09-10-2004, 03:33 PM
|
#9
|
عضـو شرف
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 4868
|
تاريخ التسجيل : 10 2003
|
أخر زيارة : 07-07-2006 (02:19 PM)
|
المشاركات :
640 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
دروس عملية طابا
عبد الباري عطوان
ما حدث في اليومين الماضيين، والمقصود هنا سلسلة الهجمات التي استهدفت السياح الاسرائيليين في طابا ونويبع، واعدام الرهينة البريطاني كينث بيغلي، يؤكد ان العالم لم يصبح اكثر امانا منذ غزو العراق واحتلاله، واطاحة حكم طالبان الاصولي في كابول.
الارهاب وفق التسمية الامريكية في تصاعد بمعدلات مخيفة، وضحاياه في ازدياد مضطرد، الامر الذي يؤكد ان الحرب التي اعلنها الرئيس بوش للقضاء عليه، وانفق عليها اكثر من مئتي مليار دولار حتي الان، لم تحقق اي نجاحات تذكر، بل جاءت بنتائج عكسية تماما.
ان اخطر ما يمكن استنتاجه من عملية طابا، ان تنظيم القاعدة، الذي يعتقد انه يقف خلفها، استطاع ان يحقق انجازات كبيرة من خلالها، اولها انه قدم نفسه علي انه الوحيد الذي يتصدي للارهاب الاسرائيلي الرسمي وينتقم لضحاياه من الفلسطينيين العزل، وثانيها كشفه لضخامة التطبيع المصري الرسمي مع الدولة العبرية، حيث فوجئ المصريون انفسهم بوجود اربعين الف اسرائيلي علي اراضيهم يستمتعون بشمس بلادهم ودفء مياهها وكرم ضيافتها.
حماس لا يمكن ان تقدم علي تنفيذ عملية بهذا الحجم ضد الاسرائيليين في شرم الشيخ، لسببين رئيسيين، الاول انها تحرص علي تقديم نفسها كحركة سياسية تتطلع الي المشاركة في السلطة في حال قيام دولة فلسطينية، وتدرك جيدا ان خسارة مصر الرسمية هي نهاية لهذه الطموحات، والسبب الثاني ان حماس لم تقم بأي عمليات ضد الدولة العبرية خارج الاراضي الفلسطينية المحتلة، ولا تملك الامكانيات التي تؤهلها لتنفيذ مثل هذه الهجمات وبمثل هذه الضخامة.
عملية فندق هيلتون في طابا تحمل بصمات تنظيم القاعدة ، وتتطابق في التخطيط والتنفيذ مع عمليات سابقة مماثلة مثل نسف السفارة المصرية في اسلام اباد عام 1996، والسفارتين الامريكيتين في نيروبي ودار السلام عام 1998، والهجوم علي مقر القوات الامريكية في الخبر، واخيرا تفجير الملهي الليلي في منتجع بالي الشهير في اندونيسيا عام 2002.
تنظيم القاعدة اذا تأكد رسميا انه يقف خلف هذه العملية، ربما يريد ان يرد علي الاتهامات التي توجه اليه دائما بأنه يذهب لمهاجمة اهداف غير ذات اهمية، وفي اطراف العالم الاسلامي، ويبتعد كليا عن مهاجمة اهداف اسرائيلية.
ويريد في الوقت نفسه ان يعزز شعبيته في اوساط ملايين المحبطين في الوطن العربي من عجز الانظمة العربية الرسمية ورضوخها للاذلال الامريكي ـ الاسرائيلي في فلسطين والعراق. ومن السابق لاوانه الحكم بانه نجح في تحقيق هذا الهدف، ولكن بعض الدلائل تشير الي نتائج ايجابية في هذا الخصوص.
شريط الدكتور ايمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة الذي بثته قناة الجزيرة قبل عشرة ايام جاء يؤكد استراتيجية التنظيم الجديدة، اي التركيز علي اهداف اسرائيلية، عندما طالب شباب الامة بالتحرك للتصدي للارهاب الاسرائيلي، والاقدام علي ضربات استباقية للانظمة واعداد العرب حتي لا يفاجأوا باحتلال بلادهم، مثلما حدث في العراق وافغانستان.
الدكتور الظواهري الذي خطط بنجاح لعملية اغتيال الرئيس الراحل انور السادات، ونفذ العديد من الهجمات ضد النظام الحاكم في القاهرة، ربما اعاد احياء تنظيم الجهاد الذي كان يتزعمه، وبدأ حربه الجديدة ضد النظام المصري، والاحتلال الاسرائيلي في الوقت نفسه، مستغلا حال التحلل التي يعيشها النظام، وتدهور الاوضاع المعيشية للمواطنين المصريين في ظل حكمه.
الدرس الابرز المستفاد من عملية طابا هو ان حرب الابادة التي تشنها حكومة شارون ضد الشعب الفلسطيني بدأت تعطي نتائج عكسية تماما، فالفلسطينيون الذين ابتعدوا دائما، رسميون او مواطنون عاديون، عن تنظيم القاعدة، لم يحزنوا مطلقا لعمليته الاخيرة في طابا ولم يتعاطفوا مطلقا مع ضحاياها، لان غالبية الاسرائيليين لم تتعاطف مع ضحاياهم الذين سقطوا ويسقطون يوميا برصاص الطائرات والدبابات الاسرائيلية.
الحكومة الاسرائيلية التي رفضت التفاوض مع عرفات، او الاعتراف بحركة حماس باعتبارها حركة ارهابية متطرفة حسب تصنيفها، بات عليها ان تتعامل الان مع تنظيم القاعدة الاكثر تطرفا، واحتمالات تغلغله في اوساط الفلسطينيين.
المجازر الاسرائيلية في الضفة الغربية والقطاع قضت علي كل توجهات الاعتدال في صفوف الفلسطينيين، وصبت في خان التطرف، واعطت تبريرات قوية للجماعات الاسلامية وغير الاسلامية التي ترفض التفاوض مع الاسرائيليين، وتعتبره في المكان الخطأ، ومع الاناس الخطأ، وفي التوقيت الخطأ.
المأمول ان تستوعب الانظمة العربية الحاكمة التي استمتعت بعجزها، واعتبرته ذريعة للتنصل من واجباتها، درس ما حدث في طابا، وان تتحرك لانقاذ ما تبقي لها من شرعية في البقاء في الحكم، وقبل ان تجد نفسها تواجه ما هو اخطر واكثر دموية.
المنطقة العربية باتت تسبح في بحر من الفوضي الدموية، وتتحمل اسرائيل والانظمة العربية مسؤولية هذا الوضع، كل لاسباب مختلفة، وهناك مخرج واحد من هذه الدائرة المرعبة، وهو الاصلاحات، والاستماع الي انين المواطنين، ومطالبهم العادلة والمشروعة في تعايش وسلام حقيقيين يقومان علي العدالة والمساواة.
|
|
|