15-07-2004, 05:52 PM
|
#2
|
عضو نشط
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 6370
|
تاريخ التسجيل : 06 2004
|
أخر زيارة : 29-06-2008 (03:51 PM)
|
المشاركات :
58 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
الثالثة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المؤمن ملتجئ إلى الله تعالى دائماَ ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الله تعالى :
( قَالَتْ إِني أَعُوذُ بِالرَّحْمـن مِنكَ إِن كُُنتَ تَقِيًّا )
هـــكذا يكون المـــؤمن الصـــادق في إيمانه ملتجئٌ دوماً إلى الله تعالى ..
وفي هذه الآية فوائد جمــة ، منها أن المؤمن مهما أصابه من ضر أو محنة ، أو وقعت له مصيبة أو باغتته فتنة ، فأول مـــا يجب فعله هو الالتجـــاء إلى رب العـــزة جل جلاله ، ويؤخذ هــذا من قول مريم عليها السلام ، فرغم مفاجئتها لرؤية الملَك الذي دخل عليها خارقاً الحجــاب ، وكان فـي صورة إنســان حَسَن كامــــل الخلقة ، في مثل هـــذا الموقف الصعب الرهيب كان قولـها إني أعوذ بالرحمـــن منك ، فالاستعـــاذة بالله أمـــر عظيم ، ومعنـــاه كما أورد الدكتور سليمــان بـن إبراهيم في ( اللباب ) : أعــوذ بالله بمعنى أعتصــــم به كما جــــاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فـي الدعاء عند دخول المسجد : (( اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم )) .
قال الـحصين بن الـحمام يـخاطب قبيلته :
وعـوذي بأفناء العشيــرة إنما..... يعوذ الذليل بالعزيز ليعصما ..
وبمعنى ألتجئ إلى الله ، وبمعنى أستجير بالله ، وأتــحرز به وأستعين به ، ومعــان أخرى كثيرة والمستفاد أنها عليها السـلام عــرفت في هذا الموقف الصعب ما عليها أن تفعـــل ، فاستعاذت بالله مما ظنته هي سوءاً ، فمــن احتمى بالله واستجار به ، حماه وأجاره .
الوقفة الرابعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الانقياد لأوامر الله وتمام الخضوع له . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال تعالى :
( قَالَ إِنّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلامَاً زَكِيَّاً * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْني بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيَّاً * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً للنَّاسِ وّرّحْمّةً مِنَّا وّكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا *)
وهـــذه وقفة تأمـــل مــع هذا النبأ الذي بشــــر بـــه الملك مـــريم عليها السلام، فهي من هي في زهدها وورعها وتقواها ، العابدة الناسكة، تنبأ بأنها سترزق بولد، من غير زوج ، فماذا كان موقفها ؟ هـــل رفضت أمـــر الله ، أو هــل خشيت من قومها ماذا سيفعلون إن علمـــوا بذلك ، أو طلبت مــن الملك مهــلة للتفكير بضعـــة أيــــام ؟.. لا ، بل إنها لم تزد عن بضع كلمات تستفســر فيها كيفية مــجيء هذا الولــد ، فلما أخـبــرها الملك أن ذلك هين على الله ، وإنمــا هي كلمة واحــــدة يخلــق الله بها ما يشـــاء كما يشــــاء ، و بأن هذا الولــــــد سيأتيها من غيـــر زوج ، أطاعت أمر ربها وانقادت له وخضعت ، فنستفيد من ذلك أن المــــؤمن قـــــــــوي بربه وإيمانه لا يخشى من أمر الله شيئاً ، وإنما عليه الطاعة لأوامـره سبحانه ، فمشيئته وإرادته فوق كـــــل شيء ، وأنــــــه سبحانه ما أرســـــل نبيه عيسى عليه السلام إلا رحمـــــة بعبــــــاده ، ولبيان كمـــال قــــــدرته جـــل وعلا ، فهو سبحانه خلق آدم عليه السلام من غير أب ولا أم ، وخلـــــق حـواء من أب بغير أم ، وخـلــــق ذريتهما من أب وأم ، وخلق عيسى عليه السلام من أم بغير أب وأن المؤمـــــن إذا أطاع ربه وتوكل عليه ، فإنه كافيه مـــــن كل شـــــر يخشــاه في الدنيا ، مجــازٍ له بأحســـن ما يتمناه في الآخرة،ولــن يصيبه في دنياه إلا ما كتب له، فالنــاس كلهم لو اجتمعوا على أن ينفعوه بشيء لم ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له ، ولـــــو اجتمعوا علـــى أن يضروه بشيء لم يضـــــــروه إلا بشيء قــد كتبه الله عليه ،كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رضي الله عنه .
الوقفة الخامسة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما تعانيه المرأة في الحمل والمخاض ، والأجر في ذلك ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال تعالى :
( فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا المخَاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَني مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنسِيًّا * )
من هــذه الآية يتبين لنا شدة ما تعانيه المرأة في المخاض، وليس هناك ما هو أشد وأكثر ألماً من هذه اللحظة ولهذا نجد وصية الله ورســوله في حـــق الأم أكثر مـــــن الوصية في الأب ففي صحيح البخــاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجـل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( يا رسول الله من أحق الناس بحســن صحابتي ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أبوك ) .
فتكـــرار النبي صلى الله عليه وسم لكلمة الأم ثلاث مــــرات يــدل على عظم حقها على ولــــدها ، وإلا فالإنســـان مأمـور بالبر بالوالدين كليهما .
والمرأة بآلام حملها ووضعها يكفر عنها من السيئات ما لا يعلمها إلا الله ، كما يكتب بذلك الأجـــــر العظيم والثواب الجزيل ، وكم من النساء في زماننا هذا تضيع على نفسها هذا الفضل ، وتكفير السيئات والذنوب، وتحصيل الأجر والـجزاء عند الله مـــن أجل أسبــاب سخيفة وتــــافهة ، فتقوم بمنع الحمل عنها بشتى الوسائل والطرق إما لأنها لا تطيق ألم المخــــاض ، أو لأنها تخشى تـربية الأولاد أو لأنها تخشى منهم الفقــــر!.. وهــــذه الحجج الواهية لا تســــوّغ لـها فعل ذلك ولا تشــــرّع ، فهي مأمـــــورة بتكثير النسل كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ..
ويا ليتها تتأمل وتتفكر بما سيجــــلب لـها كثرة الأولاد وحســن تربيتهم من النفع في كبرها ، فحقــها لا يسقــط عــن أولادها مهما بذلوا لـها في سبيــــل ذلك ..
ويـذكر أن أعرابياً كان يطوف بالبيت حامــــلاً أمه على ظهره ، وهو يقول :
إني لــها مطيّــة لا أذعــــــــر إذا الــرّكاب نفــــــــرت لا أنفـر ..
ما حملت وأرضـعتنـي وأكثـر الله ربـــــــي ذو الجـلال أكـبـــر ..
ثم التفت إلى ابن عباس رضي الله عنه وقال : أتراني قضيت حقها ؟ قال : لا ، ولا طلقة من طلقاتها !..
|
|
|