17-08-2017, 09:43 PM
|
#5
|
مراقب إداري
نحن بجانبك
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 52800
|
تاريخ التسجيل : 02 2016
|
أخر زيارة : 14-09-2022 (02:53 AM)
|
المشاركات :
2,608 [
+
] |
التقييم : 14
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
5- أكثر ما يظن فيه عجز الإنسان وضعفه هو الإمكانات التي يمتلكها لفهم الواقع
المعاش بكلياته وجزئياته ومشكلاته وخباياه ،
وقد كثرت في أيامنا هذه الدعوة إلى فهم الواقع وفقهه ،
وهي دعوة مهمة ، لكنها تخفي في طريقة طرحها نوعاً من التبسيط للمسألة ،
حيث إن فهم الواقع أو مقاربته مسألة من أعقد ما يواجهه العقل البشري ،
فالقيم التي نؤمن بها تتحكم إلى حد كبير في رؤيتنا لذلك الواقع ،
وكثيراً ما تشكل حائلاً بيننا وبين رؤية حقيقة ما يجري فيه .
والعقل الإنساني حتى يلامس الواقع فإنه يفترض ثباته وجموده ،
على حين أن الواقع يظل محطّة لتدفق التحولات المشعثة الكثيرة والحادة أحياناً مما يجعل إدراكنا قاصراً عن ملاحقته ،
وبالتالي فإن أحكامنا تصدر على أشياء فائتة ومنتهية ومن هنا فإنه لابد من بناء (إشكالية) ،
يتم من خلالها تقسيم الواقع إلى قضايا يمكن تحديدها وتقديم إجابات وحلول لها ،
والنمط الذي سنصور الواقع من خلاله هو عبارة عن صورة عقلية مركبة تدخل فيها رؤانا العقدية
إلى جانب العناصر المعرفية والقيم الاجتماعية التي ترشد حركة المجتمع ،
ومادام كل ذلك متفاوتاً عند الناس فإن عجزنا عن لمّ الخلاف سوف يظهر أكثر وأكثر عندما نحاول تقويم الواقع وإصدار الأحكام عليه .
إذا كان الإنسان على ما ذكرنا من العجز والقصور
فإن عليه أن يطامن من نفسه ، ويخضع لقيوم السموات والأرض خضوع العارف بضعته
المدرك لعظمة خالقه متخذاً من ذلك باباً للأوبة والتوبة الدائمة .
وعلى الإنسان مع ذلك أن يحترم عقله وقدراته فلا يزجّ به في مجاهيل وغيوب لا يملك أدنى مقدمات للبحث فيها ،
حتى لا يتناقض واقعه مع ذاته ومن المنهجية القويمة أن نعلّم أنفسنا الصبر على الاستقراء
والتأمل وعدم المسارعة إلي إطلاق الأحكام الكبيرة قبل التأكد من سلامة المقدمات التي تستند إليها ،
وحين نصل إلي حكم ظني فإنه علينا أن نصوغة بطريقة تُشعر المطلع عليه بذلك ،
ويروون عن الإمام مالك رحمه الله أنه كان كثيراً ما يردد قوله تعالى ] إن نظنُّ إلا ظنَّاً وما نحن بمستيقنين[ [الجاثية : 32]
|
|
|