11-03-2006, 12:33 AM
|
#3
|
عضو نشط
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 12771
|
تاريخ التسجيل : 02 2006
|
أخر زيارة : 05-10-2006 (12:24 AM)
|
المشاركات :
229 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
الضغوط والأمراض النفسية
إذا كانت نشأة الأمراض النفسية في مراحل الطفولة أو احتمالات امتدادها إلى المراحل العمرية اللاحقة، وإذا ما كان هناك خلل أو اضطراب في الجهاز النفسي بسبب عدم القدرة على التكيف أو حالة من الوهن أو زيادة غير اعتيادية في الوساوس، أو زيادة في القلق أو اضطرابات هستيرية تعتري الإنسان، فإن الضغوط تزيد من وطأة تلك الأعراض المرضية وتساعد إلى حد كبير في تخلخل التوازن النفسي، فيقع الإنسان صريع المرض، بفعل شدة الضغوط، ووجود حالة من التهيؤ النفسي الداخلي للمرض، فالعلاقة إذن تبادلية بين الضغوط والأمراض النفسية. خاصة إذا ما عرفنا أن الضغوط الداخلية هي: التهيؤ النفسي (الاستعداد) لقبول المرض - ضعف المقاومة الداخلية.
أما الضغوط الخارجية فهي: صعوبات في التعامل مع المحيط الاجتماعي، وعدم القدرة على مواجهة المشكلات وتحمل الصدمات مثل الخسائر المادية، أو موت شخص عزيز.. الخ، وهذه الضغوطات بدورها تسبب بعض الإعياء ثم الإجهاد العصبي والتعب الشديد الذي يصل أحياناً إلى حد الموت، فضلاً عن احتمالات الإصابة ببعض الأمراض العضوية ذات المنشأ النفسي (اضطرابات نفسجسمية - سايكوسوماتية) مثل التغيرات الكيميائية والحيوية في الدم، ارتفاع ضغط الدم، مرض السكري، والقرح الدامية، وغيرها.
ويشير جارلس وورث وناثان بأن 75% من المرضى المراجعين للأطباء يشكون أمراضاً ناتجة عن الضغوط وتنحصر تلك الأعراض في القلق، الشعور بالذنب والخوف، الاكتئاب، الخوف من المستقبل، العدوانية الزائدة تجاه الآخرين، اليأس والانطواء والانسحاب، فقدان الثقة بالنفس إضافة إلى المشكلات النفسجسمية.
إن التعرض للمواقف الصعبة التي ربما تستمر زمناً ليس قليلاً لا يسبب القلق المزمن فحسب، بل يحدث تغييراً في معدلات المرض وقد يؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان. هذا وتعجل الأنواع المختلفة للضغوط بظهور بعض الاضطرابات السلوكية وخاصة إذا كانت الضغوط شديدة، أما إذا كانت الضغوط خفيفة، فإن الأفراد من ذوي الاستعداد المرضي أو من الذين نشأوا في ظروف صعبة فإنهم سيعانون طويلاً من بعض الاضطرابات وحالات من التوتر والضيق.
استجابة الإنسان للضغوط الخارجية
تعد الضغوط الداخلية أو الخارجية مثيرات لابد أن يستجيب لها الإنسان استجابات مختلفة تبعاً لخصائصه من جهة وطبيعة تلك الضغوط وشدتها من جهة أخرى ويمكننا تقسيم الاستجابات إلى:
1- استجابات إرادية:
وهي تلك التي يعيها الفرد، ويشعر إزاء وقوعها برد فعل مثل استجابته بتخفيف ملابسه عند الإحساس بارتفاع درجة الحرارة أو ارتداء ملابس أخرى عند الإحساس بالبرد.
2- استجابات لا إرادية:
وهي ردود فعل بعض أجهزة الجسم التي يصعب التحكم بها مثل الارتجاف عند التعرض لموقف لا يستطيع التحكم فيه، أو التعرق بسبب الخجل ويمكن تقسيم الاستجابة إلى:
* عضوية:
مثل التنبيهات الهرمونية وإفرازات بعض الغدد وفعاليات الجهاز السمبثاوي المسئول عن أمن الجسم تلقائياً من حيث السيطرة على جميع أجهزته الحيوية اللاإرادية مثل الجهاز الدوري والتنفسي وجهاز الغدد والجلد الذي يعمل وقت تعرض الجسم للخطر (ضغط خارجي أو داخلي) وهو يعلن ما يشبه حالة الطوارئ وذلك بتجهيز طاقاته ووضعها في أعلى درجات الاستعداد، وكذلك الجهاز الباراسمبثاوي، حيث العمل بالاتجاه المعاكس للسمبثاوي بإبطاء أو كف عمل بعض أجهزة الجسم. (زهران).
* نفسية:
كافة الاستجابات التي يتحكم أو لا يتحكم بها الفرد في الموقف المحدد وهي:
أولاً: العمليات المعرفية..
والتي تمثل العمليات العقلية مثل التفكير بمعطيات الضغط ومسبباته، وكذلك تقييم الضغط الموجود ثم الوصول إلى معرفة الضغوط دون القيام بفعل ما.
