الأستاذ الفاضل العمري
تحية طيبة لك ولموضوعك
إن كلام الزهاد ورقائقهم الجميلة مفيدة لما فيها من موعظة للقلوب وتحريك للروح ، ، ، وفيها الكثير من الحكم والمثل والروائع . وإبراهيم بن أدهم أحد الزهاد المعروفين ، وكلماته لها قدرها ، والتي لا بد أنها نتيجة خبرته وتجاربه . ولكنها تظل كلمات إبراهيم بن أدهم وليست قول الله أو قول النبي عليه الصلاة والسلام .
استجابة الدعاء أمر يختص به الله تعالى ولا يمكن لأحد من البشر أن يزعم أو يدعي أن الله يتقبل من فلان أو لا يتقبل من علان من البشر أو يضع شروطاً لم يحددها الله أو رسله لاستجابة الدعاء .
عندما قال الله (أدعوني أستجب لكم) لم يضع لنا شروطاً ، وعندما قال (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ) لم يضع مقاييس لمن يستجيب له .
المضطر قد يكون به من عيوب الأخلاق الكثير .. فهل لن يستجيب الله له عندما يدعوه بحرقة قلبه ، ويضع كل همه واتكاله على الله ، عندما تحل به مصيبة أو واقعة ؟
المظلوم الذي وقع عليه الظلم قد يكون إنساناً سيئاً لما في الكلمة من معنى ، فهل دعائه لله لا يستجاب ؟ ألم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام (اتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) ؟ هل حدد الرسول عليه الصلاة والسلام شروط تقبل دعوة المظلوم من الله ؟
هناك شروط لتقبل الدعاء من الأفراد حددها الرسول ولكنها محددة ، أذكر منها عدم أكل مال الحرام ، وحضور القلب عند الدعاء . وهناك سواها لا أذكرها الآن في هذه العجالة .
لكنها لن تصل إلى الحد الذي وضعه إبراهيم بن أدهم في حكمته .
إن مثل هذه الحكم لها أثرين : محفز ، ومحبط . فقد يحفز كلام بن أدهم السامعين على بذل المزيد من التقوى ، ولكنه في نفس الوقت قد يثبط آخرين عن الدعاء لأنهم تاركين لسنن أو مرتكبين لبعض المعاصي ، وكأنهم يقولون : إن كان لا يستجاب لنا ، فلم الدعاء ؟ أو قد يجعلهم شاكين في تقبل الدعاء فلا يكون دعائهم دعاء المتفائل بربه .
بل ندعوا الله بكل ما فينا من معاصي ، وندعوه بكل ما فينا من سيئات ، وندعوه بكل ما فينا من قصور وخطيات . فخالقنا يحب أن ندعوه ونتقرب له بالدعاء ، فبكل ما فينا من عيوب سنظل عبيده الذين يلجئون إليه ويتوجهون له بالدعاء ليرفع عنهم ويعينهم ويساعدهم .
إننا ندعوا الله ولا ندعوا أحداً من البشر نتملقه أو نخادعه .
إننا ندعوا الله .
ولكم خالص تحياتي