22-08-2016, 09:13 PM
|
#5
|
عضومجلس إدارة في نفساني
((جينرال الدواسر))
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 42049
|
تاريخ التسجيل : 01 2013
|
أخر زيارة : يوم أمس (02:58 AM)
|
المشاركات :
16,462 [
+
] |
التقييم : 169
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Darkseagreen
|
|
الوصية الأخيرة: التي أوصي بها كل مفجوع، وأوصي بها كل مؤمن مفزوع؛ وصية وصى الله عز وجل بها في كتابه وذكرها في أكثر من ثمانين موضعاً من كتابه، إنها الصبر على البلاء، قال الله تعالى يوصي نبيه: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النحل:127] وقال لعباده المؤمنين: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200] وقال مثنياً على نبيه أيوب: إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ [ص:44].
إذا أنزل الله عليك البلاء فأصبحت صابراً قانتاً لله ينعم الله عليك، فيقول: نِعم العبد أيوب، حينما أصيب في نفسه، وفي أهله وولده فصبر لوجه الله، قال الله تعالى عنه: نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص:44] فإذا أردت أن ينعم الله عليك فاصبر، قال صلى الله عليه وسلم: (ومن يصبر يصبره الله) وقال عليه الصلاة والسلام: (ما أعطي عبد عطاءً أفضل من الصبر) ولذلك جرب في أي بلية نزلت بك أو مصيبةٍ -لا قدر الله- أحاطت بك، إذا صبرت وسلوت وتعزيت أحسست بنوع من الارتياح، وأحسست بطمأنينة وانشراح وذلك عاجل ما يكون للصابرين.
أما العاقبة التي تجنيها، فقال عمر رضي الله عنه عن عاقبة الدنيا: [وجدنا ألذ عيشنا بالصبر]، ما طابت الحياة ولا لذت الحياة بشيء مثل الصبر، إن أصابتك المصيبة تعلقت بالله فسلوت فأصبحت لا تقلق ولا تجزع، تحس أن الله تبارك وتعالى سيحسن لك العاقبة، إما أن يزيلها أو يعظم لك الأجر فيها.
ولذلك ورد في بعض الأحاديث -ولكن تكلم العلماء في سنده إلا أن معناه صحيح- يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيه: (إذا لقي أهل البلاء ربهم يوم القيامة فوجدوا ثوابهم على الصبر تمنوا أن حياتهم كلها في بلاء) والله تعالى يقول في كتابه: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10] قوله: بغير حساب من الله، ليست بالهينة.
وقال بعض العلماء في هذه الآية الكريمة: "إن العبد إذا عظمت مظالم العباد عليه فإن الله عز وجل يوفي المظالم بالصبر"، ولذلك في الصيام قال عليه الصلاة والسلام: (يقول الله تعالى: كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به) قال العلماء: "لأن الصيام صبر واحتساب"، فإذا بلي الإنسان بمظالم الناس، وجاءته البلايا فصبر ضاعف الله أجره في الصبر حتى تأخذ المظالم منه حسنة حسنة، ولا يزال الصبر يضاعف أجره حتى يأخذ أجر العمل كاملا، فيوافي الله عز وجل برحمة منه ورضوان.
الصبر أعظم خصلة في المؤمن والله تعالى وعد أهلها بقوله: وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:66] فمن صبر صبره الله عز وجل ومن ثبت ثبت الله عز وجل جَنانه وقلبه، ولذلك أُثر عن بعض الصالحين من السلف والماضين أنهم كانوا يجدون اللذة بالصبر فكان الواحد منهم إذا صبر لا يشتكي إلى أحد، ولا يطلع أحداً على بلائه إلا إذا اطلع من دون علمه، وأذكر بعض العلماء الفضلاء من مشايخنا رحمة الله عليهم، ابتلي ببلاءٍ في جسده فمكث ثلاث سنوات لا يعلم أبناءه بذلك البلاء حتى أنتفخ جلده وتقرح ذلك الجلد، من قوة صبره ويقينه بالله.
أعلى مراتب الصبر
ولذلك الصبر على مراتب، أعظمها وأجلها: ألا تشتكي الله إلى خلقه، وأن لا تبث أشجانك وأحزانك إلا إلى الله وحده لا شريك له، وهذا هو خُلق الأنبياء، قال الله عن نبيه يعقوب: إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ [يوسف:86] فأكمل ما يكون الصبر إذا كتم العبد غيظه، وصبر على بلائه، ووافى الله تبارك وتعالى محسن الظن به، فهذه أكمل درجات الصبر.
وليس معنى هذا أنه يحرم على الإنسان أن يبث أشجانه وأحزانه إلى الناس، لا. إنما المقصود أن يكون الإنسان على الأكمل فلا يشتكي إلا إلى ربه، ولا يعول في تفريج كربه إلا على خالقه, ولذلك جعل الله تبارك وتعالى ثمرات الصابرين خيرا.
وكان بعض السلف رحمهم الله إذا اشتكى إليه أحد مرضه قال له: "اتق الله! أتشتكي من يرحم إلى من لا يرحم"؟ أي: هل تشتكي الله إلى خلقه؟! فأكمل ما يكون الصبر إذا تعزى العبد بربه، وبث أشجانه وأحزانه إلى خالقه.
نسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل لنا ولكم من كل همٍ فرجا، ومن كل ضيقٍ مخرجا، ومن كل بلاءٍ عافية.
اللهم فرج هم المهمومين، ونفس الكرب عن المكروبين.
اللهم فك أسرى المأسورين، وارحم عبادك المعذبين، وسلِّ عبادك المصابين.
اللهم إنا نسألك يقيناً تهون به علينا مصائب الدنيا.
اللهم إنا نسألك الرضا بعد القضاء، وبرد العيش بعد الموت، ولذة النظر إلى وجهك الكريم، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وآله وصحبه.
|
|
|