نفساني - عرض مشاركة واحدة

11-11-2004, 08:40 AM

مرحبا...

قد أثرت موضوعا طالما أحزنني وهو ما نشاهده من تسفيه وطعن في علماء أجلاء أفنوا اوقاتهم في التحصيل وطلب العلم أولا.. ولما وجدوا انهم قد حازوا حظا من العلم تصدوا للافتاء والارشاد ثانيا.. ليس حبا في ذلك لكن خوفا من كتمان العلم الذي ورد في قول المصطفى صلى الله عليه وسلم(من سأل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار)

لذلك نشاهد الطعن والتشكيك في النيات والذمم والاهداف والمقاصد بينما كان المطلوب هو حملهم على الظاهر واحسان الظن بهم فلا نخرجهم من دائرة العلماء لمجرد هوى نفس,أو اختلاف,او تعصب....

نعم قد نختلف مع بعض آرائهم,وقد نرى من- وجهة نظرنا- انهم قد اخطأوا في مسألة معينة لكن هذا الشيء لا يمنع من حملهم على المحمل الحسن لانهم مجتهدون ولا يمكن لاي عالم أن يدعي العصمة لرأيه كما هو منهج علماء الاسلام على مر الازمان...

وهذا هو منهج العلماء الصحيح لذلك أثر عن بعض العلماء الاوائل ما مفهومه انهم كانوا يعيشون مع بعض ويختلفون في مسألة معينة فلا يرون ان احدهم هلك لتحليله ولا الآخر هلك لتحريمه..وذلك لان الاختلاف طبيعة بشرية وسنة كونية قبل ان يكون واقعا شرعيا وذلك لاختلاف الافهام وكيفية استخلاص الاحكام الشرعية من الأدلة...

ويعجبني منهج الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله- حيث كان ينهى المستفتي عن قول:ما رأي الشرع في كذا...
وكان يقول له:قل:ما رأي الشرع( في نظركم) في كذا.... والحكمة في ذلك ظاهرة من شيخ جليل... وذلك لكي لا يتم ربط الحق بشخص معين...

نعم قد يشددون على آرائهم- لكن لا يتعصبون- فنجدهم يقولون في قولهم:هذا هو الحق..هو الصواب..ما عليه الدليل..القول الآخر مرجوح..ضعيف.. غير صحيح..ليس عليه دليل...لكنهم لا يدعون العصمة او يسفهون رأي من خالفهم أو ينتقصون علمهم...

لذلك نجد ان هذه الظاهرة تكاد تنتشر فيمن ليس لديه حظ من العلم والفهم الشرعي السليم وقد يدل هذا الشيء على (طبيعة نفسية متأصلة) من حيث التشكيك بالآخرين عموما والانتقاص منهم واساءة الظن بهم وقد يدل هذا الشيء على ماهو أشمل من ذلك كله وهوالرؤية التشاؤمية للحياة...

قد تجدينني-أختي آساير- توسعت في هذا الشيء لكن صدقيني ان هذه الظاهرة تحز في نفسي عندما أرىأبعادها منتشرة بشكل واسع في مجالس الناس او في منتدياتهم المكتوبة...

بالنسبة للشيخ القرضاوي فأنا أحترمه ككل علماء المسلمين لأني أجلهم جميعا وأحترم آراءهم حتى وان كنت لا اوافق بعضها او وجدت نفسي تطمئن لبعضها...

ولو لم يكن للشيخ سوى اهتمامه بقضايا أمته ودفاعه عنها والحرقة التي أجدها في خطبه ومقالاته على واقع المسلمين_لكفاه ذلك..فبارك الله في عمره ونفع بعلمه..

لكنها(النظرة الأحادية)و(النظرة الضيقة) التي ترى الضفة ولا تنقل بصرها للضفة الاخرى وتنظر للحياة بسعتها وجمالها من خلال ثقب داخلي ضيق...

أنا مثلك-أخت آساير-اطلعت على كثير مما يقال عن الشيخ ولم تكن نفسي تطمئن اطلاقا لكل ذلك لكن عندما اقتنيت الكتاب سالف الذكر أدركت حجم الجهد وقيمة الفكر النير وادركت-فعلا-كم هي غير منصفة تلك النظرة الأحادية وكم هي ظالمة تلك النظرة الضيقة...!

أخيرا...

أنا من منهجي وطبعي الفصل بين الاشخاص وبين نتاجهم الفكري والمعرفي فلا أخلط بينهما ولا احب (الحكم الانطباعي)أو(الاحكام المسبقة) التي نراها بشكل كبير في التعاطي مع القضايا الفكرية والابداعية....

شكرا جزيلا...