عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2002, 11:36 PM   #18
mirror
عـضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية mirror
mirror غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1463
 تاريخ التسجيل :  04 2002
 أخر زيارة : 21-10-2004 (05:57 AM)
 المشاركات : 1,406 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue




الثقة بالنفس و اللاشعور

الثقة بالنفس Self Confidence بمثابة ثمرة لعاطفة تقدير الذات
Self regarding sentiment التي أشار اليها مكدوجالMc Dougall
(1871-1939) . و الواقع أن المرء يحس بالثقة بالنفس ، اذا ماتوافرت
لديه مجموعة من الشروط ، التي نستطيع تقديمها فيما يلي :

أولا-قدرة المرء على التعبير و ايصال مشاعره و أفكاره الى الآخرين :

فالثقة بالنفس لا تتأتى للمرأ الا اذا أقام قنطرة بينه و بين الآخرين ، فيفهم
ما يقولونه ، ويصدر اليهم انطباعاته النفسية ، و أفكاره ، و ما يرغب في
الحصول عليه منهم من أفكار ، أو خبرات أو أحداث ، و لا شك أن ثقته بنفسه
تتأتى له كنتيجة لاستمرار العلاقات بينه و بين غيره من أفراد و مجموعات ،
وشعوره بتقديرهم له ، واهتمامهم بما يفصح به لهم من مشاعر و أفكار .

ثانيا-القدرة على التأثير :

فكلما استطاع المرء أن يترك أثره فيما حوله من أشياء ، وفيمن يتعامل
معهم من أفراد أو مجموعات ، فانه يحس بالثقة في نفسه ، كنتيجة تقديره
لشخصيته ، و ما استحوذت عليه من وسائل تترك أثرا في الواقع الخارجي .
وكلما تقدمت الحضارة ، فان مجالات التأثير تتسع نطاقا أمام المرء ، و تزداد
عمقا .

ثالثا-الاعتماد على النفس :

فالطفل كلما استطاع أن يعتمد على نفسه في قضاء حاجاته ، و استقل عن
أمه ، فان ثقته بنفسه تزداد . و كلما تقدم في معارج العمر ، و اتسعت دائرة
علاقاته الاجتماعية ، و تنوعت المجالات التي يطل عليها و يتعامل معها ، و
ينجح في الأخذ عنها ، و تقديم العطاء لها ، فان ثقته بنفسه تتأكد ، و تزداد
صلابة و تماسكا .

رابعا-التميز من الآخرين :

فمن دواعي الثقة بالنفس ، قدرة المرء على شق خطوط جديدة تميزه من
الآخرين . ذلك أن المرء الذي يحس بأنه لا يعدو أن يكون نسخة من ملايين
النسخ البشرية ، لا يستطيع أن يقدر نفسه ، و أن يثق في علو مكانته بين
الناس المحيطين به . و لكنه اذا شعر و تأكد من أن له بصمة معنوية شخصية ، تختلف عن بصمات الآخرين ، و تعلو مقاما عن بصماتهم ، فانه عندئذ يحس
بتقديره لذاته ، و بثقته في شخصيته .

خامسا-ما تم له انجازه :

فلكي يتسنى للمرء أن يثق في نفسه ، فلابد أن يحس أن مشوار حياته الذي
قطعه جدير بالتقدير .و لا شك أن المبدعين في المجالات الأدبية و الفنية و الفلسفية ، بالاضافة الى المخترعين و التكنولوجيين و المكتشفين ، يستشعرون الثقة العميقة بأنفسهم ، لا لأنهم يمتازون عن المحيطين بهم فحسب
، بل لأنهم يحسون بأنهم قد تخطوا المكان و الزمان . فما فعلوه و قدموه
من ابداعات ، يتخطى نطاق معاصريهم و مواطنيهم ، الى أقطار العالم أجمع ،
و لسوف يستمر ما قدموه للبشرية ساري المفعول ، و دائم التأثير في الأجيال
التالية .

