الموضوع
:
كنت عاريا وتراب وطني لحفني...!
عرض مشاركة واحدة
03-10-2004, 09:06 AM
#
4
مريام
( عضو دائم ولديه حصانه )
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
5552
تاريخ التسجيل :
01 2004
أخر زيارة :
16-12-2015 (07:08 AM)
المشاركات :
3,376 [
+
]
التقييم :
10
لوني المفضل :
Cadetblue
مبعثر الكلمات ، والحرف يحرقني ..
أحاول تطويع المعاني فتتنكر في رأسي الفكر ..
من الأمس أحسُ برغبة في التدحرج من داخلي إلى سهول ، وقمم أوتاد تتناثر في نجدي ..
... نـجـد .. إن عفّرتُ يديَّ بترابها .. تساقط همي ، ووجعي .. وتكاثف في صدري ضحكات طفلة تداعب طفل .. ورودي ، وزهوري ، وتباريح الشوق .. لمآذنها .. لغبارها .. لنخيلها .. لترابها .. حتى لو جفَّ الماء فيها ، ومات الزرع لن أبرحها .. فسمائها الروح ، وأرضها الأم .. الكل بعد عامين يفطم إلا أنا فطامي منها حين أوارى في الثرى ، ويكبّر على قبري أربع .
يا إشراقت شمسها يدبُّ في حنايايا .. ويا دفء ضحاها في عروقي ينتشي ، ويصرخُ .. ها أنا أتذكرها دوما إن ثارت إعصاراً أو تلاطمت وهجا يغمرني فأغفو ثملا كأني البحر يعانق في أعماقه الحوت ، والسمك .
... نـجـد .. ليلها عطر اللوز ، وخيوط ظلامـه المسك .. أنجمه مباسم صبايا أكلت لحم الجزور ، وشربت حليب النوق .. وتهادت كالقطا على رمالها الحمر .. كيف أنسى طفولة في وديان قاحلة ، وخشخشات براعم الحرمل تملأ أذني نغما أعذب من صدح البلابل ، وعصافير سُكناها شجر دراق على نهر متدفق ..؟!.
... نـجـد .. بها جدتي .. ملاك ترعرعت في حضنـها وحتى الآن وبعد أن كبرت إن رأتني أمطرتني قُبلاً على خدي .. على فمي .. على يديَّ .. فلا يسعني إلا البكاء بين ذراعيها دون دمع ..
يا ويلي على عينيها الغائرتين ، وتجاعيد تجاوزت الثمانين عاما تهدُّ الجبال ، ومشاعرها لي أحسها تفيضُ ، وتلتهبُ حبا ، وحنان يغرق الأفق ..
... نـجـد .. بها توأمـي .. نور على نور .. قد حمّلتها أسراري .. وعلى أناملها زرعت معها الحلم .. استودعتها ابتساماتي ، وفمي انتزعته وتبرعم مع فمها .. أنشودة العشق تعلمتها من همسها فحفظت بداياتها وهوامشها ، ومتنها لكني أرتعب من آخر فصول هلاكها .. رحلت بي عن الدنيا ، واستقر بي الترحال في قلبها .. اغتالت هزائمي ، وخيباتي ، ورمت بها خارج ذاكرتي فتجذرت وما عادت الذاكرة والغد الآتي إلا هي .. فأي سِر فيها ..؟!. وأي نار رغم إحراقها أعدو لها ..؟!.
عندما أشتاقها اسمع عزف دقات قلبها .. فتهيج صحراء نجد في دمي .. فلا أثق إلا بنياقي أنكبُ عليها أمارس صراخ عشقي لها .. إن تبسمت أشعرتني بامتلاك الدنيا برجالها ، ونسائها ، وإن بكت يا قسوتي أحس أن الجبال ترقصُ على راحتي اليمنى ، وعباب البحر يتلاطم في راحتي اليسرى .
وطني ....
من نماصهـا لعرعرهـا ، من عين جواهـا إلى جيزانــهـا من بحر شرقها لغربها .. أمناً ، وأمان ..
يااااااااااااااه ..!!.
أربع وسبعون عاما ..
.................... شمس سلخت شمس ، والأقمار على ثرى أرضنا لا تعرف الأفول ، ولا الخسوف في مداره قد صار ..
وطن أنتَ ، وأنتِ فيه ، وتوأمي ، وفي جوفه عبد العزيز ، والوهاب قد عطروه بمبادئهم ، وبهموم ليل ، وعدل ما حاد ، وما مال ..
هنا في نجـــد ...
أثل ، ونخل ، وحرمل ،
وعلى جبال سمر خطت عليها أقدامكِ تحكي تاريخ أجدادنا ،
وجزيرة في قلبها محراب يهفو إليه كل قلب موحد .
