عرض مشاركة واحدة
قديم 29-01-2017, 10:41 PM   #3
امتياز
مراقب إداري
نحن بجانبك


الصورة الرمزية امتياز
امتياز متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 52800
 تاريخ التسجيل :  02 2016
 أخر زيارة : اليوم (03:48 AM)
 المشاركات : 2,635 [ + ]
 التقييم :  14
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Cadetblue


أخي محمد

اسمح لي أن أذكرك عسى أن تطيب نفسك بهذه الذكرى ،

ولن أقول لك شيئاً أنت تجهله بل هو معلوم لديك ، وليس بخافٍ عليك.


أخي محمد

مهما تعاظم معك الداء فإن مآله إلى زوال ، ومهما اشتد سواد الليل ؛
أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيْبٍ ؟
بلى ؛ وربي إنه لقريب

أي أخي:


ولرب نازلة يضيق بها الفتى
ذرعاً وعند الله منها المخرج




وانظر
ـ رحمك الله ـ فيمن حولك من الناس ستجد فيهم من هو أعظم بلاءً مما أنت فيه
، وانظر وقلِّبْ نظرك فسترى ، وسترى ما لا يقوم له بصرك من أدواء الناس ،
وبلاياهم.


فإن لم تجد في نفسك من الإيمان الباعث على الصبر
والاحتساب ـ وظني بك أنك نعم المؤمن الصابر المحتسب إن شاء الله ـ ما
يهوِّن عليك مصيبتك ؛ فاجعل أدواء الناس لك دواءً.


أنزل أدواء
الناس ، وبلاياهم ، ومصائبهم ، وأمراضهم على بليتك ، ومصيبتك ، ومرضك ؛ يخف
ويهون وقد يتلاشى ويزول ـ إن شاء الله ـ فمن نظر إلى مصيبة غيره تَهَاوَنَ
مصيبته ، واقرأ في كتب الغابرين تجد مصائب الناس مسطورة ، وفي التاريخ
مزبورة.


واقرأ القرآن ، اقرأ خير كتاب في ذلك ، سيحدثك عن أمراض عباد الله الصالحين ،
وعن محن المقربين ، وشكاوى العابدين.


فذا أيوب ؛
كم عانى من المرض
ولله صبره ما أجمله
أي قلب عامر بالإيمان
يحمل بين جنبيه
لا تقل لي : قلب نبي ؛ فأقول لك : نعم نبي ولكنه بشر
يَأْلَمُ كما تَأْلَم ، ويحس كما تحس ، ويحزن ، ويغتم ، ويصيبه ويعرض له من
الأدواء ، والأرزاء ما يعرض للآخَرين ، بل هو في ذلك أشد بلاءً ، وأعظم
امتحاناً من غيره.



وهذا يونس عليه السلام ويالها من شدة ،

وكربة ، وجد نفسه فيها
لم يجد بشر نفسه فيها قبله ، حيث حبسه الله في
بطن الحوت ، فأسقمه البلاء ،
قال تعالى : فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيْمٌ
نعم أسقمه السجن ، وأمرضه ، حتى عاد جسمه رخواً
ليِّناً لا يقوى حتى على القيام .


فـ من الذي ما ساء قط ؛
وما خص الرجال بالبلاء دون النساء ؛ فللنساء من البلاء نصيب أيضاً.


فهذه
مريم العذراء البتول رميت عن قوس الإفك بسهام الريبة ، وتهمة الزنا ؛ وهي
الصبية العذراء العفيفة ، الضعيفة التي لا تملك حيلة ، ولا تستطيع سبيلاً،
حتى تمنت الموت على الحياة ولم يكن هذا الذي كان ، وهي المؤمنة التي تعلم
أنه اختيار الله ، وقدره ، ومشيئته ، فقالت :
﴿ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيَاً مَّنْسِيّاً ﴾ والنسي المنسي هو اللبن الذي ترك
حتى تغير طعمه ومذاقه ، تتمنى أن لو كانت لبناً ترك وأهمل على هذا البلاء
الذي اصطفاها الله له ، ومع هذه الحسرات ، وما يظهر في كلامها وشكواها من
ضعف وعجز ، إلا أنها صبرت لهذا الأمر ،
وقامت به فماذا كان
وما قيل لها
وكيف كانت عاقبة أمرها


قال تعالى
: فَنَادَهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي ،
وكم كانت بحاجة إلى أن يقال لها : لَا تَحْزَنِي
فقد كانت حقاً حزينة ، ولا شك أن البلاء يُحْزن ،

فكم من مريض أحزنه المرض ؛ بحاجة أن يقال له : لا تحزن ،
ودواؤه أن يقال له : لا تحزن ،
وكم من حزين بسبب مصيبة أو كربة ، أو شدة ؛
ولذلك عندما اشتد الطلب من قريش لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم
ولأبي بكر رضي الله عنه عند الهجرة ،
حتى كاد أن يدركهم الطلب ، فقام بعض كفار قريش على
باب الغار ، وأخذ أبو بكر ينظر أقدامهم وهم لا يرونه فحزن رضي الله عنه
فقال له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بلسان الواثق بربه ، ووعده ،
ونصره وتأييده :
لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا ، فنزلت بعدُ السكينة.



والحزن في أمر كهذا طبيعة بشرية
فالنفوس السوية
تحزن ، وكيف لا
وهذا نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحزن لموت عمه
أبي طالب ، ويحزن لموت خديجة حتى سمي ذلك العام بعام الحزن .


ويحزن

أيضاً صلى الله عليه وعلى آله وسلم
لموت ابنه إبراهيم فيقول :
إن العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا ،
وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون .


فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم
تدمع عينه ، ويحزن قلبه وهو من هو في منزلته ؛
فكيف إذا كانت امرأة ، وشابة
عذراء ، وليس هذا فقط بل وتنسب إلى بيت صلاح ودين وأرومة ، بل وكانت عاكفة
، عابدة اشتهرت بالصلاح ، والخير والدين ؛ ثم تأتي بولد ولا يعرف لها نكاح


أفلا يحزن قلبها ؟
أفلا تدمع عيناها ؟
بلى يحزن !
بلى تدمع !!
أفلا تقول : يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيَاً مَّنْسِيّاً
فهذا جِبِلَّةٌ ، وفطرة ، ولكن لا ينبغي الاستسلام
للحزن ، وإذكاء الهم بهم آخر بل الواجب هو القيام ،
فعلى المرء أن يستمدَّ من الله العون.


وذاك إبراهيم عليه السلام ولا يخفى عليك ما
كان من أمره وهو الفتى الصغير الضعيف الذي لا حول له ولا قوة مع قومه ،
وكيف رمي في النار ؟
وكيف أنجاه الله ؟
ولو أَخَذْتُ أَقُصُّ عليك من
القرآن في هذا الباب
لصار اللبن الحليب كالقَار والقَطِرَان من هول البلاء ،
وعِظَمِ الداء ،
ولو قَلَّبْتَ صفحات القرآن فستجد في الذكر الحكيم ما
يهون عليك مصيبتك ، ويكون لك بلسماً وشفاءً.


 
التعديل الأخير تم بواسطة امتياز ; 29-01-2017 الساعة 10:52 PM

رد مع اقتباس