نفساني - عرض مشاركة واحدة - عندما تكون مريضا نفسيا .. لاتنتظر الزيارة من أحد ..

08-06-2005, 04:53 PM

عندما تكون مريضا نفسيا .. لاتنتظر الزيارة من أحد ..

كان أرتياحي له منذ أيام الطفولة البريئة .. كنا نلعب سويا .. ونضحك سويا .. ونتخاصم ثم نرجع أشقياء كما كنا .. وهكذا هي ايام البراءة ..
كبرنا وكبرت أحلامنا ..وأفراحنا ..وأحزاننا .. وفرقتنا ظروف الحياة العلمية والعملية والأجتماعية .. حتى رأيته في يوم من الأيام في سوق حراء الدولي في محافظة جدة وعانقته بشدة أمام مرأى زوجاتنا وأولادنا ، حتى بدأ بعض أولادي يضحك على تصرف سلامي الحار له ، أما صاحبي فلم يكن بذلك الحماس والقوة وكأنه قد سمع عني أو تذكر موقفا سلبيا حصل لنا أو معنا في السابق ، وكتمتها في نفسي لعلمي بنفسيات كثير من الناس في هذه الأيام ..!!!
مباشرة عرفت أنه مصاب بنوبة نفسية من خلال حديثي الطويل معه في ذلك السوق ..
وأخذت رقم هاتفه ولم يكن متشجعا لذلك وتيقنت انه مريض نفسيا بحق، وهذا مازاد لديّ الأصرار بأن ازوره حين نصل للمنطقة الشرقية ..
وفعلا وصلنا بحمدالله ، ومكثت فترة ثم أتصلت عليه ولم يكن أيضا متحمسا للرد عليّ ، فألححت عليه بالزيارة ووافق على مضض ..
وعندما أردت الذهاب اليه للمنزل قالت لي زوجته إنه في المشفى لأخذ الجلسة المعتادة كل شهر وجزاها الله خير الجزاء أعطتني عنوان المستشفى ورقم الغرفة وطلبتني راجيا ان لاأذكر له أن مصدر هذه المعلومات هي ووعدتها خيرا ..
وصليت المغرب وأخذت معي باقة ورد كلها بيضاء وغرزت في منتصفها وردة صفراء كبيرة ..
ودخلت عليه مبتسما ورأيت عينيه تتركز على باقة الورد .. وكان عنده الطبيب المعالج وعندما رآني أعطيه هذه الباقة وأطبع على جبينه قبلة الصداقة وقبلة الأمل وقبلة السلام .. ضحك الطبيب وقال لي هامسا : أول مرة أرى زائر يحضر وردا في زيارته لمريض نفسي ..!!
حينها ابتسم صديقي وأخذت نواجذه بالظهور وقال لي : ماذا اسّر لك الدكتور ؟
فتذكرت حينها أبتسامته المعهودة والمطبوعة في مخيلتي عنه وعن صفاء قلبه ودماثة خلقه .. قال لي : الورد جميل .. جميل الورد ..!!
وقلت له : يا "...." ما رأيك بالورد الأبيض ؟ قال صديقي : أعجبتني الصفراء التي في المنتصف ..!! قال الدكتور أكيد لك قصد في غرس هذه الوردة الصفراء بين الورود البيضاء ..؟
قلت له ك نعم يا حضرة الطبيب لأن البياض الذي تراه في هذه الباقة هي الصداقة الدائمة والمستمرة بيني وبين أخي " ..... " أما الوردة الصفراء فهي الأمل والرجاء الرباني الذي أريد من أخي وصديقي " ... " أن يتشبث فيه " ... " وحينها قطف صديقي الوردة الصفراء وقال خذ هذه الورود البيضاء وأجعلها في بيتك وقبلت منه هذه الورود ..
بعدها وعندما خرجت من تلك الزيارة الممتعة سألت نفسي نعم لماذا لاتقّدم الورود الجميلة للمرضى النفسيين في أوقات الزيارة ؟
وأنا راجع لمنزلي ولأولادي كنت أقول في نفسي رغم أنتصارات البشر على المرض العقلي والنفسي أحيانا بالصبر والدعاء وكثرة العبادات لماذا لا نستطع الإنتصار على الانطباعات والمفاهيم القديمة عن الأساليب الصحيحة لزيارة المريض النفسي ؟
يتخوف الكثير من الأخوة والأخوات من زيارة زملاؤهم أو زميلاتهم من أصحاب المرض النفسي عند علمهم أنهم منومون في المشافي ..
وذلك لأسباب كثيرة أهمها :
1- يعتبر كثير من الناس أن المريض النفسي هو وصمة عار في المجتمع وعند أسرته..!!
2- يتخوف بعض الناس من أن المرضى النفسانيين أنهم عدائيين الطباع ..!!
3- أدت الوصمة ألى عدم زيارة المريض النفسي إلى زيادة معاناة المرضى المصابين بالمرض أنفسهم . فبالإضافة إلى قسوة المرض" والله المستعان" ابتعد الناس عنهم ورموهم بمختلف الأوصاف الجارحة وهذا خطأ كبير. !!

ماهو الحل :
1- معرفة نوع المرض المصاب به زميلك أو زميلتك والقراءة عنه كثيرا والسؤال عند أصحاب الأختصاص عن كيفية التعامل مع المريض النفسي ..
2- مساعدة المريض وأسرة المريض على فهم المرض وكيفية التعامل معه على أفضل وجه ، والتركيز على مبدأ أن الأجر على قدر الأبتلاء ,,
3- زرع الأبتسامة الصادقة - غير المصطنعة - في وجه المريض والأكثار من الدعاء له في ظهر الغيب ..
4- التخفيف على أسرة المريض قدر الأمكان بتزويدهم بمطبوعات أو مطويات تبعث في أنفسهم الأمل بان هذا المرض هو ضرب عادي من ضروب الأنفعالات او الخلجات التي تصيب كثير من الناس ..

والحمد لله رب العالمين ..

المصدر: نفساني