قصتي من البداية مع المرض النفسي و علاقته بالإصابة الروحية ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله أخوان و أخوات الدنيا و المعاناة ، عسى الله أن يجعل ما أصابنا تكفيرا لذنوبنا و رفعة في درجاتنا ..
من باب عموم الفائدة ، و الحرص على ربط العلاج الدوائي بالعلاج الشرعي للتعجيل بالشفاء بإذن الله تعالى سأقوم بسرد معاناتي مع الوسواس القهري منذ بداية حياتي و حتى الآن .. و الصولات و الجولات في صده و دحره مستعينة بالله أولا و متبعة هدي رسوله صلى الله عليه وسلم في التداوي سواء بالرقية الشرعية أو العلاج النفسي الذي أحله الله تعالى ، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تداووا عباد الله و لا تداوا بحرام" .
في سن السابعة عشرة و تحديدا في الصف الثاني الثانوي قيض الله لنا معلمة دين _ جزاها الله عنا خير الجزاء _ تحثنا على طاعة قيام الليل و تحديدا في بداية شهر رجب من منتصف ذاك العام بحكم أنه من الأشهر الأربعة الحرم التي يتضاعف فيها الأجر و الثواب.
مع أنني و لله الحمد سبق أن تعرفت على هذه العبادة العظيمة من خلال جدي و جدتي لأمي - رحمهما الله تعالى - منذ الطفولة .
حيث كنت أراهما مجرد ما تأتي الساعة الثانية بعد منتصف الليل يقومان و تصطف اقدامهما للصلاة حتى أذان الفجر ، و كنت أتلذذ بسماع جدي و هو يرتل القرآن الكريم و يقطع صوته سكون الليل فأقوم من نومي مهرولة لأتوضأ و أصف قدماي بجوار جدتي ، حيث أنني في وقت الإجازات أنام بجوارها على سريرها و لم تكن بعيدة عنا ، حيث كان مسكنها مع جدي و أمه في الطابق السفلي من بناية جدي .
قلت سرير جدتي لان جدي يتشارك مع والدته في نفس غرفتها التي كانت في جناح مستقل قريبا من مجلس الرجال ، حيث كان سريره المفرد في زاوية بينما سرير والدته في الزاوية المقابلة برا بها ، يقوم على خدمتها و رعايتها ، حيث يقوم بنفسه بتحميمها و تغيير ملابسها لأنها كانت مقعدة بحكم السن و المرض ، و لا يرضى لمخلوق غيره يباشرها أو يقربها ، لا زوجة و لا خادمة ، بالرغم أن لدى جدي زوجتان ، جدتي و امرأة أخرى ، و عشرون من الأبناء و البنات .
و كان لا يفارق جناحها ، يأكل معها و يطعمها بيديه و يمازحها و يسرح شعرها و يبدل ملابسها ، حتى الحناء يضعه على شعرها و باطن كفيها و قدميها كل فترة .
اهتمام عجيب و رقة عجيبة سبحان الله .. هنيئا له برها .
و كانت أمه رحمها الله تعالى لا تنطق سوى كلمتين : أذن ؟ مستفسرة عن دخول وقت الأذان لتقوم فورا بالتكبير و الصلاة .
و الكلمة الأخرى : علي ، اسم جدي ولدها .
علي جاء ؟ و لا شافت زول اقبل عليها و شوفها محدود بحكم السن قالت : هذا علي ؟
و يوم يبطي عنها في المسجد تنادي : يا علي
تعلق شديد ، كأنها طفلة يتيمة لا تشعر بالأمان إلا بقرب والدها منها و إقباله عليها ، مع أن لديها عدد من الأبناء و البنات غيره .
نرجع لقيام الليل ، لاحظت أن النوافل بالذات قيام الليل تجعلني أشعر بالقلق حيث يتسلط علي الوسواس في الأفكار ، افكار متلاحقة ملحة أعجز عن قطعها و السيطرة عليها وقت الاجتياح ، تشتت و ضيق و قلق و خوف من خذلان عقلي من منعها لدرجة أنني أرى قفصي الصدري يرتفع و ينخفض أثناء النظر لموضع سجودي و أنا في الصلاة .
كذلك كنت ألاحظ أثناء قراءتي لسورة الكهف كل جمعة يتسلط علي نوم فظيع لدرجة لا يمكن أن أتم قراءتها الا بعد ساعتين بسبب الاغفاءات المتكررة أثناء القراءة ، و إذا قاومت النعاس تهل الدموع و التثاؤب يشق فمي ينتج عنه ألم فظيع في فكي العلوي و السفلي لا أطيقه و قد يستمر الألم لليوم الثاني .
كل هذا و معاناتي الحقيقية مع الوسواس ما بدت غير في بداية شهر رمضان من ذلك العام
و سأقوم بإذن الله تعالى بالتفصيل في الأعراض و تحديد وقت حدوثها و بداية معاناتي مع الأدوية و معاناة جدتي معي رحمها الله تعالى حتى الآن .
|