* السلوكية:
وهي الاستجابات التي يلجأ إليها الفرد تحت وطأة الضغوط، تلك الاستجابات التي يمكن ملاحظتها. والاستجابة للضغوط لا تقتصر على الكائن البشري، بل إنها موجودة عند الحيوانات أيضاً. لذا فإن أي ضغوط يتعرض لها الإنسان لا تؤثر في أجهزة الجسم كلها، بل على قسم منها، إذ قد يتأثر أحدها بشدة، بينما لا يكاد يتأثر الآخر أبداً. وعندما يتعرض الإنسان لضغط ما فإنه يمر بثلاث مراحل هي:
الأولى: رد فعل للأخطار. حيث يقوم الجهاز العصبي السمبثاوي والغدد الأدرينالينية بتعبئة أجهزة الدفاع في الجسم، إذ يزداد إنتاج الطاقة إلى أقصاه لمواجهة الحالة الطارئة ومقاومة الضغوط، وإذا ما استمر الضغط والتوتر انتقل الجسم إلى المرحلة الثانية.
الثانية: المقاومة: عندما يتعرض الكائن للضغوط يبدأ بالمقاومة وجسمه يكون في حالة تيقظ تام، وهنا يقل أداء الأجهزة المسئولة عن النمو، وعند الوقاية من العدوى تحت هذه الظروف، وبالتالي سيكون الجسم في حالة إعياء وضعف ليتعرض لضغوط من نوع آخر هي الأمراض.
وإذا ما استمرت الضغوط الأولى وظهرت ضغوط أخرى (الأمراض) انتقل إلى المرحلة الثالثة.
الثالثة: الإعياء: لا يمكن لجسم الإنسان الاستمرار بالمقاومة إلى ما لا نهاية، إذ تبدأ علامات الإعياء بالظهور تدريجياً وبعد أن يقل إنتاج الطاقة في الجهاز العصبي السمبثاوي يتولى الجهاز العصبي الباراسمبثاوي الأمور فتتباطأ أنشطة الجسم وقد تتوقف تماماً. وإذا ما استمرت الضغوط يصبح من الصعوبة التكيف لها لتؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب أو أمراض جسمية تصل حد الموت.
ضغــــــــوط العمــــــل
شكلت حوادث وإصابات العمل أولى الدراسات التي اهتمت بالعامل ومعرفة أسبابها، وقد وجدت الدراسات أن الضغوط النفسية الناجمة من ضغوط العمل أدت في معظمها إلى الإصابات والحوادث في مجال الصناعة، فضلاً عن الظروف الفيزيقية (الإضاءة، قلة التهوية، زيادة الضوضاء، الأبخرة والأدخنة في مكان العمل.. الخ) زادت في نسب الضغوط على العامل.
إن الظروف الداخلية لدى العامل هي السبب الفعّال في التعرض للإصابة بالإضافة إلى الظروف الخارجية في العمل (علاقات العمل، أجور العمل، وسائط نقل العمال.. الخ) والظروف الفيزيقية (الحرارة، التهوية، الإضاءة، الضوضاء) كل تلك مجتمعة تسبب ضغوطاً عالية تعيق إنتاجية العامل وتؤدي إلى بعض الحوادث والإصابات في مجال العمل الصناعي، وربما يقود بعضها إلى أمراض وإصابات جسدية ونفسية.
لقد أثبتت بعض الدراسات العلمية أن تزويد مكاتب الموظفين وصالات العمل بالمصانع بأجهزة تكييف الهواء قد قلل من نسبة الإصابة عند الموظفين والعمال. كذلك أكدت التجارب أن زيادة الضوضاء تؤدي إلى الإضرار براحة الأفراد مما يدفعهم إلى الملل والضجر وعدم القدرة على التركيز، ويؤدي ذلك إلى خفض إنتاجهم، وقد يتسبب عن الضوضاء في بعض الحالات صمم وإجهاد نفسي أو اضطراب عصبي نتيجة للتوتر الذي تسببه الضوضاء. (جرجس: ).
لم يشكل العمل إلى وقت قريب أية مشكلة على العامل إلا بعد أن تعقدت قدرة المصانع على التشغيل واتسعت وترامت على مساحات واسعة، وأصبح التوتر والإجهاد مرادفاً لعمل المصانع الواسعة، وظهرت أعراض مرضية مختلفة اختصت في شريحة معينة من المجتمع، وهي العمال وسميت هذه الأمراض بالأمراض المهنية، ويضمنها الضغوط.
وقد نتجت عنها زيادة ساعات العمل ومطالبة إدارات المصانع بزيادة الإنتاج وتحسين نوعيته، كل ذلك على حساب صحة العامل مما أدى إلى ظهور حالات الضغوط المختلفة الناتجة عن عدم قدرة التحمل لمتطلبات العمل، مما جعل المتخصصين في مجال الصحة العامة والنفسية يتجهون لدراستها في المصانع الكبرى، ومعرفة العبء الزائد على الفرد وتقديره كمياً.