*****************************

العوامل التي تؤكد الثقة بالنفس :

و بعد أن قدمنا هذه الشروط الخمسة ، التي يجب أن تتوافر لدى المرء الواثق
في نفسه ، فاننا نلقي الضوء على العوامل التي تؤكد ثقة المرء بنفسه ،
فنجد أن هذه العوامل تتمثل فيما يلي :

أولا-ترسب آثار النجاح في الحياة في لاشعور المرء :

فكل ما يتأتى عما يحرزه المرء من نجاح و توفيق في حياته ، يترسب في
لاشعوره . و هذا الترسيب يبدأ مع بداية حياة المرء ، أي أنه يبدأ من الطفولة
، و يستمر عبر مراحل عمره التالية ، حتى اللحظة التي يحياها في حاضره .
و لكن علينا ألا نغفل ما يترسب في لاشعور المرء من أصداء الفشل و عدم
التوفيق في بعض جوانب حياته . فالواقع أن مايترتب على النجاح و على الفشل جميعا من آثار نفسية ، يترسب في لاشعور المرء . و لكن كلما كانت
الغلبة لآثار النجاح على آثار الفشل في لا شعوره ، فان ثقته بالنفس تكون
هي الغالبة نتيجة محصلة الاثنين ، أي أنه ما دامت الغلبة للنجاح على الفشل
، فان ثقته بنفسه تكون هي الراجحة .

ثانيا-ثقة الناس في المرء تنعكس على نفسيته :

و كذا فان ما يستشعره المرء من ثقة الناس فيه ، ينعكس على مشاعره
نحو نفسه . فالشخص الذي يحس بأن الناس يقدرونه و يبدون له الاحترام
، و يذكرون مآثره ، فانه يزداد ثقة بالنفس . فكما أننا نؤثر في الآخرين
، فان الآخرين يؤثرون فينا ، و كما أننا نضفي على الآخرين الثقة في
أنفسهم ، بما نشجعهم به من أقوال و مواقف ، كذا فان الناس يضفون علينا
الثقة بأنفسنا ، بما يعبرون عنه من مشاعر بالثقة فينا ، و بما يتصرفون
به قبالتنا .

ثالثا-الآثار السلوكية التي ينطبع بها الآخرون نتيجة تأثير المرء فيهم :

فالمرء الذي يلاحظ أن الآخرين يتأسون به ، و يضربون على منواله ، و
يتخذونه مثلا أعلى لهم ، فانه يمتلىء ثقة بنفسه ، و يحس بأنه واقف على
أرض صلبة ، لا تميد من تحت قدميه .

رابعا-استشراف مستقبل يوحي بالتفاؤل :

فلكي يحس المرء بالثقة بالنفس ، فانه لا يكتفي بأن يتصفح مآثره الماضية
، أو ما يضطلع بعمله في الحاضر ، بل لابد أن يستشرف المستقبل ، و أن
يحس بأن ما سوف يضطلع به خلاله ، سوف يكون علامة تحسب له ، و أنه
قد اكتسب من الخبرات ، ما يؤهله لإنجاز الخطط التي يترسم تنفيذها ،
و اخراجها الى الواقع الموضوعي .

خامسا-النمو الخبري المستمر : (الخبري : بكسر الخاء و تسكين الباء)

و لكي يستشعر المرء الثقة بالنفس ، فلابد أن يحس بأنه مستمر في النمو
الخبري ، و دائب عليه ، و أنه لا يتوقف عند حدود الخبرات التي سبق له أن
حصلها ، و استوعبها . فالتوقف عن النمو الخبري ، معناه الجمود و العجز
عن احراز التقدم ، و بالتالي اضمحلال الثقة بالنفس ، و التخاذل أمام التيارات
المتدفقة بالخبرات التي لا يحصلها الا المفعمون بالثقة بالنفس ، و الثقة في
قدرتهم على التحصيل الخبري المستمر .

