17-10-2004, 07:42 PM
|
#2
|
عضـو دائم ( لديه حصانه )
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1344
|
تاريخ التسجيل : 03 2002
|
أخر زيارة : 16-08-2022 (03:23 AM)
|
المشاركات :
658 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
لجأت الى التحليل النفسي ووضعت حازم إبراهيم على (الشيزلوتك) عبر أيام متعاقبة لاختراق القشرة الخارجية للأنا العليا والإيغال باتجاه الأنا السفلى وردود أفعالها المتراكمة تجاه مسلسل الكوابت الذي لا ينتهي، في محاولة للعثور على العقدة الأولى وتفجيرها من أجل تحرير الرجل من معاناته، كما كان (فرويد) يؤكد.. فلم أصل إلى شيء.. تحولت إلى (بافلوف) وتابعت شبكة الاقترانات الشرطية المبكرة في حياة زميلي، في محاولة لفك الارتباط، وجعله يفيء إلى نفسه ويتجاوز شروده المحزن الذي هو في نهاية الأمر نوع من الهروب من مؤثر أو اقتران ما بذكرى أو حالة أو حادثة.. فلم أحقق شيئاً..
ما من مذهب أوأسلوب إلا واتبعته معه، تبرئه للذمة كما يقولون وتشبثاً بالحل الذي ينقذه من أزمته المستعصية.
هذا ما فعلته لسنوات طويلة مع مرضاي.. أحيانا كانت المحاولات تقودهم إلى الشفاء، ولكن وفي معظم الأحيان، لم تكن المسألة أكثر من نوع من الخداع نمارسه ضد أنفسنا ومرضانا، للتحايل على الحالة، واقناع الطرفين بأن هناك فعلاً محاولة جادة للعلاج..
وقال حازم يوماً وهو يهم بمغادرة العيادة ووجهه تغمره الكآبة:
- هل تنصحني بأن أكف عن مراجعتك فأريح وأستريح؟
قلت وأنا أربت على كتفه:
- غداً سيبدأ العلاج الحقيقي!
غمرته الدهشة وتتابعت الكلمات في فمه:
- وما الذي كنا نفعله عبر هذه الأسابيع الطوال؟
أجبته وأنا أبتسم!
- محاولة لتبرئة الذمة!
لم يدرك قصدي فأردفت:
- يبدو أنه قدر علينا أن نمر ب(يونغ) و (فرويد) و (بافلوف).. والخط الطويل من علماء النفس الغربيين الذين اجتهدوا في طرائق العلاج.. إنها التقاليد التي يسمونها "علمية" والتي تفرض نفسها على الإنسان حتى ولو لم يكن مقتنعاً بها تماما... و..
قاطعني بشيء من التردد والخجل:
- فلماذا.. إذن... حاولت.. و
قاطعته بدوري:
- أعرف يا حازم، ولكنها كما قلت محاولة لتبرئة الذمة، فمن يدري لعل إحداها كان يمكن أن تقودنا إلى المطلوب..
عاد إليه نفاد صبره وقال وهو يضع يده على أكرة الباب:
- وماذا بعد؟
- غداً سأعطيك الجواب
غمرته الحيرة كرة أخرى فلم أشأ أن أجعله في أسرها، فأردفت:
- البعد الذي طالما غاب عن الآخرين... إنه الكشف والعلاج معاً.. لقد جربته مع مرضاي فمنحني وإياهم نتائج مدهشة
تساءل حازم بلهفة كأنه يتعجل فك ما بدا له طلاسم واسراراً.
- ماذا يا دكتورسعدي؟
قلت وأنا أتذكر مرضاي الذين اجتزت بهم المتاهات وأوصلتهم بمعونة الله- إلى شاطئ الأمان:
- الإيمان يا حازم، إنه يملك قدرة مذهلة على الكشف والعلاج.. لكننا للأسف طالما أغفلناه..
ولكن.. وتذكرت وأنا أرجع قليلاً إلى الماضي أن حازم كان من بين القلة من زملائي ممن لم يستذوقوا حلاة الإيمان.. وأنه ظل طيلة سنوات الدراسة الجامعية بعيداً عن الله، إلى درجة النزق، وربما الخصومة والعداء لكل ما يمت بصلة إلى الدين والخبرة الدينية من قريب أو بعيد.. قلت له:
- إن بين أيدينا ياحازم كنزاً ولكننا على ما يبدو لم نستثمره أو نكن أهلاً له.
نظر إلى متسائلاً، فقلت بهدوء:
- كتاب الله وسنة رسوله عليه السلام. أراد أن أن يقول شيئا فأردفت:
- لم نحاول للأسف أن نؤسس من إضاءتها المدهشة للنفس البشرية، علماً أو منهجا يمنحنا الفرصة لإنقاذ المعذبين والمأزومين.. وأملي أن يجيء ذلك اليوم وهو قادم لا ريب.. ولكن حتى ذلك الحين، فإن أمامنا نحن الأطباء النفسانيين فرصة طيبة للافادة من الكنز ولو بشكل مجزوء.. ومع ذلك فإن هذه الافادة قد تكون اكثر قدرة على التعامل مع النفس البشرية من جل المحاولات التي استعرناها من هناك!
لا أدري إن كان حازم قد اقتنع بكلامي أم لا، كما أنني لم اكن أدري حتى تلك اللحظة ان كان زميلي الذي سبق أن نفى نفسه من ساحة الأيمان، قد فاء إلى الله أم لا. ولكن يكفي أنني ادركت جدوى هذا الأسلوب واقتنعت به حتى أعمق نقطة في كياني، وجربته مع العديد من الحالات فأعطاني نتائج مدهشة. وقلت لحازم، وأنا أحاول أن أنقل إليه شحنة اليقين التي تصنع المستحيل:
- لم أفعل لحد الآن شيئاً معك، وسوف تجد عبر الأيام القادمة ما الذي تعنيه كلماتي.
أجاب وهو يهم بمغادرة المكان وملامح وجهه تتعاقب عليه دفقات الشك واليقين:
- أرجو ذلك يا دكتور سعدي، وهي على أية حال فرصتي الأخيرة.
--------
المصدر :
http://haras.naseej.com/Detail.asp?I...sItemID=148426
-----------------
ترجمه للدكتور عماد الدين خليل
------------
الاسم: الأستاذ الدكتور عماد الدين خليل.
أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعات العراقية لأكثر من 30 عاما.
أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية الدراسات الإسلامية والعربية - دبي.
من أهم مؤلفاته:
التفسير الإسلامي في التاريخ.
مدخل عن إسلامية المعرفة.
مدخل إلى نظرية الأدب الإسلامي.
إعادة تشكيل العقل المسلم. ...
وللمزيد أفتح هذا الرابط :
http://www.islamonline.net/livedialo...GuestID=3gxbLF
حوارات سابقة مع الدكتور :
http://altareekh.com/doc/article.php?sid=954
http://www.al-eman.com/karat/details.asp?ID=5571
http://www.almutawa.info/ara/article.php?sid=280
|
|
|