|
الحمى .. و الصور العتيقة ..!
أعتقد أن الحمى لازالت تعبث بي .. فهي تنقل لي صوراً كثيرة حين تشتد ليلاً
- اتساءل لمَ تشتد عليّ ليلاً فقط ؟!! لكنه ليس موضع الحديث - وهذه الصور لا ترتيب
لها و لاتنسيق أبداً .. تأتي و أراني أدقق في زواياها جيداً .. في ألوانها الباهتة و أحياناً
الحديثة نسبياً .. و افكر بإسهاب .. وحين أصل لنقطة تثير حنقي و غضبي .. فإذا بصورة
أخرى غير الاولى تقتحمني في نوبة الغضب و الوجع تلك ..!
مايميز صور الحمى - المرض مجازاً - انها صور نطلب عبرها الرحمة .. و المساعدة ..
تتخذ أشكالاً لأشخاص مروا في حياتنا .. سواءاً جمعتنا بهم ظروف معيشة
على مدى الميلاد الاول لنا أو أشخاصاً عابرين .. لا نكاد نميز ملامح وجوههم ..
لكن الرقة .. و الكلمة الطيبة و الوقع الذي خلفته وجوههم و احرفهم على ارواحنا ..
و صورهم العتيقة الغالية الثمن - كونها مؤطرة بإطارات راقية و غالية نسجتها الذاكرة -
تجعلهم بلسماً .. و يداً حانية توضع على الجبين المتعب المرهق ..
أعترف أن ألبومي لا يزخر بالكثير من هذه الصور .. بل انها تذوي مع الأيام .. ويموت
أصحابها بإطاراتهم الباهظة .. و يسقطون - ليتهم للأعلى - للدرك الأسفل من الروح
ولا حيلة لي في هذا ..
لكن الدرب طويل .. و العمر قصير
وقد أصادف صوراً تستحق .. وقد تكون موجودة امامي
لكني املك من الــ×××× مايجعلني لا أرى ..
**
من الصور التي زارتني وكانت بلسماً هدأ من روعي حين كانت الحمى تنهشني
صورة امرأة مسنة والدة لاحداهن .. انحنيت عليها - كونها جالسة - وقبلت رأسها ..
وقد ابتسمت في وجهي وهمست لي ببعض العبارات التي لن انساها ماحييت .. كانت
تحمل من الطيب .. و الحنان مايجعلني أرغب في النهل منه .. دون توقف ..
وقد كان لي ذلك و انا اتأملها ليلة البارحة في منامي .. سقف الغرفة امتلأ بوجود صورتها
وقد غفوت .. وهي تضع يداً حانية على جبيني الساخن ..
غفوت ... و أنا ابتسم
سأقف هنا ..!
|