عرض مشاركة واحدة
قديم 14-06-2006, 06:38 PM   #7
يتيم الحظ
V I P


الصورة الرمزية يتيم الحظ
يتيم الحظ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 12743
 تاريخ التسجيل :  02 2006
 أخر زيارة : 19-06-2009 (03:19 PM)
 المشاركات : 6,234 [ + ]
 التقييم :  45
لوني المفضل : Cadetblue


جريمه الزنى في حكم الشرع والدين :


الزِّنى ( Adultery ) : هو وطءُ الرَّجلِ للمرأة التي لا تَحِلُّ له .

: الزنا من أعظم الحرام وأكبر الكبائر ، وقد توعد الله المشركين والقتلة بغير حق والزناة بمضاعفة العذاب يوم القيامة والخلود فيه صاغرين مهانين لعظم جريمتهم وقبح فعلهم ، كما قال الله سبحانه : وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فعلى من وقع في شيء من ذلك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى التوبة النصوح ، واتباع ذلك بالإيمان الصادق والعمل الصالح ، وتكون التوبة نصوحا إذا ما أقلع التائب من الذنب ، وندم على ما مضى من ذلك ، وعزم عزما صادقا على أن لا يعود في ذلك ، خوفا من الله سبحانه ، وتعظيما له ، ورجاء ثوابه ، وحذر عقابه ، قال الله تعالى ك وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى فالواجب على كل مسلم ومسلمة أن يحذر هذه الفاحشة العظيمة ووسائلها غاية الحذر ، وأن يبادر بالتوبة الصادقة مما سلف من ذلك ، والله يتوب على التائبين الصادقين ويغفر لهم .

ومما يدل على عظم شأن الزنا أن الله ـ سبحانه ـ خص حده من بين الحدود بخصائص ، قال ابن القيم ـ ، :
(( وخص سبحانه حد الزنا من بين الحدود بخصائص )) :

أحدها : القتل فيه بأشنع القتلات ، وحيث خففه جمع فيه بين العقوبة على البدن بالجلد ، وعلى القلب بتغريبه عن وطنه سنة

الثاني : أنه نهي عباده أن تأخذهم بالزناة رأفة في دينه ؛ بحيث تمنعهم من إقامة الحد عليهم ، فإنه سبحانه من رأفته بهم شرع هذه العقوبة ؛ فهو أرحم منكم بهم ، ولم تمنعه رحمته من أمره بهذه العقوبة ؛ فلا يمنعكم أنتم ما يقوم بقلوبكم من الرأفة من إقامة أمره

وهذا وإن كان عاماً في سائر الحدود ، ولكن ذكر في حد الزنا خاصة لشدة الحاجة إلى ذكره ؛ فإن الناس لا يجدون في قلوبهم من الغلظة والقسوة على الزاني ما يجدونه على السارق والقاذف وشارب الخمر ؛ فقلوبهم ترحم الزاني أكثر مما ترحم غيره من أرباب الجرائم ، والواقع شاهد بذلك ؛ فنهوا أن تأخذهم هذه الرأفة وتحملهم على تعطيل حد الله .. وسبب هذه الرحمة : أن هذا الذنب يقع من الأشراف والأوساط ، والأرذال ، ووفي النفوس أقوى الدواعي إليه ، والمشارك فيه كثير ، وأكثر أسبابه العشق ، والقلوب مجبولة على رحمة العاشق ، وكثير من الناس يعد مساعدته طاعة وقربة ، وإن كانت الصورة المعشوقة محرمة عليه ، ولا يستنكر هذا الأمر ؛ فإنه مستقر عند من شاء الله من أشباه الأنعام

الثالث : وأيضاً فإن هذا ذنب غالباً ما يقع مع التراضي من الجانبين ؛ ولا يقع فيه من العدوان والظلم والاغتصاب ما تنفر النفوس منه ، وفيها شهوة غالبة له ، فيصور ذلك لها ، فتقوم بها رحمة تمنع من إقامة الحد ، وهذا كله من ضعف الإيمان وكمال الإيمان أن تقوم به قوة يقيم بها أمر الله ، ورحمة يرحم لها المحدود ؛ فيكون موافقاً لربه ـ تعالى ـ في أمره ورحمته

الرابع: أنه سبحانه أمر أن يكون حدهما بمشهد من المؤمنين ، فلا يكون في خلوة بحيث لا يراهما أحد، وذلك أبلغ في مصلحة الحد ، وحكمة الزجر !!

ومما يحسن التنبيه عليه في هذا الشأن : أن فاحشة الزنا تتفاوت بحسب مفاسدها ؛ فالزاني والزانية مع كل أحد أشد من الزنا بواحدة أو مع واحد ، والمجاهر بما يرتكب أشد من الكاتم له ، والزنا بذات الزوج أشد ن الزنا بالتي لا زوج لها ؛ لما فيه من الظلم ، والعدوان عليه ، وإفساد فراشه ، وقد يكون هذا أشد من مجرد الزنا أو دونه

والزنا بحليلة الجار أعظم من الزنا ببعيدة الدار ، لما يقترن بذلك من أذى الجار ، وعدم حفظ وصية الله ورسوله

وكذلك الزنا بامرأة الغازي في سبيل الله أعظم إثماً عند الله من الزنا بغيرها ، ولهذا يقال للغازي : خذ من حسنات الزاني ما شئت

وكذلك الزنا بذوات المحارم أعظم جرماً ، واشنع ، وأفظع ؛ فهو الهلك بعينه

وكما تختلف درجات الزنا بحسب المزني بها ، فكذلك تتفاوت درجاته بحسب الزمان والمكان ، والأحوال ؛ فالزنا في رمضان ليلاً أو نهاراً أعظم إثماً منه في غيره ، وكذلك في البقاع الشريفة المفضلة هو أعظم منه فيما سواها

