عرض مشاركة واحدة
قديم 23-02-2019, 08:33 PM   #40
الخزرجي
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية الخزرجي
الخزرجي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 57607
 تاريخ التسجيل :  10 2017
 أخر زيارة : 18-05-2019 (03:30 AM)
 المشاركات : 497 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


بسم الله الرحمن الرحيم

أقول/ الأخ (أيُّوب) المُحترم

كُنا قد تكلمنا سابقاً عن النظريات البيولوجيَّة في تفسير الأسباب المرضيَّة للفُصام، و الآن سوف نتكلَّم عن النظريات النفسيَّة (السيكولوجيَّة) سواء النظريات الديناميَّة أو السلوكيَّة أو المعرفيَّة أو الاجتماعيَّة.

مُقدِّمة/

قد تم التركيز في الثلاثين سنة الأخيرة على النظريات الوراثيَّة و البيولوجيَّة في تفسير الفُصام، بينما لقيت النظريَّات النفسيَّة إهمالاً واضحاً، و لكن تم إعادة إحياء هذه النظريات في السنوات القليلة الأخيرة نظراً لظهور أبحاث و دراسات جديدة تدعم بعض هذه النظريات، و لعل سبب الإهمال هذا أن التقدُّم العلمي الكبير صب في صالح النظريات الماديَّة أكثر من تلك النظريات النفسيَّة التأمُليَّة التي لم تكن تستند لبحوث و دراسات.

أ-النظرية الديناميَّة النفسيَّة (السيكوديناميك):-

هذه النظرية ترتكز على أساسيات نظرية التحليل النفسي لسيجموند فرويد، و حاصلها أن الفُصام ينشأ نتيجة وجود الأُم الرافضة الناقدة الباردة التي تجعل الإنسان واقفاً على مراحل النمو الأولى (المرحلة الفميَّة/النرجسيَّة الأوليَّة)، حيث ينشغل فيها الإنسان بذاته بعيداً عن الواقع الخارج مُحاولاً الهروب من ضغوط هذه الأُم، و هذا الهروب من الواقع يجعل الإنسان يعيش في انفصال عن الواقع، حيث يبدأ يفقدان التلامس مع الواقع، حيث تنشأ الهلاوس و الضلالات كطريقة للهروب من الضغوط و الصراعات التي تأتي من الأُم.

و لكن هذه النظرية تواجه إشكالين:-

١-أنه قد تم تجاهل العامل الوراثي بهذه النظرية، و هو عامل قوي و مُثبت بدرجة كبيرة.

٢-أن هذا التفسير لا يستند لدراسة إحصائيَّة مسحيَّة تُثبِت وجود هذا النوع من الاُمهات لدى مرضى الفُصام.

ب-النظرية السلوكيَّة:-

و تعتمد هذه النظرية على (نظرية التعلُّم)، و حاصلها أن التعليم ناتج عن التشريط و التدعيم الإجرائي، فالسلوكيات الشاذة لدى مرضى الفُصام ناتجة عن تعليم و تشريط خاطئ، حيث يتحوَّل الإنسان إلى سلوكيات شاذة و غريبة مُحاولة منه للهروب من الواقع، و هذا الهروب يُولِّد الانفصال عن الواقع المُؤدي للفُصام.

و لكن الدليل على صحة هذه النظرية محدود، و لكن يذكُر DSM5 أن عمليات التدعيم قد تُولِّد بالفعل سلوكيات غريبة و غير مفهومة، و العكس صحيح.

ج-النظرية المعرفيَّة:-

و حاصلها أن انحرافات التفكير مثل انحراف الانتباه و انحراف العزو و انحراف الاستنتاج و انحراف التفسير تُولِّد انحرافات معرفيَّة تُؤدي بدورها لاختلالات في نمط التفكير، و تحويله لتفكير ضلالي ذُهاني، و هذه الانحرافات تنشأ كمُحاولة لإيجاد تفسيرات معقولة للواقع الخارجي، لكن بصُورة خاطئة.

١-انحراف الانتباه، و معناه أن الفُصاميين يقومون بعمليَّة تحيُّيز في انتباههم، حيث يُركزون بشكل أكبر على المعاني التي تحمل صفة اضطهاديَّة، مِمَّا يُولِّد لديهم نمط تفكير ضلالي.

٢-انحراف العزو، و معناه أن الفُصاميين يقومون بعزو الأحداث الإيجابيَّة لأسباب داخليَّة (مثل القُدرات الشخصيَّة الخارقة)، بينما يعزون الأحداث السلبيَّة لأسباب خارجيَّة (مثل وجود مُؤامرة).

٣-انحراف الاستنتاج، و معناه أن الفُصاميين يقومون بالقفز إلى النتائج بسُرعة دون وجود أدلة كافية محاولةً منهم لإيجاد إطار تفسيري جامع للضغوط.