********************************************

الدور الذي يلعبه اللاشعور في الثقة بالنفس :

و علينا بعد هذا أن نلقي الضوء على الدور الذي يلعبه اللاشعور في الثقة
بالنفس ، فنجد أن هذا الدور يتمثل فيما يلي :

أولا-الثقة بالنفس صدى و انعكاس لا شعوري :

فالشخص الواثق بنفسه ، يكون شعوره بالثقة بالنفس ، مجرد انعكاس لما
يحس به لاشعوره بالاتزان النفسي ، و بالنمو و التوظيف المتآزر لجميع
مقومات (بشد الواو) شخصيته ، أعني المقومات البيولوجية ، و ما يترتب
عليها من وظائف فسيولوجية ، و من ذكاء و قدرة على اقامة العلاقات بين
الأشياء بعضها و بعض من جهة ، و بين الرموز بعضها و بعض من جهة أخرى
، و من ذاكرة يتسنى له بواسطتها استرجاع الخبرات التي مرت عليه ، و تذكر
المعلومات التي وقف عليها و استوعبها ، سواء من الواقع الخارجي مباشرة
، أم عن طريق الرموز ، و أيضا من قدرة على تشكيل صور خيالية من
المعلومات التي ترسبت بذاكرته ، و من قدرة على الافادة من هذا كله بإزاء
العمليات العقلية العليا ، أعني التفكير Reason ، و كذا فان اللاشعور يقدر
مواقف الآخرين من المرء ، و تحديدهم لوضعه ، و تقديرهم لمكانته ، و طريقة
استقبالهم لما يؤثر به فيهم ، و قدرته على اقامة علاقات اجتماعية ، و
الافادة منها ، سواء كانت الفائدة راجعة الى شخصه أم الى غيره ، الى آخر
تلك التقييمات التي يضطلع بها اللاشعور ، فيحدد ما يستحقه المرء من ثقة
بالنفس .

ثانيا-القدرة على توظيف الامكانات المادية و المعنوية :

فالشخص الواثق بنفسه ، يحس في قرارة لا شعوره ، بأنه خليق بتوظيف
الامكانات المتاحة في المكان المناسب ، و بالطريقة المناسبة ، بغير تبذير
أو تبديد ، و بغير تقتير أو تقصير ، و هو يثق في لاشعوره ، بأنه بذلك
، سوف يكون مفيدا في الواقع الاجتماعي الذي يحيا في نطاقه .

ثالثا-القدرة على الاستفادة من الأخطاء :

فلاشعور المرء هو أعدل حكم يمكن أن يصدر الأحكام الرشيدة و العادلة
على المرء ، في ضوء مدى قدرته على الافادة من الأخطاء التي وقع فيها
، و من المواقف التي فشل خلالها في تحقيق أهدافه . فهو لا يعمى عن
مشاعر المرء ، و لا عن محاولاته لتخطي المواقف التي فشل فيها ، و احلال
العمليات الناجحة محل العمليات الفاشلة ، و احلال المحاولات الصائبة محل
المحاولات التي لم يقيض (بشد الياء) لها النجاح ، و لم تكن مسددة بدقة .

رابعا-استئصال أسباب الشعور بالاحباط و فقدان الثقة بالنفس :

فالواقع أن اللاشعور هو الذي يستنهض الإرادة ، لكي يتسنى بها القضاء
على مشاعر الاحباط و التدني الى قاع الفشل و فقدان الأمل في تحقيق
مستقبل أفضل من الحاضر . و لاشك أن ما يسمى بالايحاء الذاتي
Auto-Suggestion ليس سوى رسائل يبعث بها المرء عن طريق شعوره
الى لاشعوره ، يناشده فيها بأن يقوم باستئصال الشعور بالاحباط و فقدان
الثقة بالنفس .

****************************************

متى يعجز اللاشعور عن دعم الثقة بالنفس ؟

و في نهاية المطاف علينا أن نقوم باستعراض العوامل التي تحول (بفتح
التاء و ضم الحاء و تسكين الواو) دون دعم اللاشعور لثقة المرء بنفسه ،
و العوامل هي :

أولا-اعتمال عقدة النقص في اللاشعور :

و الشعور بالنقص مباين لعقدة النقص ، في أن الشعور بالنقص يكون طافيا
على سطح الوعي ، أعني الشعور . أما عقدة النقص ، فإنها تكون
كالسرطان الذي يتلبس به اللاشعور . فبينما يكون من السهل التخلص من
الشعور بالنقص ببذل الجهد في سبيل التقدم في المجال الذي يحس المرء
بإزائه بالنقص ، فان عقدة النقص تتبدى على سطح الشعور ة الوعي بشكل
معكوس عن حقيقتها . فالشخص المصاب بعقدة النقص يتظاهر بعكس ما
يعتمل بدخيلته . فهو يظهر (بضم الياء و تسكين الظاء و كسر الهاء) أنه
متفوق و ممتاز ، بينما يكون في أغواره خاضعا لعقدة النقص .

ثانيا-الصدمات النفسية المفاجئة :

فما قد يصيب المرء من صدمات نفسية مفاجئة ، كالفشل في الدراسة ، أو
الفصل من الوظيفة ، أو انهيار صرح الزواج ، الى آخر تلك الصدمات النفسية
، التي تترك أثرا عميقا في نفسية المرء ، يهبط الى قوام اللاشعور ، فيصيبه
في الصميم ، و بالتالي فانه يفقد ثقته في نفسه ، و يحس بالاحباط و
الخذلان . و الكثير من الأشخاص الذين أصابتهم الصدمات النفسية العنيفة ، لا
يتسنى لهم النهوض من الحضيض النفسي الذي سقطوا في هوته(بضم الهاء
و شد الواو) .

ثالثا-مقابلة الكفاح بتثبيط الهمة و الفت في العضد :

فالشخص المجتهد و المثابر ، اذا وجد الجحود أو اللامبالاة و عدم الاكتراث
، من جانب الأشخاص الذين كان يجب أن يؤازروه و يشجعوه ، فإن جحودهم
و لا مبالاتهم و عدم اكتراثهم به ، يصيبه في صميم لاشعوره ، وبالتالي فانه
في الغالب ينزوي بعيدا في ركن قصي ، وقد امتلأ لاشعوره بالبهتان و
التخاذل ، اللذين ليس ثمة علاج بعد الاصابة بهما .

رابعا-الاستعناء عن المرء :

فقد لوحظ أن نسبة كبيرة من المحالين الى التقاعد ، أو الذين تستغني عنهم
الجهات التي يعملون بها ، يفقدون ثقتهم في أنفسهم . ذلك أن لاشعورهم
لايساعدهم على التشمير عن ساعد الجد ، و إثبات الكفاءة للمساهمة في
ركب الحياة . و كذا فإن الآباء و الأمهات الذين يستغني أولادهم عن
معاونتهم لهم ، و إسداء المشورة و التوجيه إليهم ، كثيرا ما يصاب لاشعورهم
بالافتقار الى الثقة بالنفس . فتتضاءل شخصياتهم ، يحسون بتفاهة حياتهم
، و أنهم غير مطلوبين ، بل إنهم قد صاروا منبوذين ، و أن موتهم أفضل من
استمرارهم على قيد الحياة .

خامسا-الاصابة بمرض ميئوس منه :

و كذا فإن الشخص الذي يصاب بمرض عضال ، ليس هناك رجاء في الإبلال
منه ، يكون في الوقت نفسه ، قد أصيب في لاشعوره بعدم جدوى استمراره
على قيد الحياة ، فيتمنى لو تقصر مدة بقائه على هذه البسيطة ، و أن
تنتهي حياته في أقرب وقت ممكن . و بتعبير آخر ، فإنه يفقد ثقته بنفسه
تماما ، و تهبط معنويته الى الحضيض ، و لا يستطيع لاشعوره مساندته ، و
بث الثقة بالنفس في قوامه النفسي .

*************************************

من كتاب: ( ماذا تعرف عن اللاشعور؟)
تأليف: (يوسف ميخائيل أسعد )


 
التعديل الأخير تم بواسطة mirror ; 12-08-2002 الساعة 07:14 AM

رد مع اقتباس