ارتباط وثيق بموضوع التعارض السابق وهو عدم العلم بطريقة عمل الدواء النفسي في الجسم فالدواء ليس هواء يتم بلعه او مادة غير فعالة بل هو يعمل أساساً بشكل عضوي عن طريق تعديل افراز هرمونات معينة في الدماغ وهذا التعديل ينعكس على الانفعالات النفسية كالاكتئاب والقلق فيضبطها ويخفف منها ، لذلك لا غرابة أن يقال أن المرض النفسي هو بالأساس مرض عضوي ! هذا فضلاً عن الواقع المعاش والمشاهد من ملايين البشر حول العالم ممن يستخدمون الأدوية النفسية وساهمت بفضل الله في تحسنهم أو شفائهم تماماً ، وكوننا لا نعلم عن هذي الملايين او لم نشاهدها تتحدث لا يعني عدم وجودها لأن من عادة البشر أنهم يتحدثون عن آلامهم ووأوجاعهم أكثر من حديثهم عن شفائهم وآمالهم !


والدواء النفسي مثل اي دواء آخر قد يكون فعال أو أقل فاعلية أو غير فعال لاشخاص بعينهم وهو مثل أي دواء له أعراض جانبية ،،،


أيضاً هناك سبب مهم جداً وهو أننا بشكل عام لانعطي الألم النفسي قدره واهتمامه قياساً بالألم العضوي فنحن نتعاطف مع من يتأوه من ألم ظهره ولا نتعاطف مع من يتأوه من ألم نفسه !


ومن الأسباب الهامة أن بعض ممن يعتقدون التعارض حقيقة هم لا يتصورون حجم ومرارة الألم النفسي الحقيقي لأنهم لم يذوقوه ولم يتعايشوا مع مريض يحملون همومه ! لا نتحدث عن أزمة حزن عابرة أو حالة خوف بسيطة بل عن اكتئاب يعتصر القلب و يؤثر على جميع مفاصل الحياة أو نوبة هلع تنقل صاحبها للطواريء بلا حول ولا قوة ، ومن طبيعة النفس البشرية أنها لا تحس بحجم المعاناة الا اذا ذاقتها بعينها وبتفاصيلها أو تعايشت معها ،،



بالنسبة للوساوس هي ليست دينية فقط فهناك وساوس النظافة والتكرار والترتيب الخ .


أما أن علم النفس يصنع طباع الانسان فهذا غير صحيح ،علم النفس يفسر الطباع ويفسر السلوك ، أما الطباع فهي جزء من الشخصية وصعب أن تتغير ، فمثلاً هناك وسواس قهري وهناك شخصية وسواسية . أما مشاعر الخوف والرهبة فطبيعي أنه يمكن علاجها وطبيعي تحول الانسان من خائف الى مطمئن ومن عصبي لهاديء لأنها انفعالات قابلة للتغير والعلاج سواء بعلاج معرفي أو دوائي ..



بالنسبة للاستفتاء فلاحظت أن عنوانه طلب رأي حول الطب النفسي فهل المقصود به استطلاع رأي حول الأدوية فقط أم حول الطب النفسي لأني لاحظت ان الاسئلة عن الأدوية والقرآن لذلك اسمح لي أخي ابوعمر بإبداء ملاحظاتي حوله :

- لماذا يوضع القرآن إزاء الأدوية النفسية ؟ لماذا لا يكون الاستطلاع عن الأدوية فقط حتى يكون منصفاً وبلاخلط قد يتسرب لفكر المتلقي فحين نضع القرآن العظيم هنا فقد يتلقفه فكر المتلقي كمقارنة سواء في شعوره أولا شعوره وسيؤدي أيضاً للالتباس .. نعم القرآن شفاء للقلوب والنفوس والأبدان متى ما وقر في القلب وتشربت معانيه النفوس ، وبقدر يقيني أنه شفاء فأنا على يقين أن هذا الدين العظيم لا يخلط الأمور أبداً ..




أما الانطباع حول الأدوية النفسية في الاستفتاء فيجب التنبه لنقطة هامة قد تؤثر على النتيجة وهي أن الانطباع والصورة الذهنية المسبقة عن الدواء له دور فهناك من يتناول الدواء وهو يراه مجرد مهديء أو مخدر وهناك من يتناوله وفي نفسه ريبة وشك هذا قبل التناول أما بعد التناول فالكثير لا ينظر لمبدأ النسبية ولا يعتبر التحسن البسيط وينظر بمثالية ، أيضاً هناك أمر هام جداً وهو اعتقاد كثيرين أن حالتهم ساءت بعد الدواء خصوصاً بعد الارتياح معه ثم تركه وهذا غير منصف وغير دقيق لأن المرض النفسي كأي مرض عضوي هو مرض قابل للتطور وقابل لأن يكون مزمن فمتى ما بدأ فتقدمه احتمال وارد ولا أحد يستطيع الجزم أن حالته ستكون أفضل لو لم يتناول الدواء لأن هذا شيء في علم الغيب بل العكس فالدواء كثيراً ما يساهم في السيطرة على المرض قبل استفحاله وتطوره . أما الاستدلال على حالات فردية غير موفقة فهذا طبيعي كحقيقة تجاه أي مرض وبمقابل هذي الحالات نشاهد حالات كثيرة موفقة والحكم المنصف لا يكون من خلال حالات فردية ..



هذا مع الاشارة أننا في كل الأمراض يجب أن نبحث عن المسببات ونعالجها قبل تناول أي دواء وهذا ما اؤمن به بشدة عن طريق مراجعة أسلوب الحياة كالغذاء الصحي والنوم الكافي والحركة والرياضة ، وأيضاً خلال العلاج لا يجب الركون له وترك الوسائل الداعمه والمعينة له ..


ختاماً بقي أن أشير لحقائق في مجال الآراء والنقاشات :



- الحقيقة تفرض نفسها ولا تحتاج لدفاع مستميت . ولماذا نفترض أن خلاصة النقاش يجب أن تكون اما نصراً مؤزراً أو ضربة قاضية وموجعة دون اعتبار الجوانب الانسانية لمن نخاطبه !

- تستطيع أن تقمع رأيي . أن تقسو علي . لكن السؤال الأهم : هل كسبت قلبي ؟؟؟؟

- الحقيقة تحتاج لهدوء وأسلوب حسن في الدفاع والعرض والا سيصعب قبولها.

- توضيح الواضحات من أصعب المشكلات !

-من يتصدى لنقاش ويضع في ذهنه عدم التنازل وعدم امكانية الخطأ فالنقاش هنا لن يؤدي لنتيجة بل سيتحول لجدل ومراء منهي عنه يشتت القلوب ويوغر الصدور .





- وختاماً لا أجمل ولا أروع من أن أختم رأيي و رأيك بـــ : من الممكن أن أكون مخطئاً !


 

رد مع اقتباس