عرض مشاركة واحدة
قديم 19-05-2002, 04:02 AM   #14
الغالب حسن
عضو فعال


الصورة الرمزية الغالب حسن
الغالب حسن غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1354
 تاريخ التسجيل :  03 2002
 أخر زيارة : 09-06-2002 (03:01 AM)
 المشاركات : 34 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
عصيان أبناء الملتزمين على أبناء غيرهم .لماذا؟



قال تعالى/(( الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)) سورة العنكبوت---- اِسْتِفْهَام إِنْكَار وَمَعْنَاهُ أَنَّ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى لَا بُدّ أَنْ يَبْتَلِي عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ بِحَسَبِ مَا عِنْدهمْ مِنْ الْإِيمَان كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح " أَشَدّ النَّاس بَلَاء الْأَنْبِيَاء ثُمَّ الصَّالِحُونَ ثُمَّ الْأَمْثَل فَالْأَمْثَل يُبْتَلَى الرَّجُل عَلَى حَسَب دِينه فَإِنْ كَانَ فِي دِينه صَلَابَة زِيدَ لَهُ فِي الْبَلَاء " وَهَذِهِ الْآيَة كَقَوْلِهِ : " أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَم اللَّه الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَم الصَّابِرِينَ " وَمِثْلهَا فِي سُورَة بَرَاءَة وَقَالَ فِي الْبَقَرَة " أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّة وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَل الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُول الرَّسُول وَاَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْر اللَّه أَلَا إِنَّ نَصْر اللَّه قَرِيب " تفسير ابن كثير/////// .الابتلاء سنة من السنن الالهية التي عدها القرآن الكريم ملازمة للايمان ومقارنة اياه قال تعالى :( الم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) ذلك ان الايمان ليس يستدل عليه بدعاوي الناس بألسنتهم ولا بما يمنون به انفسهم دون ان تصدقه فعالهم وسلوكهم فلا محيص اذن عن الابتلاء ليكون المحك الذي يفضح الزيف ويظهر البهرج الذي لا يخفي وراءه سوى الخواء مثلما يظهر الاصالة والاكتناز اللذين لربما اخفتهما عن اعين الناس الحجب الدنيوية المختلفة ثم ان الابتلاء مهما جر على الانسان المؤمن من مكاره فإنه يورثه بعدئذ من الخير والفضل الالهيين ما يقوده الى الدرجات العليا في مقامات الفوز والنعيم عند ربه سبحانه : (وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم).

القضية اذن واضحة تمام الوضوح حين نتحدث عن الابتلاء في المستوى الفردي او العائلي او الاجتماعي ذي الدائرة الضيقة لكنها لا تبدو بالدرجة نفسها من الوضوح عند الكثيرين عندما ننقل الحديث الى مستوى الامة كلها بل قد لا تكون واضحة على الاطلاق في هذا المستوى عند بعضنا . ان هناك من الابتلاءات ما لا يقف اثره عند حد معين او فئة مخصوصة من الامة بل يعم اثره وتتسع دائرته حتى ليشمل الناس جميعا وقد يتناول من فرط شموله اجيالا عدة منهم. هنا ايضا كما في المستوى الفردي يكون مطلوبا من افراد الامة ان يصبروا وان يثبتوا على مبادئهم متوكلين على ربهم سبحانه ومعتمدين عليه في كشف الضراء والبلواء عنهم فبهذا يثبتون جدارتهم في كونهم (خير امة اخرجت للناس) وينالون به عند ربهم المقامات الرفيعة التي لا يدرك سبيلها الا بالجد والعمل في رحاب الصبر والتوكل على الله تعالى. اما من ينتابه الخور ويأخذ بمجامعه الضعف والفتور فيتراجع عن مبادئه ويتنازل عن ثوابته متأثرا بالبلوى ومستكينا لها فهذا ممن خسر الامتحان وابرز دليل فشله للعيان.

والمسألة هنا ليست محصورة في نطاق الكوارث والمحن الطبيعية كالزلازل والفيضانات مثلا كما قد يظن بعض الناس فهي تتناول كل اشكال الازمات التي قد تتعرض لها الامة في وقت ما ، سياسية كانت ام اقتصادية ام فكرية ام اجتماعية ام غير ذلك ففيها جميعا الصبر مطلوب والثبات على المبادئ مطلوب وبعد هذين ومن خلالهما وبواسطتهما تأتي مرحلة التفكير في الحلول المناسبة التي لا تصطدم مع حقائق الواقع المعطي او ضرورات السنن التاريخية لكنها في الوقت نفسه لا تنحو منحى السقوط والانحدار بعيدا عن المبادئ والثوابت.

ترى هل يستحضر الساسة والمفكرون العرب هذه الامور في اذهانهم عندما يهرولون وراء سراب (السلام) المزعوم مستعدين لبذل كل التنازلات في سبيل الوصول اليه؟ وهل يدركون ان التنازل عن الحقوق والثوابت لن يقود الامة الا الى الذل والخسران والضياع؟

ان الامة في ابتلاء عسير وهي مطالبة باجتيازه في كل الاحوال يبقى ان عليها ان تختار سبيل هذا الاجتياز ونوعيته فما نحن فاعلون؟


 

رد مع اقتباس