٤-انحراف التفسير، و معناه أن الفُصاميين يقومون بتفسير خبراتهم (مثل الهلاوس) على أنها تهديدات مِمَّا يُسبِّب لهم كرباً و قلقاً إضافيَّاً يزيد الحالة الذُهانيَّة، بل قد يُطوِّرون علاقة مع هذه الهلاوس مُحاولةً لجعل معنى معقول لها.

●ثلاث عوامل تُساهم في تطوير الانحرافات المعرفيَّة الاضطهاديَّة:-

١-الخبرات (التجارب) الشاذة مثل الهلاوس.

٢-القلق الذي يدفع للقفز إلى النتائج دون وجود أدلة كافية.

٣-العوامل الاجتماعيَّة مثل العُزلة و الصدمات و الإحساس بالتهديد المُستمر.

و لكن هذه النظرية (النظرية المعرفيَّة) تواجه إشكاليَّة كبيرة، و هي إشكاليَّة السبب و النتيجة، فهل هذه الانحرافات سبب للفُصام أم هي نتيجة للفُصام؟!

د-نظرية العقل:-

و حاصلها أن الفُصاميين ليس لديهم القُدرة على فهم الحالة العقليَّة للآخرين، بحيث يعتقدون أن الآخرين لهم مقاصد عدائيَّة مِمَّا يزيد نمط التفكير الضلالي الاضطهادي أكثر.

ه-النظرية الاجتماعيَّة الثقافيَّة:-

و حاصلها أن الضغوط الاجتماعيَّة و الماديَّة تُساهم في زيادة الأعراض الذُهانيَّة لدى مرضى الفُصام.

١-العوامل الاجتماعيَّة، و هي أن العوامل الاجتماعيَّة و الاقتصاديَّة الضاغطة مثل البطالة و التحصيل العلمي المُتدني و الفقر تُؤدي إلى الأعراض الذُهانيَّة كالانفصال عن الواقع كحيلة دفاعيَّة عقليَّة للهروب من هذه الظروف الضاغطة.

٢-النعت الاجتماعي، و معناه أن من يتم تشخيصه أنه فُصامي يعاني من ضغوط إضافيَّة تزيد الحالة الذُهانيَّة، حيث ستتم تفسير سلوكياته أنها ذات مرجع مرضي، و هو-أي مريض الفُصام- يحاول إبعاد هذه الوصمة عنه من خلال تصنُّع السلوكيات الطبيعيَّة.

٣-العوامل الأُسريَّة، و معناها أن طريقة تواصل أفراد الأُسرة مع بعضهم بطريقة رسائل مُتعاكسة و غامضة يزيد حالة التشويش و الإرباك لدى مريض الفُصام.

و قد وجدت دراسة أن من لديهم ميول بيولوجيَّة للفُصام عندما يتم وضعهم في أُسر لا تُعاني من هذه الانحرافات بالتواصل تقل لديهم احتماليَّة الإصابة بالفُصام مِمَّا يعني أن انحرافات التواصل عامل خطورة للإصابة.

و وجِد أن الأُسر التي لديها تعبير انفعالي عالي تزداد عندهم الانتكاسات المرضيَّة، و المُراد بالتعبير الانفعالي هو وجود درجة عالية من النقد و العدائيَّة من الأُسرة تجاه المريض.

و وجدت الدراسات أن التقليل من هذا الانفعال التعبيري يُؤدي إلى تقليل الانتكاسات.

و التفسير البيولوجي لهذه الظاهرة هو أن زيادة الانفعال التعبيري يزيد إفراز هرمون التوتُّر (الكورتيزول) الذي بدوره يزيد إفراز الدوبامين الذي يُؤدي إلى زيادة الأعراض الذُهانيَّة لا سيَّما الإيجابيَّة.

معلومات مُتفرِّقة/

١-وجدت الدراسات و التجارب أن مرضى الفُصام يُحرزون مُعدلات عالية في الاختبارات التي يوجد فيها مُنبهات خارجيَّة ليست ذات علاقة بالموضوع الأصلي.

٢-أن نصف الفُصاميين يُعانون من الفُصام الاضطهادي البارانويدي، لذا تجد مُعظم النظريات النفسيَّة تُركِّز على تفسير الضلالات الاضطهاديَّة على وجه الخصوص.

٣-أن ١٣% من الأصحاء يعلنون عن سماعهم لأصوات غير موجودة (هلاوس طبيعيَّة).

٤-أن أعلى مُعدلات تشخيص الفُصام عادةً توجد في مناطق المُدن الأكثر فقراً، و كذلك عند المُهاجرين، حيث صعوبات اللُغة و البطالة و الإسكان الفقير.

٥-يُحاول بعض الفُصاميين الهروب من الضغوط لنهاية السلَّم الاجتماعي الاقتصادي.

و تقبَّل فائق الاحترام...


 

رد مع اقتباس