وأما تفاوته بحسب الفاعل : فالزنا من المحصن أقبح من البكر ، ومن الشيخ اقبح من الشاب ، ومن العالم أقبح من الجاهل ، ومن القادر على الاستغناء أقبح من الفقير العاجز

وقد يقترن بالفاحشة من العشق الذي يوجب اشتغال القلب بالمعشوق ، وتأليهه ، وتعظيمه ، والخضوع له ، والذل له ، وتقديم طاعته وما يأمر به على طاعة الله ، ومعاداة من يعاديه ، وموالاة من يواليه ، ما قد يكون أعظم ضرراً من مجرد ركوب الفاحشة

أحكام الزنى في الاسلام :

1 ـ مفاسد الزنى : الزنى حرامٌ ، وهو من كبائـر الذُّنوب ، حتى إن الله عزَّ وجلَّ قد قَرَنـَهُ مع الشرك بالله والقتل في قوله تعالى : (( والذينَ لا يَدْعونَ معَ اللهِ إِلهاً آخرَ ولا يَقتُلونَ النَّفسَ التي حرَّمَ اللهُ إلا بالحقِّ ولا يَزْنونَ ، ومَنْ يفعلْ ذلكَ يَلْقَ أَثاماً * يُضاعَفْ لهُ العذابُ يومَ القيامةِ ويَخْلُدْ فيهِ مُهاناً * إلا مَنْ تابَ وآمنَ وعَمِلَ عملاُ صالحاً فأُولئكَ يبدَّلُ اللهُ سيئاتِهم حسناتٍ وكانَ اللهُ غفوراً رحيماً )) الفرقان 68 – 70 .

والزنى فعلٌ يُسيء للمجتمع أشدَّ الإساءة فهو يؤدي لاختلاط الأنساب ، وينتهي إلى خراب البيوت وهو من أكثر العوامل التي تدفع إلى الجريمة ، فكم من جنين أُجهض لأنه كان ثمرةً للزنى ! وكم من بنت قُتلت دفاعاً عن شرف العائلة وسُمعتها ! وكم من زوج قَتَلَ زوجتَهُ أو عشيقها أو قتلهما معاً ، وكم من زوجة قتلت زوجها وعشيقته أو قتلتهما معاً انتقاماً للخيانة الزوجية ! وقد تحدث الإمام ابن القيم عن مفاسد الزنى فقال رحمه الله تعالى : ( والزنى يجمع خلال الشرِّ كلها ، من قلة الدين وذهاب الوَرَع ، وفساد المروءة وقلة الغَيرة ، فلا تجد زانياً معه ورع ولا وفاء ولا صدق في حديث ولا محافظة على صديق ولا غيرة تامة على أهله ! ومن موجباته غضب الربِّ بإفساد حرمة عياله ، ومنها سواد الوجه وظلمته وما يعلوه من الكآبة والمقت ، ومنها ظلمة القلب وطمس نوره .. ومنها أنه يذهب حرمة فاعله ، ويسقط من عين ربه ومن أعين عباده ، ومنها أن يسلبه أحسن الأسماء ويعطيه أضدادها ، ومنها ضيق الصدر وحرجه ، فإن الزناة يعامَلون بضدِّ قصدهم ، فإنَّ من طلب لذة العيش وطيبه بما حرَّمه الله عليه عاقبه بنقيض قصده ، فإن ما عند الله لا يُنال إلا بطاعته ، ولم يجعل الله معصيته سبباً إلى خير قطّ )(1)

وقد باتت المجتمعات التي حادت عن طريق الهدى تعاني اليوم أشدَّ المعاناة من انتشار فاحشة الزنى ، بعد أن انهارت هناك الأعرافُ الأخلاقيَّةُ ، ناهيك عن الأعراف الدينية ! وصدق رسولُ الله e الذي أخبر عن هذه الحال المُزْريَةِ التي تردَّى فيها كثيرٌ من أمم الأرض ، فقال : ( لا تقومُ السَّاعةُ حتى يَتَسافَدوا في الطريق تَسافُدَ الحميرِ ، قلـتُ : إنَّ ذلك لكائنٌ ؟! قال : نعم ليكونَنَّ )(2)

ولهذه الأسباب نجد المجتمعات التي حادَتْ عن فطرة الله عزَّ وجلَّ ، وانطلقت وراء شهواتها بلا ضابط من دين ولا أخلاق ، قد باتت اليوم تعاني من الضُّمور السُّكاني ، وأمست مهدَّدةً بالانهيار وربما الانقراض ، بسبب العزوف عن الزواج ، والسعي لإشباع الغريزة الجنسية بالحرام بعد أن فقدت الثقة هناك بين الأزواج والزوجات !

ونظراً للمفاسد العظيمة التي تنتج عن الزنى فقد حذَّر الشارع من مقاربة الزنى أو من الظروف والدواعي التي يمكن أن تقود إليه ، فقال تعالى : (( ولا تَقربوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحشةً وساءَ سبيلاً )) الإسراء 32 ، وجعل حواجز تحول دون الوقوع في الفواحش ، فدعا إلى الزواج للمستطيع ، وحذَّر من العقوبة الدينية والدنيوية ، وحض على العفة ، وجعل هناك عدداً من الأمراض الجنسية الخطيرة التي تصيب بصورة خاصة أولئك الذين يرتكبون الفواحش ..


 

رد مع اقتباس