...... ثقب في الذاكرة ..!
بالأمس .. كنت أقوم بزيارة لأخي
وقد أخذت معي أختي الصغيرة التي تبلغ من العمر 12 عاماً
لزيارته و زيارة صديقة لها تقاربها في العمر تعرضت لحادث منذ فترة ليست قصيرة
وقد فقدت ذاكرتها من وقع الصدمة .. وكان الإسم الذي نطقت به هو اسم
شقيقتي فقط ..!
طبعاً .. لم استوعب الامر في بادئه .. بل أني اعتقدت ان شقيقتي تبالغ
وقد احتواني هذا الإحساس و حملته معي و انا انتقي لها الأزهار الزرقاء التي
أخبرتني شقيقتي أنها تحبها .. و علبة الشيكولاته الداكنة التي يطيب لها تذوقها
و الكرت الذي خططت فيها أجمل الاماني لها بالشفاء العاجل ..
حملته معي .. و انا اخطو لغرفتها .. و اطرق الباب و اجعل شقيقتي الصغرى تتقدمني
و انا أصافح النساء المتواجدات في الغرفة من قريباتها .. و انا اصافحها و أقبلها
ومع اني لم أرها ولا مرة في حياتي .. إلا أنني أدركت ان تلك الهزيلة المبتسمة على
الدوام - وقد تكون بهذا تداري خجل و خوف عدم استيعابها للوجوه التي تملأ الغرفة - ليست
معنا في هذا العالم ..! إنها لم تكن على مايرام مع انها لا تعاني سوى من خلع بسيط في
الكتف و ارتجاج في المخ - غير مرئي - لكنك تشعر به جراء الثقب الذي ابتلع ذاكرتها
وجعلها تنظر إليّ بعين يشملها خوف و ترقب من أن اكون شخصاً تعرفه .. ولم تتذكره ..!
اخبرتها و انا انظر لعينها مباشرة و امسك بيدها بشدة ..
" انتِ لا تعرفيني .. فلا تخافي " و ابتسمت لها .. بادلتني الإبتسام و هدأت
ثم أخذت شقيقتي تحادثها .. و تذكرها بأمور حدثت منذ عام .. و اخذت تستجيب
بتدريج بطيء .. و تربط الصور المبعثرة لوجوه من تعرف ببعض الأسماء التي ساعدتها
في تركيبها بشكل صحيح .. شقيقتي الصغرى
تحدثت مع عمتها .. ووالدتها - و التي كانت في منتهى السعادة لزيارتنا - فقد عم الصمت
المكان حين أخذت تلك الفتاة تتحدث مع شقيقتي بشكل طبيعي - نوعاً ما - و تتذكر ..!
كانت تتذكر .. صحيح بشدة .. لكن كان الامر مشجعاً
أخبرتني والدتها .. انها الوحيدة التي تأذت من الحادث .. فقد أثرت عليها الضربة جراء تزحلق
السيارة بشدة .. و كانت في غيبوبة لفترة طويلة .. ومنذ أسبوع و نصف وحين أفاقت .. لم
تتذكر سوى وجه امها .. و لم تنطق إلا باسم شقيقتي
المضحك في الأمر - مع ان الأمر ليس مضحكاً - أنها و أختي لم يكونا على وفاق تام .. كانت
تريد صداقتها لكن العنيدة التي اعرفها جيداً .. لم تكن تكترث ..! الآن هي تكترث بشدة
بل إني أكتب إليكم و هي هناك .. لديها و معها .. وقد اتفقنا على ان تقوم بزيارتها يومياً
حتى إن خرجت من البيت .. العلاج يتطلب هذا .. و أظن ان الصداقة الجديدة التي قد تنشأ
بين الإثنتين .. سيكون لها عمق .. غريب حقاً
--------
صدقاً .. لا اعلم لمَ أضع هذا .. لكن ..؛
نظرة تلك الفتاة .. و خوفها .. و قلقها .. جعلني أشعر بشيء غريب .. ليس حزناً بل شيء
آخر .. و أظن انني أخجل من التصريح به
ليتها تعلم أنني .. أود لو آخذ مكانها .. لكن هذه المرة
لا أريد ان انطق باسم أحد - مع أني اعلم بأني سأنطق باسم احد ما - لكن لا اريد
لأن لا احد هنالك كي يأتي .. ومن سأنادي عليه .. لن يكون هنا
و الاهم ..؛
جيد ان تبدأ بولادة لذاكرة من جديد .. مع أني أشك في أن الذاكرة .......
" تموت " ..!
* الآن .. اريد دعاءكم لها
كونوا بخير ..
|