عرض مشاركة واحدة
قديم 27-02-2005, 02:10 AM   #1
غاليه21
عـضو شرف


الصورة الرمزية غاليه21
غاليه21 غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4723
 تاريخ التسجيل :  09 2003
 أخر زيارة : 16-01-2007 (06:50 PM)
 المشاركات : 1,028 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
قصـــر في المخيــله!



المخيــله! 4_seavitt.jpg



شكراً لكِ، دكتور! - لا داعي للشكر؛ فهذا واجبي، في كل الأحوال اعتني به جيداً ولا تغضبه، تصبح على خير. - تصبحين على خير. وهكذا خرجت الطبيبة من هذه الغرفة وقد تبقى لديها غرفة واحدة لتتوجه إليها لتنهي جولتها المسائية على مرضاها في المشفى، إنها غرفة تلك المرأة التي أتت منذ عدة أيام، إنها مصابة بسرطان في الدماغ أتى هذا السرطان على ذاكرتها فقضى عليها فلم تعد تذكر أي شيء، وصلت هذه المرأة إلى المشفى على يد أحد رجال الشرطة الذي وجدها ملقاة في أحد الأزقة.


لا أحد يعرف من تكون ولا تملك أي وثيقة تدل على شخصيتها؛ لذلك فهي لا تحظى بكثير من الاهتمام بالإضافة إلى أن جميع الموجودين هناك يعلمون بأنها لن تحيا لأكثر من أسبوع أو اثنين على أبعد تقدير. لذلك كانوا يطلبون من الطبيبة أن تكف عن الاهتمام بها على هذا النحو فهي تبقى في غرفتها لساعات وتنام هناك أيضاً.. وكانت كلما دخلت إلى تلك الغرفة بدأ الهمس وتناقل الإشارات بين العاملين في المشفى، ولكن الطبيبة لم تكن تأبه بذلك أبداً... - هل أنت متوجهة إلى غرفة العجوز؟ - نعم.. بماذا يمكنني أن أخدمك ،دكتور نائل؟! - بأن تكفي عن الذهاب إلى تلك الغرفة.. قضيت أسبوع وأنت تذهبين وتنامين هناك.. و.. ثم .. لقد.. لقد ازداد الكلام والهمس بين الموظفين وأنت تعلمين، دكتورة، أنها ستعيش لأيام محدودة ثم تموت؛ بسبب مرضها. - أنتم تثيرون عجبي! فأنا لا أهتم لما يقوله أو يتناقله العاملون هنا وبصراحة أنا لا أدري لماذا كل هذا العجب فماذا يمكن أن أفعل معها هناك في تلك الغرفة؟! فهي مجرد مريضة لا تعي شيئاً و أنا مجرد طبيبة أحاول أن أخفف عنها آلامها وأسعدها خاصة وهي في آخر أيام حياتها.. ألا تظن أنها بحاجة إلى بعض من الحب والحنان والأمل لا الإهمال، لو كنت مكاني ماذا ستفعل هل ستدعها تلاقي مصيرها هكذا؟ دون أدنى محاولة منك لتخفيف آلامها ... قالت ذلك دون أن تنتظر أي كلمة أخرى وانطلقت إلى الغرفة مباشرة، أما الدكتور نائل فقد كان يتفجر غيظاً ويقول في نفسه( أدفع نصف عمري وأعرف ما الذي تفعله هناك وما الذي يجذبها لتلك المريضة بالذات، هناك سر ما وعلي معرفتهالمخيــله! 26-140.gif



المخيــله! 46.gif


و أما في الغرفة: - مرحباً أمي، كيف حالك الآن؟ - بخير يا ابنتي، أشعر ببعض الصداع، لكن .. ألن تكملي لي؟! - بلى سأفعل .. أين وصلنا .. آه . نعم، عدنا من فرنسا إلى هنا حيث وجدنا والدي قد قام بشراء منزل جديد.. منزل رائع أشبه بفيلا أو أقرب إلى قصر.. لقد كان منزلاً واسعاً كبيراً يحتوي على غرف جميلة ملونة بأزهى الألوان.. وكان أكثر ما أحبه في ذلك المنزل تلك المكتبة التي عجت رفوفها بكل أنواع الكتب والقصص والروايات .. كنت امضي اليوم بكامله هناك أعيد كتاب وآخذ اثنين .. - هذا رائع! - رائع؟! إنه مذهل .. أما أنت فلم تحبي من المنزل سوى مطبخه الجميل... - حقاً؟ - نعم لكنه لم يكن كباقي المطابخ .. فقد امتلأت جدرانه بالخزائن والأدوات، لقد كان حقاً من أجمل المطابخ التي رأيتها في حياتي كلها.. وكنت تتشاجرين مع والدي لأنك كنت تخرجين الخادمة من المطبخ وتطهين بدلاً منها! ولكني مازلت أذكر مذاق أطعمتك الشهي... - ووالدك ؟! - كان يحبها أيضاً؟! - لا ... لا أقصد الطعام ... بل ما الذي كان يحبه في المنزل... - آه .. كان يفضل إسطبل الخيول صحيح أننا لم نكن نملك سوى فرس وحصان ولكنه كان مغرم بهما .. فلم نكن نراه إلا عند الطعام .. فكما تعلمين فذلك الوقت مقدس. و أما أخي بلال فقد كان دوماً مع آلاته الموسيقية يحاول ابتكار لحن جديد يطلقه إلى النجومية كما كان يخبرنا!! - وهل أصبح نجماً؟! - هها ههها – وتابعت بحزن- لا.. لا أظن ذلك! - وهل كان لدينا حديقة؟ - وهل نسيت أن أخبرك عن تلك الحديقة؟! نعم.. كان لدينا حديقة كبيرة تحيط بالمنزل مليئة بالأشجار والأزهار من كل الأنواع والأشكال والألوان .. في الصيف كنا نقضي كل أوقاتنا هناك نتناول العصير ونأكل البطيخ الأحمر الشهي بينما نحن نستمع إلى بلال وموسيقاه الرائعة .. التي كان يتحفنا بها كل مساء ، ولن أغفل حوض السباحة الكبير ، أمي .. ولوحة الغطس العالية التي لم يكن أحد يجرؤ حتى في التفكير في الصعود إلى هناك. وبيت الكلب الجميل سكوب صاحب الشعر الأبيض الغزير ذاك الذي أخبرتك عنه... - نعم .. الكلب الذي لم يكن ينام إلا في فراشك.. - أوه... نعم، وبقي أن أخبرك أن والدي كان يقطف الأزهار الملونة كل يوم ويضع على باب كل غرفة من غرفنا زهرتان واحدة بيضاء تمثله وأخرى حمراء لنا ... - إنني أحب الزهور الحمراء .. إنها رائعة.. - إنها جميلة جداً، وعندما تعينت في هذه المشفى أقمنا حفلة صغيرة دعونا إليها معارفنا وأصدقائنا.

المخيــله! mk34.jpg
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس