فراق أبنكِ أوقف في الحلق غصة ، فتقاطر البكاء من أصابعي ....
صباح الخير يا وطنـي ..
صباح الخير يا جـدتي ..
أختي الفاضلـة ..
سلام الله عليكِ ، ورحمته ، وبركاته ..
( ( تخيلوا حياتي بدونه )).
..... أربع أشهر مضت .. أمُّ لا يفارق طيف ، وملاح أبنها عينيها .. أمُّ تطوّح بها هواجسها ، فتذرف دموعها حنينا ، وتحنانا .. ما سمعت صوته ، ولا تلكؤ أحرف ماما ، ولا لهفته إذا أفاق الصبح يحتاج دفء من صدرها يسقيه أمناً ، وسكينة .. لا تباع ، ولا تعوّض .. لو طوّقت من حوله ألف من المرضعاتِ ، والحانيات أمومة ، وعطاء .
من أحشائي ، وفيها تقلّب .. وهناً على وهن .. وحين سمعتُ أول صرخته .. تلاشت الأتعاب ، ورغم الألم .. والطلق .. كأن الدنيا بملذاتها ، وكنوزها تجثمُ بين ذراعيَّ ... عن ماذا ..؟! أحكي لكم .. عن عينيه .. أو شفتيه .. أو أصابع كفٍ صغيرة أو شعور موغلٍ راودني بعد أن حضنته ... آه ..!!. يا رباه لو التصق بي ، من سيقدرُ على سلخ لحمُ من لحم أحشاء نمى به .. إلا خالقا أجرى فيّ ، وفيه الحياة .
بني .. صغيري .. زهرة قلبي .. ما ارتشفت ماء إلا أخافني أنك في عطش ، وما لامست لقمة فمي إلا أرعبني أنك في جوع ...!!. وما رأيت طفلاً يعدو .. أو بين يدي أمه أو على شاشة التلفاز إلا بكيتك ، وضممتُ يدي أسترجع همسكِ ، ورائحتك ...!!. بنيَّ ما وضعت رأسي على وسادتي إلا أغرقتها دمعا من الخوف .. من الشوق .. من الوله الطاغي لك .
أختي لا تقمعي أمومتكِ إذا هاجت أشواقكِ .. أبكي من يلوم أمّ تبكي بكرها ، وضناها.
* أختي سأقف عند عبارتكِ ( المهم أراد زوجي يرجعني ، ووافقت ، ولكنه رد قائلا لا أريدكِ ..) أختي موافقتك على العودة لو حدثت من أجل أبنكِ لكن يبقى السؤال في حال وافق لاحقا بعودتك ، وحاله ، وتعامله كما ذكرتِ .. صراخا ، وضربا لأتفه الأسباب ، أختي لابد أن تكون عودتكِ إن أراد الله مشروطة بأبسط حقوقكِ كزوجة ، وأم ، وإنسانة ، وإلا ستكون النتيجة ألم لكِ ، وإعادة لدار أهلكِ .
* أختي الأطفال في عمر أبنك يخافون ، ويبكون من الأصوات العالية ، والمفزعة ، والحمد لله ما دام طفلك بخير ، ويحب أبيه ، وأبوه يحبه ، وعودتك على افتراض لو حدث ، وأنت أعرف بطليقكِ ، وسلوكه ، وما سيكون فلا تألمي ، ولا تُشعري ذاتكِ بالذنب أو التقصير ببعدكِ عن طفلك .. فأنت رغم الظروف السيئة مع والده لم تطلب طلاقكِ .. بل فكر في إرجاعكِ ، وقبلت ثم عاد يرفض ... فراقكِ عنه خارج عن إرادتكِ ، وقانون بشري جائر لم يراعي أمومتكِ ، والله لا يكلف نفساً إلا وسع طاقتها ، وأنت اتقيتِ ، وصبرت ، وتجرعت الذل ، وسيجعل الله لكِ مخرجا ، ولا تتوقفي في حقكِ لرؤية ، وزيارة أبنكِ قدر استطاعتكِ وفقا للقانون ، وإن عجزتِ ، وباءت محاولاتكِ ، وشفاعتكِ بأقرباء لطليقك قد يخافون الله ، ويكون لهم الأثر في السماح لكِ بالتواصل مع أبنكِ ... تكوني يا أختي فعلت ما تمليه عليكِ أمومتكِ ، ولحظتها ، ومع نفسكِ تكوني راضية لواقع ، وقدر الله قدره ، والله عادل لن يظلمكِ إن آجلاً أو عاجلاً .
* أختي إن بقيت الأمور في أشدها سواد ، وحرمت من أبنك فلا تنسي أن السماء أبوابها مشرعـة ، وفي شهر كريم لا يُردُ فيه سائل موقن بالإجابة ... سيكبر أبنك إن أراد الله لكما عمراً ، وسيأتيك يوم مهما أحيط بالحواجز ، ومهما شوهت صورتك لديه ، وسيعرف الحقيقة ، وسيرى في عينيك صدق أمومتكِ ، ودعاء له منكِ بالصلاح ليل نهار .
ربي يحفظ لكِ طفلك .
|