عرض مشاركة واحدة
قديم 07-09-2017, 08:59 AM   #11
زهراء الموسوي
عضو جديد


الصورة الرمزية زهراء الموسوي
زهراء الموسوي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 57108
 تاريخ التسجيل :  08 2017
 أخر زيارة : 07-09-2017 (09:03 AM)
 المشاركات : 9 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
سيكولوجية السامري\ مقالتي في جريدة الراي الكويتية



لماذا ترك قوم موسى، هارون خليفتهم واتبعوا السامري، ولم يمض على ذهاب رسولهم إلا بضعة أيام، ولم تمض فترة طويلة من نجاتهم، من الظلم والطاغوت وتعذيب فرعون وتنكيله، على يد هذا الرسول، وهم كانوا يفهمون رسالته، وقبل ذلك أيضاً كانوا يعلمون ببطلان الأصنام وكانوا أساساً من الموحدين؟ إذاً ماذا أراهم السامري وأي سطح من رغباتهم حقق لهم حتى يتركوا الرسول ويتبعوه؟

ربما يجب أن نحلل أولاً مَنْ السامري؟ وماذا يقدم؟ ومن أي مدخل يدخل الى الناس حتى يتبعوه ويتركوا ما كانوا عليه رغم ثقتهم بصاحب الدعوة السابقة واعتقادهم به؟

كان السامري من أصحاب النبي موسى عليه السلام، وكان ذا قدرات روحية عالية، إما نشأت من إيمانه او من قدرات روحية اودعت فيه طبيعياً او اكتسبها بالممارسة (كما يحصل لدى المرتاد الهندي مثلاً). على أي حال كانت له قدرة روحية استطاع بها أن يرى آثار جبرائيل (كما يقول بعض أهل التفسير) وأخذ آثار أقدامه وجعلها معه.

إذاً أول خصيصة للسامري هو امتلاكه لقدرات خارقة، إما عقلية أو روحية تجعله يمتاز عن عامة الناس.

بعد ذلك يستغل السامري تأخير موسى (عليه السلام) عن ميعاد عودته ويبدأ ببث هذه الدعوة بأن موسى لن يعود، واجعلوني أصنع لكم إلهاً. هنا استفاد السامري من نقطة ضعف الناس ومن ميولهم البدائية نحو عبادة رب مشهود للتأثير عليهم.

إذن الخصيصة الثانية للسامري، هي معرفته بالمجتمع ومتطلباته الخفية، وهذا يحتاج الى نباهة عالية وذكاء وتركيز وقدرة تحليلية يستطيع بها أن يعلم مكنونات الناس النفسية في مجتمع ديني جاهد وعانى وترك ما يملك لاتباع رسوله والايمان به؛ ففي النظرة الاولى لمجتمع ديني كهذا، لا يمكن ان تدرك بأن الرواسب الوثنية قوية عندهم إلا إذا كان الشخص متمعناً ودقيقاً في تحليله للمجتمع.

هنا تتجلى الخصيصة الثالثة للسامري، وهي ذكاؤه ونباهته وتركيزه ودقته في الانتباه الى الامور الخفية والنوايا الباطنية للناس والمجتمع ككل.

ثم ماذا يفعل السامري؟ يجمع نقاط ضعف أفراد المجتمع الذي انتبه لها ويأتي اليهم ببراهين مقنعة ليدخل عليهم من المنفذ الذي لم يغلقوه وهذه الخصيصة الرابعة، وهي استغلال نقاط الضعف او ما يسميه علماء السياسة القدماء، بالدهاء والمكر؛ فلولا الدهاء لما استطاع إقناع الناس بأن يستغنوا عن ذهبهم وحليهم والتي هي من اشد متعلقات الانسان خصوصاً في الوضع الذي هم كانوا عليه، فاقدين للمسكن والملجأ والوطن والاستقرار.

فالذي يحتاجه الانسان في هذه الحالة هو المادة والمال ليؤمن حاجاته الاولية لا ليعبد إلهاً مصنوعاً من الذهب. إذن يحتاج الأمر إلى دهاء بالغ لإقناع الناس بالتخلي عن أموالهم التي بالتأكيد حصلوا عليها بالمكابدة لأنهم أساساً كانوا مضطهدين في مصر ولم يكونوا اناساً أثرياء، فالذي حصلوا عليه من مال كان نتيجة جهد وعناء. كيف تخلوا عن هذا المال؟ والأغرب من ذلك كيف تخلوا عن داعٍ يدعوهم من دون أن يطلب منهم مقابلا، ولجأوا الى داعٍ يطلب منهم ما يملكون من ذهب وحلي؟

إنه لأمرٌ غريب حقاً! ولم يكن لينجح السامري، لولا أنه كان داهيةً وماكراً والدهاء والمكر يتجليان في القدرة العالية على إقناع الناس وتمويه الحقيقة، الأمر الذي كان يتمتع به السفسطائيون وبذلك كانوا ينجحون في اي قضية يتبنونها، إذن الخصيصة الخامسة للسامري هي القدرة على الإقناع.

وهذه الخصيصة أيضاً ترجع إلى المعرفة الدقيقة بالناس، فلولا ذلك لا يستطيع شخص إقناعهم لو لم يعرف وترهم الحساس. ولكن كل هذا هل كان سينجح لو فعله السامري بعد عشرة أيام من ذهاب موسى الى الميقات؟ ربما لا وربما في ذلك الحين كان سيواجه رداً عنيفاً وصداً من الناس، وكانت تبطل كل ألاعيبه وحتى ربما كان يفقد حياته. فهو اختار الوقت الذي احتار فيه الناس من غيبة موسى مع أنه لم يكن سوى بضعة أيام ولم تصل الى شهرين، ولكن رغم ذلك كانت تحتاج فترة معينة لكي يتقبل الناس الدعوة الجديدة من السامري، وهنا تكمن الخصيصة السادسة للسامري وهي المعرفة بالزمان واختيار الوقت المناسب للتنفيذ.

ولكن ماذا كان يريد السامري من كل هذا؟ أقوى احتمال هو الميل للسلطة. وهنا يصدق القول بأن «آخر ما يخرج من قلوب الصديقين، حب الجاه»، فالسامري استطاع ان يعلم بأحقية موسى ودينه واتبعه في ذلك فكرياً ولكن لم يستطع التغلب على نفسه وميوله في التسلط والوصول إلى القدرة، وبالتالي الخصيصة السابعة للسامري هي حب السلطة واستعباد الناس.

في النهاية خصائص السامري سبعة هي: امتلاك قدرات خارقة للعادة، المعرفة بالمجتمع ومكنوناته، الذكاء والنباهة والتركيز، استغلال نقاط الضعف، القدرة على الاقناع، ومعرفة الزمان وحب السلطة.

هذه خصائص السامري ولنا وقفة لاحقاً في خصائص المجتمع التي تجعله يتبع السامري ويتخلى عن موسى وهارون.

رابط المقالة
http://www.alraimedia.com/ar/article...6878/nr/kuwait


 
التعديل الأخير تم بواسطة الحوراني ; 07-09-2017 الساعة 09:47 AM

رد مع اقتباس