أصغي إلـيَّ ....
وأبرقي لنجدِ .. قولي لهـا تـقف .. تلتف في عباءتها ، وتضع النقاب دون كحلا .. دون عطر .. تتهادى .. تتمايل .. تفزع لي ، وتعدو زاهية .. كلمح البصر ، وبين ذراعيّ تنكفئ .. خبئيني ، وإيّـاها بغبار ، ولهيب حرارة صحرائي ، ودعيني على رغى ناقتي أقبّلها ... لن أملّ ، ولن أسمح لعيني ما دامت تطوّقني .. ترمش أو تغفو حتى وإن هدّني التعـبُ ، والجهدُ .
... نجــد .. هي بعينها توأمي ، وتوأمي في أعضائها ، وعيونها ، وأنفاسها ، وعروقها نجـد .. رحم أمي يمتد من رياضها لنفود سِرها ، وعلى مشارف عين الجـوى .. غني يا عظامي ، وغردي .
... نـجـد .. صباح الأمس ألبستها وشاح شهرزاد .. عانقتها ، و 74 قبلة نثرتها على رأسها .. على أطراف أناملها ، وواحدة زدت في مفرق جبينا ... خجلت ، وأنا من جنوني بها ضحكت .. تطاولت ، وطلت ، وعدوت في طرقات الرياض حتى أستقر بي العدو على رمال الثمامة ، وهناك من الغبار سكرت ، ياليتني ما أفقت .
... نـجـد .. مساء الأمس ارتدت فستان عشتار وكأنها في ليلة عشاق تسامروا حتى انبلاج الصبح .. كان الحديث همساً .. وكانت عيون الظلام نرجس ناعس ، وتمر يقطر دبس .. تلك نجد سأبقى لها أشدو ، وأكون لها درب ، وساقية .. بدونها وحيد .. يتيم .. كأني راحل .. مهاجر .
صبـاح الخيــ9/8/1425 ــر يا وطنــي .
.. أيام انصرمت .. ليل ، ونهار سلخها من عام نبحر فيه .. عام الرابعة والسبعون –6 /8/1426هـ - لتوحيد مملكتنا .. سفينة مجدافها اليمين سيف عادل في يد عبد العزيز ومجدافها الآخر " كتاب توحيد " صحح ، وبدّل ، ورسخ .
.. كان حلما فتبلور ما لا يُدرك معجزة فضّت التناحر ، ودحرت الخوف ، وقطعت عنق من لا يرضى بحكم من أنزل الكتاب ، وأجرى السحب .. حلما ذاب على الأرض فتجسد واقعا أغاظ العدو ، وانتشى له كل موحد .. ومن أصقاع المعمورة حجيج ، ومعتمر يسابقون أنفاسهم ليستقر بهم الترحال شوقا لبيته العتيق سكينة وأمناً .
من نجد انطلقت كتائبا على ظهور الخيل مكبّرة ، تدك حصون يديرها العرف ، وأوهام عشش فيها التخلف ، والجهل .
واليوم صحرائنا مآذن علم ، وسلام ، وحب .. كفانا مكة المكرمة أحب البقاع لرسولنا ، ولكل نفس تشّربت الله أحد الله الصمد نفوس آمنة أن عيسى ، وعزير رسل ، وليست ابن كما يهذي بذلك من كفر .
في وطني كعبة ، ورسول .. نخلة ، وسيف جسُور .. تلك حكاية .. ملحمة .. عطاء جدود .. مجد سالت له دماء .. ودموع عفرت تراب الأسود .
... نـجـد .. يا طفلة عذبة .. هات نفسكِ ، ورقِّصِيني .. وارمي على شفاهي ارتعاش حنينكِ ، وكوني كموج البحر بين نحري ، وجبيني ..
عارٍ أنا بدونك ، ومن ترابك ثوبا ألبسيني .. وعلى حين غرة مزقي فمي ، ودعيني ألملمه كي أشدو لك لحني ، وقصيدي .
... نـجـد .. قد ذبت فيك ، فأنت شيخي ، وأنا مريدكِ ..أنتِ الأم ، وطفل شقي أنا فتحمليني .. داعبيني .. قبّليني .. بقسوة الصحراء على صدركِ اعصريني .. وشوشيني همسكِ ، وعلى أطرافي اسكبي أنفاسك دفئا يُرطبني ، ولا تتركيني حتى تسقينني من كوثركِ ، وتسكريني
الكاتب / سليمان القحطاني
فترة الأقامة :
7807 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
483
إحصائية مشاركات »
مريام
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
0.43 يوميا
مريام
مشاهدة ملفه الشخصي
زيارة موقع مريام المفضل
البحث عن كل مشاركات مريام