الموضوع
:
قصـــر في المخيــله!
عرض مشاركة واحدة
27-02-2005, 02:20 AM
#
2
غاليه21
عـضو شرف
بيانات اضافيه [
+
]
رقم العضوية :
4723
تاريخ التسجيل :
09 2003
أخر زيارة :
16-01-2007 (06:50 PM)
المشاركات :
1,028 [
+
]
التقييم :
10
لوني المفضل :
Cadetblue
توقفت قليلاً ثم تابعت بتردد- وأيضاً.. إني أذكر أننا كنا نحتفل بعيد زواجكما كل عام حتى ثلاثة أعوام مضت .... فقد ... - ماذا يا حبيبتي ... - آه قالت ذلك ثم قامت عن كرسيها واتجهت نحو النافذة تسرح نظرها في الأفق دون أن تعي –حقاً- ما الذي كانت تراه، انقضت دقائق من الصمت جاء بعدها صوت الطبيبة المحمل بالمرارة ليمزق دقائق الهدوء: - .. في صباح أحد الأيام خرج والدي مع أخي بلال ليسجله في كلية الحقوق لكنه لم يداوم هناك فقد تعرضا في أثناء عودتهما لحادث سير -أخذت نفساً عميقاً ثم بدا صوتها أكثر مرارة وهي تتابع قائلة) قتل على إثره والدي وأصيب بلال بالشلل، ولكن حالته لم تدوم لأكثر من شهر حتى عقب والدي وتوفي .. والآن ... - والآن ماذا هل حان دوري؟ - أنا آسفة جداً .. آسفة حقاً. اقتربت الطبيبة من السيدة وغطتها بحنان، وقَبَلت يدها بحب .. ثم عادت إلى كرسيها حيث أضجعت إلى الخلف وأخذت تراقب مريضتها حيث بدأت تغفو بهدوء وسلام حتى غدت الساعة الثالثة صباحاً، وعندما اطمأنت عليها سمحت لنفسها بالنوم أخيراً. وفي الصباح استيقظت الطبيبة على صوت الدكتور نائل الهادئ يطلب منها أن تعود لمنزلها لتأخذ قسطاً من الراحة، استسلمت لطلبه في النهاية واتجهت إلى الباب تفتحه، ولكن وقبل خروجها نظرت لمريضتها وقالت: - أنظر إليها إنها تنام بسلام .. انظر لتلك الابتسامة التي ترتسم على محياها دكتور. لكنها لاحظت إلى جانب تلك الابتسامة الرقيقة جمود الموت المرعب...
قالت وقد خانتها رزانة وهدوء الطبيبة الناجحة التي اعتادها الجميع هناك، قالت: - يا إلهي ...... هل ماتت؟؟ تفاجأ الدكتور نائل لهذا الانفعال؛ فالموت أمر طبيعي في عمل الأطباء وخاصة في قسم الأورام، فأجاب بهدوء: - نعم .. لقد وافتها المنية قبل قليل... - ولكنها ... - ... ولكنها سعيدة، وهذا بفضلك، هيا الآن عودي لمنزلك فأنت بأمس الحاجة لولداك وهما كذلك بأمس الحاجة إليك الآن، دكتورة... لم تنبس بأي حرف بل أطرقت برأسها واستدارت نحو الباب خارجة وقبل أن تغلق الباب قالت : - ليست هي من شعرت بالسعادة بفضلي بل بفضلها شعرت أنا بالحب والسعادة . فهز الدكتور نائل رأسه موافقاً .. وهنا ترقرق الدمع في عينيها السوداوين.. ولكنها تابعت قائلة: - لقد كانت رائعة .. اعتنوا بها جيداً وأوصوا بوضع زهور حمراء على قبرها فهي تحبها جداً .. و.. دكتور .. أرجو أن تضعوا وردة بيضاء واحدة هناك!! - سأفعل ذلك بنفسي... استريحي جيداً - شكراً جزيلاً لك ... أغلقت الباب بهدوء والدموع تنساب على وجنتيها الشاحبتين.. وقالت: - آسفة يا أماه لكن لا يوجد شيء يسعدك كما يسعدك ذلك المنزل الجميل ... وتلك العائلة السعيدة (واستدركت قائلة وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة حزينة تحيط بها الدموع) - أو ربما التعيسة! تنفست الطبيبة الصعداء.. عندما ركبت الحافلة متجهةً نحو منزلها عائدة لطفليها.. بعيداً عن المشفى والمرضى وكل شيء آخر... بقي أن نذكر أن الدكتورة (جينا) يتيمة، حيث توفت والدتها حين كانت في الخامسة من عمرها؛ بسبب معاناتها مع سرطان الدماغ –دون أن تلقى أي اهتمام يذكر- أما والدها فقد كان في تلك الآونة يشارك في إحدى المنظمات أثناء الحرب الأهلية التي نشبت في البلاد وما لبث حتى سار على خطى زوجته نحو الموت، بعد ما يقارب الثلاث السنوات. أما زوجها الذي ساندها في كل محنها ووقف إلى جانبها دوماً.. فقد أسلم روحه قبل سنتين؛ في حادث سير دون محاولة إنقاذ تذكر، تاركاً زوجتاً مع طفلين في ربيع العمر.. أما الآن فإن (جينا) تعيش مع ابناها في إحدى الشقق الصغيرة في إحدى العمارات العالية!! وأن فاقد الشيء هو أفضل من يعطيه...
بقلم: مجد عزام الريماوي
فترة الأقامة :
7935 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
358
إحصائية مشاركات »
غاليه21
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
0.13 يوميا
غاليه21
مشاهدة ملفه الشخصي
زيارة موقع غاليه21 المفضل
البحث عن كل مشاركات غاليه21