12-10-2005, 08:44 PM
|
#11
|
عضـو مُـبـدع
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1646
|
تاريخ التسجيل : 05 2002
|
أخر زيارة : 16-09-2014 (01:24 PM)
|
المشاركات :
711 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
يتبع
فليس الأمر فقط أن المنوَّم يطيع المنوِّم في كل ما يأمر به و إنما هناك أيضا نزوع لدى المنوَّم لفعل و قول ما يريدُهُ المنوِّمُ حتى و إن لم يصرحْ به المنوِّمْ ! أي أن أحلام و رغبات المنوِّم هيَ أوامرُ بالنسبة للمنَـوَّمْ !!!
و هنا تكمن المفارقة التي تسببت في إيهام الكثيرين بأن المريض النفسي و هو تحت تأثير الشيخ و هيلمانه المبجل إنما يظهر عليه الجني و يتكلم بلسانه ! و الحقيقة أن هذا النوع من المرضى إنما هم من ذوي القابلية العالية للإيحاء و بالتالي للدخول في النوم و فعل ما يحلم به الشيخ بمجرد وضع سيادته ليده على جباههم بل إن بعضهم يدخل في نوبات النوم بمجرد رؤيته للزحام حول مكان سيدنا الشيخ ! وبعضهم بالطبع تزول أعراضه الهيستيرية بمجرد أن يشم هواء البلد الذي يشرفه الشيخ لأن منظومة الهيستريا كلها يصلح في علاجها الإيحاء سواءً كان الموحي شيخا أو طبيبا أو كائنًـا من كانْ.
أما الأمر الثاني الذي لابد من الإشارة إليه فهو أن أسلوب الشيوخ في التعامل مع الجني الذي يسبب الأعراض يدفع بعض المرضى إلى قول ما يريده الشيخ و هم بكامل وعيهم فقط ليتخلصوا من ضغطه الشديد على رقابهم مثلا و هو يطالب الجني المزعوم بالاعتراف فكما نسمع من الكثيرين من مرضانا و كما قرأت في مقالة للدكتور يحي يونس في المجلة العربية للطب النفسي فإن الشيخ مثلا يطلب من المرأة أن تنام على بطنها و يطلب من أقربائها أن يضغط كل واحد منهم على طرف من أطرافها ثم يقوم هو بالضغط على رقبتها من الخلف عاصرا رقبة المرأة المسكينة و يصرخ مطالبا الجني بالإفصاح عن نفسه و هنا تتداخل عوامل كثيرة منها الإحساس بالاختناق والألم و الخوف و منها الإحساس بالذل و الرغبة في الخلاص وعدم عصيان الأهل المقتنعين بأن الجن هم السبب و بأن الشيخ باتع السر .... إلخ تتداخل كل هذه العوامل لتجبرها على الكذب فترد على الشيخ على أنها مثلا عباس أو عبد السلام أو شهبور أو مسعودة " أي الجني الذي يريده" فيخفف الشيخ من ضغطه على رقبتها و يواصل أسئلته و تواصل هي اختراع الإجابات التي تريحه لكي تريح المريضة نفسها و هكذا يصدق الشيخ نفسه و يصدق الأهل أنهم سمعوا الجني يتكلم .
أما النقطة الأخيرة التي لابد من الإشارة إليها فهي كيف يقوم الشيخ بعد ذلك بإخراج الجني المزعوم و الحقيقة أنني لن أتكلم عن ممارسات المنحرفين منهم لأنهم ليسوا كذلك جميعا و لأن المنحرفين موجودون في كل زمان و مكان و في الأطباء كما هم في الشيوخ و إنما أتكلم عن الذين لا يعلمون حقيقة الأمر و يتصرفون بنية صادقة بناءً على فهمهم أو فهم من قرؤوا لهم في تفسير الظواهر السالفة الذكر قبل تغير المفاهيم العلمية فهناك من يطلب من المريض قراءَة أو سماع القرآن الكريم و هناك من يزودهُ بتسجيلات لبعض السور لكي يسمعها و أنا لا أرى ضررا في ذلك ما لم يقرنه الشيخ بأن يطلب من المريض ترك علاجه أو عدم اللجوء للطبيب النفسي فالقرآنُ خيرٌ في كل الأحوال و يطمئن المريض سواءً قرأهُ أو سمعه باستثناء الحالات الذهانية بالطبع و لكن المهم أن يكون القرآنُ موضوعا في المكان الذي يليق به و دون إغفالٍ لأهمية العلاج الدوائي الذي هدى الله الناس إليه.
و أما الذي لابد من رفضه و محاربته فهو استخدام الضرب و الجلد من أجل إخراج الجني فهذه ممارسة ما أنزل الله بها من سلطان تهدد حياة المريض في أحيان كثيرة و تسبب له عذابا هو في غنىً عنه و ليست حكاية الضرب هذه سوى عادة توارثها الشيوخ و ليس لها أي أساس ديني و لا يمكن بحال من الأحوال أن تفيد اللهم إلا في بعض حالات الهيستريا والتي كما ذكرت تستجيب للإيحاء لصفة في المرض ذاته و تختفي الأعراض فيها إذا عوقب المريض و هذا بالطبع لا يفيد إلا على المدى القصير و يضر أكثر مما ينفع أما أغلب الحالات فهي التي لا يستجيب فيها المريض للضرب لسبب بسيط و هو أنه ليس لديه جني أصلا !!! لكن عدم استجابته للأسف إنما تدفع الشيخ لزيادة الضرب و هكذا إلى أن يكف الأهل عن تكرار زيارتهم للشيخ أو أن يطلب الشيخ من الأهل الذهاب إلى شيخ آخر يعتبرهُ هو أستاذه مثلاً أو ربما هداه الله و نصحهم أخيراً بزيارة الطبيب النفسي.
|
|
|