الموضوع: أحضان الضياع
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-2005, 10:44 PM   #1
ليلى عناني
كاتبة في جريدة البلاد


الصورة الرمزية ليلى عناني
ليلى عناني غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 672
 تاريخ التسجيل :  09 2001
 أخر زيارة : 02-01-2006 (03:45 PM)
 المشاركات : 128 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
أحضان الضياع



أحضان الضياع!؟

‏ عندما هم بالنهوض من فوق سريره شعر وكأن ضغطة يده على فراشه تسحبه إلى ‏هوة سحيقة لا يدري منتهاها، كان يهوي في أعماق نفسه البائسة التي لا تستطيع أي ‏فرقة إنقاذ إخراجه منها، فلا يد تمتد نحوه لتنتشله، ولا ضوء بسيط يريه أين النهاية.‏
‏ أغمض عينيه وأخذ يتمتم بكلمات لا يسمعها غيره واستسلم لضعفه وعدل عن ‏المحاولة.‏
‏ أي نوع من المشاعر يجتاح كيانه الآن! لا يدري فهو الذي كان بالأمس ما كان، ‏أصبح اليوم يعيش هكذا مع ذكريات تنهش في عقله المحطم.. كبر الصغار وتزوجوا ‏وابتعدوا بل ابتعد هو عنهم فليس لديه ما يقدمه لهم ولا ما يوجههم إليه وعاد البعيد منهم ‏وغاب الحاضر وهو يقبع مكانه لا يملك غير عيون ترصد كل ما يدور حوله، وفم لا ‏يملك منه غير شفتان كانت ترتسم الابتسامة فوقهما والآن جفت على أطرافها، ولسان ‏يعجز عن التعبير.. حتى قدماه وهنت وأبت أن تحملانه، كيف يمكنه المقاومة الآن وأين ‏الحل!..؟ أخذ عقله يطوف به في أعماقه محاولاً إيجاد مخرج، لديه تساؤلات كثيرة لا ‏يمكنه الإجابة عنها؟ أين فرحته التي ظن سابقاً بأنها ستدوم كيف سيواجه مصيره ‏المشئوم الذي آل إليه؟ كيف سيتمكن من إيقاف مأساة هو كاتبها ومخرجها ومنتجها .. من ‏عنده الجواب لا يدري!. ذكريات تحاسبه أحداثها وبعنف.‏
‏ أحداث مع عجلة الزمن تدور وفي اتجاه واحد تسرع بدون توقف ولو لبرهة في ‏محطات الأيام!. أين ذهبت من كانت تظلل بيته بالحب والحنان لسنين طويلة بل أين ‏ذهب هو.. وماذا ترك لها؟ لم تعد تهم الإجابة على تلك التساؤلات، فما يمر به الآن يكفيه ‏وتكفيه ذكرياته التي تلسعه بسياط من نار، تعجل له في نهاية لا يستطيع مواجهتها.. عالم ‏من الأسرار يحمله في طيات قلبه ويغلق عليها بقفل من فولاذ لا يحمل مفتاحه إلا طبيبه ‏الخاص، يأتيه في مواعيد منتظمة ويجلس معه ويخرج كل ما في جعبته من أحاسيس ‏وكلمات تنم عن ندم في وقت لم يعد للندم فيه فائدة، فالكل يعلم بأنه مصاب بمرض ‏عضال لا يمكن أن يبرأ منه أبداً، ظانين أن السرطان هو المرض!! وهم لا يعلمون أن ‏السرطان أشرف منه وأرقى وعلاجه أصبح غير مستحيل، ليته كان سرطاناً لتمكن من ‏علاجه والانتصار‎ ‎عليه مثل كثيرون قبله..ولكنه ليس كذلك فالسرطان لا ينتقل من ‏شخص لآخر.‏
‏ إن ما يعاني منه ما هو إلا كصهيوني محتل جلبه هو بنفسه بماله وصحته عندما كان ‏يملكهما، لن يستطيع لوم أحد غير نفسه ففرحته بحياة اللهو كانت تعمي عينيه عن ملذات ‏حقيقية كانت تحيط به وبأمان، أعمته عنها لذة مؤقتة في أحضان الضياع!! أهداها ماله ‏وأهدته الدمار.. منبوذ داخل ذاته ينتظر لحظة أمل لعلها تنتشله من عالم الأسرار بين ‏أحضان الضياع. أنه الإيدز. ‏
‏ ‏
‏ ‏
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس