تجربتي مع الرهاب الاجتماعي
مرحبا بالجميع ، أنا جديدة بالمنتدى و أريد عرض تجربتي مع الرهاب الاجتماعي أو الخجل أو القلق الاجتماعي فإنه فعلا من الجميل و المريح أن تعرف أنك لست وحيدا و لست مصابا بإضطراب شاذ لم يصب به غيرك ، و هذا ما شعرت به لأول وهلة عندما حدثت معي أعراضه فكنت أخجل من ذكر الموضوع أمام أي شخص او الاعتراف بأن لدي مشكلة ، بل كنت أعاني لوحدي في صمت و أكافح لأتخلص من هذه المشكلة ، و كما أذكر فالمشكلة بدأت معي مع سن البلوغ او المراهقة حيث كنت لا أستطيع التحدث مع أي شخص غير أمي و أخواتي و بعض الصديقات المقربات لكن مع غيرهم كنت ألتزم صمتا غريبا ( يعرف في علم النفس بالصمت الاختياري و هو نوع من أنواع التجنب المحنك الذي يستخدمه الرهابيون لتجنب المواقف الصعبة) و حتى إذا سألني أحد أرتبك و أتوتر و لا أكاد أرد بكلمة تسمع و كان ذلك يثير تعجب و استغراب و استنكار من حولي و كان ذلك يؤلمني جدا لأنه لا أحد كان يتفهم وضعي و بأن لا يد لي في ذلك بل كانوا يعتقدون أنني أتكبر عليهم و أكرههم فكانوا يبتعدون عني و يعتقدون أنني لا أريد التحدث معهم فأحزن لذلك، و كنت في المناسبات و الحفلات ألتزم مكانا واحدا لا أتحرك منه و لا أتكلم مع اي شخص و كنت أتألم لذلك لأني كنت أشعر أن وجودي كعدمه و ان احدا لا يحتاج لوجودي و كنت أرى الفتيات يرقصن و يمرحن و رغم أني أجيد الرقص إلى أني لا أستطيع فعل ذلك فتبقى في قلبي غصة و حرقة و طاقة مكبوتة ،
و مرة جاء لزيارتنا شباب من أقاربنا كانوا أغنياء أما نحن فكنا فقراء فشعرت بالنقص حيالهم و كالعادة لم أحتك بهم مطلقا و لم أتحدث معهم و كان يؤلمني أن أراهم يسمرون و يمرحون مع أخواتي و بنات أخوالي ، أما أنا فكالصخرة لا وجود لي ، فشعرت باحتقار شديد للنفس و لكي أعوض عن ذلك ارتكبت حماقة فطلبت علاقة عاطفية من أحدهم فكان رفضه قاسيا ، لكن خطوتي هذه أمدتني ببعض الشجاعة و الثقة بالنفس ، و أخذت أفتعل الكثير من المشاكل و الشجارات من لا شيء فقط لأثبت وجودي فخسرت أقرب الناس إلي و ساءت علاقتي مع أغلب أفراد العائلة ، و رغم أني ندمت على كل ذلك بعد انقضاء فترة المراهقة و طيشها لكن غيري لم ينس بعض حماقاتي و أخطائي و لم يسامحوني و لم يغيروا نظرتهم إلي ...
و كنت مجتهدة في دراستي و لا أملك إلا النجاح في دراستي كي أثبت ذاتي و أثبت للجميع بأني إنسانة طبيعية و قادرة على التفوق و فعلا حصلت على البكالوريا و هنأني الجميع و اكتسبت بعض الثقة بالنفس و دخلت الجامعة لكن الرهاب لم يفارقني و كنت منطوية وحيدة قليلة الأصدقاء ، و كنت إذا قمت لتقديم بحث أمام الطلبة أشعر بخفقان شديد في قلبي و ارتجاف و افقد التركيز و يرتجف صوتي و لا استطيع حتى القراءة من الورقة فمابالك بالشرح و المناقشة ، فكانت تبدو علي آثار الخوف و التوتر ، و يعقب ذلك تقييم سلبي جدا من طرفي للموقف و نقص الثقة بالنفس و الانطواء و العزلة فأصبح تقديم عرض امام الطلبة يشكل أسوء مخاوفي و كوابيس حتى قبل الأداء بأيام ..
و كانت تأتيني أحيانا نوبات اكتئاب رهيبة فضيعة لا يعرف ما أقوله إلا من جرب مثلها ، تكاد تميتني لولا غريزة البقاء التي غرسها الله فينا ، و كان الأطباء النفسيون الذين أقصدهم لا يعرفون شيئا غير كتابة الأدوية ما أفقدني الثقة بهم و زاد من آلامي ...
وانقضت فترة الجامعة كأسوء ما يكون ... و قرأت الكثير عن موضوع الرهاب الاجتماعي فاستطعت فقط بإرادتي التغلب على الكثير منه و كونت الكثير من العلاقات .. ثم توظفت في احدى المصالح الحكومية فعاودني الرهاب مجددا ووجدت صعوبة كثيرة في التأقلم مع الزملاء و المديرين فكنت لا اخرج من مكتبي ، أضل حبيسة المكتب أقف طويلا خلف الباب و أفكر طويلا هل أفتحه و أذهب إلى مكتب زملائي أم أنني إن ذهبت فسأكون مسخرة أمامهم و سيظهر خجلي و ارتباكي و لن أجد ما أقوله و سأتلعثم .. و لم أستطع التغلب على خوفي ، و كان أحد الزملاء يتردد علي كثيرا و لاحظت أنه معجب بي ، لكني كنت سلبية جدا و فظة معه ، فلاحظت مع الوقت أن إعجابه تحول إلى عدم اهتمام إن لم أقل استنكار لشخصيتي و طريقة تعاملي ....فتألمت لذلك كثيرا .... و مع الوقت تأقلمت مع جو العمل لكن ما زالت تعاودني أعراض الرهاب أثناء بعض الاجتماعات الصغيرة التي تعقد بالمؤسسة رغم انخفاض حدتها لكنها ما زالت تزعجني و تمنع عني الراحة و الاسترخاء ..
أرجو من الجميع المشاركة بتعليقاتكم و نصائحكم و تجاربكم للاستفادة او حتى الترويح فقط على انفسنا .
|