لقد أدت هذه الحركة إلى المطالبة بتحسين ظروف العمل، وتخفيض شدة الضغوط الناجمة عن العمل ودفع التعويضات العالية للعمال المصابين بحوادث العمل أو المعرضين للإجهاد بسبب ضغوط العمل.
إن الضغوط والإجهاد في العمل مرتفع جداً بالنسبة للعمال وعائلاتهم في الولايات المتحدة وأوربا. ففي بعض الدول الصناعية في أوربا وأمريكا الشمالية، أثبتت بعض الدراسات أن 43% من حوادث العمل كانت بسبب الأخطاء الناتجة عن عوامل أربعة:
التعب، جو العمل، كثافة العمل، المشاكل العائلية. (ستورا).
إن الضغوط التي تتعرض لها بعض الممرضات في مهنهن كثيرة ومنهكة، حيث تعد هذه المهنة من المهن الشاقة وخاصة في أقسام الطوارئ فضلاً عن عملهن في أوقات مختلفة وساعات طويلة، وتلك الساعات تعزلهن عن وتيرة الحياة الاجتماعية، أما أقسام العمل الأخرى وخاصة تلك التي يزداد فيها المرضى المحتضرون، وهم داخل غرفهم.. هذا الحضور والمشهد يصدم الناظر باستمرار، والموت ماثل دائماً، هذا الحضور الدائم للموت يثير عند الممرضة إجهاداً دائماً وبشكل يومي. (ستورا).
لذا تعد مهنة التمريض من المهن الصعبة في ساعات العمل ونوعيته، والتعامل مع المترددين على المصحات العلاجية، وهكذا تشكل الضغوط بأنواعها إجهاداً على الإنسان في عمله، ولكن تبقى الفكرة الدينية القائلة بأن العمل واجب مقدس، وهي فكرة شائعة اليوم في معظم المجتمعات وقد أثبتت معظم الدراسات أن الإنسان بلا عمل يتعرض أيضاً للضغوط وهي الناجمة عن البطالة. أما الضغوط الناجمة عن العمل، فهي الإرهاق بفعل ساعات العمل الطويلة، ونوعيته وأوقاته المختلفة. وفي كلتا الحالتين يؤدي الضغط إلى ارتفاع مستوى الهرمونات المرتبطة بالتوتر، فتكون هناك شكوى من حالات مرضية كثيرة
الضغوط التي تتعرض لها المرآة
عانت المرأة كثيراً بقدر معاناة الرجل من حيث عدم الاستقرار والتهجير وعدم الشعور بالأمان والبحث الدائب عن المستقبل الأمين. فإذا كانت ردود الأفعال لدى الرجال تتضح بحالات التجهم والكآبة الطارئة، والتحدث بصوت مسموع وهو يمشي في الشارع (هلوسة)، فعند المرأة تظهر على شكل أعراض جسمية مثل انقطاع الطمث، وارتباك العادة الشهرية، والتوترات التي تعتري مرحلة ما قبل الحيض، والصداع، وحالات الانهيار ما بعد الولادة، والاكتئاب، وظهور أعراض سن اليأس المبكر. ومن الأعراض الظاهرة المصاحبة للاضطرابات، فقدان الشهية للطعام، أو الشراهة، أو أعراض عصاب الفم. فالنساء إذن معرضات لصنفين من الضغوط:
- ضغوط تتعلق بهويتهن البيولوجية.
- ضغوط تتعلق بالممارسة الأسرية. (ستورا).
إن المرأة حينما تتعرض للضغوط الناتجة عن دورها البيولوجي، وما يرافقه من تشنجات وأعراض كسرعة التأثر والغضب، أو اختلال في ساعات النوم، أو حالات الصداع المستمر، ما هي إلا نتائج لتلك الضغوط التي ما عادت تقوى على تحملها، وبالتالي تضعف لديها المقاومة الجسدية، وبمرور الزمن تنهار المقاومة وتكون عرضة للأمراض بأنواعها. وربما تؤدي بها إلى الموت.
أما الضغوط الناتجة عن الدور الأسري ومحاولة التشبث بما أمكن من تماسك الأسرة في مثل هذه الظروف التي تمر بها، والانتقالات المستمرة في السكن أو بين البلدان، أو حتى الإحساس بعدم الاستقرار للعائلة، يشكل بحد ذاته ضغطاً كبيراً على رب الأسرة، وضياع الهدف، وضبابية المستقبل للعائلة ... وهو يشكل لدى المرأة الجزء الأكبر من هذه المعضلة، تمتص مخاوف الرجل من خلال إضفاء الأمان على أفراد الأسرة وتبديد مشاعر الخوف.
إن المرأة عندما تأخذ هذا الدور داخل الأسرة، إنما تشارك بشكل فعال في الحفاظ على قوة الأسرة في مواجهة ضغوط الحياة بأشكالها الاقتصادية والمالية، والضغوط الناتجة عن عدم وضوح الرؤية للمستقبل، والبحث الدائم عن الاستقرار.
|
|
التعديل الأخير تم بواسطة الامل الوردي ; 11-03-2006 الساعة 12:52 AM
|